يدرك اليمنيون أن مهمة العبور بالوطن إلى بر الأمان وانتشاله من وحل الماضي البائس لن تنجح بتدخلات بعيدة عن تطلعاتهم ولا ببكائيات ومراثي الحالمين بعودة جنازير الخراب التي أنهكت جسد اليمن ودمّرت كل الطرق المؤدية إلى السلام والاستقرار, ولهذا لم يكن الترحيب الواسع الذي حظي به قرار مجلس الأمن الدولي الذي تم اعتماده يوم أمس وقضى بتشكيل لجنة عقوبات ضد معرقلي التسوية السياسية في الأوساط السياسية والشعبية؛ مجرد نزعة وإنما لإدراكهم أنه جاء لتلبية تطلعات اليمنيين في الغد المشرق وطي صفحة مظلمة في تاريخ البلاد. وبحسب العديد من السياسيين والمهتمين فإن القرار الذي اعتمده مجلس الأمن الدولي يوم أمس بشأن اليمن جاء لحماية البلاد من الانزلاق نحو الفوضى وليس كما يصوّره البعض بأنه يتدخل في السيادة الوطنية، معتبرين أن القرار أظهر مدى اهتمام العالم بنجاح التجربة اليمنية، وإزالة المعوقات أمام العملية السياسية والتحول الديمقراطي. مشيرين إلى أن مجلس الأمن بهذا القرار يدعم عدداً من المشروعات والأعمال التي بدأت الحكومة اليمنية العمل عليها، خصوصاً ما يتعلق بمشاريع قوانين استرداد الأموال والعدالة الانتقالية وإنهاء حالات تجنيد الأطفال، وتشكيل لجان مستقلة للتحقيق في انتهاكات حقوق الإنسان خلال العام 2011. مؤكدين أن الموقف الدولي الداعم للانتقال السياسي والديمقراطي سوف يساعد على تجاوز المعوقات والإعاقات، وسيمكن من ردع الأطراف التي تسعى إلى إفشال العملية السياسية وعرقلة خطواتها المستندة إلى مقررات مؤتمر الحوار الوطني ووثيقة مخرجاته. من جانب آخر اعتبر عدد من الأحزاب السياسية ومنظمات المجتمع المدني والمكونات الثورية أن قرار مجلس الأمن الدولي بشأن معيقي التسوية السياسية في اليمن يأتي في سياق تعزيز جهود تنفيذ المبادرة الخليجية ومخرجات الحوار الوطني.. ووصفت تلك المكونات والأحزاب القرار بأنه موقف أممي إيجابي مكمل لموقف مجلس التعاون الخليجي، وهو موجه للمعرقلين ويؤكد على أمن واستقرار ووحدة اليمن.. وقالت: إن صدور القرار تحت الفصل السابع يجعله ذا فاعلية رفيعة في تحقيق عملية استرداد الأموال المنهوبة وتجفيف منابع ومصادر قوة المعرقلين المالية والعسكرية.. مشيرين إلى أن هذا القرار يلبي طموحات وآمال الشباب الذين فجروا الثورة السلمية وقدّموا في مواجهة النظام القديم الكثير من التضحيات من شهداء وجرحى. مشددين على المضي قدماً بالعملية السياسية وعملية نقل السلطة وتنفيذ مخرجات الحوار الوطني بعيداً عن الحسابات غير الوطنية. إلى ذلك رحبت اللجنة التنظيمية للثورة الشبابية الشعبية السلمية بقرار مجلس الأمن الدولي الصادر أمس بشأن اليمن.. واعتبرت اللجنة في بيان أصدرته أمس وتلقت وكالة الأنباء اليمنية (سبأ) نسخه منه؛ هذا القرار انحيازاً أممياً لمطالب الثورة الشبابية الشعبية. وجددت تنظيمية الثورة مطالبها بالإسراع في تشكيل لجنة التحقيق بالجرائم المرتكبة ضد شباب الثورة، والبدء الفوري باستعادة الأموال المنهوبة، والكشف عن مصير المخفيين قسرياً. إلى ذلك رحبت المنسقية العليا لثورة الشباب بقرار مجلس الأمن الدولي رقم (2140) الذي أكد فيه التزامه الثابت بوحدة وسيادة واستقلال اليمن ووحدة أراضيه، وقضى بتشكيل لجنة عقوبات تابعة لمجلس الأمن لمراقبة وتسهيل تجميد الأموال ومنع السفر، وتقصّي معلومات حول الأفراد والكيانات المتورطة في الأعمال المعرقلة للمرحلة الانتقالية أو تهديد أمن واستقرار اليمن.. وثمّنت المنسقية في بيان أصدرته أمس - تلقت وكالة الأنباء اليمنية «سبأ» نسخة منه - هذا الإجماع الأممي في صد كل مشاريع العرقلة التي تستهدف إعاقة مسيرة التغيير السلمية، وتهدد السلم في اليمن وأمنه واستقراره، بما في ذلك عرقلة استكمال نقل السلطة أو تقويضه وإعاقة تنفيذ مخرجات مؤتمر الحوار الوطني.. كما رحّبت المنسقية بالدعم الدولي لإصدار قانون لاستعادة الأموال المنهوبة، وما تضمنه القرار من دعوة الحكومة اليمنية إلى تحديد جدول زمني قريب لتعيين أعضاء لجنة التحقيق في انتهاكات 2011م مع التأكيد على ضرورة إجراء تحقيقات شاملة ومستقلة ونزيهة في انتهاكات حقوق الإنسان تتماشى مع المعايير الدولية. وأكدت المنسقية أن هذه الرسالة الأممية المساندة لتوجهات الثورة الشبابية الشعبية السلمية في استكمال مشوار التغيير السلمي، تضع حداً أمام كل مخططات ومشاريع الفوضى الواهمة والراغبة بعودة الوطن إلى الوراء من خلال النشاطات الهادفة إلى تقويض عملية الانتقال السياسي والأعمال الإرهابية والهجمات التخريبية وتدمير البنى التحتية. وجددت المنسقية العليا تأكيدها أن الشعب اليمني المرحّب بهذا القرار التاريخي سيتصدى لكل أعمال الفوضى، وكل المخططات التي تهدف إلى تقسيم اليمن وزرع الفتن وتأجيج الصراعات، وسيعمل بمساندة المجتمع الدولي على استكمال مشوار التغيير، وصولاً إلى اليمن الجديد وبناء الدولة المدنية الحديثة والمأمولة.