لكثير من الشعوب وثقافات العالم الآتها الموسيقية التقليدية الخاصة بها والناطقة عن وجدانها وتحمل خصوصية هذا الشعب او تلك الثقافة كونها من منتجاته الحضارية او لانها تحتفظ بمخزون موسيقي كبير و اصبحت بمثابة بصمة موسيقية تتناقلها الاجيال عبر الزمن . الحضارة الهندية هي احدى اعرق الحضارات التي تعطي للموسيقى مكانة خاصة تصل حد القداسة بحسب الميثولجيا الهندوسية التي تعتبر الموسيقى فعل تعبدي و قد بلغت الموسيقى الهندية مستوى عالي من التطور الحضاري فلها سلمها الموسيقي الخاص و قوانينها الخاصة بالتعبير الموسيقي و لديها ايضا مجموعة كبيرة من الالآت الموسيقية المرتبطة بها. من تلك الالآت الموسيقية المتعددة آلة السيتار وهي آلة وترية تقليدية يعود تاريخ ظهورها الى القرن السادس عشر وتتكون من سبعة اوتار الى جانب 13 وترا اضافيا غير ضرورية عند العزف و تستخدم غالبا عند الارتجال و هي شبيهة الشكل بالعود لكنها اكبر حجما و اطول عنقا و عادة يستخدم العازف ريشة معدنية “ مزراب “ يلبسها على ابهامه و مثل بقية الالآت في “ التخت “ الهندي يقعد العازف على الارض متربعا ممسكا بآلته و ذلك تقليد لا يزال باقيا عند تقديم العروض الموسيقية او تسجيل المعزوفات . آنوشكا شنكر هي عازفة السيتار الاولى حاليا و هي ابنة العازف الاسطوري الراحل رافي شنكر الذي قدم هذه الآلة الى العالم في الخمسينات بعدما كان فلايات خان هو اول هندي يقدم عرضا موسيقيا بالسيتار امام جمهور بريطاني في لندن رافي شنكر اشتهر عالميا من خلال عروضه على السيتار في مختلف بلدان العالم ليقدم انتاجا زاخرا يجمع بين الاصالة و المعاصرة و يفجر طاقات جديدة كامنة في الآلة معتمدا بذلك على استاذيته الرفيعة في التعامل معها و استيعابه الكامل للتراث الموسيقي الهندي للسيتار . تعلمت آنوشكا العزف على يد والدها منذ كانت في سن العاشرة و بعدها كانت ترافق والدها في عروضه الموسيقية و بدأت ايضا في تقديم و تسجيل الاعمال الخاصة بها . بذلك بدأت آنوشكا تسير على خطى ابيها و هي حاليا تقدم عروض عزف منفرد او عزف مصاحب للاوركسترا الفلهارمونية .اعمالها لا تخلو من رؤية طموحة تمزج موسيقى الشرق بالغرب كما في البومها “المسافر “و الذي قدمت فيه مقطوعات من تراث شعوب الغجر التي تتناثر في ارجاء مختلفة من الهند و دول اوراسيا و شرق اوربا و حتى اسبانيا , كما حاولت المزج بين الموسيقى التقليدية الهندية و موسيقى الفلامنجو الاسبانية . كانت العروض القوية التي ادتها آنوشكا في العواصم الاوربية و خاصة قاعة ألبرت هول البريطانية الشهيرة دليلا على تميزها الكبير الذي نقل آلة السيتار من المحلية الى العالمية كرسالة هندية من الفن و الجمال الى العالم.. موسيقى السيتار استرخائية و ذات شجن صوفي و بعد تأملي واضح من خلال رنينها النغمي الهادىء و امتدادها الهارموني الرفيع في وقعه على الاذن.