عبدالله سمير الزعيمي، مدرّب ومحاضر في التنمية البشرية والإدارية، ومهندس كمبيوتر ومصمّم جرافكس محترف، عاش يتيماً؛ فقد توفّي أبوه وعمره عامان، أربع سنوات هي عمر خبرته في التدريب، وخمس سنوات في الجرافكس، في غضون هذه الأعوام أصبح من أشّهر المدرّبين، وهو من الأسماء القليلة المحترفة للتصميم والإبداع، يسعى بكل ما أُوتي من طاقة للوصول إلى مربع الاحترافية على مستوى الوطن العربي والعالم - حسب قوله - هذا الحلم صاغه بالشراكة مع عائلته «أمه وأخته، ثنائي النجاح» على حين غفلة من الألم، عبدالله متشبّث بهذا الحلم كقضية مصيرية لا تقبل القسمة على الفشل الذي يخشاه الكثيرون من الشباب ممن يضمرون أحلامهم تحت رماد الشوق والأماني علّهم يظفرون بتحقيقها يوماً ما.. كان لنا في “إبداع” هذا اللقاء مع الزعيمي وناقشنا معه بعض القضايا في الإدارة وقضايا تمسُّ الشباب وتقترب من همومهم، ويتمنّى على الكثيرين من الشباب أن يكون الوطن هو القاسم المشترك الأكبر بالنسبة لهم. كيف دخلت عالم التدريب..؟. كان التدريب بالنسبة لي حلماً، وكنت أعمل في البداية متطوّعاً في مبادرة “بصمة شباب” كمصمّم، وقرّرتُ أنْ أكون مدرّباً، وواجهت بعض العراقيل لكني تجاوزتها بفضل الله، وانتقلت إلى العمل في منظمة شباب Today ودرَّستُ أول دورة “إعداد مدرّبين” وكانت معتمدة من الأكاديمية العربية للتدريب والتطوير. .. ما أبرز هدف صغته في هذا الجانب..؟. أنْ أخرج إلى السوق بخبرة وليس بشهادة. .. ما السبب الذي دفعك نحو التدريب..؟. كنت أشعر برغبة ذاتية دفعتني نحو التدريب. .. من الذين تدرَّبتَ على أيديهم..؟. الأستاذ أنور الحذيفي، الأستاذة فوزية شميلة، والأستاذ زايد المليكي، الدكتور ميمون والكثيرون من المدرّبين اليمنيين والعرب وعدد من الدكاترة من قطر. وعملتُ مصمّماً ومدرّباً لدورات الجرافكس في وزارة الشباب والرياضة، فكلما كانت الوزارة تستضيف مدرّبين كنت أستغل الفرصة وأتدرّب. .. من الذي كان له الأثر الأكبر في دعمك بهذا المجال..؟. المدير التنفيذي في منظمة شباب (Today) زايد المليكي دعمني دعماً غير عادي، ربما أن كلامي هذا لا يصل إليه؛ لكن “من لا يشكر الناس لا يشكر الله” هذا الشخص فتح لي قاعاته وقال لي: درّب.. وضمّني إلى سفراء التنمية رغم أنهم كانوا يطلبون شهادات ماجستير ودكتوراه في إدارة الأعمال، وحصلت على مرتبة مشرِّفة، وطُلبَ مني الدخول في اجتياز اختبار الرخصة الدولية لقيادة الأعمال «IBDL». .. ما هي أبرز المجالات التي درّبت فيها..؟. درّبت في التخطيط والإدارة والقيادة والبرمجة اللغوية، وعملتُ مدرّباً ومحاضراً في جامعة العلوم والتكنلوجيا والطب، وجامعة اليمن، وجامعة سبأ. .. ما الجوانب التي استفدتها من التدريب..؟. استفدت الكثير، تغيّرت علاقتي مع أهلي، أصبحت أخاً وأباً لكريمتي، وابناً وسنداً لوالدتي, وصاحباً كريماً لزوجي، وأصبحت عندي إدارة منطقية للمشاكل، وفقهت الكثير من القضايا، وتغيّرت نظرتي إلى الحياة تماماً. .. ما الرسالة التي تَحملها كمدرب..؟. أسعى إلى تحويل التدريب إلى رسالة وليست وسيلة، والنهوض بالمجتمع نحو بناء نفسي وتربية روحية وحوار صادق وإصلاح شامل. .. كيف سيكون ذلك..؟!. هنالك الكثير من الطرق، فالتطوّع في العمل المجتمعي والمشاركة في الندوات والأمسيات لتثقيف المجتمع، ومساعدة الشباب على تجاوز مشاكلهم أياً كانت، وتقديم الاستشارات والحلول لتكثيف الجهود التوعوية، من هنا يتحوّل التدريب إلى رسالة، ومثل هذه المساهمة في نظري هي مساهمة لبناء الوعي وبناء الوطن معاً، فعندما يحمل المدرّب هذه الرؤية سيتحوّل التدريب إلى رسالة. .. التدريب أصبح أقرب الطرق إلى الشهرة وكسب المال بطرق ملتوية..؟!. نعم عند أن ينحرف التدريب عن رسالته، وهكذا عند أن ينحرف مسار أية قيمة إنسانية في الحياة؛ تأتي النتائج عكسية. .. ممكن تحدّثنا عن بداية رحلتك في “التصميم”..؟. رحلتي مع الجرافكس بدأت من معهد الإدراك، وكنتُ حينها في الصف الثالث الثانوي، ودخلت وكنت لا أملك حتى جهاز كمبيوتر، وأتذكّر أن معلّم الدورة كان يقول لي: أنت قد تعلمت من قبل، وكل ما في الأمر هو أني دخلت ولديّ رغبة كامنة من الداخل، وما أن تلقيت هذه المعارف أيقظت الحس الإبداعي عندي، وانطلقت نحو هذا الفن، وبدأت العمل كمصمم جرافكس في شركة اسمها “ثري دي” وكان يديرها رجل اسمه أحمد الشرفي، وهذا الشخص له دور كبير في صقل موهبتي في هذا الجانب، ومازلتُ أتذكّر جميله؛ لأنه كان قاسياً عليّ في العمل؛ فرب قسوة أورثت صلاحاً. .. ما هي أبرز أعمالك في جانب الجرافكس..؟. لديَّ الكثير من الأعمال المحلية والدولية، وأنا من صمّمت أعمال «خليجي عشرين» وصمّمت أعمال ل«MTN» ولمصرف الكريمي، وصمّمت التقرير الدولي لبنك الأمل، والكثير من الأعمال لشركات سعودية، ومنظمات أجنبية، وأعمالي كلها منشورة على صفحتي في "الفيس بوك". .. فرص النجاح أمام الشاب اليمني قليلة، كيف الطريق إلى الإبداع..؟. في كلمة للدكتور إبراهيم الفقي - رحمه الله - وهذه علمتني درساً مهماً في الحياة، قال: أنا تعلّمت من حياتي كلها “ألا أتمنّى أن يكون ما حولي الأفضل؛ بل يجب أن أكون أنا الأفضل” بمعنى ألا أستسلم للواقع، فعلينا ألا نستسلم للواقع، ففرص النجاح متوافرة؛ نتوكّل على الله وهو من سيهيئ لنا الفرص، عندما يؤمن الشاب أن الواقع لا يشجّع؛ هو يغلق كل الأبواب أمام إبداعه، وهنا يتوقف العقل عن التفكير والإبداع، وعند أن تكون الأبواب أمامنا مغلقة؛ علينا فتح هذه الأبواب المغلقة. .. ما تقييمك لأداء الإعلام اليمني بشقيه حول قضايا الشباب..؟. للأسف أن أغلب الإعلام المرئي والمقروء في بلادنا غارق في المناكفات السياسية وبعيد عن هموم المواطن وغائب عن تطلُّعات الشباب، هنالك جهود مشكورة لكنها لا ترقى إلى المستوى المطلوب، إعلامنا بحاجة إلى غربلة، فالإعلام هو رسالة، إلا أن رسالته لم تفعّل بالوجه المطلوب، فنحن نتساءل: أين البحث عن الموهوبين من الشباب وتشجيعهم..؟!. .. من خلال تدريبك للعنصر البشري، ما الفجوة الكبيرة التي وجدتها عند الشاب اليمن وتمنّيت لو أن الدولة تعمل بثقلها على ردم هذه الفجوة..؟!. الشباب اليمنيون 90 % منهم يملكون أحلاماً ولا يملكون أهدافاً، ولهذا السبب يصل الكثيرون منهم إلى اليأس ويُصابون بالإحباط؛ لأنهم عندما يضعون أحلاماً وليست أهدافاً ويأتون ليعكسوها على الواقع ويريدوا أن يحقّقوها يُصطدمون، فالحلم لا يتحقّق إلا إذا حوّلته إلى أهداف استراتيجية وتعمل على تحقيقها خطوة بخطوة، فالشاب الذي يحلم أن يكون طبيباً لابد أن تكون أهدافه واضحة ويعمل على تحقيقها، وعند أن يكمل تعليمه الجامعي في كلية الطب يكون قد وصل إلى تحقيق هذا الحلم. .. لديك مؤلّفات؛ ممكن أن تحدّثنا عنها..؟. ألّفت كتاباً اسمه “التسويق.. فنون ومهارة” وكتاب آخر اسمه “من وحي الحياة” وكلاهما تحت الطبع. .. كنت تريد إنشاء مركز متخصّص في الفنون والتصميم والرسم؛ لماذا..؟!. بسبب أنه لا يوجد في اليمن مثل هذا التخصُّص ولافتقار الشيء الجمالي في اليمن بشكل عام؛ وهي محاولة لتقليص الفجوة بيننا وبين الدول النامية الأخرى في هذا الجانب.