قال صندوق النقد الدولي في دراسة أصدرها أمس إن آفاق الاقتصاد قصير الأجل في اليمن، مصر، الأردن، ليبيا، المغرب وتونس لاتزال محفوفة بالتحديات وإن الحفاظ على الاستقرار الاقتصادي يجب أن يمثل الأولوية خلال العام القادم. الدراسة المعنونة ب«نحو آفاق جديدة : التحول الاقتصادي العربي في غمار التحول السياسي » أكدت على الحاجة الملحة لمباشرة اصلاحات جريئة في السياسات الاقتصادية بهدف تحقيق الاستقرار الاقتصادي والنمو المنشئ لفرص العمل في المنطقة. ونقلت الدراسة عن رئيسة الصندوق كريستين لاجارد قولها: «إن بلدان التحول العربي تمكنت من الحفاظ على استقرارها الاقتصادي بينما كانت تخوض ظروفاً اقتصادية واجتماعية وسياسية صعبة ، غير أن النمو الاقتصادي لايزال بالغ الانخفاض وفرص العمل المستحدثة أقل كثيراً مما يمكن لتلبية طموحات الشعب الذي خرج للشوارع منذ ما يزيد عن ثلاث سنوات، لأسباب من بينها تحسين امكانات الحصول على الفرص الاقتصادية وأن الأولوية تتمثل الآن في اطلاق اصلاحات طموحة بغية رفع معدلات النمو وإحداث تغيير في معدلات النمو المرتفعة في البلاد وخاصة بين الشباب». خبراء الصندوق الذين أعدوا الدراسة أوصوا بضرورة تركيز تلك البلدان على ثلاث أولويات وهي توفير المزيد من فرص العمل على المدى القصير والحد من مواطن الضعف لحماية الاستقرار الاقتصادي والشروع في الاصلاحات لتحقيق نمو أعلى وأكثر احتواء لمختلف شرائح المواطنين في السنوات القادمة. ويذهب معدو الدراسة إلى أن سياسة المالية العامة ينبغي ان تهدف لإعادة توجيه الموارد نحو زيادة الاستثمارات العامة مع حماية الفئات محدودة الدخل من خلال المساعدات الاجتماعية التي توجه للمستحقين. وسيكون من الضرورة بحسب الدراسة وضع جدول أعمال قوي للإصلاحات الاقتصادية بغية اعطاء دفعة لنشاط القطاع الخاص والمساعدة على إقامة اقتصاد أكثر ديناميكية وتنافسية وتركيزاً على الابتكار واحتواء لكل شرائح المجتمع، كما أن تعميق التكامل التجاري سيحقق مكاسب كبيرة بالإضافة الى المكاسب الكبيرة المباشرة التي يمكن ان يحققها تعزيز الصادرات ويمكن أن يصبح التكامل التجاري بمثابة حافز للإصلاحات في مجالات تساعد البلدان على المنافسة. وبحسب الدراسة، يمكن تحقيق مكاسب كبيرة بتحسين الحصول على التمويل وخاصة للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة وهو مجال لاتزال بلدان التحول العربي متأخرة فيه عن اللحاق بركب بقية دول العالم. وكان مدير دائرة الشرق الاوسط وآسيا الوسطى في صندوق النقد الدولي مسعود أحمد ، أكد في مؤتمر صحفي عقد أمس بمقر الصندوق ضرورة التصدي لجدول أعمال الوظائف والنمو في بلدان التحول العربي في بيئة اجتماعية وسياسية معقدة ومتغيرة. ويتعين على هذه البلدان كما ذكر السيد مسعود تحديد أولويات الاصلاحات وترتيب خطواتها بدقة في ظل اقتصاد سياسي متغير يقتضي بناء توافق في الآراء على نطاق واسع وكسب تأييد الأطراف المعنية التي كانت مستبعدة من قبل.