لم تشهد المحافظة أي فعل ثقافي حقيقي يترجم القرار الجمهوري الصادر مطلع 2013م باعتبارها عاصمة للثقافة في اليمن على أرض الواقع، وفقاً لمراقبين.. وأعلنت السلطات اليمنية، في يناير/ كانون الثاني 2013، محافظة تعز عاصمة ثقافية للبلد بقرار رئاسي، إلا أن المحافظة التي تُعرف في اليمن بأنها “مصنع المثقفين”، لم تشهد أية بوادر ايجابية في تنفيذ القرار إلى يومنا هذا..وتعز هي أكثر المحافظاتاليمنية كثافة سكانية، ويبلغ عدد سكانها وفقا للإحصاءات الرسمية قرابة 4 ملايين نسمة، من بين 25 مليون نسمة هم عدد سكان اليمن، وإليها ينتسب أشهر الأدباء والكتاب والفنانين والشعراء في اليمن. وكانت تعز “مهد الثورة الشبابية”، التي أطاحت بنظام الرئيس السابق علي عبدالله صالح، في العام 2011، ففيها خرجت أول مظاهرة تطالب بإسقاط حكم صالح في 11 فبراير/شباط 2011، كما نصبت فيها أول ساحة حرية (اعتصام) خلال الثورة. ووفق تصريحات لمسؤولين يمنيين، لم تشهد تعز فعاليات العاصمة الثقافية العام الماضي بسبب ضعف الإمكانات المادية وتأخر رصد الموازنات المالية الخاصة بها. ورغم رصد الحكومة اليمنية في أكتوبر/تشرين الأول 2013 ميزانية بلغت 21 مليار ريال ( 105 ملايين دولار) لمدة ثلاث أعوام بواقع 7 مليارات (35 مليون دولار) للعام الثقافي الواحد، إلا أن غياب الفعاليات الثقافية عن تعز استمر. وانتقد مثقفون ما وصفوه ب”التصلب” الحاصل في عاصمة الثقافة اليمنية، محملين أسبابه إلى قيام السلطة المحلية بإسناد مهام الحدث الثقافي البارز لكوادر لا صلة حقيقية تربطها بالهم الثقافي. وشكل محافظ تعز، شوقي أحمد هائل، عقب صدور القرار الجمهوري في العام 2013 المكتب التنفيذي لتعز عاصمة الثقافة دون معايير معلنة من نحو 10 شخصيات للاضطلاع برسم الخطوات العملية لتحويل القرار الرئاسي لواقع عملي. ويرى ريان الشيباني، وهو فنان تشكيلي وشاعر من محافظة تعز، أنه “من الطبيعي أن تصيب حالة الجمود أية محاولات للنهوض بالواقع الثقافي في تعز، وذلك لإسناد المهمة لأشخاص هم في الأساس سبب رئيسي في فشل إدارة المحافظة ثقافياً”. وقال الشيباني “ينبغي إعطاء الخبز لخبّازه؛ فالإدارة والعلم بالإجراءات البيروقراطية لإدارة الثقافة وفق عملية النظام السياسي التقليدية، لا تكفي لإدارة العاصمة الثقافية”. ويقول ناشطون في مجال الثقافة إن تعز لم تحصد من قرار اعتمادها عاصمة ثقافية لليمن سوى الاسم فقط، كون القرار تم إجهاضه بتعيين طاقم غير جدير بالمهمة على رأس المكتب التنفيذي وعضويته بشكل كامل. وقال فهد العميري، (ناشط حقوقي): “يبدو أن هناك مؤامرة على تعز، وأخشى أن يكون هدفهم تحويلها إلى مقبرة الثقافة اليمنية، بجلب هذه العقليات المتخشبة - على حد وصفه - على رأس الحدث الثقافي وتجاهل الدماء الشابة”. ويتخوف مثقفون من ذهاب الميزانيات المرصودة للعاصمة الثقافية “هباءً”، وعدم استفادة تعز منها في إيجاد بنية تحتية ثقافية، نتيجة ما أسموه الفساد المالي الذي يُعرف به هذا القطاع، وتصلب القائمين على الحدث الثقافي، الذين انعدمت الرؤية أمامهم؛ حيث لا يملكون - بحسبهم - أي استراتيجية واضحة بعد عام ونصف من صدور قرار الإنشاء. ووفقا للفنان التشكيلي ريان الشيباني فإنه “على النخبة مراقبة ما تؤول إليه الأمور، ورفع مطالب واضحة لقيادة المحافظة بتخصيص هذه المبالغ لبنى تحتية بدلاً عن الكرنفالات التي يُراد بها تصريف الأموال إلى جيوب الفاسدين”، على حد قوله. ودعا مثقفون إلى إيجاد مطبعة خاصة بتعز تعمل على تغطية الإصدارات للمثقفين التعزيّين، وتطوير البنية التحية للمدينة بما تحويه من مسرح وسينما، والحفاظ على المزارات الثقافية. وتعاني العاصمة الثقافية لليمن من انعدام شبه تام للبنى التحتية الثقافية، فلا يوجد دور سينما تفتح أبوابها للجمهور، ولا مكتبات ثقافية، والمسرح الوحيد تم بناؤه في سبعينيات القرن الماضي، خلال فترة رئاسة الرئيس الراحل “إبراهيم الحمدي”. في المقابل، يقول المدير التنفيذي لتعز عاصمة الثقافة اليمنية، رمزي اليوسفي إن مشروع القرار الجمهوري، حدد مشاريع ثقافية عملاقة لا وجود لها في المحافظة، منها قاعة مؤتمرات دولية، صالات معارض دولية، مكتبة عامة، فضائية ثقافية، ودار مخطوطات، وكل هذا سيبدأ العمل به عبر خطة خمسية (تنفذ على مدار خمس سنوات). ويتواجد في تعز مؤسسة ثقافية واحدة تتبع أحد البيوت التجارية، تقيم فعاليات أسبوعية تحظى بحضور شحيح، كما تمنح جوائز سنوية في بعض العلوم الإنسانية والأدبية، وتحجبها في الغالب في علوم أخرى، لعدم توافر المعايير. كما يتواجد في تعز عدد من المواقع والمزارات التاريخية التي تعود للدول الرسولية والمظفرية والصليحية لكنها لم تلاق الاهتمام الكافي في صيانتها، كما أن المتحف الوطني الوحيد في المحافظة، مازال مغلقاً للعام الرابع على التوالي، ويجري ترميمه حالياً.