12يناير2013يوم له نكهته الخاصة في وجدان أبناء تعز حالياً.. فعلى وقع أصداء القرار الجمهوري استيقظت الحالمة عاصمة للثقافة اليمنية. فبكل معاني الأقدمية في بطون التاريخ يحدثك مسجد الأشرفية عن تاريخ حافل عصي على الطي والنسيان. ومن زمن صدر الإسلام ورسول الرسول إليها يمتد التاريخ الثقافي المستنير بكل عظمات الحضارة لمدينة تعز.. فاللبنات الأولى التي وضعها الصحابي الجليل معاذ بن جبل لتعاليم الدين الحنيف وبناء مسجد الجند مثلت تلك اللبنات أهمية إضافية لما تمتاز بها المدينة من مكانة خاصة، ومقومات تجعل منها منارة إشعاع ساطع بالخير أبجديته الحكمة والعقل بعد القرآن والشرع ولعل تأسيس بني رسول مملكتهم فيها التي أمتد نفوذها حُكماً وسلطة في الشمال والجنوب، لم يكن مسرحية ليقبل بها المكان والزمان، بل لمناخ ومكان جعلا من المدينة قلعة حصينة يتسابق عليها الأمراء وهو ما أخبرنا به حصن الدملؤة وحصن اللؤلؤة وقلعة المقاطرة وقبل وبعد ذلك قلعة القاهرة التاج اللامع من على رأس الأميرة، وعلى امتداد النشاط التجاري والإرث الحضاري الثقافي الموروث والمتوارث من جيل لآخر يحملق بنا ما بقي ثابتاً في وجوه العواصف نحو ذكرى لم تمت بموت أصحابها ولم تزل باقية رغم زوال من عاشوها.. الرهينة في العهد الإمامي ومحبس الحب المرحوم زيد مطيع دماج والمخرجة الشريفة من على شرفة القلعة جميعهم نحتوا تاريخاً ثقافياً وإن كان مظلماً كظلمة السجن والارتهان إلا أنه صاغ أحداثاً من المدينة عنها لتكون في حنايا التاريخ حاضرة. تعز وتاريخها الثقافي الذي عبر عنهُ الفضول بكلماته وأيوب بصوته لمعانقة التاريخ والأرض بأبيات الوطنية والوحدة وترانيم العود العربي في حوار تحت ظل القمر دائماً. وبعد هذا الرصيد الثقافي الهائل تبقى الكرة مرمية في ملعب الجيل من نخبة ومثقفين وسياسيين ومسرحيين وفنانين للحفاظ على أصالة التاريخ القديم وإضفاء اللمسات الجمالية الحديثة عليه مع الأخذ بعين الاعتبار المكانة التاريخية النضالية التحررية والثقافة المتأصلة في جذع التاريخ حتى أوراق الشجر لهذه المدينة العريقة منذ آلاف السنين. ولربما أن الواقع المخيف يجعلنا في خوف وغير مطمئنين على المدى القريب والمتوسط لرؤية الحالمة كما كانت في تاريخها القديم، وما يخيف أيضاً أكثر هو الإهمال غير المبرر من قبل الجهات المعنية حتى كأني أقول رموا بالإسم والحبل معاً دون اهتمام أو عون أو مدد. وما أجده في ذهني هو ما قاله غيري في وقتٍ سابق نريد عواصم لا قواصم.