سامع المديرية الثامنة عشرة لمحافظة تعز، قديماً كان لها عدة أسماء: فمن أسمائها أيضاً بلاد الأشعوب، ومن ضمن بلاد "السكاسك" الإسم الذي كان يطلق على الصلو وخدير وسامع مجتمعة. لكن سامع من أقدم الأسماء المذكورة قبل أن يتكون اسم "تعز" ذاته بمئات السنين، فإذا كان اسم تعز أثر عنه أنه عرف منذ بدايات الدولة الصليحية، فإن "سامع" اسم ذكر في النقش السبئي الموجود على صخرة في إحدى قرى سربيت سامع في القرن الأول الميلادي، ولم يتغير الاسم إلى اليوم. هذه المديرية المنسية تضم أشهر جبل في محافظة تعز بعد جبل صبر ويضاهيه في الارتفاع، يقع على قمة الجبل حصن سامع المشهور والذي اشتهر في العصور الوسطى ب"حصن عبادي" الذي لعب دوراً تاريخياً لا يقل عن قلعة الدملؤة، خاصة في العصر الإسلامي والعصور الوسطى. فحينما سقطت عاصمة الدولة الطاهرية الثانية (تعز) في أيدي المناوئين وهروب الملك عامر بن عبدالوهاب الطاهري من حصن تعز لجأ إلى حصن سامع؛ فجيش الجيوش وهبط من رأس جبل صبر واستعاد مدينة تعز وحصنها كما يذكر ذلك ابن الديبع في كتابه "قرة العيون في أخبار اليمن الميمون". أما قبل الإسلام فقد كان الحصن في قمة الجبل يعد معبداً من معابد الدولة المعافرية السبئية كما يوحي بذلك النقش الآنف الذكر.. ويذكر ذلك الأستاذ بشير السامعي (أخصائي آثار) حيث يقول: "كانت الدول السابقة للإسلام تنأى بمعابدها بعيداً عن عواصم الدول - في قمم الجبال - حتى لا تتعرض للخراب والتهديم من قبل المناوئين". قرب المديرية أو توسطها بين حصني تعز والدملؤة التاريخيين اللذين لعبا وشكلا تاريخ اليمن منذ فجر الإسلام وحتى مجيء الدولة العثمانية لليمن ومن بعدها دولة الأئمة الزيديين جعلها تلعب حلقة الوصل والعمق الاستراتيجي للممالك القائمة، وكان بالإضافة إلى حصن منيف في قدس وقلعة الدملؤة التاريخية كما ذكره عمارة اليمني في تاريخه يسمى بوابة عدن.. بل إن المديرية تضم أيضاً في عزلة حورة؛ وهي أهم العزل في مديرية سامع حصناً تاريخياً لصاحبة النقش المذكور وهو حصن "نعيمة" (ونعيمة هي نعيمة بنت قشعم العريقية، وكان يسمى ما بين حصنها المذكور إلى أسفل نقيل سمارة مخلاف نعيمة كما ذكره الأكوع في تاريخه، وذلك قبل أن يرسل الرسول - صلى الله عليه وسلم - رسوله إلى اليمن معاذ بن جبل - رضي الله عنه - إلى الجند ويقسم الرسول اليمن إلى تقسيمات جديدة سماها مخلاف الجند ومخلاف حضرموت وسماه باليمن الأسفل، ثم مخلاف صنعاء وسماه باليمن الأعلى) وجدنا على بوابته نقشاً مسندياً في حجر من المرمر مما يدل على قدم ذلك الحصن الذي مثل الحامية الشمالية الغربية لقلعة الدملؤة. وقد أثر عنها أنها طلبت مهراً لها لزواجها من أحد ملوك الدملؤة أن يجري ساقية (فلج) من باب وادي موقعة (أشهر وديان سامع يصب في ورزان) إلى قلعة الدملؤة؛ وهو ما تم لها بالفعل، ولاتزال تلك الساقية إلى اليوم من أهم آثار مديريتي سامع والصلو تمتد لأكثر من ثلاثين إلى أربعين كيلومتراً عرض جبل الصلو يتلوى كتلوي الثعبان، كانت تصب ماؤه في صهاريج أسفل قلعة الدملؤة فحول قاع الدملؤة إلى جنات وبساتين وهو ما عرف بعد ذلك ب"وادي الجنات" على أشهر مدن اليمن القديم والوسيط وهي مدينة الجوءة التي كان يرفدها بالماء. عرف عن سامع مقاومتها للأتراك؛ فإن كان من قبيل التندر يتداول الناس اليوم أن سامع صنعت مدفعاً من مدر لمقاومة الأتراك ومنعهم من طلوع الجبل المذكور، إلا أن ما لا يعرفه الناس وما لم يصل إلى طريقه للتدوين كتاريخ أنه كانت هناك مقاومتان لسامع ضد الترك: الأولى قادها قداش السلفي (نسبة إلى قرية السلف أعلى جبل سامع) انتهت باعتقاله بوشاية من أحد مقربيه بعد أن نفدت ذخيرته ومحاصرته في أحد كهوف جبل سامع. والثانية من محمد سعيد في منطقة الخضراء التي تعتبر منبع وادي موقعة وأهم العزل في سامع، انتهت بسلبه كل ممتلكاته ونفيه من المديرية إلى خدير، وأثناء عودته خلسة بعد أن مات كثير من بنيه بالحمى"الصفراء" في خدير تم اعتقاله من قبل شيخ المديرية محمد بن قاسم العيسائي، وهذه هي عادة المشايخ في كل زمان ومكان انحيازهم إلى السلطة والمال والجاه ضد رعاياهم والتقرب بهم إلى الحكام.