قد تجعلنا ظروف الحياة وأحوال الوطن نشعر أحياناً بالاختناق.. ونظل نبحث عن مصدر نجد منه الراحة ولو بضع سويعات.. نعيد فيها الهدوء إلى أعماقنا, والسكينة إلى أنفسنا لكي نواصل المشوار.. لذلك قررنا أنا وأسرتي أن نذهب إلى محافظة إب الخضراء.. ذهبنا إلى هناك نحمل معنا الكثير من التوقعات والافتراضات عن وحول هذه المحافظة, وهناك.. وخلال الرحلة أدهشنا وأذهلنا ما رأينا .. فعند وصولنا إلى مشارف إب.. فرشت لنا إب بساطها الأخضر المطرّز بالخضرة والجمال.. واستقبلتنا روابيها وسهولها وجبالها وأوديتها بكل حفاوة وترحيب.. رأيناها وقد اكتست حلة جميلة من سندس أخضر وكأنها عروس في مقتبل العمر .. تملأ ملامح وجهها النضارة والجمال.. على صدرها الرحب عقد إزهار عبقها يملأ الروابي , وخاصرتها طرزت بإكليل غار جميل, واعتلاها سحر من الجمال يتجسد في شلالاتها وخضرتها وطبيعتها الساحرة. وهناك في الأعلى كانت سماؤها ممتلئة بالسحب التي تبدو للناظر وكأنها طرحة العروس الفاتنة.. هنا فقط يعجز التعبير عن الوصف لما شاهدناه .. وهنا اعترانا الصمت والذهول ولسان حالنا يقول (الصمت في حرم الجمال جمال).. ووقفنا جميعاً نتمتم: (ربنا ما خلقت هذا باطلاًَ).. ترانيم طبيعة خلابة عزفت الأرض المعطاءة التي أروتها قلوب أهلها الطيبة بالحب وجاد لها كرم الرحمن بعطاء واسع ليس له حدود.. لوحة ربانية متقنة.. ليس بها نقص أو خلل تشكلت بمزيج من (الأمطار والسيول والسحب والخضرة والنسيم العليل) .. طبيعة تخرجك من ضيق الحال إلى سعة الجمال الطاغي. وبعد الوقت الأكثر من رائع الذي قضيناه في هذه المحافظة الساحرة عدنا وكلنا أمل أن نعود مرة ومرات كثيرة لزيارة هذه التحفه الرائعة.. وها أنا أدعوكم جميعاً في داخل الوطن الحبيب وخارجه أن تأتوا إلى زيارة الأرض التي قال عنها الرحمن جل وعلا إنها (بلدة طيبة), وهناك ستجدون أكثر مما حكيت لكم عنه.. وسيفاجئكم كرم أهلها الذين يستحقون كرم الرحمن لهم بأرض كهذه.. لأنهم هناك ثابتون وصامدون وشامخون كجبال إب الشامخة العتية.. ومعطاؤون كأرضهم ورائعون كمكان هم فيه.. ولم تستطع الأزمات التي يمر بها الوطن أن تجعل اليأس يصل إلى نفوسهم أو قلوبهم أو حتى معاولهم التي تنقب الأرض لتخرج الكنز الثمين الذي في باطنها. عدنا من إب الجميلة, إب الفاتنة, إب الشامخة, إب الساحرة, إب الطبيعة الخلابة والمنظر الرائع الذي أبدع الرحمن في صنعه. عدنا من إب الجميلة راضين مرضين ..ولربنا حامدينَ وشاكرينَ أن منّ الله على يمننا الحبيب بأمطار مباركة.. تستقبلها الأرض الخصبة لتنبت من كل زوج بهيج.. عدنا وقد منحنا إب وعداً أن نزورها مرة أخرى كلما سنحت لنا الفرصة لنتزود بالطاقة التي تساعدنا على المضي قدماً من منظرها الفتّان.