صوت نادر لا يكاد يُنسى خاصة في شهر رمضان سواء بتلاوته للقرآن أو بتواشيحه الدينية تعلم وعلم، على الرغم من حداثة سنه وإصابته بالعمى .. إنه الشيخ محمد حسين عامر.. حياته ولد الشيخ الحافظ محمد حسين عامر في العام 1938بقرية الظواهرة بسواد الحدا محافظة ذمار ونشأ فيها، وأصيب بالعمى في عامه الأول مكث في قريته 9 سنوات وبدأ من خلالها حفظ القرآن الكريم على يد والده الشيخ حسين عامر، ثم اصطحبه أبوه مع أخيه الراحل أحمد إلى صنعاء وهناك حفظا القرآن الكريم في الجامع الكبير وجامع العلمي سنة 1366ه/1947م، فدرسا القرآن الكريم, حيث حفظ القرآن وهو في العاشرة من عمره خلال سنة وأربعة اشهر، ثم درس علوم القرآن الكريم على يد عدد من العلماء ثم انتقل إلى مدرسة (دار العلوم)؛ فدرس فيها علم القراءات السبع ثم انتقل بعد ذلك إلى المدرسة العلمية ودرس فيها بعض المتون مثل: متن الأزهار في الفروع، ومتن الأجرومية وقطر الندى في النحو، وغيرها من العلوم. وبعدها عمل في تدريس القرآن الكريم, وأسس عددًا من مدارس التحفيظ في جامع (النهرين) بصنعاء، كما أسس مدرسة القراءات السبع خاصة قراءة نافع فكان رحمه الله يمارس فن الإنشاد وله العديد من الأعمال الإنشادية المتميزة، كما اشتغل في تدريس كتاب الله وتحفيظه وكان يقوم بالإشراف على حلقات تحفيظ القرآن الكريم بالجامع الكبير بصنعاء فصار اسمه مرتبطاً برمضان حتى بعد وفاته، ولا يكاد يخلو منزل من تسجيل صوتي له وهو من الشخصيات اليمنية القلائل الذين حظوا بإجماع وطني واسع وي بتقدير واحترام الجميع وقد شاءت إرادة المولى عز و جل أن تقربه إليه بإذنه تعالى في 15 رمضان 1419ه بعد مسيرة حافلة بالعطاء في خدمة كتاب الله عزوجل وتعليمه حيث تخرج على يديه الكثير من الحفاظ والعلماء. من الجامع الكبير حفظ الشيخ محمد حسين عامر القرآن وأجاد قراءاته السبع وغدا من أكثر الحفاظ إتقاناً لها على مستوى اليمن والجزيرة العربية عموماً، بدأ صوته العذب ينقل للمستمعين عبر إذاعة صنعاء في الخمسينيات وقام بعد ذلك بتسجيل القرآن الكريم لإذاعة عدن وتعز والحديدة، وفي الستينيات بدأت إذاعة صنعاء النقل المباشر لصلاة الفجر يومياً في رمضان مسبوقاً بتلاوة قرآنية عطرة له وظل بصوته الجميل وتلاوته في رمضان يطل على المشاهدين والمستمعين كل جمعة من الجامع الكبير حتى توفاه الله. أول مجدد للإنشاد فهو مقرئ, حافظ, منشد يعتبر أول مجدد للإنشاد في اليمن، ومن ابرز المؤسسين لجمعية المنشدين اليمنيين، فهو صاحب الصوت الرخيم والعذب والذي ما يهل علينا رمضان إلا وهو أول المبشرين بهذا الشهر الكريم من خلال تلاوته للقرآن وكذلك التسبيح والدعاء والإنشاد. ورغم مرور كل هذه السنوات على وفاته رحمه الله لم ينسه العديد من المواطنين ومحبيه بصوته وهو يتلو كتاب الله سبحانه وتعالى، لهذا لا يمكن أن يمر شهر رمضان المبارك دون سماع هذا الصوت الجهوري الذي يأسر القلوب والعقول. على نفقته فهذا الأستاذ العلامة يحيى حسين الديلمي من طلاب الشيخ محمد حسين عامر يتحدث عنه بقوله: الشيخ الحافظ القارئ محمد حسين عامر شيخ الكثير من طلاب العلم والعلماء وقد أجاز الكثير في تلاوة القرآن وتجويده حيث كان يقيم حلقة في جامع النهرين بعد صلاة الفجر وأيضاً في أوقات أخرى بين مغرب والعشاء وكذلك بعد صلاة العشاء، وكان أيضاً في الجامع الكبير بصنعاء يعلم القرآن لكثير من المكفوفين وطلاب العلم، درست على يده القرآن مدة أربع سنين متقطعة كنا ندرس في بيته وندرس في المسجد، وقد أجازني لقراءتي حفص ونافع حيث كان يقوم بخدمة الطلاب الذين يقرأون القرآن ويأخذهم إلى بعض الأماكن، كما كان يعطي الطلاب قهوة البن بعد صلاة الفجر وقراءة القرآن على نفقته كنوع من التحفيز، وكان من تلاميذه الشيخ يحيى الحليلي حيث كان يسمع القراءة السبعية ونحن كنا ندرس التلاوة والتجويد كما كنا نحضر بعض الموالد التي يقيمها والأناشيد ومجالس الذكر، وكان إلى جانب حفظه للقرآن كان يحفظ متوناً كثيرة في الفقه ومتوناً في اللغة وغيرها، وقد كان لديه موهبة في صياغة الشعر وقول الشعر في مدح النبي صلى الله عليه وآلة وسلم، وفي تمجيد الله سبحانه وتعالى, حيث كان هذا الرجل محبوباً لدى الكثير واهتماماته واسعة فيهتم بأهل الريف كما يهتم بأهل المدينة كما يهتم بالعلماء ومجالستهم ومتابعتهم، كما كان يقرأ على أيديهم ويردد ما كان يحفظه على مسامع العلماء، حيث كان جليس للعلامة حمود عباس المؤيد والعلامة محمد بن محمد إسماعيل المنصور وغيرهم. علماً من أعلام اليمن أما الوالد المنشد / يحيى المحفدي فقد تحدث قائلاً: الشيخ محمد حسين عامر: كان علماً من أعلام اليمن وقد تتلمذ على يد العلامة محمد محمد إسماعيل المنصور، وأيضاً الوالد حسن لطف باصيد شيخ القراءات السبع رحمه الله، وأيضاً تتلمذ الشيخ محمد حسين عامر على يد العديد من مشائخ العلم والفقه والحديث والقرآن الكريم الذين كانوا يدرسون العلم في الجامع الكبير كالشيخ حسين مبارك الغيثي رحمه الله، وكان في الجامع الكبير يتعلم وفي نفس الوقت يُعلم، وكان حريصاً كل الحرص على الذهاب إلى جامع الطاووس في حارة طلحة بصنعاء القديمة للتعلم من الشيخ الكبير الوالد حسن باصيد، وبعد أن أتقن تلاوة القرآن الكريم وبالقراءات السبع بدأ في إنشاد الموشحات الدينية وإنشاء القصائد الإسلامية التراثية، وفي هذا المجال شجعه المرحوم عبدالرحمن الحليلي والوالد محمد النعماني، والوالد أحمد موسى ومن ثم كون مدرسة مستقلة في الإنشاد لأنه كان رجلاً ذكياً جداً وشديد الحفظ ويمتاز بذاكرة قوية، ولذلك أبدع في الإنشاد مثلما أبدع وأجاد كثيراً في تلاوة كتاب الله عز وجل، وفي ذكرى وفاته نقول له: رحمة الله تغشاك يا شيخ محمد حيث لن ننساك ما دمنا على قيد الحياة لأنك رجل عظيم ومتواضع ورجل علم وفقه باع نفسه لله سبحانه. الأستاذ: محمد قحطان يقول: مازلنا نتذكر شيخنا العظيم والمقرئ الكبير الشيخ الجليل محمد حسين عامر رغم السنوات من وفاته ورحيله من عالمنا حيث ما زلنا نتذكر صوته الجميل ودعاءه قبل صلاة الفجر و حضوره إلى جامع النهرين لتدريس القرآن الكريم بالقراءات السبع إلى جانب الدروس الفقهية، فالشيخ محمد ارتبط بالله سبحانه وتعالى وارتبط بالمواطنين الذين كانوا يتابعون دعاءه قبل صلاة الفجر حتى ظن الكثير من الناس بعد وفاته أن هناك شيئاً كبيراً نقص عليهم في شهر رمضان وهو حبهم لسماع تلاوته ودعائه كل يوم في هذا الشهر الكريم، كما نتذكر كيف كانت جنازته العظيمة، وكيف توافد المواطنون من مختلف المناطق والمحافظات اليمنية لوداعه، فنقول له يا شيخ محمد سوف نظل نذكرك ولن ننساك. مدرسة مستقلة بالإنشاد وأما المنشد محمد أحمد حسين مبارك الغيثي - حفيد شيخ الشيخ محمد حسين عامر وأحد طلبته فيقول: يعتبر الشيخ محمد حسين عامر حافظاً ومقرئاً للقرآن الكريم وكمنشد بارز للموشح, حيث إن له باعاً طويلاً في مجال الإنشاد وهو المجدد الأول للموشحات في اليمن، لأن المنشدين سابقاً كانوا يعدون بالأصابع, وعندما أنشد تلك القصائد والموشحات التي كادت أن تنقرض وتنتهي ونحن كمنشدين حفظنا أكثر الموشحات وقصائد الإنشاد من أشرطة الكاسيت الخاصة بالشيخ، كما كان يعتبر الشيخ محمد حسين عامر أبرز المؤسسين لجمعية المنشدين اليمنيين وأول الحاضرين لحفل تدشين الجمعية في مركز الدراسات والبحوث عام 1989م فهو يعتبر مدرسة مستقلة بالإنشاد حيث تميز بأدائه وبصوته الجميل وإنشاد القصائد التي كان أغلب المنشدين ينشدونها لصعوبة كلماتها وقوافيها وتخرج الكثير من المنشدين الكبار حالياً أمثال الأستاذ عبدالله علي الثور، كما كان يعتبر جسراً ممتداً من خلال ما قدم للتراث والإنشاد اليمني وظل إلى اليوم رغم أنه قد رحل عن عالمنا وعن الحياة منذ سنوات إلا أنه ظل يدرسنا ويعلمنا الكثير من خلال موشحاته المسجلة التي نتعلم منها الكثير ومن خلال ما سجله للإذاعة والتلفزيون، لذلك مازال الشيخ محمد حسين عامر يعيش بيننا حتى اليوم من خلال موشحاته ومن خلال صوته العذب في تلاوة كتاب الله العظيم بالقراءات السبع، لذلك هو نجم من نجوم اليمن في العلم والفقه وقراءة القرآن وفي الإنشاد - رحمه الله تعالى - في هذا الشهر الكريم.