في هذا الاستطلاع استنطقنا التاريخ وما احتضنه المتحف الأثري في مدينة عدن من آثار تاريخية تعود إلى العصور الأولى وموروث شعبي يستطيع الزائر أن يطلع على معروضات التحف فترات تاريخية متكاملة بالإضافة إلى التعريف بمدن محافظة عدن سواء تلك التي لها حكايات مع التاريخ أو المدن التي استجدت بفعل الزيادة السكانية ومدى النشاط السياحي في محافظة عدن وحجم المنشآت السياحية والموروثات الشعبية والعادات التي زخرت بها المحافظة . عدن في التاريخ يذكر المؤرخ بامخرمة إن ارم كانت تقع بين خليج عدنولحج وماوية ويفيد حمزة لقمان إن الناس يعتقدون إن قرية العماد الصغيرة التي تقع إلى بعد يسير من مدينة الشيخ عثمان إنما هي جزء من البقعة التي بنيت عليها ارم وفي بلاد العواذل التي تبعد عن عدن حوالي مئة ميل تجد قرية إمعادية التي بنيت فوق إطلال مدينة قديمة تحمل نفس الاسم وتشير تلك الإطلال والخرائب إلى إن ال التعريف تنطق أم بين قبائل السبئيين والحميريين إلا إن الكاتب يشير إلى إن بانيها عاد نتيجة لهذا الاسم . مدينة عدن مرت بمراحل تاريخية عديدة لا تخلو فتراته من الاحتراب والصراعات المصبوغة بنكهة الاحتلال تلك الحروب أثرت تأثيرا مباشرا على الوجه الحقيقي للمدينة ووضعت حدا بين الأثر وإلى من ينسب حتى صارت الآثار الموجودة عرضة لتخمينات المؤرخين وتكهنات علماء الآثار وشهادات الزوار التي تشوبها الأدلة الدامغة عن باني هذا الأثر أو ذلك ولأن الدول المتعاقبة على عدن بداية من الغزو الروماني الذي رحل بعد سنتين من مدينة عدن لم يترك عدن بأحسن حال بعد تخريب مينائها العالمي وحل القيصر كلوديوس تجارة الهندي إلى الموانيء المصرية . كان يحكم عدن حينها الملك العبد ذو الادغار الحميري مع تاريخ محدد تم فيه تخريب الميناء ظل عرضة هو الآخر لتخمينات المؤرخين غير المقنعة ولم تستعد عدن مجدها حسب المصادر التاريخية إلا في عهد قسطنطين وعادت للميناء حيويته حيث صار يستقبل السفن الكبيرة والصغيرة المحملة بأنواع البضائع من الهند إلى الفرس وأيضا لتبشير اليمنيين بالدين المسيحي وبنيت حينها كنائس في عدن وأشارت المصادر التاريخية إن الحبشة وجدت لها في عدن موطئ قدم لكن الفارس سيف بن ذي يزن هاجم الأحباش بعشرين ألف مقاتل وقتل عشرة ألف من الأحباش بعدها سلم كسرى مقاليد الحكم في عدن لبني حمير إلا إن الخلاف في المصادر التاريخية حول من قام بهذه المعركة هل هو سيف بن ذي يزن أم معدي كرب وان كان المسعودي قد رجح الأخير . وفي سنة 595 أرسل كسرى “برونر” بعد وفاة كسرى انوشروان الذي توجه إلى اليمن ليتمكن من السيطرة عليها وإعادتها إلى حظيرة المملكة الفارسية . يذكر ابن خلدون إن بني معن أسسوا دولتهم في عدن منذ أيام الخليفة العباسي المأمون بن هارون الرشيد وأشارت مصادر تاريخية إن أبان عثمان بن عفان قدم إلى عدن وبني مسجداً تم تجديده قبل سنوات قلائل وكانت عدن في العصر الإسلامي وكرا للمتآمرين الذين كانوا يحرضون بني حمير على الثورة على الإسلام وإعلان العيان على الخليفة بعد موت الرسول صلى الله عليه وسلم فلما علموا فروا من البلاد وانضوت بعدها تحت راية الإسلام بما في ذلك الدولة الأموية والعباسية وما عقب ذلك من احتراب الفارين على مدينة عدن أيام الدولة العثمانية والإنجليز . وقالت رجاء باطويل مدير عام الآثار بمحافظة عدن إن البعثة الألمانية الروسية بمشاركة مكتب الآثار بعدن قامت في موسمين بالتنقيب الخاص بدراسة عصور ما قبل التاريخ فأكدت بأنه كانت توجد المستوطنات التي كانت بعمان في نفس الشريط الساحلي مما يعزز بأن امتداد النفوذ القتباني حتى البحر الأحمر . وأضافت بأن المقبرة الجماعية المكتشفة في بير فضل عام 1992م أعطى دليلاً وان لم تكن اشهرها إن عدن فرضت نفسها حتى فترات متأخرة من التاريخ ولعل العملات التي في مكتب الآثار خير دليل على تعاقب الفترات التاريخية على عدن . في عهد الإنجليز انتقل ميناء إلى المعلا والتواهي وكانت القلوعة حينها سكنا للعمال وبني في ذلك العهد الكنائس والمعابد القدسية وهي منصوبة حتى الآن ويوجد الآن احد عشر معبداً وتشير د رجاء باطويل بان بناة المعابد كانوا يبحثون عن الأماكن النائية مع بقاء الحصانة الكاملة للمسلم وأضافت بان التواهي صارت من أجمل المدن السياحية بحكم تعدد الشواطئ البحرية فيها وقالت بان القدماء حرصوا على بناء ملاقف للمياه لكنها الآن بحاجة إلى صيانة ابتداء من المنبع وانتهاء بالمصب . بجيرة الأعاجم حدد المؤرخ بامخرمة بحيرة الأعاجم بأنها البحر الممتد من جهة المياه الرباك وإلى جبل عمران أي أنة البحر الذي تغسل أمواجه شواطئ التواهي المعلا وخور مكسر والحسوة والبريقة وهو في الواقع أشبة بالبحيرة لولا الفتحة بين راسي حليل في البريقة وطارشين في التواهي . ويقول عبد الله محرز بأنة تتناثر على هذا البحر عدة جزر مجهولة في دورها التاريخي ومواقع اقتصادية ودفاعية هامة والعديد من المدن بعضها قائم ومزدهر وبعضها اندثر وطواه النسيان. التواهي إحدى مدن عدن الحديثة وعاصمتها الاقتصادية خلال عهد الاحتلال وقد أطلق عليها بحر التواهي ويذكر عبد الله محرز انه لا يوجد مصدر تاريخي يشير إلى هذا المكان ويغلب إن يكون أحد هذه الخلجان المقفرة التي تحيط بشبه جزيرة عدن ويضيف بأن دورها التاريخي قبيل القرن التاسع عشر مجهول معللاً ذلك بأن الموقع صغير وغير صالح للعيش وبعيد عن الموارد المائية ولكنة يستطرد في كتاب العقبة بان أهمية عدن بعد الاحتلال تحولت إلى التواهي وصارت مقر ولاة المستعمرة . المعلا تمتد المعلا الحالية قرب حجيف امتداداً مستمراً بمحاذاة الساحل إلى باب عدن ويطلق عليها أحيانا باب المعلا مستحوذة على أطول شريط ساحلي مقارنة بالتواهي ويذكر عبد الله محرز في كتابه العقبة ويبدو إن للمعلا جذور أعمق من ذلك في تاريخ عدن إذ من المحتمل إن تكون ورثية المياه تلك القرية التي نشأت خارج باب عدن ثم اختفت في القرن السادس عشر فموقع المعلا الحالي يشمل موقع المياه القديم ويقال بان اسمها كان المحلة أو المحل حسب ما ورد في كتاب جاكوب ملوك العرب ثم حرفها الهنود إلى المعلا وعند جبل حديد يبدأ البرزخ أصلته عدن بالبر وينساب البحر موازيا لهذا البرزخ في اتجاه شمالي الملاح وتسمى بعض الكتب التراثية هذا الجزء بساحل المكسر تمييزا له عن ساحل أبين في الجهة الأخرى خور مكسر: يوجد في الشمال من هذا البحر وفي نهاية العنق الذي يربط عدن بالبر خليج تحيط به ارض منخفضة وقد انكسر جزء من ساحل هذا الخليج ونتج عن ذلك جدول من البحر شق طريقه في الساحل مسافة طويلة . أطلق الأقدمون عليه بالمكسر والمتأخرون خور مكسر والمكسر هو بقايا مصب وادي تبن الأصلي أو احد شعابه قبل إن تتحول مياهه للري فيختفي في الصحراء قرب قرية العماد ويذكر عبد الله محرز في كتابه العقبة أنه عندما فاضت مياه الوادي في 1981 م عاد إلى مصبه الأصلي وجرف المملاح وصب في المكسر ويعرف المكسر بأنه واد أسال الماء معاطفه فجرفه ويبعد المكسر عن جبل حديد ميل ونصف ولكن التحصينات الحديثة اخفت القناطر. حجيف باتجاه شرقي يقع نتوء في البحر ومرسى صغير صار الآن ميناء لاصطياد الأسماك وتؤكد المصادر إن اسم حجيف في خرائطه وتقاريره بالإضافة إلى مصادر أخرى ذكرت هذا الاسم ويتمتع بموقع مهم بين سلسلة الجبال كما يعد ميناؤه محصنا من الريح كما ورد في مذكرات جاكوب. الشيخ عثمان سميت بهذا الاسم نسبة إلى الوالي المقبور في الناحية الشمالية الشرقية منها ويدعى الشيخ عثمان بن محمد الوكحي الزبيري وهي مدينة بدأت كقرية متواضعة نشأت حول ضريح ومسجد في النصف الأول من القرن الحادي عشر الهجري السابع عشر الميلادي اتسعت هذه القرية بسرعة مذهلة في أعقاب الحرب العالمية الثانية وترامت قراها ومستوطناتها ووصلت شرقاً إلى العماد وغربا السائلة وطغت على دار سعد شمالاً وجميعها أحياء من مدينة الشيخ عثمان ولقد نشأت في الشيخ عثمان حركات دينية غريبة على تراثها وحركات تبشيرية ومذاهب قديانية وبهائية تسامحت في استضافتها وتركتها تتعايش بحرية فيها وعندما زالت ظلت الشيخ ثمان صامدة ومتمسكة بتراثها اليمني العربي الإسلامي . تاريخياً كانت الشيخ عثمان تحت سيطرة العبادل وهم سلاطين لحج وذكر حمزة لقمان في كتابه عدن وجنوب الجزيرة العربية إن الشيخ عثمان اشتهرت بصناعات منها صناعة الملح والمآزر وصباغة الملابس وحرق الآجر وصناعة الأواني الطينية المحروقة وعصر السمسم ودرس القطن لاستخراج الدهن واستخراج الخل من أشجار الحسوة والسمك المجفف من البريقة و أخيراً صناعة الزيت وفي عام 1878م اشترت حكومة عدن الشيخ عثمان من السلطان فضل بن علي محسن بهدف صيانة المرسى وإذ يلزم إن يمتد خط الحدود من الحسوة إلى العماد . الساحل الذهبي هذا الموقع قريب من منطقتي التواهي والمعلا وهو مقصد هام للسكان المحليين والزوار اليمنيين والأجانب ويقع هذا الشاطئ خرطوم الفيل وهو عبارة عن رأس أو نتوء نتج بفعل عوامل بركانية وفعل عامل التعرية الطبيعية عبر أزمنة عديدة اتخذ شكل الفيل فسمي به وهو عبارة عن صخور متداخلة وصفة كتاب التطور الجيولوجي لبراكين مدينة عدن وعدن الصغرى بأنه عبارة عن قوس طبيعي تكون من جراء تأكل صخور الاسكوريا . ويعد من أجمل الشواطئ اليمنية حيث تميل مياهه إلى اللون الذهبي عند الغروب نتيجة لوجود الصخور البركانية ويقع خلف ساحل جولدمور خليج كونكويست ساحل العشاق . ساحل أبين ويقع في منطقة خور مكسر ويمتد الشاطئ مسافة كبيرة إذ يعد من أطول الشواطئ في محافظة عدن يبدأ الشاطئ من أمام محطة العاقل حتى نقطة العلم ويتميز بروعة منظره. كل هذه السواحل لعبت دورا محوريا في تنشيط الحركة السياحية في محافظة عدن ولقد بنيت الكثير من المنشآت السياحية والبني الرئيسية في تطوير السياحة. متاحف تعتبر المتاحف من أقدم المتاحف في الجزيرة العربية وكانت نواتها في الصهاريج 1930 ثم انتقل المتحف بعد ذلك إلى مدينة التواهي وبعد الاستقلال مباشرة اهتمت الدولة بالعملية الأثرية وكان هناك بعثات سوفيتية وأخرى صينية زودت المتحف بالكثير من القطع الأثرية زمانياً ومكايناً وتضيف الدكتورة رجاء باطويل بان المتحف توسع بعد ذلك وانتقل المتحف في الثمانينات إلى قصر 14 أكتوبر وأصبح المتحف بذلك الحجم الكبير من القطع الأثرية الموثقة وتحكي حلقات من تاريخ اليمن المكتملة ابتداء من عصور ما قبل التاريخ حتى الممالك اليمنية القديمة حيث تم عرض أروع النماذج اليمنية لفن النحت في ارقي تصوراته وإبداعاته ثم افتتح بعد ذلك متحف الموروث البيئي كأول متحف في الجمهورية اليمنية 1992 م وشمل دورات حياة نشاط الإنسان كاملة من الولادة حتى الوفاة وما صاحب هذه الحياة بكفاءة واقتدار يمني خالص والمشاركة بمعارض محلية وخارجية بالإضافة إلى إقامة معارض كثيرة وتتميز القصور التي بنيت في عدن بنمط معماري واحد ذكرته الدكتورة رجاء باطويل بان الطابع البريطاني في البناء واحد في بلدان عربية كثيرة من هذه المدن عدن. الاهتمام بالسياحة لكن مديرة الآثار تنبه إلى الاهتمام والحفاظ على الموروث التاريخي منها والاعتناء بسائلات الطويلة كمنظومة كاملة وإزالة البناء العشوائي منها كونها تؤدي إلى كوارث إذا نزلت السيول بقوة . أيضا إعطاء المدن التاريخية أهمية وأولوية للحفاظ على حضارتها من اجل الحفاظ على السياحة وإصدار قانون يمنع هدم المعالم التي لها مائه عام وعدم البناء في المواقع الأثرية وتحويل المتاحف الموجودة في المدن الرئيسية لأن تكون مؤسسة علمية قائمة بذاتها .