الرئيس الزُبيدي: مشاركتنا في الجمعية العامة للأمم المتحدة لعرض الحقائق على الأرض ونقل تطلعات شعبنا بالاستقلال والسلام    المقالح: الولاية هلاك متعمد لسلطتكم    جدد موقف اليمن الثابت لنصرة فلسطين .. قائد الثورة: مسارنا الثوري مستمر في مواجهة الأعداء    في عيدها الوطني الحادي عشر .. 21 سبتمبر.. ثورة انتصار الإرادة واستعادة السيادة    الرئيس الزُبيدي يصل نيويورك للمشاركة في اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة    تجارب سيادية لا تُنسى: ثروة الجنوب السمكية    في تقرير لها حول استهداف مقر صحيفتي " 26 سبتمبر " و" اليمن ".. لجنة حماية الصحفيين الدولية: "إسرائيل" تحولت إلى قاتل إقليمي للصحفيين    حين تُغتال الكلمة.. وداعاً عبدالعزيز الشيخ    في مهرجان شبابي كشفي شهدته العاصمة صنعاء احتفاءٍ بالعيد ال 11 لثورة 21 سبتمبر..    عبقرية "سورج" مع برشلونة جعلته اقوي جهاز فني في أوروبا..!    الدوري الايطالي: نابولي يواصل انطلاقته المثالية بانتصار مثير على بيزا    نجم باريس سان جيرمان عثمان ديمبيلي يفوز بجائزة الكرة الذهبية لعام 2025    غموض يكتنف اختفاء شاعر في صنعاء    غموض يكتنف اختفاء شاعر في صنعاء    إلى أرواح أبنائي الشهيدين    رئيس مجلس القيادة يصل نيويورك للمشاركة في اجتماعات الأمم المتحدة    حين يُتّهم الجائع بأنه عميل: خبز حافي وتهم بالعمالة..!    الدكتور ياسر الحوري- أمين سر المجلس السياسي الأعلى ل" 26 سبتمبر ":خلقت ثورة ال21 من سبتمبر وعياً وقوة لدى الشعب اليمني    الرئيس الزُبيدي يهنئ القيادة السعودية باليوم الوطني ال95    ثورة ال 21 من سبتمبر .. تحول مفصلي في واقع القطاع الزراعي    لمن لايعرف بأن الإنتقالي الجنوبي هو الرقم الصعب    ريال مدريد لن يرسل وفدا إلى حفل الكرة الذهبية    منارة عدن المنسية.. إعادة ترميم الفندق واجب وطني    صحة بنجلادش : وفاة 12 شخصًا وإصابة 740 آخرين بحمى الضنك    التحويلات المالية للمغتربين ودورها في الاقتصاد    11 عاما على «نكبة» اليمن.. هل بدأت رحلة انهيار الحوثيين؟    مصر تفوز بتنظيم كأس العالم للدارتس 2027 في شرم الشيخ    تعز..تكدس النفايات ينذر بكارثة ومكتب الصحة يسجل 86 إصابة بالكوليرا خلال 48 ساعة    وزارة الاقتصاد: توطين الصناعات حجر الزاوية لبناء الاقتصاد    القاتل الصامت يودي بحياة خمسة أطفال من أسرة واحدة في محافظة إب    قبيلة الخراشي بصعدة تقدم قافلة رمان للمنطقة العسكرية الخامسة    انتقالي مديرية الضالع يكرم طلاب الثانوية المتفوقين للعام الدراسي 2024/2025    لقاء تشاوري بين النيابة العامة وهيئة الأراضي لمناقشة قضايا أملاك الدولة بالوادي والصحراء    سوريا تستسلم.. ونحن وراءها؟    اثنان من الحكام اليمنيين ضمن الطاقم التحكيمي لبطولة كأس الخليج للناشئين    نائب وزير الإعلام والثقافة والسياحة ومدير صيرة يتفقدان أعمال تأهيل سينما أروى بصيرة    صحة البيئة بالمنصورة تشن حملة واسعة لسحب وإتلاف "شمة الحوت" من الأسواق    وفاة خمس نساء من أسرة واحدة غرقا في أبين    خبير طقس: اضطراب مداري يتجه تاثيره خلال الساعات القادمة نحو خليج عدن    عدن.. البنك المركزي يكشف عن استخدامات المنحة السعودية ومستقبل أسعار الصرف خلال الفترة القادمة    هبوط جماعي للأسهم الأوروبية!    "إنهم يقومون بكل الأعمال القذرة نيابة عنا"    اجتماع للجان الفنية لدمج وتحديث الهياكل التنظيمية لوحدات الخدمة برئاسة الحوالي    براءة العلويين من البيع والتنازل عن الجولان لإسرائيل    الراحلون دون وداع۔۔۔    برشلونة يواصل ملاحقة ريال مدريد    السعودية تسرق لحن زامل يمني شهير "ما نبالي" في عيدها الوطني    عبد الملك في رحاب الملك    التعايش الإنساني.. خيار البقاء    على خلفية إضراب عمّال النظافة وهطول الأمطار.. شوارع تعز تتحول إلى مستنقعات ومخاوف من تفشّي الأوبئة    على خلفية إضراب عمّال النظافة وهطول الأمطار.. شوارع تعز تتحول إلى مستنقعات ومخاوف من تفشّي الأوبئة    الكوليرا تفتك ب2500 شخصًا في السودان    موت يا حمار    العرب أمة بلا روح العروبة: صناعة الحاكم الغريب    خواطر سرية..( الحبر الأحمر )    في محراب النفس المترعة..    بدء أعمال المؤتمر الدولي الثالث للرسول الأعظم في صنعاء    العليمي وشرعية الأعمى في بيت من لحم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مبدعون: الموت شيء عابر..!!
للبوح بقية..
نشر في الجمهورية يوم 14 - 08 - 2014

ليس حدثاً عادياً أن يُذبح إنسان, وبدم بارد, وبيد لا يبدو عليها الارتعاش, أو الرهبة أو الخوف, حادثة في سلسلة من حوادث مروعة, أثارت الفزع والاشمئزاز مؤخراً, كما أنها تصب في خانة أفعال تنال من الإنسانية والكرامة والمواطنة, فعل القتل فيها بدا أكثر إصراراً على حصد الفرح من حياتنا وقهر الإبداع والابتكار, ومسح الحق والخير والجمال من حياتنا, التي بالفعل لن يستطيعوا القضاء عليها, مهما أفعالهم كانت شنيعة ومقززة, فهي لا تدل إلا على بذرة حقدهم وجذوة نارهم, التي لا بد أن تحرقهم في النهاية..
حوادث لن تغادر المخيلة بسهولة, سيظل وقعها جاثماً غصة وألماً يعايشه المبدع, ويحيا تفاصليه المفجعة, والمؤلمة, فيها يقرأ الوطن ويتملا كل زاوية فيه, قد يندهش للفراغات وسحب الدخان التي تتعالى بفعل الحرائق التي تريد أن تلتهم مساحات العشق والبوح والألق.. لكنه يظل خالقاً لليوتوبيا, الوطن الحلم, الذي سيستظل تحته الجميع سواسية بمواطنة وعدالة وحب.. ففي ظل ما يعتمل اليوم من زيادة كمية القتل واتساع الخراب.. بقي أمل للحياة نعايشها هنا في ثنايا التطوح في حضرة الحرف الخلاق بحثاً عن سعادة, لا نريد أن نخطئها من جديد.. لذا لا بد للبوح من بقية وأمل فالموت شيء عابر هنا.. لا بد أن يكون عابراً لأننا عشاق للحياة بامتياز وإن تغلغل التشاؤم قليلاً..
ذوبان
البداية كانت مع يحيى الحمادي, الشاعر الذي يتدثر في حواف حروفه شيء اسمه “الوطن” إذ لا يخفي هواه, ويريد أن يذوب فيه, فيؤجله ليعيش حالته الراهنة متوحداً ومجسداً الموات السريري, في آهات تغلف المخاوف من التدهور والموت الكلي لبلاده التي غدت مقعدة لا حراك لها:
بِوُدِّي أنْ أَذُوبَ هَوًى, و لكنْ
بلادِي في السَّرِيرِ.. ولَم أَزُرْهَا ..
أَرَانِي كُلَّمَا وَجَّهْتُ قَلبي
إِلَيهَا وَجَّهَتْ خَوفًا و كُرْهَا ..
فَمُرْهَا يا هَوَى بالرِّفقِ حَتّى
أُسَمَّى عَاشِقًا _كالنَّاسِ_ مُرْهَا
فهذا النص المكتمل ألماً أبرزته أحرف “الياء والهاء” لما يحملانه من تكسر واضح وتهدج فاضح للمأساة, لذا نراه في نص آخر يقترب أكثر من التشخيص المر للوطن الذي يذبح عياناً:
أُخْفِي عَنِ الأَشواقِ مَا بِي,
و بي تَنهِيدَةُ المَذبُوحِ فِي جُمعَتِهْ ..
لا تَرفَعِي عَينَيكِ عَن دَمعَتِي
قَد يُقرَأُ الإنسانُ مِن دَمعَتِه
غربة
الشاعر أسامة المحوري معترفاً بالحالة التي نعيشها لكن يبقى الأمل, فصحيح أن المبدع يعيش غربة كبيرة في وطن كوطني, إذ هو في نظري أشد الناس عناء وأكثرهم هماً وأعظمهم مسؤولية, ومع هذا فلا بد أن يظل المبدع باحثاً عن النور في قلب العتمة, منتزعاً للأمل من فك اليأس.. على المبدع أن يعيش حادياً للركب برغم الألم الذي يعتصره, ما زلت مقتنعاً أن وطناً كوطني مازال يبشر بقادم مشرق وضاء, ولذلك سأظل أهتف مع البردوني:
لكنها رغم بخل الغيث ما برحت
حبلى وفي بطنها قحطان أو كربُ
دعنا نغني للحياة للحب للجمال, فالموت شيء عابر والحياة هي الأصل, الفقر, الحرب, كل هذه الأمور ستنتهي إذا وجدت العزيمة الصادقة والقلم الهادف والنقد البناء والتلاحم الصادق وهذا ما نرجوه بإذن الله..
هلامية
الكاتب والأديب أحمد العرامي وهو في محل الوصف لجلال بلعيد ممثل القتل والإرهاب يقول: إذ يقرأ القتل بوحشية بأنه يختصر عصوراً من التوحش والعدمية، في حالة ارتداد إلى ما قبل الإنساني، بل إلى ما هو أقل من الإنسان، وهي مسافة كبيرة ومهولة، لكنه يقطعها بسرعة الضوء ذاتها التي يتحول عبرها إنسان من كرة القدم إلى القتل، وبأبعاد يجسدها مشهد لكائنات من الهلام والأقنعة وعصور ما قبل الظلام، تظهر في فيديوهات بتقنيات الألفية الثالثة: الكرة، حتى التاريخ وهو يحفل بأشد مفارقاته حين يقول إن كرة القدم بدأت من لعب المحاربين القدامى برؤوس القتلى، ما زال يسخر في داخله، فاللعبة الأكثر متعة وخفةً، لا يمكن أن تكون ظلاً لهذه السخرية بالإنسان، أما ما تحمله بطبيعتها (باعتبارها مواجهة من نوع ما)، فيغدو مجازاً لا أكثر ولا أقل، سيختزله شاعر مثل درويش وهو يتحدث عنها واصفاً إياهاً ب (أشرف الحروب).
اعتراف
انعدام الحب و تكدس الكراهية في القلوب لا يمكن أن يُنتج حياةً, فكرامة النص لم تذبح, فهو حين يغدو نصاً هارباً من واقع الحياة حينها يُصبح نصاً لا حب فيه هنا فقط يصبح نصاً بلا كرامة.. هذا ما يراه الشاعر محمد الحريبي.. فيبدو كل ذلك جلياً في نص للشاعر فخر العزب الذي يقول:
ذبحناك. .
سالت دماؤك منا
ونحن شربنا ولكننا أبداً
ما ارتوينا
بكيناك. .
ساحت دموعك
من حدقات الهوى والعيون
وجفت دموع الظلال سريعاً
وعدنا لنطعن فيك البهاء.
فيبدو الجرم والشعور بالذنب مشتركاً أبرزها الشاعر معتذراً وربماً باحثاً عن الصفح والمغفرة..
أشباح
وإن كانت اليد القاتلة والآثمة هي يد أخرى شخصها الشاعر صدام المقطري بتكثيف لغوي بارز:
تلك اليد التي ذبحت
ليست آدمية
لم يجر في عروقها دم إنسان
لم يدفعها يوماً دافع الإسلام
تلك اليد التي ذبحت
يداً مضرّجة بالدم
يملؤها شهوة آثمة
لاهثة للامتصاص
كما الأشباح ..
معلقاً عن ذلك قائلاً: ما كان للإسلام أن ينتشر في الأرض لولا سماحته وإنسانيته واعتداله وعَدله, أما “ الشياطين” ممن ارتكبوا تلك المجزرة المؤلمة لا يعرفون الإسلام حق المعرفة, وإلا لما تجرأوا للإقدام على هكذا فعل شنيع.
صراع
الشاعر جمال العامري يقرأ الأمر من زاوية أخرى يصفها بالصراع فما يحدث اليوم من قتل ودمار ما هو إلا صراع محموم للبقاء بين الخير والشر, أو بين الحداثة والتمدن من جهة, وبين القديم المتخلف وسيكون النصر بالنهاية لقوة الحداثة والتجديد وبالفعل لم أشعر بالتشاؤم والأسى.. بدوره القاص حامد الفقيه يقول عن هذه المذبحة وغيرها: أمام مشاهد الدم وفظاعة الذبح أجدني مطوقاً بالحزن ما ينوء عنه يعقوب الكظيم...
أمل
لكن لا بد من قراءة الموضوع بأنه سينتهي وسيزول يوماً لأن الحب هو المنتصر إذ يقول الفقيه: حينما تقتحمك كل هذا القبح وتطوقك تلك البشاعة يختنق الأمل لا شك ويستحكم السواد والحزن .. لكنه يتولد الأمل من رحم أوجاعنا وتنعتق الآمال.. لأنه ليس لنا الأمل والحلم والحرف, وسنجد يوماً هذا السواد ذبيحاً بعد أن يكون طريداً .. وما فظاعة ما ارتكبه هؤلاء المجرمون إلا دليل ضيق الأطر وانكشاف للسوأة... مؤمنون بالحياة والحب والحرف والسلام أكثر إيماناً من قبح هؤلاء وقبحهم ومواتهم...
يقين
الشاعر إسماعيل القبلاني يقول عن ذلك: عندما يموت الوطن وتموت في أبنائه الكرامة الإنسانية.. يذبح أبناؤه بالسكاكين كما حدث في حادثة ذبح الجنود في حضرموت.. ونلتمس من أن اليقين هو ما يفصل بين الحقيقة والشك, ما يكمن القول عنه بأن رؤوس الجنود التي فصلت عن أجسادها كانت اليقين لحقيقة أن الوطن مات وماتت فيه كرامة الإنسان اليمني.. ولا أبشع من ذلك إلا الذين ماتت كرامة إنسانيتهم وأبشع أنهم يتناقلون الحادثة كخبر وحديث وكأن ما حدث مسألة ستمضي وكأن السكاكين ستذبح آخرين غيرهم ..لكل من تعتريهم بساطة ساذجة لتناقل الحدث: ماذا لو كنت أنت من سيذبح غداً..
وطن الذبيحة
والسكاكين الجريحة
والرؤوس بلا رقاب
في موطني
من حق من هذا العقاب..!
أرواح
الشاعر أحمد الجهمي, الذي يرى بأن للمبدع أرواحاً شتى, روح للحب, وروح للغضب، روح للتأمل، وروح للغناء .. ولا يمكن أن يذبح النص في داخله.. ? الذات، إنما قد يذبلان كقلب صاحبهما حيناً، ليملآن سماوات الإبداع جما?ً, فلو? عشبة ا?لم ما فاح ا?مل في الضلوع لتتلو السماء سفر الضوء.... نعم ما زالت هناك حياة للعشق والحب والبوح، أما الشر فهو وقرينه الخير يشك?ن الحياة بنعيمها وجحيمها.
اعتراف
في الأخير بشير الصلوي وإن بدأ أكثر تشاؤماً يقول: كنت أحاول أن أكتب قصيدة في هذا الموضوع ولكني لم استطع.. أعترف أمام نفسي لم استطع أن أكتب لا توجد كلمات تصف ما يحدث عاجزة هي العربية, وعقيمة في هكذا مواقف.. الموت فقط هو من يتحدث هو من ينطق.. تحسس راسك عليك أن تتحسس رأسك كل لحظة أنت في وطن الموت لا شيء لشعر لا شيء للقصيدة وحدها الشفرات هي من تنطق..


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.