شهراً بعد شهر وعاماً تلو عام تتفاقم أزمة الموظفين المنتسبين لجامعة تعز ممن حصلوا على شهادات أكاديمية عليا دون استيعابهم أكاديمياً هذه الجامعة.. عددهم (52) وتخرجوا عبر دفع متوالية وسنوات متعاقبة منذ العام 2008م وحتى العام 2013م ناهيك عن آخرين لم تصدر لهم فتاوى وظيفية لكننا في هذا التحقيق سنكتفي بنقل معاناة المتخرجين ال (52) وكشف أسباب عرقلة تسويتهم المالية والأكاديمية من واقع وقفاتهم الاحتجاجية في حرم الجامعة منذ شهر وحتى اليوم دون أن تتجلى أمامهم حلول أو وعود .. وكذا موقف رئاسة الجامعة.. بداية التقينا الدكتور / سمير الصغير (مناهج وطرق تدريس تكنولوجيا التعليم ): أولاً نشكر صحيفتكم المحترمة على تغطية اعتصامنا ووقفتنا الاحتجاجية هذه, ثانياً أود أن أصارح الجميع عن حقيقة الشعور الذي تسرب إلى أنفسنا عن دوافع عرقلتنا, فالمسألة ليست في عرقلتنا نحن تحديداً في تعز, وإلا فلماذا عالجت جامعة عدن واستوعبت وعلى مدار أربع سنوات 1900 من داخلها ومن خارجها من حملة الشهادات العليا, وبماذا نفسر أيضاً استيعاب جامعة الحديدة من نظرائنا لعدد 48 موظفا من داخلها ومن خارج الجامعة, أما جامعة صنعاء فعالجت ( 400) آخرهم (15) قبل 3 أشهر, وكذلك الوضع في سهالة وبلا عراقيل في جامعات البيضاء وحجة ووو ... فأين هي عاصمة الثقافة التي ندعيها !. يضيف الدكتور سمير: نعلم سلفاً أن رئاسة جامعة تعز ستعلل لكم بأنها غير ملزمة باستيعاب ومعالجة أوضاع ذوي التخصصات العلمية غير المطلوبة, لكنني أتساءل: لماذا قامت الجامعة بالتعاقد مع أستاذ جامعي (قدم من خارجها) ويحمل ذات تخصصي قبل ستة أشهر فيما رُفضتُ وأنا المنتسب إلى الجامعة منذ عقدين !. لدينا فتاوى ومن مركز اللغات بجامعة تعز تتحدث إحدى المعتصمات للمطالبة بالتسوية ( ليبيا محمد عبدالودود العريقي) وقد تخرجت ماجستير في اللغة العربية سنة 2011م .. تمضي قائلة : العجيب في الأمر أن لدينا فتاوى قانونية من الخدمة المدنية, وكلما توالى متخرجون أمثالنا لم تمانع الخدمة المدنية من إصدار فتاوانا, لكن الجامعة ترفض على الدوام إصدار قرارات تعيين متجاهلة مذكرات وزارتي الخدمة المدنية والمالية بضرورة إصدار قرارات التعيين, وفي كل عام وبدءاً من العام 2010م شكلت رئاسة الجامعة لجاناً تلو لجان لحل مشكلتنا, إلا أن جميع تلك اللجان باءت بالفشل. د. زبيدة الضالعي.. مناهج وطرائق تدريس العلوم وتكنولوجيا التعليم.. قالت : في حالة وجود درجات أكاديمية للجامعة نتفاجأ بأنها تُمنح لأشخاص من خارج الجامعة ولا تنطبق عليهم الشروط, لكن الموظف في جامعة تعز حتى وإن استوفى جميع الشروط الأكاديمية فإنه يمنع من المنافسة والمفاضلة المزعومة في الحصول على التسوية الوظيفية, وذلك لأن الدرجات تأتي مفصلة لأشخاص معينين, ويتم التلميح له بأنه لن يتم تسوية وضعه طالما وهو لا ينتمي إلى أحد الأحزاب المسيطرة على مجلس الجامعة , وعبرها يكون التعيين لمن يروق لهم. عناد دينا أحمد غانم الدبعي .. تمهيدي دكتوراه 2013م: قضيتنا هي إحدى القضايا التي تعانيها تعز, وهي قضية حقوقية بامتياز, ونطالب من بيدهم القرار بالنظر إلى مطالبنا التي نُظر إلى مثلها في الجامعات اليمنية الأخرى بناء على قرارات رؤساء الجامعات وبموافقة وزارة التعليم العالي, فلماذا كل هذا التعنت والإقصاء! الظلم ظلمات كما تحدث في هذا التحقيق الدكتور. أحمد حسن خالد الحاصل على الدكتوراه في الصحة النفسية من جمهورية مصر العربية سنة 2011, بالقول: درسنا في جامعات عريقة بمصر واخترنا التخصصات العلمية المطلوبة في البلد ( الصحة النفسية ) بدلاً من التخصصات الرائجة والمكدسة, لكن صد جامعة تعز لنا كان مريعاً رغم أننا أبناء الجامعة, واليوم نعيش أوضاعاً معيشية مزرية, وأصبحنا نخجل أن ينادينا الناس في الحي ب : يا دكتووور , فيما نغدو إلى منازلنا «يد وراء ويد قدام»لا نقوى على مواجهة أدنى حاجيات أبنائنا الذين تركناهم صغاراً وصاروا اليوم شباناً فاقدي الثقة بجدوى التأهيل العلمي بعد أن عدنا لهم بشهادات عليا لا تغني ولا تسمن من جوع, ونقولها علنًا لرئاسة الجامعة والنقابة الأكاديمية المبجلة: الظلم ظلمات يوم القيامة, ونسألهم : ما الفرق بيننا وبين المزدوجين وظيفياً الذين قبلوا وهم لا تنطبق عليهم الشروط التي تواجهون زملاءنا بها فقط ! وأتساءل أيضاً : لماذا وافقتم بتسوية الدكتورة (....)والدكتور(....) خلو الطبق مغلقاً أحسن, فلدينا الكثير والكثير من الحالات المخالفة لشروط القبول والتسويات الأكاديمية سنكشفها في حينها أمام الجهات التي ستنصفنا من ظلمكم ومعاييركم المزاجية. فقدان الأمل ومن حيث انتهى الدكتور أحمد حسن خالد يبدأ زميله الدكتور / أنور الشاذلي قائلاً : صحيح أن العام لم ينطو على تخرجي من جامعة القاهرة لكن سبعة أشهر ليست هينة عليّ ولا على أطفالي براتب (23) ألف ريال, فماذا أقول لابنتي التي تدرس في كلية الطب إن عجزت عن إعطائها الألف ريال يومياً ! والأمر من ذلك: كيف سأقنعها وأقنع باقي أبنائي بجدوى الدراسة والتأهيل العلمي العالي ووالدهم مر عليه عام وربما أكثر براتب المجاز علمياً 23 ألف ريال, والأمر من ذلك أن تخصصي العلمي ( علوم أراضي ومياه وبيئة ) من التخصصات المقررات التي تدرس في كل التخصصات والكليات العلمية, على اعتبار أن الشأن البيئي شأن يهم العالم كله. وعن عموم مشكلتنا مع جامعة تعز لابد من التأكيد أننا حملة المؤهلات العلمية أصبحنا غير قادرين على إيصال رسالة إلى الجيل القادم طالما ونحن ما نزال نعاني من الهيمنة الحزبية المقيتة والمحاصصة والاستقواء بالنقابات التي تسيطر على العمل الأكاديمي في الجامعة, وما يحزننا ويؤلمنا كثيراً أثناء تواجدنا في الحرم الجامعي للعمل والتابعة , أن هذا الدكتور (س) أو (ص) ما يزال يرانا كموظفين إداريين أو فنيين تماما كما كنا في السابق ولا يريدون أن يتعاملوا معنا كزملاء , وهذا ما يدفع بعضهم إلى استبعاد أحقيتنا في التسوية الأكاديمية مثلهم تماماً متناسيين أن الكثير منهم استوعبته الجامعة بلا شروط صارمة يواجهها زملاؤنا حالياً , أما أنا والحمد لله فقد حصلت على تقدير امتياز , لكنني لن أتخلى عن زملائي المعتصمين. يضيف الدكتور الشاذلي: هناك الكثير من زملائنا المتميزين علمياً كالدكتور عبده سفيان الحاصل على دكتوراه في علوم الحاسوب من ألمانيا ويجيد ثلاث لغات ( ألماني, إسباني, إنجليزي ) رفض مجلس الجامعة تسويته أكاديمياً, ورمي به فني حاسوب في كلية العلوم وتمارس في حقه خصميات وأقساط وخلاف ذلك !. مراكز بحثية عبثية الأستاذ يونس سيف عبدالقادر( ماجستير كيمياء عضوية عدن ) يكشف للصحيفة زوايا أخرى لأبعاد المشكلة بقوله: لدى جامعة تعز أكثر من (10) مراكز بحثية وتعليمية عبثية ليس في كل منها سوى مدير ونائب ! وقليل من الموظفين ! أما الباحثون الأكاديميون من أبناء الجامعة فلا وجود لهم, وبالمقابل يتم استقدام باحثين أكاديميين من خارج الجامعة وأحياناً مدرسون من المدارس (بك) في حين يتم عرقلتنا باستيعابنا في تلك المراكز التي تمنح حوافز لا بأس بها تميز الباحثين عن الإداريين, فبعد أن صدرت القرارات والتوجيهات العليا باستيعابنا فيها استبشرنا خيراً لدرجة أن من بيننا من مضى يعلن عن فرحته ورضائه بالتعيين فيها بدلاً من التدريس قائلاً: لا بأس سنواصل دراستنا لننال الأستاذية طالما الوقت متاح لنا أكثر من التدريس ! حينها جن جنون بعض أساتذة مجلس الجامعة المسيطرين عليه فما كان منهم إلا إجهاض التحاقنا بتلك المراكز ! فلم نعد ندري من أين نأتي إليهم و(نتخارج) من جبروتهم , من اليمين أو من الشمال ! حاصرونا تماماً ! . مبررات رئاسة الجامعة استكمالاً لهذا التحقيق الصحفي تواصلنا مع أ.د محمد الشعيبي رئيس جامعة تعز، والذي أورد عدة مبررات لعدم تسوية أوضاع موظفي الجامعة الحاصلين على مؤهلات علمية عليا... وهي على النحو التالي: 1 تقدمنا إلى وزارة المالية لطلب درجات وظيفية بطريقة “ الخفض والإضافة” (10) منها للدكتوراه + (10) أخرى للماجستير، لكن المالية رفضت اعتماد درجات. 2 مجلس الجامعة أقر في عديد اجتماعات بعدم قبول أحد من أولئك ال “52” أو غيرهم إلا بإعلان مفاضلة ولا يوجد قانون يلزم أي جامعة ويفرض عليها فرضاً أن تستوعب وتسوي أوضاع كل من يحصل على شهادات عليا ومتنقلة إجبارياً من العمل الإداري إلى الأكاديمي فالمسألة ليست بهذه السهولة والجامعة من حقها أن تختار من تشاء وبحسب إعلان المفاضلة وبحسب التخصصات التي تحتاجها سواء أكانت التخصصات من داخلها أو من خارجها...بمعنى أن الأولوية في التوظيف الأكاديمي للتخصص المطلوب وللتقدير العالي سواء أكان المتقدم من المنتسبين إلى الجامعة أو قدم من خارجها، وهذا هو مبدأ “العدالة والمواطنة المتساوية” الشعار الذي يرفعه المعتصمون ضد رئاسة الجامعة. شعارات يريدون بها باطل ويستطرد رئيس جامعة تعز.. لكن الأخوة ومع كامل احترامي وتقديري لهم ما يزالون يرددون ويحملون شعارات جميلة وصادقة لكنه يريدون بها باطلا.. يريدوننا أن نكرر الأخطاء التي كانت تحدث في الماضي بضغوطات وتوجيهات عليا بقبول فلان أو علان بلا شروط مفاضلة من شأنها الرفع من مستوى التحصيل العلمي لجامعة تعز، لكننا اليوم نعلنها صراحة: لسنا حريصين على كراسينا في رئاسة الجامعة إذا كانت الضغوطات ستعيق طموحنا لتقويم المسار الأكاديمي للجامعة، ولن نقول أن نُقارن حتى بباقي جامعات اليمن قاطبة التي يدعي المعتصمون أنها سوت أوضاع منتسبيها وذلك لقناعتنا التامة والراسخة بأن تعز “عاصمة الثقافة” لابد أن يتوفر لها المناخ العلمي السليم لترقى إلى موقعها الثقافي الذي نحن مطالبون به قبل غيرنا من خلال الحرص على انتقاء أفضل الكوادر العلمية للتدريس في الجامعة. القانون ويضيف د. الشعيبي: لا يوجد قانون ينظم مراكز البحث العلمي لكن القانون خول رئاسة الجامعة وضع الآلية المناسبة لتلك المراكز مالياً وإدارياً بحسب ما هو متاح إلى أن يقر المجلس الأعلى للجامعات اليمنية قانون المراكز حينها ستتضح الرؤية بشأن الاستحقاق المالي الأكاديمي والإداري لمراكز البحث العلمي لكن المعلوم أيضاً وما هو معمول به عالمياً أن الكوادر الأكاديمية العاملة في مراكز البحث العلمي لا تقل كفاءة وأهمية إن لم تكن أكثر من الكوادر التعليمية في الجامعة ولهذا لسنا مجبورين أيضاً على استيعاب ال«52» متخرجاً في مراكز البحث العلمي العشرة دون أن يخضعوا لإعلان مفاضلة.. وأخيراً: المالية من أسباب العرقلة لابد أن أشير أن وزارة المالية هي من أسباب العرقلة فتراها تحملنا المسؤولية مطالبة من الجامعة قرارات تعيين في حين تضيق الخناق على الجامعة في كثير من البنود المالية “الإفاضة أو الإحالة” من بند إلى آخر بالتدخل المباشر دون مراعاة الاحتياج الطارئ لمثل هذه الاعتمادات المالية التي يطالبنا بها المعتصمون ال “52” وعلى سبيل المثال قامت وزارة المالية بمصادرة “37” مليون ريال “بند أمانات”.. وعلى ذلك قس مدى الارتجالات والتعسفات التي تواجهها الجامعة من المالية التي تطالبنا بالميناء دون أن توفر لنا بحراً!. الحوار هو المطلوب أخيراً يختتم أ.د محمد الشعيبي قائلاً: نرفض سلوك بعض المعتصمين أمام طلبة الجامعة بالميكرفونات والأغاني التي تقلق الطلبة المتقدمين لامتحانات القبول داخل الجامعة!. ولا ننسى توجيهات فخامة رئيس الجمهورية صراحة ولكل المرافق والمؤسسات الحكومية بعدم التوظيف أو تحميل الموازنة العامة عبئاً أكثر ولن نيأس من إعادة المحاولة في سبتمبر الجاري.. بحسب الشروط الواردة في قانون الجامعات المهم أولاً وأخيراً أن نحكم عقولنا ونحتكم للحوار والعقل وإعلان المفاضلة لا بالإصرار والعناد والاستقواء بالاعتصامات لفرض جميع من لا تحتاجهم الجامعة تحت شعار “المواطنة المتساوية”.