احتفلت اليمن مع سائر الشعوب العربية والإسلامية أمس بذكرى الهجرة النبوية الشريفة وحلول العام الهجري الجديد 1436 هجرية على صاحبها أفضل الصلاة وأزكى وأتم التسليم. وأحيت عدد من المساجد في مختلف محافظات الجمهورية هذه المناسبة الدينية العظيمة بإلقاء محاضرات دينية وخواطر إيمانية ومواعظ عن الدروس والعبر من هجرة المصطفى «صلى الله عليه وسلم» وما شكلته من تحوّل كبير في تاريخ الأمة . وفي العاصمة صنعاء نظمت وزارة الأوقاف والإرشاد بالتعاون مع مكتبها بأمانة العاصمة مساء أمس بالجامع الكبير بصنعاء احتفالاً دينياً بالمناسبة بدأ بآي من الذكر الحكيم الذي تلاه عضو بعثة الأزهر الشريف الشيخ نشأت الجوهري. وتحدث أصحاب الفضيلة العلماء محمود المختار والدكتور محمد عويس والدكتور الباز الدميري والشيخ فؤاد ناجي عن الهجرة النبوية الشريفة وما تشكله من منارة في تاريخ الأمة الإسلامية والمحطات التي تجلت فيها قيم ومبادئ الشريعة الإسلامية السمحة التي ينبغي لأبناء المسلمين تعزيزها في أوساط المجتمع. واستذكر العلماء في الاحتفال سيرة الرسول العظيم عليه الصلاة والسلام وهجرته إلى المدينةالمنورة من أجل إعلاء كلمة الله وتشكيل أول نواة للدولة الإسلامية وإرساء دعائمها ووضع دستور عظيم هو القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة. وأوضحوا أن الهجرة النبوية الشريفة للرسول الكريم عليه الصلاة والسلام تحمل في طياتها وكل خطوة من خطواتها معجزة، وأن أهم الدروس المستقاة منها ربط الهجرة بالواقع، خصوصاً ما يتعلق بالإيثار والتضحية والفداء والشجاعة والصبر والحكمة .. مؤكدين أهمية الاستفادة من الدروس والعبر لهذا الحدث الكبير وكذا الاستفادة من المعاني الإنسانية العظيمة لمعالجة المستجدات والتطورات والآثار السلبية التي يعاني منها الجميع. وتناول المتحدثون باستفاضة الذكرى العطرة ودلالاتها وأهميتها في حياة الأمة والبشرية قاطبة ونتائجها وآثارها الإيجابية في ترسيخ وتأسيس دولة الإسلام ومداميك المجتمع المسلم القائم على الأخوة الصادقة ورابطة الدين والعقيدة ومبادئ الوحدة والنصرة والتكافل والمحبة. وأشاروا إلى أن الهجرة النبوية مثلت مرحلة هامة وحاسمة في تاريخ الإنسانية وأعلنت ميلاد عهد جديد عنوانه تحرير النفوس من أمراض الجهالة وتسلط الطواغيت إلى نور العلم والإيمان في ظل قيم المحبة والتسامح بين كافة أفراد المجتمع .. معتبرين الهجرة تمثل منهج حياة وعقيدة إلى قيام الساعة يجب العمل على ترسيخ مبادئها في نفوس المؤمنين وتطبيقها في واقع الحياة والتحذير من هجر القرآن الكريم والسنة النبوية، وضرورة المتابعة والالتزام بما ورد في الكتاب والسنة قولاً وعملاً. واستعرض العلماء واقع الأمة اليوم والتحديات التي تواجهها لا سيما دعوات بعض المسلمين لتمزيق وحدتهم وانسياق بعضهم وراء دعوات التشدد والتطرف والحزبية والعصبية والمذهبية والتي لا تخدم سوى أعداء الأمة .. مشددين على ضرورة توحد المسلمين فيما بينهم، كون الإسلام دين عزة وكرامة وإخاء وتسامح يدعو إلى وحدة الصف ولم الشمل ويحض على نبذ الفرقة بمختلف أشكالها والتي يسعى من خلالها الأعداء إلى تفتيت أوصال الأمة. كما شددوا على حرمة الدم المسلم وقتل النفس والاعتداء على الممتلكات والمكتسبات الوطنية على اعتبار أن ذلك يتنافى مع تعاليم الشريعة الإسلامية والسنة النبوية التي تدعو إلى التحلي بروح المسؤولية والأخلاق الفاضلة .. داعين إلى ترجمة القيم والمبادئ الخيرة في نفوسنا والتصدي للسلوكيات الخاطئة عبر بث الوعي الديني والسلوك المجتمعي الحميد لمواجهة كافة أشكال العنف والتطرف والحفاظ على الأمن والاستقرار والسكينة العامة. واختتم العلماء حديثهم بالدعوة للجميع بتغليب المصالح العامة على المصالح الذاتية وتعزيز ثقافة المحبة والأخوة بين أبناء المسلمين بعيداً عن العنف والتشدد .. مبتهلين إلى الله سبحانه وتعالى أن يحفظ اليمن من كل سوء ومكروه ويبعد عنه شر الفتن ما ظهر منها وما بطن.
