واقع غابت فيه كل المشاهد, أدبية كانت أو ثقافية أو فنية, وتسيد فيه المشهد السياسي بكل قتامته وسوداويته, إلا من أصواتٍ تأتي بين الحين والآخر لتكسر الرتابة والجمود والتخوف من القادم, بل وتبدد القتامة قليلاً بأن القادم سيكون مبتسماً لا محالة, فهي أصوات تنبئ عن فردية أكثر مما هي جماعية, لحالات لو كتب لمثيلاتها الظهور والاهتمام, لكانت اليمن قبلة للفن والإبداع والابتكار. ومن المؤسف أن إنجازات تمرّ دون اهتمام يذكر أو احتفاء, أو حتى المشاركة بالاحتفاء من باب التكريم والتقدير, فكثيراً ما نسمع عن تكريم لمبدعين يمنيين هنا وهناك في مجالات عدة علمية وأدبية, فمؤخراً تم تكريم مبدع يمني في المغرب في مجال الشعر, وهو المجال الذي نتربع نحن اليمنيين عرشه منذ القدم, وإلى اليوم, والمشكلة أننا لا ننقر أو نعترف بذلك. ذكرى أبو تمام الذي له ذكرى عطرة في مسيرة أدبنا اليمني, إذ به نتذكر عبدالله البردوني, شاعرنا الأشهر في مهرجان المربد وقصيدته الخالدة “أبو تمام وعروبة اليوم” ليأتي الشاب أحمد الجهمي الذي شارك وكرم من مؤسسة البابطين في المغرب، التي تعد من أكبر المؤسسات الثقافية العربية, وذلك في مهرجان أبي تمام، حيث حضر المهرجان أكثر من 700 شخصية أدبية عربية. نجاح وهو نجاح يمثل الكثير للمبدع والمثقف اليمني لشاعر يفتح بوابة الأمل على مصراعيها وأن هناك ما يستحق الحياة لأجله, علماً بأن الجهمي قد شارك في مسابقات سابقة لعل أبرزها “صدى القوافي” البرنامج الأشهر في قناة اليمن الرسمية, وفي سيرة حياته, أن لديه ديوانين جاهزين للطبع, وفي انتظار ذلك, مثله كمثل مبدعي هذا الوطن ممن تنتظر إبداعاتهم الخروج والكشف عن نفسها وهو ما نتمناه. تكريم الجهمي, الذي شرف اليمن, وكان حديث الإعلام والصحافة بفوزه بجائزة البابطين, قال عن فوزه: تلقيت دعوة للمشاركة في مهرجان أبي تمام بمراكش وأحسست وقتها أني أحد الفائزين ، وأن قصيدتي «نفخة في رحم اليباب» التي كتبتها عن الربيع العربي وما تلاه من أحداث في اليمن قد وفقت، والحمد لله شاركت وكرمت من مؤسسة البابطين في المغرب، في مهرجان أبي تمام ، حيث حضر المهرجان أكثر من 700 شخصية أدبية عربية، التقيت خلاله بالكثير ممن كنت أرتشف نبع أناملهم كأستاذي د : أحمد درويش، و د : فاروق شوشة، وأحبتي الشعراء حسن شهاب الدين، ومحمد إبراهيم يعقوب، وهزبر محمود، و روضة الحاج ، ومحمد عريج، وأحمد الأحمدي، ومحمد تركي حجازي، وعبد الحميد العمري.. والكثير من شعراء العرب الشباب، في ضيافة كريمة للإنسان النبيل الشاعر عبد العزيز سعود البابطين وتحت رعاية ملك المغرب محمد السادس. بدايات عن بداياته الشعرية والتي كانت منذ الثانوية كما يقول أي قبل أكثر من 15 عاماً, والتي بدأها متأثراً بالشعر الجاهلي, ومن ثم بالعباس بن الأحنف وحفظ الكثير من شعر المتنبي, حتى واصل الدراسة الجامعية, ومن ثم واصل الكتابة والقراءة متأثراً بأبي قاسم الشابي ويواصل قائلاً: لا أخفي أن شاعريّ المفضلين كانا المتنبي وأبا القاسم الشابي في بداياتي, وحفظت لهما الكثير، وهي مرحلة يمر بها كل شاعر يتأثر بها وتظهر في كتاباته، وهو ما جعل شعري في البداية رومنسياً حالماً لتأتي بعدها مرحلة البحث عن الذات والتميز. ازدهار عن المشهد الشعري في بلادنا, والذي ما زال متسيداً, وأننا لم نعش عصراً غيره إلى اليوم, فالشعر هو المهيمن على بقية فروع الإبداع كالقصة أو الرواية والمسرحية فالشعر في اليمن كما يراه الجهمي يعيش مرحلة ازدهاره الوارفة, إذ ظهرت أصوات شعرية قوية كمحمد السودي، محمد المهدي، أحمد الجرف، عبد الواحد عمران، بلال الشرماني، والكثير غيرهم، وقد سمعت الكثير من المغاربة يصف تجارب شعراء اليمن الشباب بحيوية أكثر مما يتحدث عنهم اليمنيون أنفسهم وهو ما جعلني أتذكر بحسرة دور الإعلام اليمني الضعيف تجاه تجارب ناضجة وقوية. غياب أما عن النقد فيؤكد الجهمي بأنه غياب حقيقي, وهو يمثل ظاهرة خطيرة في المشهد الشعري العربي، والأخطر منه ظهور من يدعون النقد... كما أني أؤمن بضرورة أن يكون الناقد شاعراً في الأصل قادراً على إدراج حالة الشاعر حين كتابته للنص، والإحساس بروح النص وما يحيط به. حًلم عن أبرز مشاركته السابقة يرى الجهمي أن برنامج صدى القوافي كان محفلاً شعرياً رائعاً في اليمن, جمع شبابًا ساطعين شعراً، وحقق للمشاركين برأيي حلم الوصول للجمهور المثقف داخل اليمن، وخارجه إلى حد يشكر عليه كل القائمين عليه ، وفي مقدمتهم الأخ الشاعر جميل عز الدين. وقد كانت لجنة التحكيم المتمثلة في كوكبة من أدباء اليمن: د عبد الرحمن الصعفاني ود علي الحضرمي، و أ / علي بارجاء راقية في طرحها، مستنيرة، وكان البرنامج نافذة لأطل منها على أحبتي في اليمن، وحصولي على المركز الثالث كان مصدر سعادة لي، وثقة .