خسائر معهد "وايزمان" نحو اثنين مليار شيكل جراء القصف الإيراني    إصابة 36 مستوطنا صهيونيا في قصف إيراني على بئر السبع    إن بي سي الأمريكية: عجز اسرائيل عن اعتراض الصواريخ الايرانية يتزايد    الصواريخ الإيرانية تُكبد "إسرائيل" خسائر يومية تُقدّر ب 200 مليون دولار    بوتافوجو يفجر كبرى مفاجآت المونديال بإسقاط سان جيرمان    ميسي يهدد عرش رونالدو العالمي    ديدان "سامّة" تغزو ولاية أمريكية وتثير ذعر السكان    نجاح أول عملية زرع قلب دون الحاجة إلى شق الصدر أو كسر عظم القص    البيت الأبيض يعلق على موعد قرار ترامب بشأن الهجوم المحتمل على إيران    في ظروف غامضة    نتائج الصف التاسع..!    فريق الرايات البيضاء يكشف عن اخر مستجدات إعادة فتح طريق رئيسي يربط بين جنوب ووسط اليمن    عن العلاقة الجدلية بين مفهوم الوطن والمواطنة    حين يُسلب المسلم العربي حقه باسم القدر    قضاة يشكون تعسف وزير المالية إلى رئيس المجلس السياسي الأعلى    نتائج الصف التاسع..!    كأس العالم للاندية : ميسي يقود انتر ميامي لفوز ثمين على بورتو    مراجعات جذرية لا تصريحات آنية    الحوثيون يقرّون التحشيد الإجباري في الحديدة بدعوى نصرة إيران    "مسام" ينتزع نصف مليون لغم حوثي خلال 7 أعوام    المعبقي يكشف عن اجراءات نقل مقرات البنوك إلى عدن وكيف ستتعامل مع فروعها في مناطق سلطة صنعاء    ذمار تضيق على نسائها    خيانة عظمى.. علي ناصر محمد يتباهى بمنع انضمام الجنوب لمجلس التعاون الخليجي    عرس جماعي ل 58 عريسا وعروس في البيضاء    تعادل إيجايي بين السهام والصحة في بطولة البراعم لأندية تعز    من عدن إلى الضمير العالمي    عاجل وخطير: الحرس الثوري الإيراني يدعو إسرائيل لإخلاء مفاعل ديمونا    فعاليتان للإصلاحية المركزية ومركز الحجز الاحتياطي بإب بيوم الولاية    ترتيبات لإنشاء محطتي كهرباء في اب بقدرة 5.5 ميجاوات    جماعة الإخوان الوجه الحقيقي للفوضى والتطرف.. مقاولو خراب وتشييد مقابر    مناقشة تنفيذ مشروع شبكة الصرف الصحي في مدينة البيضاء    صنعاء .. اعلان نتيجة اختبارات الشهادة الأساسية    شبوة أبتليت بجار السوء.. مأرب موطن القتلة والمجرمين وقاطعي الطرق    سامسونغ Samsung تصنع أجهزة جوالات للتجسس الإسرائيلي لمنطقة الشرق الأوسط    تصريحات بلا أثر.. ومواطن يئن تحت وطأة الجوع والانهيار    من يومياتي في أمريكا .. هنا أموت كل يوم    اليوم نتائج الشهادة الاساسية وهذه طريقة الحصول على النتيجة    كوستاريكا تقلب الطاولة على الدومينيكان    كيف تواجه الأمة الإسلامية واقعها اليوم (2)    انهيار متواصل للريال اليمني.. أسعار الصرف تواصل التدهور في عدن    شكر الله سعيكم.. نريد حكومة كفاءات    مباراة تاريخية للهلال أمام ريال مدريد    الهلال السعودي يتعادل مع ريال مدريد في كأس العالم للأندية    الخطوط الجوية اليمنية... شريان وطن لا يحتمل الخلاف    إصابة 3 مواطنين إثر 4 صواعق رعدية بوصاب السافل    الصبر مختبر العظمة    إيران تعلن اطلاق موجة صواريخ جديدة وصحيفة امريكية تقول ان طهران ستقبل عرض ترامب    الفريق السامعي: ما يحدث ل"إيران" ليس النهاية ومن لم يستيقظ اليوم سيتفاجأ بالسقوط    اعتقال صحفي في محافظة حضرموت    مواطنون يشكون منع النقاط الامنية ادخال الغاز إلى غرب محافظة الضالع    كندة: «ابن النصابة» موجّه.. وعمرو أكبر الداعمين    لملس يزور الفنان المسرحي "قاسم عمر" ويُوجه بتحمل تكاليف علاجه    الرهوي يناقش التحضيرات الجارية للمؤتمر الدولي الثالث للرسول الأعظم    شرب الشاي بعد الطعام يهدد صحتك!    الصحة العالمية: اليمن الثانية إقليميا والخامسة عالميا في الإصابة بالكوليرا    حوادث السير تحصد حياة 33 شخصاً خلال النصف الأول من يونيو الجاري    استعدادًا لكأس الخليج.. الإعلان عن القائمة الأولية لمعسكر منتخب الشباب تحت 20 عاما    وزير الصحة يترأس اجتماعا موسعا ويقر حزمة إجراءات لاحتواء الوضع الوبائ    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المضاربة ورأس العارة..أسرار متدفقة بغزارة
نشر في الجمهورية يوم 26 - 11 - 2014

عيناها أنقى من الماء.. وأنفاسها أرق من الهواء.. تتراءى من بعيد كقلادة من قلائد الدهور.. وتتهادى كعروس من عرائس النور...هي ابنة البر والبحر، وسليلة المجد والفخر.. إنها مديرية المضاربة ورأس العارة موضع الإشارة وموطن العبارة ومنبع الأسرار المتدفقة بغزارة..بادئ ذي بدء
بادئ ذي بدء ألقينا التحية على هذه المديرية فردت بأحسن منها وبنظرة فاحصة أدركنا أنها مديرية مترامية الأطراف، شديدة الاتساع، يحدها من الشرق طور الباحة ومديرية البريقة ومن الغرب باب المندب ومن الشمال الوازعية ومن الجنوب البحر العربي وخليج عدن.. وبرغم اتساعها وأهميتها الإدارية والجغرافية، إلا أنها تفتقر إلى العديد من المشاريع والمرافق الخدمية مع ضرورة القول بوجود جملة من المشاريع والبنى التحتية التي تم إنجازها خلال مراحل سابقة أو التي هي في طور الإنشاء وتمس مختلف المجالات، غير أن المديرية بحاجة إلى ما هو أكبر وأكثر كونها من أكبر المديريات التابعة لمحافظة لحج ولدورها الكبير في محطات النضال الوطني وأيضاً لحسها الوحدوي وإيمانها العميق أن وحدة الوطن هي ثروة الحاضر ورهان المستقبل، خاصة أن خيرات الوحدة وصلت إلى هذا المكان فغيّرت ملامحه وانتقلت به من واقع البؤس والحرمان إلى واقع آخر جديد وحديث ومتطور باستمرار وبحسب اعتقاد كثيرين من أبناء المديرية فإن المستقبل سيكون أفضل وأجمل بمقدار تماسك الوطن وثباته وقدرته على السير بثقة واقتدار في مضمار البناء والتنمية وتحدي مختلف المعوقات والعراقيل القائمة.
اعتزاز
ومثلما يحلّق الحس الوطني عالياً في آفاق مديرية المضاربة ورأس العارة يبدو الانتماء لجسد المجتمع المحلي حاضراً هو الآخر، فالكثيرون يعتزون بأسرهم وعشائرهم وقبائلهم التي يرونها جزءاً لا يتجزأ من نسيج المجتمع اليمني وتراكيبه المختلفة والمتنوعة التي تضفي على المجتمع تنوعاً وتفاعلاً يغذي في نهاية المطاف حالة الانتماء لكل ما هو أصيل وعريق بعيداً عن الولاءات والانتماءات التي لا تسمن ولا تغني من جوع.. القبيلة قد لا تكون ضد الوطن أو بديلاً عنه إنها معقل من معاقله وسد منيع من سدوده المنيعة طالما كان الوطن فوق القبيلة والقبيلة فوق المصالح والحسابات الضيقة لها فإن القبائل في هذه المديرية لها تاريخها المشهود وهي كما أسلفنا تعتز بتراثها التقليدي أيما اعتزاز وعاداتها الأصيلة يتم توارثها جيلاً بعد جيل.
تجربة ملفتة
ما يجدر الإشارة إليه أن ظاهرة الثأر كانت قد أخذت طريقها لتعكير صفو الحياة لأبناء القبائل، غير أن جهود مبذولة من بعض المشائخ والشخصيات الاجتماعية حالت دون بروز هذه الظاهرة وتحولها إلى شبح يقلق السكان المحليين ويسرق النوم من عيونهم وهي تجربة جديرة بالإشادة بها وضرورة استنساخها في أماكن أخرى من اليمن.
إلى ذو أصبح
عموماً تنسب قبائل الصّبيحة بحسب بعض أبنائها إلى ذو أصبح واسمه الحارث بن مالك الذي يمتد نسبه إلى زرعة بن حمير الأصغر ومن ثم حمير الأكبر وصولاً إلى سبأ بن يعرب بن يشجب بن قحطان وهكذا إلى سام بن نوح ومنه إلى آدم عليه السلام.. هذا النسب المتوارث والمحفوظ في ذاكرة الأيام والأجيال يؤكد ما أشرنا إليه سابقاً من اعتزاز الناس هنا بأنسابهم وأسلافهم وعاداتهم وتقاليدهم وهو أمر قد يكون مقبولاً ومتفهماً طالما القصد منه الحفاظ على المتوارث من الأنساب والتجارب والخبرات والحكم والأمثال والعادات والتقاليد الحسنة التي خلَّفها الأسلاف فقدموا بذلك نموذجاً يلهم الأجيال ويدفعها نحو مزيد من العطاء والسير نحو المستقبل بخطى مفتوحة على الحاضر ومستنيرة بتجارب وخبرات الماضي العريق.. وبحسب بعض المصادر فقد كان الصبيحة يحكمون عدن ما بين 410 430ه حين كانت أبين في ذلك الوقت بيد رجل من الصبيحة يدعي محمد بن علي أبي العلي.
منطقة جميلة
المضاربة ورأس العارة منطقة جميلة للغاية وفيها العديد من الأماكن الأثرية والسياحية والمناطق الزراعية. إنها أشبه ما تكون بمتحف طبيعي فيه القديم والحديث والبدائي والمتطور.. الزارعون لهم حضورهم الفاعل والصيادون كذلك الرعاة وأصحاب الحرف العلماء والمثقفون المشايخ والشخصيات الاجتماعية لكل منطقة من مناطق المديرية خصوصية من نوع ما ولكل شريحة من شرائح المجتمع مشاكلها وتطلعاتها الخاصة ولا أدل على ذلك ما يدور من لغط شديد حول الجمعية التعاونية الخاصة بالصيادين باعتبارها قضية هامة تمس مصالح قطاع عريض من السكان أو بالأخص من الصيادين الذين يشكون من تدهور أوضاعهم واحتياجاتهم للعديد من المتطلبات والمستلزمات الضرورية لعملية الصيد ،خاصة أن الاهتمام بقطاع الثروة السمكية يعد أولوية وطنية لما له من أهمية ومردود على الوطن ككل.
جذب سياحي
ثمة مناطق تصلح أن تكون مناطق سياحية وبإمكانها استيعاب العديد من المشاريع السياحية وتشغيل الكثير من الأيادي العاملة المحلية ومن بين هذه المناطق منطقة السقيا التي تمتد على طول 6كيلو مترات وتتميز بمناخ رائع وشواطئ بديعة بجانب ما يميزها من وجود للحشائش والأحياء البحرية النادرة وكذا الجزر الصغيرة وآبار المياه العذبة، وذات الأمر في شاطئ رأس العارة حيث الميناء القديم الذي لا تزال بعض أثاره قائمة حتى اليوم بجانب ما هو قائم في شاطئ خور العميرة، حيث الرمال الفضية ومناطق الغوص ومراكب الصيادين الذاهبة والآتية والعامرة دوماً بخيرات البحر ورحلات الصيادين وحكاياهم المدهشة.
تربة أبو الأسرار
فجأة حط الطائر «مقيبل» بين يدي مكث غير بعيد عني أخبرني عن قرية ليست كبقية القرى عن تربة ليست كبقية الترب عن رجل من الأخيار وبر من الأبرار يدعى أبو الأسرار هو لقب الشيخ الولي العارف علي بن إبراهيم الذي قدم إلى التربة الواقعة على سفح جبل حواب منذ مئات السنين فصار عنواناً لها وصارت عنواناً له.. أبو الأسرار الذي ولد في البصرة عام 536ه بحسب بعض المصادر اشتغل بالعلم في مدينة جبا التي قضى فيها زهاء 40 عاماً وكان واسع المعرفة والاطلاع وصاحب كرامات، غير أنه ترك جبا بعد ذلك وانطلق باحثاً عن مكان في أرض الله الواسعة بعيداً عن حياة الترف والرفاهية كان كل همه أن يجد المكان المناسب الذي يقيم فيه والذي يمكنه من أن يعبد الله ويؤدي حقوقه دون التفات إلى متعة آنية أو دنيا فانية.. وبحسب طرح البعض فإن هذا الشيخ الجليل وصل في ترحاله إلى جبل اسمه نمان، حيث اجتمع هناك بالشيخ أحمد بن علوان والشيخ عمر بن محمد الطيار وكان كل منهما يقصد التوجه إلى ذات المكان الذي يقصد التوجه إليه أبو الأسرار وهو حفرة أو هوة في جبل حواب .. المهم حدث بين المشائخ الثلاثة أخذ ورد فاتفقوا في نهاية المطاف أن يظهر كل واحد منهم كرامته فيكون المستحق للعيش في المكان المقصود فأظهر الشيخ أحمد بن علوان ثعباناً وأظهر الشيخ عمر الطيار حمامة وأظهر الشيخ أبو الأسرار طائراً يسمى «مقيبل» اصطاد الثعبان والحمامة معاً فاستحق أن يكون هو صاحب هوة.. أياً تكون صدقية هذه الحكاية وثباتها التاريخي إلا أن رمزيتها تدل دلالة واضحة على مدى الارتباط الكبيرين هوة المكان وأبو الأسرار الإنسان وهو أمر يمكن إدراكه بسهولة من خلال ماتركه هذا الرجل في نفوس أبناء المنطقة والقرية التي صارت تعرف بتربة أبو الأسرار أو ما ينبئ عنه ضريحه القائم حتى اليوم والذي يعد أحد المزارات الهامة بجانب جامعه المعروف بجامع أبي الأسرار المبني في معظمه من خامات محلية والمزود بسبع قباب ومئذنة وإلى جواره ثمة صهاريج وممرات مائية تلبي احتياجات المصلين وبعض السكان المحليين.. وما يتوجب الإشارة إليه هو أن هذا الجامع الذي كان ذات يوم قبلة لطلاب العلم والدارسين من مختلف المناطق المجاورة صار عرضة للتساقط والاندثار شأنه شأن مقاصير وغرف كانت ملحقة به ومخصصة لاستقبال وإيواء طلاب العلم وهذا يطرح أكثر من تساؤل عن دور الجهات ذات العلاقة وعن الأراضي والأوقاف الخاصة بالجامع والضريح وطلاب العلم.
شموخ
تبدل الأحوال في المكان الذي اختاره الشيخ أبو الأسرار ليكون محط رحاله لا يسر صديقاً ولا عدواً وكأني بالشيخ الصالح أبو الأسرار يصرخ فيمن حوله أين أسرار المعرفة؟ أين أنوار العلم؟ أين مواكب المحبين؟ أين الواصلون إلى عليين؟ كأني بالشيخ الصالح أبو الأسرار واقفاً بشموخ وقد اتكأ على عصاه ينظر يمنة ويسرة باحثاً عن الميراث الذي خلف والميراث الذي ورث فلا يلوي على شيء ولا يقع على حي.. كأني به وقد عبر عن سمته وخرج عن صمته فتوجني بتاجه وأضاء لي بسراجه وصعد بي في معراجه، كأني به وهو يقبل علي بوجهه ويغدق علي من فضله قد أقامني في مصلياته واستهدني تجلياته، سقاني من كأس حمياه وأخذ بيدي إلى منتهاه، كأني به قد أدار الكأس التي لم تدر من قبل وباح بالسر الذي هو له أهل!.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.