الحياة لا تخلو من الاختلافات، فهي واقع ماثل في زوايا حياتنا في البيت والعمل وفي أي مكان من أجزاء المجتمع، وتقع أيضاً بين الإخوة والأصدقاء وكل أفراد المجتمع، لذا لماذا نضخّم الخلافات الزوجية، ولماذا نستغربها..؟! بل أعتقد أن الخلاف بين الزوجين من المسلّمات، وهو شيء طبيعي، ولابد للزوج والزوجة أن يكونا على درجة من الوعي والإدراك بطبيعة السّمات الشخصية لكل واحد منهما. أكتب هذه الكلمات ومازالت عالقة في ذهني مشاهد عشتها وسمعتها خلال جلسة جمعتني بعدد من الصديقات، حيث كانت واحدة منا تشكو من مشكلة وقعت بينها وبين زوجها، وليست هنا النقطة التي أريد الإشارة إليها، لأن المشاكل والاختلافات تقع كما أسلفت، لكن الذي أريد الإشارة إليه هو ردّة فعل البعض ممن كن جالسات ويستمعن، حيث تسمّرن كأنه أصابهن ذهول واستغراب ودهشة، فلسان حالهن يقول: إنه لا يعقل أن تكون هناك خلافات بين الزوجين، وإن كنت أفسّر أنهن بهذا السلوك يردن توجيه رسالة لنا، وإن بطريقة غير مباشرة، بأن حياتهن الزوجية مستقرّة وتسير في وئام وخالية من المنغّصات. استغرابهن لوجود مشكلة زوجية يعد مشكلة بحد ذاته، فمن غير المعقول أو المنطق أنهن يعشن حياة متواصلة من التفاهم، رغم أنني أدعو لهن بالسعادة، لكن هذا وكما نعلم جميعاً مستبعد أن يحدث، وإن كان غير مستحيل بطبيعة الحال، خصوصاً أننا نعلم طبيعة حياة البعض منهن، وإذا افترضنا جدلاً أنهن فعلاً سعيدات بشكل متواصل ولا مشاكل مع الزوج، فهل من الحكمة أن يلفعن هذه الحقيقة في وجه صديقتهن بكل هذا الصلف وجمود المشاعر، هل من المعقول أن يظهرن حالتهن التي تعتبر نادرة وليست قاعدة عامة بدلاً من المواساة والوقوف مع هذه الصديقة بالرأي والمشورة..؟!. أحزنني أن لا واحدة منهن حاولت أن تصغي وتتفهم طبيعة المشكلة التي وقعت فيها تلك الصديقة، وبدلاً من الالتفات إليها ومساعدتها في إيجاد حلول وإبداء الرأي الذي قد تكون في حاجة ماسة إليه، تحوّلت الجلسة إلى أحاديث كل واحدة منهن تستعرض طيبة زوجها وتفاهمه وحسن أخلاقه؛ بل ذهبت إحداهن لتقديم سرد تاريخي عن زوجها، فهل هذا معقول، وهل هذه هي قيم الصداقة..؟!، تجاهل شكوى صديقة، وبدلاً من تفهم قضيتها يظهرن في أبشع صور التظاهر بالشكليات، لا ألوم تلك الصديقة إن فتحت قلبها لصديقاتها؛ لكنني ألومها لأنها لم تُحسن الاختيار.