الحالات التي يمر بها الإنسان متنوعة ومختلفة، وأقصد بالحالات هنا: المزاج وتعكّره، أو صفوه، السعادة والحزن، الضيق والفرح، وغيرها، هذه الأمور باتت ملاحظات عامة يمكن لنا جميعاً رصدها ومعرفتها، فهي لا تحتاج متخصصاً حتى يبلغنا أن هذا حزين أو كئيب، يكفي في أحيان المشاهدة. لكن المعضلة الحقيقية والكبيرة تكمن في حالات عصيبة تحدث داخل النفس، تعتري البعض ممن هو مقرّب منا، تتلبسهم أوجاع ولا نلاحظها أو لا تظهر لنا بشكل واضح، بمعنى تكون صراعاً داخلياً لا أحد يراه، لذا قد يتحطمون ويدخلون في معارك وألم بالغ، ولا يجدون من يقف معهم، وفي كثير من الأحيان يعبّرون عن الحاجة للغير عندما يقولون إنه تمرّ بهم أوقات عصيبة، ولا يجدون حتى أقرب الناس منهم للوقوف معهم. هذا الشعور الذي يتلبّسهم يجعلهم يلومون ويغضبون من كل صديق ورفيق درب، بل من الممكن أن تتحطّم تلك الصداقة، ويحدث خلاف كبير، والسبب هو مثل هذه المشكلة التي لا ندركها أو لا نعرف جوانبها. ضغوط الحياة جسيمة، وقد ترى إنساناً ضاحكاً مبتسماً لكنه من الداخل يعاني، أصغ لصوت كل من هو قريب منك، حاول أن تتفهم كلماته، أن تدرك المعنى الذي يرمي له ويشير، حاول أن تكون مشاعرك دافئة، عندما يبدأ أحدهم بالشكوى أصغِ، اصمت، أشعره باهتمامك، حاول أن تفهمه، أن تفكر معه، في أحيان يريدون فقط الشعور بأن هناك من يتفهم واقعهم ويشعر باحتياجاتهم ومشكلتهم. لا تعتقد بأن المطلوب منك هو أن تتلبس مشكلته وتنقلها لداخلك فتؤلم نفسك، أو أن المطلوب أن تكون «سوبرمان» وظيفتك مساعدة الآخرين، لا.. الموضوع أقل وأخف من مثل هذا الحمل، هو فقط أن تُشعر أحدهم بأنك تقف معه، وصدقوني بعض المشاكل، تحتاج رأياً مختلفاً، حلاً بسيطاً، فكرة جديدة، قد تكون لدى صديق متفهم مصغٍ، دوماً من يعيش صراعاً نفسياً وفي أتون مشكلة ومعضلة، يتوقف عن التفكير الصحيح، لأنه يكون وسط معمعة من الفوضى الحسية والنفسية، وعندما يأتي أحدهم من خارج مسرح الأحداث، كما يُقال، فإنه يكون كطوق نجاة. ومرة أخرى لا أحد يريد منك أن تنقل الشعور الحزين والألم لنفسك وروحك، المطلوب بشكل سطحي تعاطف ودعم هذا الصديق، الذي لطالما سعدت معه وضحكت برفقته، الصداقة ليست في الأوقات السعيدة والمفرحة وحسب، الصداقة مشاركة شاملة وعامة، لنؤدها بشكل دقيق وواضح ومنصف.