رغم توافر أشكال عديدة من برامج تطوير المهارات الإدارية والمهنية والتنموية والقيادية؛ إلا أن معظمها لا ينجح في تحقيق ما هو مصمّم من أجله، ونوضح فيما يلي السبب الأهم في إخفاق مثل تلك البرامج، بالإضافة إلى استعراض بعض النقاط الحيوية التي ينبغي أخذها بعين الاعتبار لضمان تحقيق نتائج أفضل من برامج التدريب والتطوير. وفقاً ل«الجمعية الأمريكية للتدريب والتطوير» تنفق الشركات في الولاياتالمتحدة أكثر من 170 مليار دولار على دورات تتعلّق بتعزيز مهارات القيادة، حيث يُصرف معظم هذه المبالغ على تدريب القادة، ومع ذلك تحصل الكثير من الإخفاقات، فما هو السبب..؟!. وأفادت الجمعية الأمريكية أن السبب هو أن هناك مسألة في غاية الخطورة، فالمفترض أن تتم تنمية المهارات المتوافرة لدى القادة لا تدريبهم عليها، وهو فرق مهم قلّما يلحظه المسؤولون عن إدارات التدريب في الشركات، فإذا كان هذا القصور في أمريكا، فكيف بالشركات في العالم العربي بشكل عام واليمن بشكل خاص. أمر خطير آخر هو أن الكثير من الشركات تنظر إلى التدريب على أنه من الكماليات ونوع من (الترف) أو ينظرون إلى التدريب على أنه عبارة عن «تنمية بشرية» يقدّمها مدرّبون مراهقون، وهذه نظرة قاصرة تحتاج إلى إعادة مراجعة دقيقة، فالتدريب ليس تنمية بشرية فقط، والتدريب ليس ترفاً، والتدريب ليس من الكماليات؛ وإنما يلعب التدريب والتطوير دوراً مهمّاً في فعالية وأداء الشركات، وخبرة الموظفين في العمل، حيث يعمل التدريب على: «زيادة الإنتاجية، والصحة والسلامة في العمل، إضافة إلى التطوّر المهني والشخصي للموظف». ويُقصد بالتدريب والتطوير: «اكتشاف المهارات الخاصة، والمعرفة الخاصة بالموظف» والعمل على تطويرها، بدورات نوعية هادفة، حسب درجة الموظف وحسب نوعية المهنة؛ ووفق الرؤية الخاصة بالشركة لابد أن يحقّق التدريب نتائج ملموسة وهادفة. لذلك من أجل استثمار التدريب الاستثمار الأمثل؛ أصبح من الأهمية بمكان ألّا تقتصر الشركة على الدورات الهامشية؛ وإنما يجب أن تُنمّي وتطوّر من قدرات موظفيها بالدورات المختلفة المتنوّعة والنوعية مثل: الأمن والسلامة المهنية، المبيعات والتسويق وخدمة العملاء، التعليم العالي والمكتبات، الحاسب الآلي وتكنولوجيا المعلومات، الدورات الهندسية والفنية والصيانة، المشتريات والمخازن اللوجيستية، الإعلام والصحافة والعلاقات العامة، السكرتارية والإدارة الألكترونية، العقود والقانون والمناقصات، الموارد البشرية والتدريب، المحاسبة والمالية والرقابة والتفتيش، المهارات الإدارية والإشرافية والقيادية العليا، وهناك مستوى أعلى وهو ما يُعرف ب«تطوير التدريب». والتعريف الرسمي لتطوير التدريب هو: محاولة تطوير أداء الموظف الحالي والمستقبلي من خلال زيادة قدرة الموظف على الأداء ومن خلال التعليم، ويتم عادة بتغيير موقف الموظف أو زيادة مهاراته ومعرفته، وكذلك ب«معرفة نواحي القصور» عنده؛ إذ أنه بمعرفة نواحي القصور لدى الموظف المُعنى؛ يتم معرفة مدى «الحاجة لتدريبه وتطويره» حسب المعادلة التالية: «الحاجة إلى التدريب والتطوير = الأداء المثالي/الأداء الحقيقي». ولتحقيق نتائج أفضل؛ ينبغي أن يشير التطوير إلى «فرص العمل المصمّمة» وهذا يعمل على مساعدة الموظف على التطوّر، ولا يقتصر التطوير على «المهارات المكتسبة» فقط، كما يجب ألا يغفل التدريب المعرفة العامة، وخلق المواقف التي تساعد الموظفين على الارتقاء إلى وظائف عليا، كما يجب أن تعتمد جهود التدريب على تلبية التوجُّه والطموح الشخصي للموظف نفسه. الخلاصة.. إن السبب الرئيسي الذي يجعل التدريب لا يحقّق نتائج أفضل؛ هو أن أغلب الشركات تدرك الحاجة إلى التدريب والتطوير، بدليل أنها تستثمر جهوداً كبيرة وموارد كثيرة أخرى، ولكن غالبية هذه الشركات ينقصها تقدير نوعية التدريب، وتهمل التطوير الشامل، وينقصها تشخيص المشكلة بدقّة، وبالتالي ترسم الخطط مخالفة للاحتياجات التدريبية، وتتكاسل عن مراقبة العائد التدريبي المعتمد على تقييم أداء الموظف، وعلى ارتفاع مؤشّر الجودة في العمل، من هذا المنطلق. ومن أجل تحقيق نتائج أفضل؛ تقع على المهتمين بالتدريب مسؤولية ليست سهلة، فيجب عليهم إعادة النظر في رسم السياسات التدريبية وفق رؤية دقيقة وبموجب أهداف واضحة، مع إعادة النظر إلى التدريب والتطوير، على أنه جزء لا يتجزّأ من العمليات المهنية، والإدارية، والقيادية، ولا يُنظر له على أنه ترف أو ضياع للأوقات والجهود والأموال.