المدرسة (المعتبية) هي إحدى أهم المدارس الرسولية الرئيسية والتي لا تزال موجودة بشموخها إلى اليوم، وهي المدرسة الوحيدة الباقية لنساء الدولة الرسولية من أشرافهم وزوجات وأمهات ملوكهم، في النهضة اليمنية في عصر الدولة الرسولية في التاريخ اليمني الوسيط. وليد ل ذلك التاريخ وتلك الحضارة على المكانة المتميزة للمرأة اليمنية ومساهمتها وعملها الى جانب الرجال من ملوك وأمراء في بناء الحضارة اليمنية يومها. لتكون اليوم شاهد عصر على تلك المنجزات العظيمة، وبلوغ تلك الغاية العالية في العلم والمعرفة. تقع في الواسطة من تعز، وذكر المؤرخ المؤرخ اسماعيل الأكوع أنها بأسفل السراجية من نواحي تعز. وهي اليوم تقع أسفل قلعة القاهرة من الجهة الغربية وأقرب مكاناً للسور الممتد غرباً في أسفل أكمة القعشة ولا تبتعد عن السور سوى خمسين متراً تقريباً. باني المدرسة ابتنتها الجهة الكريمة جهة الطواشي الأجل جمال الدين متعب بن عبدالله الأشرفي زوج السلطان الملك الأشراف اسماعيل بن الملك الأفضل بن الملك العباس الرسولي، وهي أم الملوك، عبدالرحمن الفائز، وأحمد الناصر، والعباس الأفضل، وعلي المجاهد. ورتبت فيها إماماً ومؤذناً وقيِّماً ومدرساً، وطلبة، ومعلماً وأيتاماً يتعلمون القرآن. وكان من عادة بني رسول أنهم لا يسمون نساءهم من زوجات وبنات وخواتين بأسمائهن صراحة ك(فاطمة مثلاً) ولكن كانوا يسمونهن بالكنى والألقاب كاسم الملكة السابقة الذكر (الجهة الكريمة جهة الطواشي) وأمثالها جهة دار الدملؤة (بنت الملك المظفر أو أخته المسماه (الدار الشمسي) وهكذا. وكانت الجهة الكريمة جهة الطواشي كما يصفها المؤرخون أنها امرأة عاقلة حازمة ولبيبة وتكثر من فعل الخير، تفعل المعروف كثيراً على يد غيرها خارجاً عما تتظاهر بفعله من أفعال البر. أوصاف المدرسة ومكوناتها الرئيسية قال اسماعيل الأكوع في كتابه المدارس الإسلامية في اليمن: «وصفة بنيان هذه المدرسة كما جاء في الوقفية الغسانية نورده بنصه دون تغيير (مجلس قبلي، سقفه قبب، وفيه المحراب، وفيه شباكان قبليان أحدهما عن يمين المحراب والآخر عن يساره مشبكان بحديدة ثم إيوانان مستطيلان عن يمين المجلس ذي المحراب وعن يساره، وفي المجلس سبعة عقود في كل جناح خمسة عقود شرقية وغربية، وعقدان مستقلان، ثم مجازا في المجلس المذكور مستطيل فيه أربعة اسطوانات (أعمدة) وخمسة عقود، وقائمة مستطرقة، وشرقيها وغربيها مجازان ومجلس غربي القاعة، وفيه كمّة وخزانة، ثم مجاز يدخل منه إلى القائمة، ومجاز إلى البركة، وبركة مخزن الماء، وبيوت راحة عددها خمسة، ومغتسلات، وقاعة تلي البركة، ودرجة يصعد فيها إلى السقوف، ودهليز، وإيوانات، وباب يدخل منه، وبوابة وحوية يماني المدرسة المذكورة مستطيلة، وأحوال شرقي ذلك وقبلية. فالمجلس القبلي صدر المدرسة الذكورة ذو المحراب (مكان المسجد) هو صفان مسقوفان وله سبعة أبواب، بابان شرقيان، وبابان غربيان إلى الجناحين، وثلاثة أبواب يمانية، وشباكان قبليان، بحديد، والجناحان الشرقي والغربي اللذين فيهما عشرة عقود، منها اثنان قبليان، ومجاز يماني هو الممر ذو الأعمدة . المدرسة مستقيم فيه أربع اسطوانات، وخمسة عقود مسجد لله تعالى، والمجلس الغربي لإقراء العلم الشريف الفقهي فروعاً وأصولاً على مذهب الإمام أبي عبدالله محمد بن أدريس الشافعي، والدرس والبحث وقارىء الحديث النبوي، وسماعة بالمدرسة وقراءة سورة يس بعد قراءة الحديث واستماع المستمعين والدعاء بعده، وكذا المعيد والمدرس التدريس الطلبة حيث شاءوا وأرادوا في جميع أماكن المدرسة، ثم عاد ووصف المجلس الغربي الموقوف للتدريس والغرض منه ومن البركة والمطاهير، والحيضان، والمغتسلات، وإيوانات احدهما غربي لتعليم القرآن الكريم لليتامى والمتطوعين، وكذا الدهليز والتقدمة وقف، والمبرحة، يماني (باحة شمسية وسط المدرسة غير مسقوفة –وتسمى الشمسية أيضاً) المدرسة. الزخرفة بالرسم والألوان: هذا النوع من الزخرفة هو السمة الغالية على زخرفة المدرسة بشكل عام والمتواجدة في عامة المسجد وعلى وجدرانه وفي القباب وفي أقواس العقود من داخل الإنحناء وفي الخارج من جانبي العقود الظاهرة على سطحية. 1 زخارف القباب: لكثرة الزخرفة الموجودة على القباب والتي لا نستطيع حصرها والإلمام بها كاملة سنقتصر على ذكر الأشياء الرئيسية منها فقط، فكل قبة من هذه القباب الست اللاتي يسقفن المسجد تختلف في زخرفتها عن الأخرى ولكن السمة الغالبة عليها هي أن هناك دوائر صغيرة عن رأس كل قبة على أرضيتها زخرفة معينة بالألوان وفوق أرضيتها خطوط منقوشة وملونة وداخل هذه الدائرة الصغيرة دائرة أصغر أرضيتها باللون السماوي (ازرق فا تح) ووسطها نجمة سداسية كنجمة داود ثم تلي هاتين الدائرتين دائرة كبيرة أرضيتها ملونة باللون الأبيض وداخل هذه الدائرة البيضاء كعقد المجوهرات الذي يلف حول عنق المرأة بشكل حبات من الحلي دائرية يربط بين كل واحدة منهما والأخرى سلسلة جميلة وداخل كل حبة من تلك الدوائر أشكال من أوراق وغصون نباتية ملونة بمختلف الألوان الجميلة ودوائرها واحدة بواحدة، واحدة تحمل أشكالاً نباتية من غصون وأوراق وأخرى تحمل أشكالاً هندسية بما يسمى بالزخرفة الإسلامية وكالقمريات، ويتخلل هذه الأشكال الدائرية دوائر صغيرة من بين فواصل الدائرتين تحمل أشكال وردة عباد الشمس وأخرى شكل كؤوس نباتية او رؤوس منارات مساجدية مزخرفة. ثم تلي تلك الدوائر دائرة كبرى هي أكبر دوائر القباب والتي تكون آخرها عند أول محيط لقاعدة الدائرة المكونة للقبة وأرضيتها يغلب عليها اللون البنفسجي ثم يكون من وسطها بشكل دائري نقش مخطوط بارز من الجبس وملون باللون الأبيض ليكمل المنظر الجمالي لتلك الزخرفة والألوان. كما توجد تلك الكوات الصغيرة النصف مقببة في زوايا القباب من الأسفل عند محيط وقطر القبة تجمع بين النوعين من الزخرفة، الزخرفة المحفورة والمرسومة بالألوان بعضها كما ذكرنا سابقاً مخطوطة بشكل نصوص وردية والبعض الآخر مرسوم بشكل أوراق وغصون نباتية مكثفة ومتداخلة ومتشابكة وتجمع الألوان كلها الأبيض، والأصفر والمذهب والأحمر القاني والأحمر الغامق، والوردي، والأخضر الفا تح والأزرق السماوي، والبنفسجي ، ومتوسط هذه الكوات قمريات مزخرفة وملونة زجاجية نافذة للضوء. زخرفة العقود: وهي مزخرفة بالرسم بالألوان من الأسفل داخل التقويس المقعر إلى الأعلى وهو الأكثر رسماً وزخرفة، وزخرفة الجانبين بنصوص مربعة صغيرة مشكلة خطوطاً متعرجة بألوان متعددة ومتراكبة وترسم في النهاية لوحة فيسفائية بديعة يقل نظيرها في أي من مباني الدنيا اليوم حتى إن الداخل الأول مرة يبهره المنظر فيعقد لسانه عن الوصف والتعبير لتعود به الذاكرة إلى الوراء أي حضارة تلك التي بلغها الرسوليون في ذلك العصر ما لا نستطع اليوم بكل تقدمنا مضاهات ذلك العمل الرائع حتى إن الكلمات لتعجز عن الوصف ويحتار القلم ماذا يسطر، واعترف أنني وجدت صعوبة في التعبير لوصف ما شاهدته ولا أكون مبالغاً في ذلك، ولقد ظل يراودني سؤال ملح في خاطري وهو كم استغرق من الوقت ذلك الرسم وتلك الزخرفة والنقوش والبناء حتى صار جاهزاً للعمل واستقبال الدارسين والمعلمين؟ تتشابه المدرسة المعتبية هي والأشرفية في بعض التكوينات كالصرف الصحي من حوض وبركة ومطاهير ومغتسلات من حيث الشكل والبناء أيضاً في البوابات الجنوبية ومداخلها وإيواناتها ودكانها والغرف التي بجوار البوابات، وكذلك في الجناحات (الأجنة الشرقية والغربية) لكلا المدرستين. وكغيرها من المعالم التاريخية والأثرية تعرضت المدرسة لكثير من الإهمال ومحاولة طمس هويتها، ومرت كذلك بعدة عمليات تخريب، وترميم أيضا. وقد أجريت لها عمليات الترميم مساهمة من الصندوق الاجتماعي للتنمية.