مع صعود نجم الولاياتالمتحدةالأمريكية بسقوط الإتحاد السوفييتي وتفككه، أصبحت الليبرالية ذات شعبية طاغية في مختلف دول العالم. ويعتبر ميلتون فريدمان أحد أهم منظري الليبرالية إن لم يكن أهمهم على الإطلاق. ومقالته هذه تعد من كلاسيكيات الفكر الليبرالي، وهي بمنطقها الواضح وحججها البسيطة الآسرة تقدم أفضل صورة عن الفكر الليبرالي. المترجم.. إن الليبرالية كما تطورت في القرنين السابع والثامن عشر وكما ازدهرت في القرن التاسع عشر تركز على حرية الأفراد في السيطرة على مصائرهم. والفردية في جوهرها معادية للشمولية والطغيان. وقد وجدت الدولة لحماية الأفراد من استبداد الأفراد أو المجموعات الأخرى ولتوسيع المجال الذي يتيح للأفراد ممارسة حرياتهم، فالدولة أداتية أو وسيلة وليست لها قيمة لذاتها أو فيها غير ذلك. أما المجتمع فهو مجموعة من الأفراد وليس الكل فيه بأعظم من أجزائه. إن القيم القصوى هي قيم الأفراد الذين يشكلون المجتمع فليست هناك قيم تخص شخصاً متميزاً أو قيم ذات نهايات مغلقة. والأمم قد تكون وحدات إدارية جيدة. ويعتبرمفهوم الوطنية في الأمم مفهوماً دخيلاً وفي السياسة تعبر الليبرالية عن نفسها باعتبارها حركة مضادة للأنظمة المتسلطة. ويفضل الليبراليون الحد من الحقوق الموروثة للحكام وتأسيس برلمانات ديمقراطية وتوسيع حق التصويت وضمان الحقوق المدنية. ويفضل الليبراليون هذين الإجرائين لقيمتهما الذاتية وكوسيلة للتعبير عن الحريات السياسية الأساسية وكوسيلة لتنظيم تطبيق الإجراءات الاقتصادية الليبرالية. وفي السياسة الاقتصادية تعتبر الليبرالية كردة فعل ضد التدخل الحكومي في الشؤون الاقتصادية ويفضل الليبراليون المنافسة الحرة في الداخل والتجارة الحرة بين الأمم. وهم يعتبرون أن تنظيم النشاط الاقتصادي من خلال المؤسسات الحرة التي تعمل في سوق تنافسية تعبيراً مباشراً عن الحريات الاقتصادية، كما يعتبرون المنافسة الحرة ضرورية للحفاظ على الحريات السياسية. وقد اعتبر الليبراليون التجارة الحرة بين الأمم وسيلة للقضاء على النزاعات التي لولاها ستؤدي إلى الحرب فكما يقوم الأفراد الذين يحرصون على مصالحهم تحت ضغط المنافسة بحماية مصالح المجموع بصورة غير مباشرة في الداخل، فإن الأمر كذلك بين الأمم حيث تقوم الدول التي تتابع مصالحها الخاصة في سوق حرة بإعلاء شأن وحماية مصالح العالم بأسره. وتقوم التجارة الحرة بنظم العالم كله في نسيج لمجتمع اقتصادي وحيد بإتاحة الوصول الحر إلى السلع والخدمات والمصادر تحت نفس الشروط للكل. لقد أصبح لليبرالية مفهوم مختلف جداً في القرن العشرين وخاصة في الولاياتالمتحدةالأمريكية. ويوجد أقل مقدار من الاختلاف في نوعية الأنظمة السياسية المفضلة. فليبرالية القرن التاسع عشر والقرن العشرين تفضلان الأشكال البرلمانية والتصويت الحر لكل الراشدين وحماية الحريات المدنية. ولكن على الرغم من هذا الإتفاق بينهما في السياسة هناك بعض الاختلافات غير المهمة: ففي أي قضية يتم فيها الاختيار بين مركزة ولامركزة المسؤوليات السياسية، كان ليبراليو القرن التاسع عشر سيزيلون كل شك في أهمية تقوية الحكومات المحلية على حساب الحكومة المركزية؛ فبالنسبة لليبراليي القرن التاسع عشر تكمن المسألة الأساسية في تقوية الدفاع ضد التحكم الحكومي الاعتباطي وحماية حريات الأفراد بأكبر قدر ممكن، بينما سيفضل ليبراليو القرن العشرين زيادة سلطات الحكومة المركزية على حساب الحكومات المحلية، ذلك أنهم يرون أن القضية الأساسية تكمن في تقوية قدرة الحكومة على تقديم الخير لجميع الناس. البقية..... الصفحة أكروبات