ثمة من يصف الزواج السياحي والزواج المبكر بأنهما وجهان لعملة واحدة.. عديد محاكم في محافظة ذمار رصدت خلال العامين 2009 2010م مايزيد عن ألفي قضية، رغم نصائح، وتحذيرات علماء، ومرشدين، وقضاة للمغرر بهم من قبل طالبي الزواج؛ لهثاً وراء المال أن العواقب وخيمة . في السنوات الأخيرة شهدت محافظة ذمار ظاهرة دخيلة على مجتمعنا اليمني تتنافى مع مبادىء ديننا الإسلامي الحنيف من ناحية، ومن ناحية أخرى أنها تهدد كيان الأسرة، ومستقبلها بشكل كبير، وخطير.. آخر الإحصائيات ذكرت عن ارتفاع معدلات زواج المتعة في محافظة ذمار على مستوى الريف، والمدينة؛ نتيجة عوامل، وأسباب كثيرة، ومتعددة، لعل من أبرزها الحاجة المادية، وغياب الوازع الديني لدى أولياء أمور الفتيات اللواتي يقعن ضحية من ضحايا هذا الزواج الذي يدوم لشهر، أو شهرين، وأحياناً أخرى قد يدوم لأسبوع فقط.. الزواج المبكر، والزواج السياحي أسبابهما، ودوافعهما، والنتائج الوخيمة الناتجة عنهما وجهان لعملة واحدة، ونحن لانتمنى صرفهما في حياتنا، وعلى حساب فلذات أكبادنا فقد أجريت حوارا مع أحد الضحايا لهذا الزواج . مأساة ضحية “ريماس” إحدى المتضررات من هذا الزواج حدثتنا عن تجربتها المريرة، ومعاناتها بالقول: إن المأساة التي آلمتها أكثر هي أن لديها طفلا اسمه “ محمد” عمره “5” أعوام تركه والده وهو بعمر السنة، وهنا تكمن الكارثة فهي لا تعاني هجر زوجها لها فقط، بل تدخل في دوامة إثبات نسب الطفل، والحقوق المتعارف عليها لحفظ حقوق هذا الطفل”ريماس” أدلت بدلوها معنا، وشرحت معاناتها من هذا الزواج حتى لايقع غيرها في هذا الشرك الذي ينصبه الوافدون العرب.. أخبرتنا بأنها في الأسبوع الأول من زواجها من أحمد، وهو رجل أعمال خليجي كانت سعيدة كغيرها ممن تزوجن، وأنه سيكون زوجا كغيره من الأزواج إلا أن زوجها أخبرها باضطراره للسفر، وذلك لانشغاله، والضرورة الملحة لسفره فتقبلت الموضوع بأنه أمر طبيعي، وسوف يعود في القريب العاجل، وبالفعل سافر إلا أن سفره كان بلا عودة تاركاً وراءه مأساة حقيقية، ستظل تعاني هذه التجربة المريرة، وقد تظل معلقة، فالبعض قد يطلقن، والبعض يذهب أزواجهن دون سابق إنذار . عامل الفقر أما حكاية “فرح” الضحية الثانية لهذه الظاهرة فقد قالت: كان قد حكى لها والدها من البداية بأنها ستتزوج لفترة معينة سوف يقررها الزوج؛ وذلك نظراً لظروف والدها المادية، وحاجته الملحة للمال فقالت: باعني والدي، وكأني سلعة تباع وتشترى ولا حول لي، أو قوة للرفض فهو والدي، لم يراعني، ويحفظ حقوقي، ومشاعري من هكذا زواج، ولمن ألجأ فهو أبي لا قوة لي للرفض، ودام الزواج لثلاثة أشهر، وذهب إلى بلده “دبي” تركني، وأنا حامل، ولم يبال بطفله، أو إعطائه أي حق، أو حتى عمل أوراق لإثبات نسب الطفل، وقبل شهر وضعت فرح مولودها أمجد، وقد أعطتنا صورة له لنشرها أما عبير فتاة في مقتبل عمرها تبلغ 15 عاماً فظروفها لاتختلف عن فرح وريماس فقالت: تزوجني لفترة لاتقل عن أسبوع، وتركني في الفندق دون سابق إنذار فتحدثت إلى والدي ليأتي لأخذي من الفندق وتواصل: أشعر بأني في حلم لا أستطيع أن أستيقظ منه، وأن مستقبلي قد دمره هذا الزواج، ولكن الزمن كفيل بأن ينسيني مأساتي، وقد أخبرتكم بها حتى لا تقع من هن في مثل عمري في هذه التجربة المريرة . شروط صحة عقد النكاح ويشير القاضي أحمد علي المجاهد - عضو جمعية علماء اليمن، وإمام، وخطيب جامع إسحاق بمحافظة ذمار عن رأي علماء الدين في ظاهرة الزواج السياحي، وأسباب انتشاره، أن الزواج الشرعي الذي بينه الرسول صلى الله عليه وسلم هو ماتوافر فيه شروط الصحة لعقد النكاح “عقد الزواج”وهي: الولي المهر الشاهدان العدلان الرضى، وبغض النظر عن المسميات الحديثة في هذا العصر للزواج سواء أكان زواج مسيار أو سياحيا، أو تحت أي مسمى، أما زواج المتعة فقد جاء الحديث الشريف بتحريمه، ولا يجوزه إلا الرافضة، ومخاطر الزواج السياحي قد يكون وبالاً وشراً مستطيراً على المرأة أولاً وأخيراً؛ لأنه في أغلب الأحيان يتحول إلى “زواج متعة”، وذلك عندما يأتي من خارج الوطن، وبالتحديد من دول الخليج فيبذل الأموال الكثيرة، ولو بالدولار ويطمع في ذلك أصحاب النفوس الضعيفة، والضمائر الميتة فيجعل من ابنته سلعة تباع وتشترى، وهذا الزوج الغني الغريب يضمر في نفسه عند العقد للزوج التوقيت لشهر، أو عدد من ذلك فيتحول إلى زواج متعة بسبب التحديد المضمر في باطنه، وهذا يحرمه الشرع . عواقب الزواج ماهي العواقب من الزواج السياحي من ناحية الشرع؟ العواقب من الزواج السياحي شرعاً تُحرم الزوجة، وأولادها من الحق الشرعي في الأبوة، وتحرم من الميراث من الزوج بعد موته وتحرم الزوجة، والأولاد من النفقة الشرعية، وتبعيتها؛ نتيجة لعدم توفر التوثيق القانوني للعقد في الجهات ذات العلاقة للزوجين؛ مما يؤدي إلى عدم إلزام الزوج السياحي بتبعية هذا العقد في المسائل القانونية، والشرعية أمام المحاكم، أو السفارات العربية . ضوابط شرعية ^^.. هل هناك ضوابط شرعية قانونية تحفظ حقوق الزوجة وأولادها? نعم هناك عدة ضوابط أهمها: ضبط الأمناء بعدم تحرير أي عقد للنكاح للإخوة العرب بامرأة يمنية، إلا بشروط ملزمة تلزمهم بذلك المحاكم المتخصصة وهي: موافقة السفارة التي ينتمي إليها الزوج، وتعميد ذلك في المحاكم الشرعية التي يسكن فيها الزوج “أي بلده”.. عرض تلك الموافقة على وزارة الخارجية، والتنسيق مع السفارة التابعة للزوج . موافقة وزارة الخارجية بمذكرة رسمية صادرة منها بالزواج للزوج، أو الرجل العربي الذي يريد الزواج من المرأة اليمنية، وذلك حفاظاً على حقوق المرأة، ومراعاة مصالحها الأسرية، وحفاظاً على بناتنا من عبث العابثين والمستهترين وصدق رسول الله عليه الصلاة والسلام “كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته”.. وكما قال في حديث آخر “من أتاكم من ترضون خلقه ودينه فزوجوه” فيجب مراعاة الضوابط الشرعية، والقانونية التي كفلها لنا قانون الأحوال الشخصية قال تعالى: “إنا عرضنا الأمانة على السموات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها وحملها الإنسان إنه كان ظلوماً جهولاً”. 2075 قضية ويقول القاضي. عبدالسلام عبدالله البنوس نائب رئيس قلم الكتاب بمحكمة الشرق الابتدائية بمحافظة ذمار: لقد انتشرت في الآونة الأخيرة بشكل كبير وقد وصلت حالات كثيرة لدينا والتي قدرت لهذا العام “2009 2010م”حوالي “2075”قضية، أو أكثر لهذا ننصح، وننوه الآباء بالحذر، وعدم رمي بناتهم إلى الهلاك دون خوف، أو وعي وأن يتقوا الله في فلذات أكبادهم، ويراعوا الضوابط الشرعية، والقانونية؛ للحفاظ على بناتهم، وحفظ حقوقهن من عبث العابثين . ألسنة الناس لا ترحم ^^.. برأيكم لماذا لا تلجأ المرأة المتضررة للقضاء؟ وذلك خوفاً من أهلها، وخوفاً من قتلها، أو تشويه سمعتها بين الناس، وأكبر سبب هو الخوف على أهلها من ألسنة الناس التي لا ترحم، ولا تفيد عند حصول الكارثة فننصح بناتنا والمرأة اليمنية عموماً باللجوء إلى المحكمة، وعدم تخوفها حتى تساعد مثيلاتها من بنات جنسها بأن يأخذن حقوقهن، وأن يؤمن بالعدالة، وبأنها سوف تعطيهن حقوقهن؛ وحتى لا يكن لقمة سائغة للعابثين؛ وحتى تكون هناك خطوط حمراء لا يتعداها هؤلاء الأزواج من أي جنسية، أو هوية عربية كانوا، وأن يعلمن أن القانون سيكون معهن، وسيكون رادعاً لهؤلاء العابثين، ويجب أن يساعدن أنفسهن باللجوء إلى القضاء، ويساعدنا على الحد من هذه الظاهرة غير المشروعة . النص القانوني ويقول المحامي محمد لطف الدفيني: لايوجد نص قانوني يبطل هذا الزواج، بل بالعكس نص المادة(15) أجاز عقد الزواج الأمر الذي يفسر لنا عدم وجود حد نهائي لهذا العقد، بل مجرد منهيات لم تحدد عقوبات تذكر في المادة (20)، والعقوبة ليست محددة، بل مجرد منهيات . ^^.. هل هناك حالات قمتم بتبنيها؟ قليل جداً، بل تكاد لا تذكر؛ ولكن نظراً لطول المعاملات، وعدم توفر المادة، والدخل الاقتصادي للأسرة لا يسمح لهن بأن يخضن غمار المحاكم فحبال المحاكم طويلة، وتحتاج إلى دخل مادي كبير . جشع الآباء واللهث وراء المال أما رئيسة اتحاد نساء اليمن رمزية الإرياني نوهت قائلة: إن السبب الرئيسي لهذه الظاهرة، هو جشع الآباء في المال الذي يجعلهم يرمون بناتهم إلى مصير مجهول . ما يعيق المرأة من التقدم إلى المحاكم ^^.. لماذا لا تلجأ المرأة اليمنية للمحاكم؟ السبب الأول هو - نظرة المجتمع لها، وخوفها من السمعة، وأحياناً كثيرة عدم دعم الأهل لها؛ خوفاً من نظرة المجتمع . ثانياً - ضعف المرأة بسبب الفقر، وتفشي الأمية، وعدم وجود دخل مادي يعينها لدخول المحاكم . ثالثاً - هناك حالات تلجأ للقضاء، ولكن منصب بعض الأزواج في الدولة لا يخولها بأن تضمن نجاح قضيتها . رابعاً - نظرة المجتمع لها بأنها خارجة عن إطار العادات والتقاليد . ^^.. هل هناك أي نشاط ستقومون به ضمن هذا الإطار لإعلاء صوت المرأة وإعطائها حقوقها؟ نعم بدأنا بعد عيد الفطر المبارك بتنفيذ حملة كبيرة جداً؛ لمنح المرأة حقوقها، وضمان حقها في الإرث، وإنصافها في القضاء، ووجود دعم إعلامي كبير. ويسعدني بأن تكونوا وجها إعلاميا لهذه الحملة، والمشاركة فيها .