إصابة مدني بانفجار لغم حوثي في ميدي غربي حجة    رئيس كاك بنك يبعث برقية عزاء ومواساة لمحافظ لحج اللواء "أحمد عبدالله تركي" بوفاة نجله شايع    مليشيا الحوثي تختطف 4 من موظفي مكتب النقل بالحديدة    القصاص ينزل من سماء تعز: إعدام قاتل بعد تحقيق العدالة لأولياء الدم    البرق بتريم يحجز بطاقة العبور للمربع بعد فوزه على الاتفاق بالحوطة في البطولة الرمضانية لكرة السلة بحضرموت    بارتي يشعل الحماس في صفوف ارسنال قبل مواجهة توتنهام    مستشار في الديوان الملكي وعضو هيئة كبار العلماء بالسعودية يقدم واجب العزاء في رحيل الزنداني    24 أبريل.. نصر تاريخي جنوبي متجدد بالمآثر والبطولات    شكلوا لجنة دولية لجمع التبرعات    - أقرأ كيف يقارع حسين العماد بشعره الظلم والفساد ويحوله لوقود من الجمر والدموع،فاق العشرات من التقارير والتحقيقات الصحفية في كشفها    نبأ عاجل من الديوان المليكي السعودي بشأن الملك سلمان بن عبدالعزيز بعد دخوله المستشفى    ضربة موجعة لجماعة الحوثي.. تحركات مكثفة للصين في عدن على كل المستويات!.. ماذا يحدث؟    قناة mbc تفتح النار في تقرير لها على الشيخ "الزنداني"    كأس إيطاليا.. يوفنتوس يتأهل إلى النهائي رغم خسارته من لاتسيو    حزب السلم والتنمية يعزي الإصلاح وأبناء فقيد اليمن الكبير الشيخ الزنداني ويسرد مناقبه    رئيس رابطة الليغا يفتح الباب للتوسع العالمي    يوكوهاما يصل لنهائي دوري أبطال آسيا    وزارة الداخلية تعلن الإطاحة بعشرات المتهمين بقضايا جنائية خلال يوم واحد    رئيس الاتحادين اليمني والعربي للألعاب المائية يحضر بطولة كأس مصر للسباحة في الإسكندرية    تحالف حقوقي يوثق 127 انتهاكاً جسيماً بحق الأطفال خلال 21 شهرا والمليشيات تتصدر القائمة    صحيفة مصرية تكشف عن زيارة سرية للارياني إلى إسرائيل    برشلونة يلجأ للقضاء بسبب "الهدف الشبح" في مرمى ريال مدريد    الذهب يستقر مع انحسار مخاوف تصاعد الصراع في الشرق الأوسط    المهرة يواصل مشاركته الناجحة في بطولة المدن الآسيوية للشطرنج بروسيا    خبير أرصاد يحذر: منخفض الهدير في اليمن ليس الأول ولن يكون الأخير (فيديو)    تحذير حوثي للأطباء من تسريب أي معلومات عن حالات مرض السرطان في صنعاء    تغير جديد في أسعار صرف الريال اليمني مقابل العملات الأجنبية    بشرى سارة للمرضى اليمنيين الراغبين في العلاج في الهند.. فتح قسم قنصلي لإنهاء معاناتهم!!    ترتيبات سعودية عمانية جديدة بشأن اليمن.. وجولة مفاوضات مرتقبة بين السعودية والحوثيين    دعاء قضاء الحاجة في نفس اليوم.. ردده بيقين يقضي حوائجك ويفتح الأبواب المغلقة    شعب الجنوب أستوعب صدمة الاحتلال اليمني وأستبقى جذوة الرفض    رشاد العليمي حاقد و"كذّاب" تفوّق على من سبقه ومن سيلحقه    شيخ بارز في قبضة الأمن بعد صراعات الأراضي في عدن!    «كاك بنك» فرع شبوة يكرم شركتي العماري وابو سند وأولاده لشراكتهما المتميزة في صرف حوالات كاك حواله    قيادة البعث القومي تعزي الإصلاح في رحيل الشيخ الزنداني وتشيد بأدواره المشهودة    «كاك بنك» يكرم شركة المفلحي للصرافة تقديراً لشراكتها المتميزة في صرف الحوالات الصادرة عبر منتج كاك حوالة    نزوح اكثر من 50 الف اثيوبي بسبب المعارك في شمال البلاد    أعلامي سعودي شهير: رحل الزنداني وترك لنا فتاوى جاهلة واكتشافات علمية ساذجة    كان يدرسهم قبل 40 سنة.. وفاء نادر من معلم مصري لطلابه اليمنيين حينما عرف أنهم يتواجدون في مصر (صور)    الاعاصير والفيضانات والحد من اضرارها!!    صحة غزة: ارتفاع حصيلة الشهداء إلى 34 ألفا و183    السعودية تضع اشتراطات صارمة للسماح بدخول الحجاج إلى أراضيها هذا العام    مؤسسة دغسان تحمل أربع جهات حكومية بينها الأمن والمخابرات مسؤلية إدخال المبيدات السامة (وثائق)    دعاء مستجاب لكل شيء    من هو الشيخ عبدالمجيد الزنداني.. سيرة ذاتية    مستشار الرئيس الزبيدي: مصفاة نفط خاصة في شبوة مطلبا عادلًا وحقا مشروعا    مع الوثائق عملا بحق الرد    لماذا يشجع معظم اليمنيين فريق (البرشا)؟    الزنداني يكذب على العالم باكتشاف علاج للإيدز ويرفض نشر معلوماته    الدعاء موقوف بين السماء والأرض حتى تفعل هذا الأمر    الحكومة تطالب بإدانة دولية لجريمة إغراق الحوثيين مناطق سيطرتهم بالمبيدات القاتلة    لحظة يازمن    بعد الهجمة الواسعة.. مسؤول سابق يعلق على عودة الفنان حسين محب إلى صنعاء    المساح واستيقاف الزمن    - عاجل فنان اليمن الكبير ايواب طارش يدخل غرفة العمليات اقرا السبب    وفاة الاديب والكاتب الصحفي محمد المساح    تصحيح التراث الشرعي (24).. ماذا فعلت المذاهب الفقهية وأتباعها؟    وزارة الأوقاف تعلن صدور أول تأشيرة لحجاج اليمن لموسم 1445ه    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المعالم الأثرية والتاريخية تناشد الجهات المختصة لإنقاذها
نشر في الجمهورية يوم 11 - 12 - 2010

لأن كلمة الحق لا بد منها وإن كانت مرة فإن مسئولية الأمانة الصحفية تحتم علينا طرح الإشكاليات وإن كانت قليلة، لكنها تهدد معالم تاريخية هامة، ولا بد من أخذها بعين الاعتبار.. بل ولا بد من تكاتف الجهات المعنية لتهيئة وتأهيل مدينة عدن للانضمام إلى قائمة مدن التراث العالمي كأقل تقدير وعرفان لدور هذه المدينة التي انتصب في سمائها علم الوحدة اليمنية المباركة في رابعة نهار الثاني والعشرين من مايو المجيد عام 1990م .
تاريخ حضاري
تعتبر مدينة عدن من أقدم المدن اليمنية والعربية التي لعبت دوراً هاماً في بناء أولى الحضارات الإنسانية القديمة عبر تاريخ يمتد إلى أكثر من ثلاثة آلاف عام بحسب ما ذكرته المصادر التاريخية، فقد كانت وما زالت ذات أهمية استراتيجية وتجارية لما تتمتع به من موقع استراتيجي هام يربط بين الشرق والغرب ويشرف على أهم ممر مائي وشريان بحري في ملتقى بحر العرب والمحيط الهندي والبحر الأحمر، وملتقى لحضارات الشرق بالحضارات التي سادت دول المنطقة المطلة على البحر الأحمر من الغرب والأبيض المتوسط في شمال أفريقيا وجنوب غرب أوروبا وهذه المدينة العريقة بتاريخها و موقعها الاستراتيجي بأهمية موقعها ومينائها وأهميتها التجارية والاقتصادية والتي كانت على مر العصور هدفاً ومطمعاً للغزاة والمحتلين ومن مختلف الجنسيات فقد دفعت بالمقابل ثمناً غالياً لحريتها والتمسك بهويتها اليمنية والعربية وأثرت وتأثرت بمن حولها ومن دخل إليها.. وتمتلك مخزوناً كبيراً من المعالم الأثرية والسياحية الهامة والتي تجسد وبما لا يدع مجالاً للشك الأطوار التاريخية التي مرت بها هذه المدينة ومدى ما وصلت من تحضر ورقي على يد الإنسان اليمني الأول الذي استطاع بعزيمته وقوى وصلابة إرادته أن يذلل الصعوبات ويقهر المستحيل ليشيد حضارة تاريخية لا تقل شأناً إن لم تكن أكثر شأناً عن أرقى حضارات العالم القديم .
تعدد وتنوع
ولأن هذه المدينة “عدن” أي عدن القديمة قد استقبلت وتقادمت عليها أمم كثيرة منذ العصور التاريخية الغابرة فقد حملت معها أيضاً تعدداً فكرياً ودينياً يجسد مدى التنوع الثقافي والديني الذي عاشته مدينة عدن وما زالت آثاره ومعالمه شاهدة للعيان كوجود المعابد الدينية لمختلف الديانات من هندوسية وكنائس ومعابد للمجوس أو لعبدة النار والآلهة الأخرى من الديانات والمعتقدات الدينية السابقة.
هذا التنوع الفكري أيضاً ترافق معه أيضاً تنوع وتعدد لأنماط البناء المعماري الذي شهدته عدن، لا سيما في المعالم الأثرية التي ما زالت تمثل اليوم معلماً هاماً من معالم عدن الحضارية .
نمط معماري فريد
ومن هذه الأنماط المعمارية في مباني عدن:
النمط السلجوقي: ويتجلى ذلك في النمط العمراني لمنارة عدن القديمة .
النمط الأبوي: ظهر ذلك واضحاً في النمط المعماري لقلعة صيرة..كما دخل على بناء القلعة أيضاً النمط التركي .
النمط الهندي: ونجد ذلك واضحاً في بعض المباني السكنية وجامع العيدروس وكل هذا جعل من مدينة عدن إذا صح التعبير منطقة إفراغ الحضارات على سطح هذه المدينة بأنماطها المختلفة لعملية البناء السائدة في كل دولة.. فعدن بذلك حوت الكل في البعض .
نماذج ثقافية
هذه التعددية والنماذج لثقافات وحضارات تلك الشعوب التي ارتبطت بمدينة عدن قد أثر بدوره على سكان هذه المدينة وجعل منهم أناساً قادرين على التعايش والقبول لهذه الثقافات ومع كل هذا التفاعل والتمازج مع كل الثقافات التي فعلت فعلها في الإنسان اليمني، ولكنه ظل محتفظاً بأصالته وعراقته الضاربة أطنابها في عمق أعماق التاريخ.. أي إن الإنسان اليمني لم يتنكر لها.. ومن هذه المعالم الأثرية والتاريخية البارزة التي تزخر بها مدينة عدن ومنذ مئات السنين وما زالت الكثير منها محتفظة بجمالها وروعة بنائها الهندسي والفني رغم ما أحدثته العوامل الطبيعية من تعرية بالإضافة إلى تدخل اليد الإنسانية.. ومن هذه المعالم البارزة التي هي بأحوج ما تكون وأكثر من أي وقت مضى إلى الاهتمام بها والحفاظ عليها وإعادة تأهيلها وفقاً لمواصفاتها وبما يحفظ طابعها المعماري والتاريخي.. وعلى نفس النمط المعماري،، وتحت إشراف فريق هندسي وأثري وأصحاب التخصصات والمهتمين من الباحثين بعيداً عن العشوائية والارتجالية التي تعمل على طمس المعالم وإلغاء كل الشواهد والمعالم التي تدل على قدم هذه المباني أو تلك.. وبالتالي إلغاء وبشكل مباشر بل وإنهاء حضارة أمة ظلت محافظة على تاريخها إلى اليوم.. من هذه المعالم والمخزون الأثري الذي تزخر به مدينة عدن القديمة:
قلعة صيرة
قلعة صيرة: وهي من أبرز قلاع وحصون مدينة عدن القديمة التاريخية وتقع على جبل صيرة وتقول بعض المصادر إنها شيدت في القرن الثاني عشر الميلادي وقد لعبت القلعة دوراً دفاعياً في حياة المدينة إلى جانب ما يحويه الجبل من تحصينات دفاعية صدت الكثير من الهجمات والغزوات التي هدفت إلى السيطرة على المدينة وما زال التاريخ يروي الملحمة البطولية الرائعة لأبناء وسكان مدينة عدن في وجه الاحتلال البريطاني يوم 19يناير 1839م حينما قامت القوات البريطانية بالهجوم على عدن بقيادة الكابتن هنس واحتلال المدينة لأكثر من 129عاماً .
هذه القلعة هي اليوم بحاجة إلى إعادة تأهيل وترميم بما يحفظ طابعها التاريخي حتى يتم استغلالها والاستفادة منها في الجانب الاستثماري.. عن طريق فرض رسوم معينة مقابل الخدمات اللازمة في الحفاظ على القلعة.. حيث إن أعمال المشروع الذي تم انجازه اقتصر على إقامة وإصلاح سلالم القلعة فقط .
صهاريج عدن
يزيد عدد الصهاريج في مدينة عدن حسب المصادر التاريخية عن خمسين صهريجاً طمرت معظمها ولم يعد باقيا منها سوى صهاريج الطويلة التي هي أيضاً بحاجة إلى ترميم وإعادة تأهيل وإن كان قد بدأ الاهتمام بها من خلال تشجير المدخل والممرات إليها من أيام الأخ أحمد محمد الكحلاني محافظ المحافظة السابق .
هذه الصهاريج أقيمت في الأصل وكما يرويه بعض الباحثين من أيام الدولة السبئية والحميرية كشبكة متكاملة تقوم بوظيفة تلقف وحجز المياه المنحدرة من الهضبة وحجز الحجارة والحصى والطمي حتى تنساب المياه صافية في الصهريج الدائري الواقع خارج الوادي .
منارة عدن
وقد كان بناؤها في عهد الخليفة عمر بن عبدالعزيز وشكل المنارة الخارجي شبيه بهرم ذي ثمانية أضلاع .
حصنا التعكر والخضراء
من الحصون التي تتميز بها مدينة عدن حصن التعكر ويقع في جبل التعكر ويعد أحد المواقع الدفاعية أما حصن الخضراء فيقع في قمة جبل الخضراء “المنصورة” ويشرف على المدينة والميناء .
أبواب عدن
باب العقبة:
هذا الباب أطلق عليه عدة تسميات منها باب للبر والسقايين والممر الرئيسي بعد الاحتلال يعده الهمداني أحد عجائب اليمن التي ليس في بلد منها حيث يصفه بأنه “صهر مقطوع” وكان الباب يغلق مساء ولا يفتح إلا في الصباح ولعب دوره الدفاعي عن المدينة وكان يعلو الباب جسر يسمح بالتحرك من حصن التعكر إلى درب حوش تم هدمه من قبل الإنجليز في إبريل 1963م لتوسيع الطريق وبذلك أزيل معلم من معالم عدن الحضارية والتاريخية التي تقتضي الحاجة العمل على إعادته وفق مواصفاته التاريخية.. وهناك أبواب أخرى كباب حقات وباب الصناعة وباب الساحل وهو باب المدينة البحري الذي يخرج منه الناس ويدخلون .
المساجد: أما المساجد القديمة فهي مسجد أبان التاريخي وقد أعيد بناؤه على نفقة فاعل خير، ولكن للأسف لم يتم مراعاة كثير من معالمه وطابعه التاريخي .
جامع العيدروس: وما زال بحالة جيدة ليبقى شاهداً على عمق وأصالة مدينة عدن .
الأحياء القديمة:
حي حسين: ويعرف بحي الشاذلية ويضم مجموعة من الشوارع القديمة حتى أبان وهو حي تجاري وملتقى عدة أسواق منها: سوق البهرة وسوق الطعام وسوق الحراج وسوق الحدادين ومن أشهر معالمه مسجد أبان .
وفوق هذا وذاك عدن القديمة تمتلك عددا من المعالم الأثرية كالمعابد.. ومقابر الفرس والمجلس التشريعي، بالإضافة إلى سور يحيط بها من قمم الجبال من كل جانب وفي كل قمة حصن أو حامية وما زال البناء قائماً في كثير من الأماكن .
أيضاً هناك نفق يربط ما بين مدينة عدن وخور مكسر وهو مغلق حالياً.. هذه وغيرها كثير مما لم نتمكن من ذكرها أو أنها طمرت إثر العوامل الطبيعية واليد الإنسانية لطمسها والعبث بها .
الوقوف بجد
ما سردناه جزء بسيط بغرض التذكير ولعل الذكرى تنفع المؤمنين.. فهذه المدينة اليمنية غنية بموروثها الحضاري تطالب كل المسئولين وأبناء المدينة والمحافظة والوطن بشكل عام بأن يهبوا جميعاً لإنقاذ ما تبقى من معالمها التاريخية.
الوقوف بجد في العمل سوياً في الحفاظ على هذه المعالم والاهتمام بها وتأهيلها وترميمها بنفس التصميم والمواد التي بنيت بها في السابق،فالخبرات الهندسية والاستشارية والمتخصصون من الباحثين والأثريين موجودون، ولكن الحاجة فقط هي وجود صدق في النوايا .. وبما يحفظ لهذه المدينة مكانتها التاريخية بين المدن العربية والعالمية بما لعبته من دور بارز من خلال موقعها الجغرافي ومبناها التجاري والاقتصادي والذي أهلها للقيام بدور هام في التحكم بالتجارة العالمية وتضاعفت أهميتها في العصر السادس عشر عصر الكشوفات الجغرافية والتجارة البحرية بين الدول الأوروبية خاصة البرتغال واسبانيا وهولندا وفرنسا وانجلترا حتى بزوغ عهد النهضة الأوروبية فكانت عدن مقصداً للغزاة والمعتدين .
ولم يعد الأمر قاصراً على اتخاذ عدن كميناء وحسب بل صاحب ذلك نهضة عمرانية كبيرة، حيث تعددت النماذج العمرانية في هذه المدينة منذ القدم وصولاً إلى عهد الدولة التركية، وحتى الاحتلال البريطاني.. ومن هذه النماذج العمرانية “القلاع ، الحصون ، المساجد، المعابد، والكنائس، والأسوار، والسدود والصهاريج”.
فكانت عدن مزيجاً من ذلك الفن المعماري الفريد في تنوعه والذي تخط به مدينة يمنية أخرى وذلك نتيجة لتعدد الأجناس داخل هذه المدينة .
استياء من العبث والإهمال
المشاهد من عامة الناس، بل والبسطاء من الناس لما لحق من دمار وتهديم وإهمال وتسيب لمعالم عدت التاريخية إلا القليل أو النادر إن صح التعبير والنادر "لاحكم له" المتابع لكل ذلك لاشك وأنه سيشعر بالاستياء.. ليس لأن هناك أيادي عبثت بهذه المعالم التاريخية، ولكن للإهمال الذي يحدث بقصد وبدون قصد أحياناً أخرى.. وتساؤل نطرحه كيف نسعى لتأهيل عدن كمنطقة حرة وعلى أنها عاصمة اقتصادية وتجارية ونحن نشاهد بأم أعيننا مخزوناً ضخماً من المواقع والحصون والمعالم الأثرية تطمس أو تهدم أو تطمر بفعل عوامل الزمن أو بتدخل الأيادي الإنسانية أو بغرض التجديد للبناء، ولكن دون مراعاة للطابع التراثي كيف سيتوافق ذلك مع اهتمامنا بالسياحة .
ونحن نشاهد قوافل السياح تأتي إلينا لغرض الاستمتاع بما تمتلكه اليمن عموماً وعدن خصوصاً من مواقع طبيعية وأثرية جميلة، هذه وغيرها من التساؤلات طرحناها على المعنيين في السلطة المحلية والمختصين والمهتمين بهذا الشأن ودورهم جميعاً في الحفاظ على ما تزخر به المدينة من مواقع أثرية وقلاع وحصون وفي المقدمة صهاريج عدن التاريخية .
دور السلطة المحلية
المجلس المحلي لمديرية صيرة ممثلاً بأمينه العام ورئيس المجلس مدير عام المديرية يعترف بوجود قصور في الحفاظ على المعالم الأثرية والتاريحية ويعرب عن مخاوفه الشديدة من استمرار الوضع الراهن والزحف العمراني والعشوائي تجاه المواقع الأثرية ويوجه الدعوة إلى قيادة المحافظة والوزارة بزيادة الاهتمام بهذا الشأن فيقول الأخ عوض بن عوض مبجر أمين عام المجلس المحلي بمديرية صيرة: نحرص في المجلس المحلي على الاهتمام بالآثار والحفاظ عليها وقد كرس الاجتماع الأخير لمناقشة هذا الوضع ورفعت توصيات بشأن تأهيل مدينة عنس القديمة ضمن قائمة المدن التاريخية في العالم ولهذا نعمل على حصر الأماكن الأثرية والمنازل ذات المباني القديمة لإبراز معالم مدينة عدن الأثرية والتاريخية كما تعمل على وقف الهدم للمباني القديمة وتغير الملامح التاريخية لها، بالإضافة إلى أعمال الترميم والتأهيل للبعض الآخر أو إزالة العوائق لإظهار تلك المعالم الأثرية .
إشاعات
وفي رده على سؤال بوجود شائعات عن نوايا لإقامة مشاريع استثمارية بالقرب من الصهاريج.. يقول أمين عام المجلس المحلي: نحن ضد أي مشروع استثماري يشوه المنظر للصهاريج أو أي معلم أثري آخر وسنعمل على إزالة العشوائية في منطقة الصهاريج أو أي تطاول يمس التراث التاريخي لمدينة عدن, والذي يعتبر الصهاريج أهم الواجهات، بل الوجه التاريخي الأبرز لمحافظة عدن ولليمن بشكل عام؛ لهذا لا يمكن أن نسمح بأي حال من الأحوال بأي أعمال تطال النواحي والمعالم التاريخية لهذه الصهاريج.. وهناك مشروع قادم لغرض ترميم الصهاريج مع الحفاظ على طابعها التاريخي.. أما بالنسبة للجانب الجمالي فقد أولى الأخ المحافظ هذا الجانب جل الاهتمام والرعاية، ودخلت رعايته لتشمل زراعة وتشجير مدخل وممرات صهاريج عدن التاريخية .
طمس معالم باب عدن
وفيما يتعلق بطمس معالم باب عدن ودور المجلس المحلي يؤكد الأمين العام أن باب عدن قد دمر في السابق وحالياً هناك إشكالية بخصوص واجهة عدن مثل ماجرى من تحويش للمساحة الواقعة بباب عدن والتي كانت تسمى سابقاً استراحة أروى والتي تم صرفها لمستثمر.. ونحن كمجلس محلي نأسف لإقامة حوش في تلك الساحة وقد رفعنا مذكرة بهذا الخصوص لقيادة المحافظة .
صيرة الحاضنة للمواقع الأثرية
الأخ خالد وهبي عقبة - مدير عام مديرية صيرة يرى أن الضرورة تقتضي سرعة وزيادة الاهتمام بالمعالم الأثرية وعلى رأس قائمة الأولويات الصهاريج فهي بحاجة ماسة لإعادة تأهيلها وترميمها من جديد تحت إشراف المختصين من الآثار وهناك مشروع من قبل برنامج تطوير مدن الموانئ لتأهيل وترميم قلعة صيرة والصهاريج كما أن هناك وعودا لتأهيل الصهاريج من قبل أمير دولة قطر الشقيقة .
تشكيل لجنة
وفيما يتعلق بالإجراءات المتخذة للحفاظ على هذه المعالم التاريخية وتأهيل مدينة عدن لضمها إلى قائمة المدن العالمية القديمة يقول مدير صيرة: إن الأخ المحافظ قد قام بتشكيل لجنة لإعداد تقرير سيقدم لليونسكو على اعتبار أن مدينة كريتر هي مدينة تاريخية أسوة بمدينة صنعاء.. وقد أنجزنا شوطاً كبيراً واتخذنا عددا من المقترحات، منها ضرورة الحفاظ على كل المواقع التاريخية ..فكريتر تضم كنزاً ثميناً من الآثار ولكن لم تمتد لها يد الحفاظ والرعاية والصيانة إلا بالعبث والتخريب والتدمير؛ فهناك تأكيدات للباحثين والأثريين بوجود آثار تاريخية هامة مطمورة أو أنها دمرت مثلاً المساجد، بعض العمارات، تم إعادة بنائها على غير النمط التاريخي، وبهذا نكون قد أنهينا دورها التاريخي.. ومن خلال تلك اللجنة تم الاتفاق على أن تشكل لجنة وطنية لدراسة هذا الموضوع ورفع توصيات لإيجاد تشريع محلي من قبل قيادة المحافظة يمنع الهدم والبناء في مدينة كريتر. فالحاصل حالياً أن هناك هدما وإقامة مبان جديدة.. وهناك معالم تاريخية تم العبث بها أو إهمالها كما حدث لجامع أبان الذي تم تجديد بنائه دون مراعاة لطابعه التاريخي ومثلما يحدث لجامع الخوجة الذي يمتلك قبابا تاريخية، ولكن للأسف إن اخواننا الخوجة أصبحوا يلهثون وراء المكاسب التجارية واستغلال المبنى في الجانب التجاري, وقد كلف الأخ المحافظ بحصر وتحزيم المواقع التاريخية في مدينة عدن .
هدم عدد من المساجد والمباني
وعما إذا كان هناك حلول أو معالجات للإشكاليات التي نجمت عن هدم عدد من المساجد القديمة وبنائها بطريقة جديدة يعترف مدير عام مديرية صيرة بوجود هذه الإشكالية التي واجهت عمل المجلس المحلي في الفترة السابقة وذلك كما حدث لجامع أبان ونحن نقول: جزى الله خيراً من قام بإعادة تأهيل وترميم المساجد، ولكن كان يفترض أن يتم ذلك تحت إشراف المختصين من الآثار؛ لأن العمل دون الرجوع للجهات المختصة من شأنه إغفال جانب مهم، وهو الحفاظ على الطابع المعماري للعمارة اليمنية القديمة عموماً ومدينة عدن على وجه الخصوص، وهو ما عانيناه في فقدان الطابع المعماري لبعض العمارات والمساجد وقد تم إصدار التوجيهات أخيراً بعدم السماح بمنح تراخيص تجديد البناء للمساجد القديمة إلا بعد التشاور مع المختصين في الآثار, وبالنسبة لفتح النفق الذي يربط مدينة كريتر وحتى خور مكسر فقد بدأ الاهتمام منذ أيام الأخ الدكتور يحيى الشعيبي المحافظ الأسبق لمحافظة عدن وذلك بغرض فتحه وهناك عزم لإيلاء هذا المشروع الاهتمام في الأيام القادمة .
الصهاريج سبئية
الأخ خالد عبدالله عبده رباطي مدير صهاريج عدن التاريخية يطرح في حديثه بأن بعض المصادر التاريخية تقول بأن ملكة سبأ في القرن الخامس عشر قبل الميلاد هي من أمرت ببناء سدود الصهاريج وقامت دولة حمير بتطويرها وتوسيع وزيادة عددها إلى أن وصل إلى 50 صهريجاً مكونة شبكة أو منظومة مائية متكاملة تبدأ من صهاريج الطويلة وآخرها تحت مبنى المجلس التشريعي حالياً وقد طمر هذا السد.. وقد وصف الكثير من المؤرخين صهاريج عدن بأنها من أعظم البناء الهندسي في العالم .
صهاريج مقلب للقمامة
رباطي الرجل الذي قد جند نفسه لخدمة الصهاريج والجلوس صباح مساء على بوابة الصهاريج يطرح همه كما هو هم لكل مواطن يمني غيور على تراث وطنه.. فيقول: هذه المعالم العظيمة والآثار التاريخية الهامة تستدعي منا جميعاً العمل في الحفاظ عليها.. بشكل تام وكامل فهناك صهاريج أكبر من صهاريج الطويلة قد أصبحت اليوم مكانا لرمي القمامة أو أنها قد طمرت وماخفي كان أعظم فهذا السد أو الصهريج الذي بجوار مدرسة الصهاريج والواقع خارج سور منظومة الصهاريج قد تحول إلى مقلب للقمامة، وليس هناك اهتمام لإنقاذ هذا الموقع التاريخي الذي منه تتفرع المياه إلى كل مدينة عدن كما كان وضعه في السابق .
رأي المختصين
د. رجاء باطويل مدير عام مكتب الهيئة العامة للآثار والمتاحف عكفت على إجراء دراسة وضحت فيها بعض المعالم الأثرية لمدينة عدن وطرحت رأيها كفنية ومختصة في هذا الجانب إلى قيادة محافظة عدن ومنها مناشدة بإصدار قرار يجرم المساس بتغيير ملامح مدينة عدن وخصوصيتها التى تتمتع بها في حال الإقدام على ترميمها على سبيل المثال صهاريج عدن، قلعة صيرة، منارة عدن ، السدود، الحصون، السائلات، والأبواب القديمة وغيرها .
من المباني والمعالم التي تؤكد قدمها بالإضافة إلى الحفاظ على المواقع الأثرية الأخرى كمرحلة أولى لكي تتمكن من تهيئة انضمام عدن القديمة صيرة “كريتر” إلى لائحة التراث العالمي بحكم أنها أقدم مستوطنة في عدن وتمتعها بالخصوصية التي تهيئها لذلك .
المطالبة بترميم المواقع الأثرية والمباني القديمة، وتنفيذ المشاريع في هذا الجانب مع الحفاظ على الطابع المعماري والتاريخي، وإشراك الجهات المختصة وتحت إشراف الباحثين والأثريين, وتشجيع أعمال البحث الميداني وما هو مطمور من تلك الآثار.. ومنع كل محاولة للعبث بها أو بمحتواها .
منظومة متكاملة
ويؤكد مدير عام مكتب الهيئة العامة للآثار والمتاحف ضرورة أن تحظى مدينة عدن بالمزيد من الاهتمام بها وأن تأخذ نصيبها الوافر من الاهتمام والرعاية كمدينة تاريخية وتجارية فلابد من عمل منظومة خاصة ومتكاملة يراعى فيها الجانب التجاري مع الجانب التاريخي التراثي الحضاري المشرق، ولن يتأتى ذلك إلا بالتعاون مع الجهات ذات العلاقة المباشرة؛ لإبداء الرأي الصائب في وضع الخطط وتحديد الأماكن التي يجب المحافظة عليها حتى تظل عنواناً بارزاً يمثل الهوية التاريخية والحضارية .
ضرورة قصوى
إن السكوت عما يطال المعالم التاريخية والأثرية من إهمال، إنما يعني مزيداً من التسيب الذي يؤدي إلى دمار وطمس المعالم الحضارية الهامة .
ومن ذلك ما لاحظناه وما لاحظه كل زائر لصهاريج عدن تلك المعالم الحضارية العريقة التي بدأت عوامل الطبيعة في الفتك وتدمير جزء من هذه الصروح الحضارية الأثرية الهامة من خلال تساقط القضاض وبعض الأحجار من جدران بعض الصهاريج وتسقف واضح على الجدران المختلفة .
ناهيك عما لحق الصهريج الأكبر الموجود خارج الحوش والذي يسمى صهريج “بليفير” نسبة للكابتن الانجليزي بليفير الذي عمل على ترميمه. والواقع بين مدرستين للأطفال من إهمال يهدد بتساقط جدرانه. والذي يتطلب وكما أفاد مدير الصهاريج خالد عبدالله عبده رباطي سرعة ترميم هذا الصهريج الذي يعد أكبر الصهاريج وتزيد سعته على أربعة ملايين جالون بالإضافة إلى حوالي 20 مليون جالون هي سعة سلسلة الصهاريج الأخرى التي هي أيضاً بحاجة ماسة للترميم وفق الأساليب التي تحفظ لها طابعها الحضاري والتاريخي.. كما أن السايلة الممتدة من الصهاريج وحتى ساحل البحر في صيرة والتي قد تساقطت أحجار جدرانها الجانبية وما لحقها أيضاً من اعتداء في ردم أجزاء منها بمخلفات البناء والقمامة في أماكن أخرى والتي يزيد طولها عن 240مترا وبعرض من 6إلى 7أمتار وتمثل منفذا لمرور السيول من الصهاريج وحتى البحر.. وهو الأمر الذي يقتضى أهمية ترميمها والحفاظ عليها باستمرار وتنظيفها وإزالة وتنظيف كل المخلفات فيها حتى لا يؤدي انسدادها إلى وقوع كارثة طبيعية لا سمح الله حال هطول أمطار غزيرة قد تكون نتائجها وخيمة وتهدد بكارثة إنسانية على سكان المدينة بكاملها.. ولعل ما يثير التساؤل أيضا هو وقوع وحصول مثل تلك الأمور التي سلم الله في المرات السابقة من وقوع الأضرار الكبيرة مثل ما ألحقته أضرار السيول بداية العام الجاري، وبالذات في السوق الشعبي بالسايلة، أيضا نشوب أكثر من ثلاث مرات لحريق هائل في صناديق السوق الشعبي بالسايلة كان آخره في أيام إجازة عيد الأضحى المبارك وما نجم عن ذلك من أضرار مادية لحقت حتى بالمنازل المجاورة كل ذلك أمور في غاية الأهمية لا بد من تداركها ووضع حل لها من قبل المعنيين والسلطة المحلية في المديرية والمحافظة .
ناهيك عن ضرورة الحفاظ على المعالم التاريخية خصوصاً في إصدار تشريع يمنع بيع وهدم المنازل القديمة في مدينة كرتير التي تشهد العديد من مبانيها القديمة عمل هدم من قبل بعض المستثمرين الذين يشترونها من أصحاب تلك المنازل ليقوموا بهدمها وإعادة بنائها بأسلوب استثماري وتجاري، دون مراعاة لطابعها المعماري القديم خصوصاً في شوارع الزعفران وجوار البنك المركزي وغيرها.
إن التسيب والإهمال قد طال قلعة صيرة التاريخية فهذه القلعة التي تعد واحدة من أهم معالم اليمن الحضارية.. رغم أنه تم إصلاح السلالم إلى قمة جبل صيرة إلا أن الترميم لم يشمل المبنى والمواقع الدفاعية وغيرها .
كما أن البعض من الزوار وقليلي الذوق وللأسف قد حول غرف القلعة إلى أماكن للبول والتغوط بسبب عدم وجود حمامات في المكان، حيث كان لابد من أن تعمل الجهات المشرفة ومكتب السياحة أيضاًَ على إقامة لوحة تعريفية تشمل معلومات عن تاريخ بناء القلعة وأهميتها التاريخية لإطلاع الزائرين على ذلك.
الأهم والأخطر من كل ذلك أن القلعة التي تعد بكامل موقعها أي الجبل جبل صيرة من أسفله موقعاً تاريخياً يحاول البعض السيطرة والاستحواذ على المساحة التي بجوار مدخل سلالم جبل صيرة.
لمحافظ عدن
وهو سؤال نوجهه لمحافظ عدن الدكتور عدنان عمر الجفري: لماذا تم تدمير رصف المساحة عند أسفل جبل صيرة؟ ولمصلحة من ذلك؟ خاصة وأنه لم يمض على رصفه بملايين الريالات سوى أشهر قليلة؟
أخيراً نتساءل متى سنسمع عن نجاحنا في ضم مدينة عدن القديمة إلى قائمة مدن التراث العالمي فهذه المدينة تستحق من الجميع أن يبذلوا قصارى جهودهم وفي المقدمة أعضاء السلطة المحلية فيها وفي المحافظة من أجل الحفاظ على معالمها العديدة والمتنوعة، والتي تحوي تراثاً حضارياً ومخزوناً ثقافياً وتاريخياً كبيراً.. لأن أي إهمال أو تسيب لذلك يعني الإعلان عن التخلي عن الأصالة التاريخية والعمق الحضاري للوطن اليمني ولمدينة عدن العاصمة الاقتصادية والتجارية ليمن ال22من مايو المجيد.. هذه المدينة العريقة بحضارتها الوفية بوطنيتها والطيبة بطيبة أهلها الطيبين وهي جديرة بكل الحب والإخلاص والوفاء الدائم .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.