يعتبر داء الكلب مرضاً منتشراً في اليمن، حيث يتعرض للعض سنوياً ما يقارب تسعة آلاف نسمة، تقدم لهم الإسعافات الأولية واللقاحات، بينما بلغت عدد الوفيات خلال العام الماضي “2010” م “38” حالة وفاة, وهي حالات تصل متأخرة, وقد ظهرت عليها الأعراض، هذا مع استثناء حالات الوفاة التي يسمع بها المتخصصون من الأهالي دون أن يتم الإبلاغ عنها رسمياً. الحوار التالي مع الدكتور عبدالله الورد - مدير البرنامج الوطني لمكافحة داء الكلب، يسلط الضوء حول خطورة هذا الداء وسبل الوقاية منه، وأسباب شحة اللقاحات المعتمدة لتحصين المصابين. فجوة احتياجات كم كمية اللقاح المعتمدة سنوياً لمكافحة الداء؟ كمية اللقاح المعتمدة لنا سنوياً تبلغ “12” ألف جرعة، وأربعة آلاف جرعة مصل، بينما الاحتياج الحقيقي يتجاوز العشرين ألف جرعة سنوياً، ونحن نتقدم في طلباتنا من “18 20” ألف جرعة سنوياً, ولكن الاعتمادات لا تغطي إلا ما يقارب “12” ألف جرعة لقاح و”4” آلاف جرعة مصل، وتكلف الجرعة الواحدة ما يقارب” 21” دولاراً، بينما يحتاج الشخص الواحد إلى خمس جرع، أي إن ثمن ما تنفقه الدولة سنوياً يبلغ ستة وخمسين مليونا ومائتين وخمسين ألف ريال، وهذا لا يغطي إلا ثلثي الاحتياج. يهاجم العصب ما تقييمكم لمستوى خطورة داء الكلب؟ مشكلة داء الكلب ليست كأي مرض مثل تلك التي يعرف فيها فترة حضانة المرض، لكن فترة حضانة داء الكلب غير محددة، وقد تمتد من أسبوع إلى سنة وأحياناً إلى ثلاث سنوات، وقد يصاب الإنسان بالعضة قبل عام وينسى أنه تعرض للعض، ولكن فجأة تظهر عليه الأعراض، ومتوسط ظهور الأعراض ما بين الشهر والشهرين، وأغلبية من يتعرضون للعض هم من الفقراء الذين لا يتمتعون بأي وعي يقيهم مخاطر الإصابة، وخطورة فيروس داء الكلب أنه ينتقل بواسطة الأعصاب، فعندما يصاب الإنسان بجرح نتيجة عضة يبدأ الجرح بالبحث على رزمة عصبية في جسد الإنسان، وأول ما يجد رزمة عصبية يلتصق بها، ويبدأ التكاثر فيها، وكلما كانت الفيروسات كثيرة، والرزمة العصبية كثيرة، ازدادت سرعة انتقال الفيروس وظهرت أعراضه بسرعة. نفاذ المخرون لماذا تقلصت كميات اللقاحات المرسلة لوحدات المكافحة عما كانت عليه سابقاً؟ التقليص لم يحدث إلا خلال شهر يناير الجاري، نتيجة أن كمية اللقاح نفدت من المخازن، ولم يتبق إلا كمية قليلة ندفعها بالتقسيط، خوفاً من حدوث أزمة، بحيث تعطى هذه الكميات القليلة للمضطرين الأكثر احتياجاً، رغم أن كل شخص تعرض لعضة كلب نعتبره في حالة خطر إذا لم يأخذ اللقاحات، خصوصاً إذا كانت العضة من كلب شارد ولا يعرف مصيره. مشكلة روتين لكن هناك بعض وحدات المكافحة تشكو تقليص كمية اللقاحات من فترات سابقة لشهر يناير الجاري؟ نعم، منذ شهري ديسمبر ويناير بدأت الكمية تقل إلى النصف، والآن بدأنا نعطي أقل من النصف بسبب شحة الكميات لدينا ومعروف أن الاعتمادات الحكومية لا تبدأ إلا من منتصف شهر يناير، وتوزع عملياً في شهر فبراير، وهي فترة نأخذ خلالها بتوجيه الخطاب للجهات المعنية بتوفير عروض أسعار خاصة بقيمة اللقاح، وهي فترة تأخذ ما بين شهرين إلى ثلاثة أشهر. عائق الاعتمادات لماذا لم تقوموا في فترات سابقة بعمل حسابكم لتوفير مخزون أمان؟ المشكلة أننا غير قادرين على ذلك نظراً لشحة الاعتمادات وهي مسألة تعيقنا أيضاً عن توفير الاحتياج كاملاً. لماذا لا يتم زيادة عدد وحدات مكافحة داء الكلب لتشمل مناطق أوسع بهدف التخفيف عن الناس؟ يوجد لدينا (21) وحدة مكافحة على مستوى عواصم المحافظات، وبعض المحافظات فيها أكثر من وحدة ، إلا أن بعض المحافظات لا يوجد فيها مرض منتشر وهي خمس محافظات تقريباً لم تفتح فيها حتى الآن وحدات مكافحة نظراً لانخفاض معدل الخطورة فيها. ونحن لا نستطيع أن نفتتح وحدات جديدة بسبب قلة الدعم فما الفائدة من وحدة مكافحة جديدة لا نستطيع تغطيتها بالدعم اللازم من اللقاحات والأمصال. %80 لسبع محافظات بينما يوجد هناك سبع محافظات هي تعتبر بؤرة لانتشار المرض، والمشاكل فيها كثيرة، مثل أمانة العاصمة، وتعز، وإب، وذمار, ومحافظة صنعاء، وعمران، والحديدة وهذه السبع المحافظات فيها مشاكل كثيرة جداً، وهي تستحوذ على “80%” من اللقاحات، وعشرين بالمائة تقريباً لبقية المحافظات. وتعتبر أمانة العاصمة هي الأكثر إصابة، والتي تتوافد عليها حالات من مختلف المحافظات لتلقي العلاج نظراً لوجود أقارب لهم في أمانة العاصمة. معالجة الأسباب وليس النتائج كيف يمكن محاصرة أسباب داء الكلب؟ هذه المسألة تمثل مشكلة كبيرة ونقطة أساسية بالنسبة لنا، لأن الحل لا يكمن في توفير اللقاح، ونحن في الحقيقة نواجه نتائج تقصير بعض الجهات، وعدم قيامها بواجبها على أكمل وجه، لذلك تنتشر الكلاب الشاردة بشكل كبير، والتي تترعرع على فضلات القمامة، ولو أن هناك تنظيما وتنسيقا مع صناديق النظافة في المحافظات، ووزارة الأشغال، والتي يفترض أن تقوم الإدارات الخاصة بمكافحة الكلاب الضالة التابعة لصناديق النظافة في المحافظات بتنظيم حملات بشكل دوري، لقلة أعداد الحالات بشكل كبير عما هو حادث الآن. والحملات التي تنظم حالياً هي حملات متقطعة، والمفترض من ناحية علمية أن تنفذ الحملات كل ثلاثة أو أربعة أشهر، ولو نظمت الحملات بشكل دوري سليم، فسيتم تخفيف أعباء التكاليف اللازمة للقضاء على الكلاب الضالة، وما يتطلبه ذلك من مصاريف للسموم والعمال.