عسى أن أرى ضوء القمر المنير في ظلام الليل، واسمع موسيقى الحياة في لحظات السعادة، في قلبي الشفيف ينفتح عالم شفيف، في نظر الشوك، الشوك هو العالم، في نظر الورد، الورد هو العالم. (من ترنيمة بوذية) لعلنا حتى نتصالح مع العالم من حولنا ونعيش حالة من السلام الداخلي والاستقرار النفسي، سنلجأ إلى هذة الموسيقى التي سترتب أشياءنا الجوانية بطريقتها. كل ما تطلبه منك هو أن تستمع إليها في سكينة وتركيز، كأنك تتلقى رسالة من عالم آخر. للموسيقى فلسفة خاصة لدى بعض شعوب شرق آسيا، حيث تصبح ذات وظيفة حيوية ضمن الشعائر والطقوس التعبدية، اذ تمتاز ديانات تلك المنطقة كالبوذية والطاوية والشنتوية بأنها منهج حياتي يرتقي بالروح ويسمو بها فوق العالم الحسي، لذا لا يمكن الحديث عن الموسيقى الشرق آسيوية، دون التطرق إلى التكوين الثقافي و الديني، الذي يمثل الأرضية، التي تشكلت عليها أصول هذه الموسيقى، حتى اكتسبت خصوصيتها اللافتة، حيث للموسيقى هنا دورها التربوي و الروحي، وليس الامتاعي أو الترفيهي فقط. وإذا كانت الموسيقى في الديانة الهندوسية تمثل تقرباً للآلهة، فإنها في البوذية سمو نحو المطلق، وليس ببعيد توظيف الموسيقى عند الطرق الصوفية الإسلامية ( كالمولوية وغيرها) للوصول الي حالة الوجد. وحتى نفهم الموسيقى الروحية الآسيوية بما تحمله من رسالة ومضامين عميقة لا بد أن ندرك ارتباطها الوثيق – كالسداة واللحمة - بالبوذية، التي تأسست في النيبال شمال الهند قبل ميلاد المسيح بخمسمائة عام على يد بوذا، الأميرالذي نبذ حياة الترف، وراح يهيم في الأ رض باحثاً عن الحكمة المطلقة والاستنارة الروحية.. فمن خلال التأمل والتحكم برغبات الجسد، يمكن الوصول إلى السعادة و السلام كمرحلة أولية، و إنجاز التوحد بالمطلق (النارفانا) كهدف أقصى بحسب استعداد الشخص وتفانيه، كما تضمنت تعاليمه المبادىء والممارسات التي يمكن عن طريقها تحقيق حالة عقلية عالية من الصفاء و الوضوح تولدت عنها الرياضات الروحية كاليوجا و الزن، لذلك أصبحت البوذية حديثاً إحدى طرق العلاج النفسي، حتى يقال إنها ليست ديناً، بل هي علم العقل. مزيداً من التفاصيل