تعد محافظة ريمة من أكثر المحافظات أمناً وهدوءا واستقراراً وتقل فيها نسبة الجرائم إلى درجة الإنعدام لكن خلال العشر سنوات الأخيرة بدأت تزداد المشاكل والجرائم لتصل إلى درجة القتل والتعذيب والتعزير والتمثيل بجثة القتل.. هكذا تروي الحكايات القادمة من جبال ريمة بمديرية الجعفرية ومسرح الجريمة التي احتضنها أهالي بني القحوي واستقبلوا الخبر بنوع من الخوف والفزع والهلع في مقتل الطفل غالب محمد القحوي ابن الثلاثة عشر ربيعاً. خيوط الجريمة كان المجني عليه «غالب م ع» علاقة وطيدة بأخ المتهم الذي دبر له طريقة استدراجه إلى القرية الثانية من أجل أن يذهب الاثنان إلى إحدى عشياقاته وهي فتاة في نفس العمر واتفق معه على أن يكون الموعد المتفق عليه في القرية الثانية بعد صلاة المغرب.. لم يتردد غالب لحظتها في قبول الدعوة بعد أن ظل طوال اليوم يحلم بلحظة اللقاء والعناق ويرتب نفسه ويعدل في قصة شعره وينظف ملابسه ويقص أظافره من أجل أن يظهر أمام العشيقة الجديدة والحبيبة القادمة وكان طوال اليوم يحدثه عن محاسن هذه الفتاة وجمالها وحبها الصامت له مدعياً إنها تحبه وهو لا يعرف ..وما عليه إلا أن يشد من أزره ويذهب معه بعد المغرب إلى القرية الثانية وهي قرية هذا الصديق وهكذا انتهت القصة في قرية المقتول بعد أن وعده بأن يكون العشاء في منزلهم ..ولم يكن يعرف غالب أنهم يحيكون له خيوط الرحيل إلى الأخرة وأنه اليوم مغلوب وليس غالب ثم إن زجاجة العطر التي فاح عبيرها منه هي آخر عهده بالدنيا قبل الرحيل إلى دار الأخرة بيد فاعل وسيناريو وإعداد مسبق من قبل صديقه وأخيه. قبل المغيب كان الفتى العاشق المتيم ينتظر غروب الشمس بفارغ الصبر..لكنه لم يستطع أن يصبر إلى أن تغيب الشمس وغادر قريته مرتدياً اجمل الثياب وعليه أجمل الروائح بخطى مليئة بالغرور والحب والثقة والتفاؤل بلقاء حبيبته الموعود بها من قبل صديقه الذي وعده بتوفير مكان آمن وجو رومانسي ليكون اللقاء بين أشجار حوش المنزل ووقت صلاة المغرب. اللحظات الأخيرة لحياته ولأن السيناريو مُعد مسبقاً فقد حضرت الفتاة إلى غالب في الزمان والمكان المحددين ثم اختفى أخو صديقه من أجل حمايته ليأتي صديقه وهو في حالة هوس لعشيقته وقام بصب وابل من الحجار عليه أصابته واحدة منهن في رأسه وهشمته ليرديه قتيلاً دون أن يعرف أحد أنه قتل ثم قام بسحبه إلى شجرة تدعى «الجزيرة» وعلقه بها من أجل أن يتراءى للمشاهد ومن وجده بأنه قد سقط من قمة الجبل إلى أن وصل هناك لكن لا أحد يعرف كيف سقط من الجبل دون أن يصيبه أي جرح أو تقشر في الجلد كما فقد حذاءه وساعته ولم يجدها حتى الآن. من وجده ولأنه أخذ الأذن من أهله بالذهاب إلى القرية المجاورة فإنهم لم يبحثوا عنه في مساء ذلك اليوم بل انتظروا عودته من المدرسة بعد انتهاء الدوام وكانت المفاجأة أن وجدته إحدى النسوة كانت في الطريق لجلب العلف للمواشي من الوادي الواقع أسفل القرية التي بدورها أبلغت أهل القرية ثم أهل الولد المقتول الذين لم يصدقوا الخبر ...لتتحول القضية من شخصية إلى قضية رأي عام وحاول أهالي قرية ابنى القحوي إيصال القضية إلى المحاكم وتجميع الأدلة حول القاتل وهناك اتهم بالقتل «حسن ي ع» لكن القضية لم يثبت فيها شاهد ولا تتوفر شاهد العيان كما أن الدليل الكافي لم يكن كافياً بأن ينزل حسن ساحة الإعدام ليجد قاضي المحكمة نفسه في موقف الحائر في تثبيت القضية بعد أن أنهت محكمة الجبين الابتدائية في ريمة من المرافعة والمرافعة حكمت بدية مسلمة إلى أهله بسببين عدم توفر الدليل الكافي وكذلك عدم نيته بالقتل وتبلغ هذه الدية خمسة ملايين ريال لكن والد المجني عليه فضل الاستئناف عن أكل دم ابنه ولا تزال القضية بين أورقه المحاكم ..يقول الأستاذ عبد الغني الضبيبي محامي ولي الدم أتوقع أن نحصل على حكم القصاص أولاً كما أنني أتمنى أن لا تتصدى المحكمة في محاضر الاستدلال وفقاً للمادة «32» من قانون الإجراءات الجزائية طالما- وهي جريمة جسمية وهي قتل عمد انتشرت في الأونة الأخيرة وهي بحاجة إلى جرأة قضائية من أجل القضاء عليها واستئصالها.