فضيحة تهز الحوثيين: قيادي يزوج أبنائه من أمريكيتين بينما يدعو الشباب للقتال في الجبهات    الهلال يُحافظ على سجله خالياً من الهزائم بتعادل مثير أمام النصر!    مدرب نادي رياضي بتعز يتعرض للاعتداء بعد مباراة    خلافات كبيرة تعصف بالمليشيات الحوثية...مقتل مشرف برصاص نجل قيادي كبير في صنعاء"    في اليوم ال224 لحرب الإبادة على غزة.. 35303 شهيدا و79261 جريحا ومعارك ضارية في شمال وجنوب القطاع المحاصر    الحوثيون يتكتمون على مصير عشرات الأطفال المصابين في مراكزهم الصيفية!    رسالة حاسمة من الحكومة الشرعية: توحيد المؤتمر الشعبي العام ضرورة وطنية ملحة    الدوري السعودي: النصر يفشل في الحاق الهزيمة الاولى بالهلال    الدكتور محمد قاسم الثور يعزي رئيس اللجنة المركزية برحيل شقيقه    الطرق اليمنية تبتلع 143 ضحية خلال 15 يومًا فقط ... من يوقف نزيف الموت؟    منظمة الشهيد جارالله عمر بصنعاء تنعي الرفيق المناضل رشاد ابوأصبع    قيادي حوثي يسطو على منزل مواطن في محافظة إب    السعودية تؤكد مواصلة تقديم المساعدات والدعم الاقتصادي لليمن    بن مبارك يبحث مع المعهد الملكي البريطاني "تشاتم هاوس" التطورات المحلية والإقليمية    الحوثيون يعلنون إسقاط طائرة أمريكية MQ9 في سماء مأرب    ظلام دامس يلف وادي حضرموت: خروج توربين بترومسيلة للصيانة    مسيرة حاشدة في تعز تندد بجرائم الاحتلال في رفح ومنع دخول المساعدات إلى غزة    رئيس مجلس القيادة يناقش مع المبعوث الخاص للرئيس الروسي مستجدات الوضع اليمني مميز    المطر الغزير يحول الفرحة إلى فاجعة: وفاة ثلاثة أفراد من أسرة واحدة في جنوب صنعاء    بيان هام من وزارة الاتصالات وتقنية المعلومات من صنعاء فماذا قالت فيه ؟    تستضيفها باريس غداً بمشاركة 28 لاعباً ولاعبة من 15 دولة نجوم العالم يعلنون التحدي في أبوظبي إكستريم "4"    مليشيا الحوثي تنظم رحلات لطلاب المراكز الصيفية إلى مواقع عسكرية    بعد أيام فقط من غرق أربع فتيات .. وفاة طفل غرقا بأحد الآبار اليدوية في مفرق حبيش بمحافظة إب    أمطار رعدية على عدد من المحافظات اليمنية.. وتحذيرات من الصواعق    وباء يجتاح اليمن وإصابة 40 ألف شخص ووفاة المئات.. الأمم المتحدة تدق ناقوس الخطر    تهريب 73 مليون ريال سعودي عبر طيران اليمنية إلى مدينة جدة السعودية    تدشيين بازار تسويقي لمنتجات معيلات الأسر ضمن برنامج "استلحاق تعليم الفتاة"0    شاب يمني يساعد على دعم عملية السلام في السودان    الليغا ... برشلونة يقترب من حسم الوصافة    أعظم صيغ الصلاة على النبي يوم الجمعة وليلتها.. كررها 500 مرة تكن من السعداء    الخليج يُقارع الاتحاد ويخطف نقطة ثمينة في الدوري السعودي!    اختتام التدريب المشترك على مستوى المحافظة لأعضاء اللجان المجتمعية بالعاصمة عدن    مأرب تحدد مهلة 72 ساعة لإغلاق محطات الغاز غير القانونية    مبابي عرض تمثاله الشمعي في باريس    العليمي يؤكد موقف اليمن بشأن القضية الفلسطينية ويحذر من الخطر الإيراني على المنطقة مميز    يوفنتوس يتوج بكأس إيطاليا لكرة القدم للمرة ال15 في تاريخه    النقد الدولي: الذكاء الاصطناعي يضرب سوق العمل وسيؤثر على 60 % من الوظائف    رئيس مجلس القيادة يدعو القادة العرب الى التصدي لمشروع استهداف الدولة الوطنية    اليونسكو تطلق دعوة لجمع البيانات بشأن الممتلكات الثقافية اليمنية المنهوبة والمهربة الى الخارج مميز    600 ألف دولار تسرق يوميا من وقود كهرباء عدن تساوي = 220 مليون سنويا(وثائق)    وعود الهلآّس بن مبارك ستلحق بصيف بن دغر البارد إن لم يقرنها بالعمل الجاد    المملكة المتحدة تعلن عن تعزيز تمويل المساعدات الغذائية لليمن    وفاة طفل غرقا في إب بعد يومين من وفاة أربع فتيات بحادثة مماثلة    سرّ السعادة الأبدية: مفتاح الجنة بانتظارك في 30 ثانية فقط!    شاهد: مفاجأة من العصر الذهبي! رئيس يمني سابق كان ممثلا في المسرح وبدور إمراة    وصول دفعة الأمل العاشرة من مرضى سرطان الغدة الدرقية الى مصر للعلاج    ياراعيات الغنم ..في زمن الانتر نت و بالخير!.    تسجيل مئات الحالات يومياً بالكوليرا وتوقعات أممية بإصابة ربع مليون يمني    لماذا منعت مسرحيات الكاتب المصري الشرقاوي "الحسين ثائرآ"    هل الشاعرُ شاعرٌ دائما؟ وهل غيرُ الشاعرِ شاعر أحيانا؟    قصص مدهشة وخواطر عجيبة تسر الخاطر وتسعد الناظر    وداعاً للمعاصي! خطوات سهلة وبسيطة تُقربك من الله.    افتتاح مسجد السيدة زينب يعيد للقاهرة مكانتها التاريخية    الامم المتحدة: 30 ألف حالة كوليرا في اليمن وتوقعات ان تصل الى ربع مليون بحلول سبتمبر مميز    في افتتاح مسجد السيدة زينب.. السيسي: أهل بيت الرسول وجدوا الأمن والأمان بمصر(صور)    احذر.. هذه التغيرات في قدميك تدل على مشاكل بالكبد    دموع "صنعاء القديمة"    هناك في العرب هشام بن عمرو !    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



قصة أول مظاهرة طلابية أرعبت البدر.. يرويها حمود السعيدي ل«الجمهورية»:
خرجنا للاحتجاج على الأوضاع المعيشية الصعبة والمناهج التعليمية المتخلفة
نشر في الجمهورية يوم 27 - 09 - 2012

لماذا خرج الطلاب في صنعاء للتظاهر ضد الامام احمد وكيف تحولت مطالبهم في إصلاح التعليم وإطلاق سراح زملائهم إلى شعارات تدعو إلى اسقاط الحكم الملكي الكهنوتي المستبد، «لا ملكية بعد اليوم، ثورة.. ثورة حتى النصر». ولماذا تضامن بقية طلاب المدارس في صنعاء والتي لا يتجاوز عددها اصابع اليد الواحدة مع طلبة مدرسة المعلمين، وكيف سارت المظاهرات لتقلق مضجع الامام وتهز عرشه في ميدان التحرير وقصة اقتحام الطلبة المتظاهرين بستان الامام والتوجه إلى الاذاعة ثم تغيير اتجاههم إلى شعوب؟ من هم القيادات الطلابية، ولماذا اراد البدر ان يتخلص منهم وكيف تم ارسال مجموعة ال24 إلى سجن نافع بحجة، ثم إلى سجن وشحة المعروف آنذاك بأن من يدخله لا يخرج منه حياً، والمجموعة الاخرى 12 طالباً إلى قلعة السنارة وعلى رأسهم علي محمد صلاح وقائع واحداث ومواقف سجلها الطلاب من الرعيل الاول للمناضلين في صفحات ناصعة البياض من تاريخ الثورة التي طوت وإلى الأبد مرحلة مظلمة من حياة اليمنيين، واذنت بميلاد عهد جديد يستعيد فيه احفاد سبأ احلامهم التي بددتها الاسفار.
حول هذه الصفحة المشرقة من النضال الوطني والمساهمة الطلابية التي فتحت للحرية نافذة تبدد ظلام الجهل وظلم الطغاة اجرينا هذا اللقاء مع المناضل العميد حمود محمد السعيدي- احد قيادات المسيرات الطلابية ابان ثورة 26سبتمبر المجيدة ليتسنى للقارئ ان يستنبط منها الدروس والعبر التي يمكن الاستفادة منها اليوم لاستنهاض الحاضر والتوجه نحو المستقبل، فإلى نص اللقاء:
ممكن تحدثنا عن الوضع التعليمي في عهد الامام؟ وماهي المواد التي كنتم تدرسونها؟
كانت المناهج في تلك الفترة بسيطة ومتواضعة ولا تفي بالغرض مثل التاريخ والجغرافيا والعربي، وكانت عبارة عن اوليات لتلك المواد وغير مجدية، وكان التركيز كله على الجانب النظري مثل القرآن، وكانت الامكانات محدودة جداً فلا كتب وافية ولا مناهج متوسعة.
مدرسة المعلمين
.. ما أسماء المدارس التي كنتم تتلقون فيها تعليمكم في صنعاء آنذاك؟
طبعاً كنا ندرس في مدارس اسمها مدرسة المعلمين تقع بجانب قصر السلاح وكانت هناك العديد من المدارس الاخرى مثل المدرسة المتوسطة، والمدرسة العلمية، ودار رعاية الايتام، والمدرسة الاصلاحية، والمدرسة الاعدادية.
كيف بدأت قصة انطلاق المظاهرات؟
كنت في تلك الفترة احد الطلاب في مدرسة المعلمين وإلى جانب الدراسة كنت اعمل كنائب لمدير المدرسة اصرف اعمال الطلاب في حالة غيابه وخصوصاً بعد الظهر والمساء لانهم كانوا يختارون منا أشخاصاً ويسندون لنا المهام بغرض تسيير امور الطلاب، لأن الكادر الاداري كان شبه معدوم آنذاك وما علينا إلا أن نعتمد على انفسنا وطبعاً كانوا يأخذون أكبر الطلاب وارجحهم عقلاً.
.. كيف كانت اوضاعكم المعيشية والسكنية والصحية في المدرسة آنذاك؟
كانت الاوضاع سيئة فلا دواء ولا طبيب والسكن كان غير صحي، وأما بالنسبة للمعيشة فقد كانت مش ولابد المهم كانوا يوفرون لنا الأكل والشرب فقط، اما بالنسبة للملابس فقد كان كل واحد يعتمد على اسرته في توفير ملابسه هذا بالنسبة للطلاب الساكنين في المدرسة، اما الباقون والمؤهلون خارج المدرسة فلم يكن يصرف لهم اي شيء، بالإضافة إلى صرف ريالين لكل واحد من الطلاب الساكنين فقط.
كنت انا المحرض
.. متى خرجت المظاهرات الطلابية، وماهي المطالب التي طالبتم بها؟
بالنسبة لوقوع تلك المظاهرات فقد حدثت قبل انطلاق ثورة 26سبتمبر بثلاثة اشهر في 27/6/1962م، وكانت قريبة من تاريخ تفجير الثورة ونجاحها.. اما بالنسبة للمطالب التي كنا نطالب بها فهي مطالب حقوقية لصالح الطلاب والمطالبة بتوسعة المناهج حيث كانت محدودة ومحصورة وكان اهم وأكبر تلك المطالب ماحدث قبل انطلاق المظاهرات بأسبوع او اكثر في مدرستنا خاصة وهي كانت الاساس لانطلاق تلك المجاميع الطلابية في توحيد كلمتهم، وبالنسبة لمطالب الطلاب طبعاً في البداية سبق ان تم حبس سبعة من زملائنا الطلاب من مدرسة المعلمين بسبب مشاكل حدثت بينهم وبين مدير المدرسة آنذاك وغيرها، وكان يعتبر الاختلاف مع المدير من اي مشكلة هي بمثابة الاختلاف مع حكم الامام نفسه.. طبعاً بحكم عملي كنائب للمدير ومسؤول عن زملائي فقد قمت بالمطالبة بإطلاق زملائنا الا ان مدير المدرسة لم يعمل أي شيء.. وعندما حاولنا وكررنا المطالبة بإطلاق سراحهم رفض الامام البدر اطلاق سراحهم، وفي ذات اليوم واثناء قيامنا بالخروج بالطلبة من اجل تنفيذ حصة اللياقة والتمرينات الرياضية كالمعتاد اليومي وعندما انتهينا من التدريبات الرياضية المقررة خارج المدرسة اتفقت مع الطلبة والمشرفين من زملائي الطلاب وقلت لهم: «عندما نصل إلى المدرسة انا سوف أطلب منكم أن تدخلوا إلى الفصول بحكم عملي كمشرف عليكم وانتم ارفضوا ذلك بحجة اطلاق زملائنا أي الاضراب حتى نضيق الخناق عليهم لإطلاق زملائنا لأنه ليس هناك ما يستدعي حبسهم طوال تلك الفترة، وبينت لهم ان لو عرفوا في الادارة اني انا المحرض للطلبة فانهم سوف يأخذونني للحبس ونضيع انا والزملاء وتفشل الخطة، ثم فهمتهم بذلك فأبدوا استعدادهم لذلك وقمت بتحليفهم على ذلك فحلفوا جميعاً، وعندما رجعنا انا ذهبت لأطالب بإطلاق الزملاء بعد أن طلبت منهم دخول الفصول فرفضوا وظلوا مضربين طوال الوقت حتى الليل.
الحقيقة اننا نجحنا في تلك الوقفة وقام مدير المدرسة بالذهاب إلى محمد اليريمي مدير مكتب التربية في وزارة المعارف الموجودة في التحرير واقنعهم بأن الطلاب مضربون عن الدراسة ولم يرجع الا وقد اطلق السبعة الطلاب وعادوا معه.. وعندها كانت فرحة كبيرة خصوصاً اننا نفذنا الخطة بدون ان يعرف احد السر وهذا الموقف زادنا اصراراً على ان الحق يجب ان يؤخذ بالقوة ومن تلك اللحظة استطعنا الضغط على أعوان الامام منهم البدر ابنه الذي كان يحكم في صنعاء لأنه كان مريضاً وطريح الفراش في تعز.
من أجل السرية
.. ما الذي حدث بعد اخراج السبعة الطلاب من السجن؟
عندما علم الزملاء في بقية المدارس اننا نجحنا بإطلاق زملائنا جاءوا إلينا كي يستفسروا عن الطريقة التي اتخذناها، وكيف تم نجاحنا فيها ومن ذلك كنا نعقد اجتماعات سرية بين جميع المدارس بحيث يحضر من كل مدرسة حوالي من 4 - 5 طلاب بحيث نتفق على كل شيء، وفي اليوم التالي يوضحون لبقية الطلبة ماهي الخطة والاجراءات التي اتفقنا عليها شرط اننا لم نكن نكلم الطلبة الساكنين خارج المدرسة من اجل السرية..
مطالب ألهبت صدورنا
.. ماهي التطلعات والطموحات التي كنتم تحلمون بتحقيقها وأنتم في المدرسة؟
من خلال الاجتماعات السرية كنا نطمح لتحقيق كيان شبابي يكون قادراً على شق الطريق، ثم تطورت تلك الاجتماعات السرية إلى اظهار المطالب الحقوقية التي كنا في البداية نسعى إلى تحقيقها وكان اهم تلك المطالب هي تحسين ظروف المعيشة من سكن وأكل وشرب وملبس، ايضاً كنا نطالب بتوسعة المناهج الدراسية، حيث كانت محصورة على معلومات أولية مثلاً الرياضيات مافيش فيها غير الجمع والطرح والضرب والقسمة، غير ذلك ما فيش، وكذا التاريخ والجغرافيا وكان التركيز في تلك الفترة على القرآن بالدرجة الاولى أما المواد الأخرى فكانت ثانوية.
وأما المطلب الاهم فهو مطالبة جميع الطلاب بإطلاق سراح زملائنا الطلاب من جميع المدارس وانتهاء الامر بالاتفاق على خروج جميع المدارس إلى ميدان شرارة والمطالبة بتحقيق تلك المطالب وخصوصاً المطالبة بإطلاق زملائنا التي ألهبت صدورنا وشجعتنا على كسر حاجز الخوف من الامام واعوانه خصوصاً وقد نجحنا في اطلاق زملائنا في مدرستنا.
ميدان شرارة
.. أين كانت نقطة تجمع الطلاب والمسارات التي اتخذتها المظاهرات؟
اتفقنا مع جميع المدارس من خلال لجان التنسيق الطلابية والاتفاق السري بيننا بأن تكون نقطة تجمعنا في ميدان شرارة (ميدان التحرير) بحكم قربها من قصر الامام وكنا في البداية قد توجهنا صوب سوق الملح بحكم ان جميع الطلاب لم يكونوا قد وصلوا جميعاً ثم تحركنا باتجاه بستان الامام بجوار المدرسة المتوسطة في التحرير وهجمنا عليه ثم اقتحمنا وزارة المعارف حتى ان الاخ مدير مكتب التربية آنذاك محمد اليريمي كان قد اختبأ تحت المكتب الخشبي ثم توجهنا باتجاه الاذاعة لاقتحامها الا ان الحرس الملكي قام بإطلاق النار علينا فلم نستطع الدخول اليها ثم توجهنا إلى شعوب وقمنا بالتوقف هناك ورفضنا التحرك إلى المدارس حتى تتحقق مطالبنا كلها وكان ذلك في وقت الظهر وعندها جاءوا لنا بالغداء من جميع المدارس إلى منطقة شعوب وعندما بدأنا بتناول الغداء لاحظنا وصول بعض المصفحات والجنود فقمنا نحن كبار الطلاب بالوقوف في الصفوف الامامية للمظاهرة كدروع بشرية للمحافظة على بقية الطلاب.
وعند وصولهم إلى عندنا قالوا لنا جاءت لنا أوامر من الامام بأن تقوموا بالعودة كل واحد إلى مدرسته وانهم سوف يحلون كل تلك المشاكل وقاموا يأمرون الطلاب بالصعود على تلك القلابات.
وعندها شعرنا ان في الأمر لعبة وتدبير خدعة ضدنا، عندها ما كان منا الطلاب الكبار الا بجلب العصي من الاشجار وضرب الطلاب ومنعهم من الصعود ثم اتفقنا بالتوجه جميعاً إلى مدرسة واحدة وحددنا التوجه إلى المدرسة المتوسطة في التحرير مرة اخرى وعند وصولنا إلى التحرير واذا بالحرس الملكي قام بقطع ذلك الشارع الذي يؤدي إلى دار البشائر في نفس الميدان.
ثم قاموا يأمروننا بالتوجه إلى المدارس فرفضنا ذلك وحدثت مشادة كلامية مع قائد الحرس والحرس الملكي وبين الطلاب، وعندما عرفنا انهم قد أحكموا تطويقنا عندها استخدمنا اسلوب استفزازهم وحرق اعصابهم فقد كان علم المملكة المتوكلية اليمنية موجوداً مع بعض الطلاب وكان يحمله آنذاك محمد المقبلي، فما كان منا الا ان قمنا بتمزيق علم الامام وعندها غضب الحرس الملكي ولم يتمالكوا انفسهم اتجاه تقطيع العلم وقام امير الجيش ابو طالب بإصدار أوامره بأخذنا جميعاً إلى سجن الرادع حيث استمرينا هناك لأكثر من أسبوع وكان يصل عددنا آنذاك من اربعمائة إلى خمسمائة طالب.
الزخم الثوري
.. ماهي الشعارات التي كنتم ترددونها في تلك المظاهرة الطلابية؟وكيف تفاعل رجل الشارع مع تلك الشعارات، وما الأثر الذي أحدثته؟
نعم لقد تخللت تلك المظاهرة العديد من الشعارات التي كانت في بدايتها شعارات مطالب حقوقية واصلاحات لكن بعد تأكدنا انهم لم يلبوا مطالبنا خصوصاً بعد هجومنا على بستان الامام وضرب النار علينا من قبل الحرس الملكي للإذاعة قمنا بترديد الشعارات الثورية مثل (لا ملكية بعد اليوم)، (لا رجعية بعد اليوم) (يعيش الرئيس عبدالناصر)، (ثورة ثورة حتى النصر)، مرددين اغنية (ثواراً ثواراً ثواراً ثوارا) وهناك العديد من الشعارات الاخرى التي كانت تميل إلى الزخم الثوري والمطالبة بالتحرر الثوري من عقلية الامامة وجهلها وكنا نجعل من الزعيم جمال عبدالناصر مثابة الزعيم المتحرر من قيود الماضي.
طبعاً كان لتلك الشعارات صداها الكبير حيث أثرت على جميع المواطنين حتى أن العدد الكبير منهم رافقونا في تلك المظاهرة ونادوا بتلك الشعارات معنا وكان هناك العديد من الثوار ساندونا بالمظاهرة ومدوا معنا وبشكل سري فقد كانوا يعتبروننا مثل اولادهم بذلك استطعنا ان نكسب تعاطف الشارع معنا كذلك قمنا برفع صور الزعيم جمال عبدالناصر واتذكر ان الأخ عبدالله حمران هو من كان يوزع صور جمال عبدالناصر، حيث كان هو ضمن الثوار الأحرار.
أكبر مما يتصورون
.. كيف تعامل الحكم الإمامي البائد مع الاحتجاجات الطلابية؟
نعم بعد ما تم تطويقنا في ميدان شرارة أمر أمير الجيش ابو طالب بضرورة القبض علينا جميعاً وارسالنا إلى سجن الرادع وتم حبسنا في البداية لمدة اسبوع جمعياً وبعد اسبوع جاء الينا امير الجيش ابو طالب وقال لنا بأن الامام البدر قد وصل إلى صنعاء وسوف يحل لنا جميع مشاكلنا وعندما خرجنا اليهم لم نجد غير امير الجيش أبو طالب والذين أفادنا بأنه مرسل من الامام البدر وسيحل لنا كل مشاكلنا وطلب بأن نخرج له عدد 24طالباً من غيرنا نحن المحرضين والذين وصل عددنا إلى 24طالباً ايضاً وقال نريد اخراج 24طالباً من بين اوساطكم بشرط ان طالبوا بنفس المطالب التي طالبتهم بها فهذا سيكون لصالحكم وان طالبوا بغيرها فهذا ليس بصالحهم وعندها وبعد التحقيق معهم وجدها نفس مطالبنا ووجد ان المطالب واحدة عرف أن الأمر أكبر مما يتصورون وأن هناك خططاً مسبقة قمنا بها وهي توحيد الكلمة عند الصغير والكبير وتوحيد المطلب وعندما سمعوا مطالبهم عرفوا أنها نفس مطالب المشرفين عليهم ال24 طالباً الذين كنا ضمن اللجان المختصة في تيسير أمور الطلبة.
وكان من ضمن الطلبة الذين خرجوا ال42 طالباً واللواء على محمد صلاح نائب رئيس الاركان حالياً وأثناء أخذ أقوال زملائنا الطلاب طلبوا منا نحن المشرفين بأن نخرج إلى باحة السجن وعندها رأينا العديد من الجواني مملوءة بالقيود والحراسة المشددة على السجن.
تحريض السائقين
.. ما الذي عملوه معكم بعد ذلك؟
قاموا بتقييدنا اولاً نحن المشرفين ال 24 وبعدها قيدوا البقية ال42 المحرضين الآخرين ثم قاموا بصف العسكر من امام سجن الرادع وبشكل صفين متوازيين وجعلونا نمر في الوسط حتى وصلنا إلى غرب سور صنعاء القديمة حيث كان فيه هناك غرف للعسكر وضعونا هناك وعندها كانوا الطالب الصغير يطلقونه يروح بيته او المدرسة والطالب الكبير يدقون له قيداً في تلك الغرف أي استخدموا اسلوب تفريق جمعنا.
وفي صباح ذلك اليوم قاموا بتوصيلنا إلى امام قصر البدر وخلونا لأكثر من اربع ساعات واقفين وسط الشمس وعندها اصدر الامام أوامره بنقلنا إلى سجن نافع في حجة بشرط ان يمروا بنا من طريق عمران وعندما رفض السائقون تلك الطريق وطالبوا بالمشي من طريق الحديدة فقال الامام قولته (قولوا للسواقين يمرون من طريق عمران وليس عليهم أي خطاب) معناه إذا حدث لهم مكروه مثل انقلاب أو انزلاق أو أي مكروه فليس عليهم أي ذنب وهو كان بائعاً للطلبة والسائقين، والعسكر، وكان يتمنى أن يموتوا قبل أن يصلوا إلى سجن حجة لأنه شعر أنهم قد هزوا عرشه وأضاعوا هيبته وقللوا من شأنه واحترامه.
من المشاركين
.. من تذكر من أسماء زملائك ال24 طالباً الذين حكم عليهم بالسجن في سجن وشحة؟
نعم.. مازالت أذكر أسماءهم وأذكر تلك المعاناة ومع زملائي في تلك المحنة هم الآن يحملون مناصب ورتباً عسكرية كبيرة وهم: عميد محمد حسن مفرح، والعميد: راجح محمد المالكي، والعميد: محمد محمد المقبلي، والعميد: يحيى محمد الغفاري، والعميد: أحمد الآنسي، والعميد: عبدالكريم الآنسي، والعميد: أحمد السنحاني، والعميد: محمد قائد بركات، والعميد: محمد حيدرة، والعميد: محمد لقمان، والعميد: علي يحيى عبدالمغني، والعميد: محمد اليناعي، والمدنيون هم: علي البقاهي، أحمد الحجري، أحمد السمان، محمد أحمد عامر، حسين السفرجل، حزام الاشول، حزام باكر، أحمد علي الضاعني، محمد صويلح، ردمان الشبامي، أحمد علي العلفي.
من الرادع إلى سجن وشحة «سجن السنارة»
كيف تصفون الرحلة والمواقف المؤثرة التي عايشتمونها بعد صدور أمر الإمام بنقلكم من سجن الرادع بصنعاء إلى قلعة نافع في حجة ومن ثم إلى سجن وشحة في عبس؟
بعد أن تقيدنا وتأكدوا بأننا نحن من حرض ودفع الطلاب للمظاهرة، حيث استقر عددنا بالنهاية أربعة وعشرين طالباً وتركوا البقية يعودون إلى مدارسهم وإلى بيوتهم إضافة إلى حبس ال24 الذين خرجوا يؤكدون المطالب التي طالبنا بها سابقاً، فقد قام الإمام بإرسال 12 طالباً منهم إلى سجن السنارة في صعدة وعلي رأسهم اللواء الركن علي محمد صلاح نائب رئيس الأركان والإخوة هم: عبدالوهاب الغابري، ومحمد محمد الكبسي، واحمد علي المزنطي، وعبدالله المؤيد، واحمد محمد المتوكل، وعبدالملك الطيب، وحسين محمد الشبامي، محمد الجوبي، وحسين احمد الكبسي، وصالح احمد المطري، وعبدالله حمود الاشول.
مصيرنا واحد
وكما ذكرت لك سابقاً فأول المعاناة أن الإمام أصر بمرورنا من طريق عمران - كحلان عفار بغرض التخلص منا نتيجة صعوبة ووعورة الطريق آنذاك الا أن الموت ليس بيد أحد وعندما رفض السائقون وطلبوا طريق- الحديدة قال: قولوا للسائقين يمشون طريق عمران وليس عليهم أي خطاب، وأثناء وصولنا كحلان عفار وجدنا العساكر يتركون عندنا السلاح وينزلون يصلحون الطريق.. لإيقانهم أن مصيرنا أصبح واحداً وهو مواجهة الانزلاق الجماعي لنا وللعسكر والسواقين، وعندما وصلنا حجة وبالتحديد سجن نافع فإذا برجل يصيح ويستنكر هؤلاء ذي قاموا ضد الإمام حامي الاسلام والعباد وكان مكشوف الظهر والصدر غير مقطب يستر عورته، فصاح به الاخ صالح المالكي أحد زملائنا، احنا عملنا ثورتنا هذه من أجل يتغطى ظهرك، فضحكنا جميعاً رغم الارهاق والألم الذي كان يصاحبنا.
وعندما أدخلوننا إلى السجن وجدنا العديد من السجناء السياسيين والثوار الاحرار وعلى رأسهم اللواء عبدالله المقبلي -الله يرحمه-، واللواء علي سيف الخولاني واللواء هاشم الحوثي، حيث كانوا ضمن المحابيس في تلك القلعة وقال قولته المشهورة: إذا افتتحت السجون فقد قرب الفرج»، وقد تواجدنا في تلك الليلة مع عدد من السجناء الأحرار ظلينا طوال تلك الليلة نخطط ونفكر كيف نعمل على نجاح الثورة بأقل قدر من الدماء وما هي الطرق الصحيحة لتوعية الشعب وخصوصاً الحرس الملكي والعكفة وجيش الإمام وإقناعهم أن هذا النظام نظام بائد لا يمكن أن يسمح بتطور اليمن وتقدمه طالما ظل موجوداً وماهي الطرق الاكثر نضوجاً لتوعية الشعب.
المدهش أنه في نفس الليلة التي وصلنا فيها حجة بعد السفر يومين إلى حجة من صنعاء نتفاجأ ببرقية من الإمام موجهة إلى عامله في حجة مفادها إذا وصل الضيوف فعليكم بإرسالهم إلى قلعة وشحة حالاً ودون تأخير.
والغريب أن السواقين رفضوا رفضاً قاطعاً توصيلنا إلى قلعة وشحة مما استوجب إدخالهم السجن في حجة بحجة رفضهم أوامر الإمام.
قاموا في الصباح وجهزوا لنا قلاباً كبيراً يسمى أبو شنب، والغريب أننا كلما مررنا على ناس في الطريق ونسألهم عن مصير المساجين الذين ينقلونهم إلى قلعة وشحة .. هل يرجعون منها فكانوا يقولون ولا ذي يرجع واحد.. هذا كان جواب من وجدناه على الطريق، فكنا حينها نثق بأن مصيرنا هو الموت وبدون شك.
افطس الأنف
الظريف في رحلتنا إلى وشحة هو عندما وصلنا إلى حرض واستقبلنا عامل حرض -كان أصله من بيت النعمان- وكان رجلاً خلوقاً ودوداً ومحترماً وكريماً، فقد قام بإكرامنا وضيافتنا على أكمل وجه، فاطمأننا اليه وإلى خلقه.
غير أن الذي كان يقض مضاجعنا ويزيد من وحشتنا هو مرافقه الشخصي ذلك العبد الاسود أفطس الأنف عريان الظهر والصدر يتقلد سيفاً على خاصرته وكان يحوم حولنا ويتفرس وجوهنا حتى أننا شككنا في الأمر واعتبرنا أن كرم العامل النعمان انما هو بمثابة تبرئة لذمته، بحيث لا نموت جائعين أو عاطشين وكلما حام حولنا تذكرنا سياف الامام وهو يجندر رؤوس الثوار في ثورة 48 وغيرها.
صادف تخميننا موقف آخر بأنه سياف الإمام وأثناء خروجنا من مدينة حرض وتوجهنا إلى قلعة وشحة بمسافة خمسين كيلو متراً.. أوصلوننا إلى مكان وكان يرافقنا ذلك العبد الأسود وأوقفوننا ثم طلبوا منا النزول.. عندها أيقنا بأن الموت حق على كل رقبة وصدقنا المقولة أنه من ذهب إلى سجن وشحة لا يرجع أبداً.
فقام كل واحد منا بنطق الشهادة في سره وأيقنا ذلك هو آخر يوم في حياتنا وهم يلحون علينا بالنزول، فكان كل واحد يقول لزميله انزل أنت قال: انزل انت الا أن الغرض منه هو تقديم وجبة الصبوح لنا.
أخيراً هناك موقف مؤثر عند وصولنا اسفل قلعة وشحة كان هناك نقيل طويل ومتعرج وصعب المرور والصعود، فقاموا بإرسال الحمير لنقلنا فلم نفلح في الصعود عليها بسبب القيود مما استوجب صعودنا لاكثر من ثماني ساعات.
كسر شوكة الامام
.. بصراحة كيف كانت مشاعركم وانتم مكبلون بالأغلال لحظة وصولكم قلعة وشحة؟ وما هو النشيد الذي ردد لحظة دخو لكم القلعة؟
أنت طلبت الصراحة لقد ازددنا فخراً وعزاً خصوصاً ونحن من أضعف هيبة الامام وكسر شكيمته ونحن لا زلنا طلاباً واعمارنا مازالت صغيره غير أن الذي رفع معنوياتنا إلى عنان السماء هي تلك الأناشيد الثورية التي قمنا بترديدها جميعاً وفي صوت واحد وبأرفع الأصوات حتى أوجدنا حالة استنفار داخل القلعة وخارجها.
واتذكر بعض المقاطع يقول مطلعها:
زمجري بالنار يا أرض الجنوب
والهبي بالحقد حبات القلوب
واقذفي بالحقد دخاناً ولهيب
زمجري للثأر يا أرض الجنوب
واركبي الموت إلى المجد السليب
زمجري واثأري يا أرض جدي وأبي
وآثاري وعصفي بالغاصب المستعمري
واملأي الروع دماً وجراح
انما المجد نضال وسلام
ولك النصر وللعزم النجاح
اطلقيها ثورة كاللهب
اطلقي واعصفي بالغاصب المستعمري
هذه ارضي وارضي ابداً
وانا من صوتها الحد الصدى
وهي في صوتي هتافاً وندا
سوف اشفي جرحها يوم الفدى
والذي زاد من رفع معنوياتنا داخل القلعة هو العديد من السجناء الثوار الاحرار وعلى رأسهم العميد حسين المقبلي، محمد رفعت، عبدالعزيز حمدي، داخل القلعة حيث كانوا ضمن المساجين من الثوار الاحرار وكان سجن «وشحة» يعد بمثابة المنفى وكان مدير السجن آنذاك يمارس سياسة الارهاب والحرب النفسية بحيث كان كل أربعة أيام أو أسبوع يقول لنا غداً سوف نعدم أربعة أو خمسة بغرض ارهابنا وتخويفنا وهكذا على طول فترة حبسنا في قلعة وشحة.
الإمام أمر بإعدامنا
.. كم فترة الحبس التي قضيتها مع زملائك الطلاب في قلعة وشحة وكيف عرفتم بنجاح الثورة؟
يبدو أن الامام كان ينوي اعدامنا في يوم عيد الناصر المصادف بعد اسبوع من نجاح ثورة 26 سبتمبر أي لو تأخذنا أكثر من ذلك اسبوع ولم تنجح الثورة فإنه كان قد اصدر مرسوماً ملكياً -قطعة ورق بحجم راحة اليد- ومكتوبة بالخط الاحمر ممهورة بموافقته على اعدامنا مع بقية الثوار الاحرار غير أن ثوار 26سبتمبر أكيد كان عندهم معلومات بأمر الاعدام فقاموا بالتعجيل بتفجير الثورة.
أما بالنسبة للفترة في الحبس فقد قضينا فترة ثلاثة أشهر من لحظة اطلاق شرارة المظاهرة الطلابية في 27/6/1962 وتم خروجنا من السجن في 27سبتمبر بعد الثورة بيوم واحد.
حلم نسمات الثورة
مع العلم بأني كنت قد حلمت قبل انطلاق الثورة السبتمبرية بأسبوع بأن هناك دخاناً يتصاعد من وسط صنعاء ويتجه في جميع الاتجاهات وكلمت آنذاك الاخ حسين المقدمي والذي استبشر خيراً واعتبرها نيران الثوار ضد الامام وفسرت تلك الدخان بانها نسمات الثورة وانتشارها في جميع مناطق اليمن غير أن بعض الزملاء لم يعبروها ولم يقرؤوا مفهومها واعتبروا الامر مجرد ضحك، ولم يعبروا تلك الرؤيا الا بعد اسبوع اثناء تلقينا خبر نجاح الثورة.
.. كيف تلقيتم خبر اعلان الثورة وكيف تم اطلاقكم؟
لقد وصل الخبر الينا في الصباح من قبل النقيب حسين المقدمي الذي كان معه راديو وقد سمع الخبر من اذاعة صنعاء صباحاً، فجاء وبشرنا وعندها لم نتمالك انفسنا بل اقولها لك لقد بكينا من الفرح جميعاً وحسسنا بلذة النصر والتحرر في نفس اليوم الاول للثورة وصلت برقية من المشير عبدالله السلال مفادها بان يتم اطلاق جميع السجناء والمعتقلين من الطلاب والضباط الاحرار على خلفية وقوفهم ضد حكم الامام غير أن عامل «وشحة» رفض رفضاً قاطعاً اطلاقنا وظل يطالب بضرورة امر من مولاه الامام احمد غير معترف بشرعية السلال والجمهورية مما جعل حراس السجن يتخلون عن وقوفهم معه فقاموا ودبروا لنا العديد من ادوات المبارد الخاصة بقطع الحديد وظللنا طوال الليل نبرد القيود حتى كسرناها جميعاً وكسرنا الابواب وتركنا القلعة نازلين طرقها المتعجرفة ولوحظ آنذاك أننا اصبحنا في وضع صحي سيئ حيث لم نكن نستطيع المشي بسهولة بسبب حصول حالة تصلب في الركب والمفاصل بسبب مكوثنا ثلاثة اشهر بدون حركة للأرجل.
الطلاب يحملون قلماً ودفتراً
.. هل انصف التاريخ بعد الثورة الحركة الطلابية ودورها في انجاح الثورة؟
المفروض أن الثوار الاحرار أنفسهم يعترفون بدور حركة الطلاب وكيف استطاعوا أن يهزوا شوارع صنعاء تلك الأيام بالشعارات الثورية والمنددة بحكم وجبروت الامام ودعوتهم إلى ضرورة التحرر من الاستبداد والحكم الجائر الذي لا يخدم الوطن وانما يخدم مصالحه على حساب شعبه المتهالك معيشياً وصحياً وثقافياً واقتصادياً وسياسياً.
فجميع الثوار يعرفون شجاعة الطلاب وحركتهم وكيف كسروا حاجز الخوف لدى الشعب ففي ذلك اليوم ضم العديد من المواطنين تلبية لتلك المظاهرة وهم أكيد لازالوا يذكرون كيف كان يتم التنسيق بين الطلاب والثوار.
كما أن الطلاب انفسهم واجهوا مصير الموت والتعذيب والسجن وتحمل المعانات على طول فترة حكم الامام أحمد واعوانه وكيف كانوا مشاعل نور تضيء للآخرين ولا شك ان الرعيل الاول من طلاب المدارس خلال تلك الفترة قد افنوا اعمارهم في خدمة هذا الوطن.
أعتقد أن الفارق في تلك المرحلة يتمثل بأن الطلاب كانوا يحملون قلماً ودفتراً لتنوير وتثقيف أبناء الشعب بينما يتمثل الجانب الآخر بقيادتهم للثورة وطرد النظام الامامي والحفاظ على النظام الجمهوري وسيادة الوطن وأمنه واستقراره.
وبعد الثورة البعض منا التحقوا بالسلك العسكري واصبح عميداً والبعض واصل في السلك المدني غير ان معظمهم مازالوا مهضومين في الحقوق والمستحقات رغم ماقدموه من تضحيات ومواقف مشرفة في حياتهم النضالية فقد خدموا الوطن وحافظوا على سيادته وامنه واستقراره الا انهم لم يأخذوا حقهم بالشكل المطلوب.
الاجتماع مع الزبيري
.. أثناء خروجكم جميعاً من قلعة وشحة إلى أين اتجهتم؟
إلى الحديدة وتم استقبالنا من قبل طلاب الحديدة وتم تكريمنا بعمل حفلة خاصة وفي نفس الليلة لم تكتمل تلك الحفلة بسبب البرقية التي وصلت من المشير السلال لتستعجل بوصولنا إلى صنعاء في تلك الليلة.
طبعاً المشير السلال رحمة الله عليه كان على اطلاع ومتابعة لنا منذ اعتقالنا حتى حبسنا في وشحة وهو يقدر قيمة المتعلمين والمثقفين ويعد بأن دورنا سيكون كبيراً في نقل ثقافة وافكار الثورة إلى جميع مناطق وقرى اليمن وهذا ما حدث فعلاً فبعد وصولنا إلى صنعاء وجدناه يخطب بالجماهير في العرضي فوق مصفحة مع المرحوم الزبيري وعندها وجه باجتماعنا مع الزبيري بعد أن قال لنا يجب أن تعرفوا أن الامام كان قد عقد العزم على اعدامكم جميعاً أنتم والثوار الأحرار لذلك تم التعجيل بقيام الثورة حتى لا تكبر محنة الشعب كان هناك نسخة من امر الاعدام لم نتمكن من حفظها وبعد اجتماعنا بالمرحوم طالبنا بانضمامنا على الثوار الاحرار غير أنه اجاب أن دوركم أكبر من دور القتال ومتابعة بقايا الحكم الامامي فانتم طلاب متعلمون وتحملون فكراً وتنويراً وثقافة وما عليكم الا ان يتوجه كل واحد منكم إلى منطقته ويقوم بدعوة الناس إلى الالتفاف حول الثورة والدفاع عنها والتعاون ضد الملكيين. وقام بدعمنا بالمصروف الجيبي لتسهيل تحركنا واعطى كل واحد منا عشرين ريالاً فرنسياً.
التغيير مطلوب
.. بحكم أنكم كنتم شباب وطلاب وقمتم بإطلاق أول مظاهرة ضد الظلم والطغيان ما لذي تودون قوله لشباب اليوم؟
لا شك أن التغيير سنة من سنن الخالق والتغيير ضروري في أي شيء حتى في حياتك الشخصية ومن المعروف أن الشخص الذي يحب بلده ويحترمه ويحترم شعبه ويعمل على تطوره وتقدمه ويحاول أن يجعل بلده أفضل من اي بلد آخر وبالتأكيد سيكون له الفضل الكبير في ذلك أما الشخص الذي يفكر ويرعى مصالحه الشخصية أكيد أنه سوف يخسر شعبه وعمله ومنصبه ولا شك بأنه قد يكون اشبه بالعميل الذي يخدم دولة اخرى.
نصيحتي للشباب
.. ماهي الدروس والعبر التي تقدمونها للأجيال الصاعدة؟
ارجو من شبابنا أن يكونوا حريصين على تحصيلهم العلمي من أجل ان يخدموا أنفسهم اولاً ووطنهم ثانياً.
كما اطلب منهم أن يحافظوا على وطنهم وسيادته وأمنه واستقراره وأن يتحلوا بالوطنية لأن كرامة وطننا هي من كرامتنا وأمنه من أمننا واستقرار الوطن من استقرارنا ونعتبر اية اهانة للوطن هي اهانة لنا جميعاً.
كما أطلب منهم ان يحافظوا على ثورتهم الشبابية التي شهد لها العالم بالنزاهة وأن يكونوا سنداً وعوناً للقيادة السياسية وان لا يجعلوا لليأس مكاناً في قلوبهم وان يصمدوا ويستبشروا خيراً لأن بعد العسر يسرا، وآمل في هذا الشباب خيراً لأن الاوطان تبنى بشبابها وليس بشيوخها كما اطلب منهم ان يحافظوا على شرف ومهنة الوظيفة ويتجنبوا حق الضعفاء والمساكين.
وان لا يتركوا الوطن يتجزأ ويتشرذم ويتمثل ذلك بحفاظهم على الوحدة ونشر ثقافة الوعي بين اوساط الشعب.
نجحت وأخفقت في جوانب أخرى
تحتفل بلادنا هذه الايام بالعيد الذهبي لثورة 26سبتمبر لمرور خمسين عاماً.. هل برأيك تحققت كافة الطموحات والتطلعات التي حلمتم بها وخرجتم من أجلها؟
أكيد لقد تحققت معظم تلك الطموحات والتطلعات غير انها نجحت في جوانب واخفقت في جوانب اخرى نتيجة للظروف التي مرت بها الثورة منذ قيامها وحتى يومنا نتيجة الانقلابات والاغتيالات والحروب غير المبررة مما اوجد ربكة في مسار تحقيق تلك التطلعات والطموحات.
وجود بعض الانحرافات
.. هل برأيك تحققت الأهداف السبتمبرية للثورة أم حدث هناك نوع من الانحراف؟
أرى أن الاهداف الستة للثورة لم تحقق.. الاهداف التي كان يطمح بها الشعب وذلك نتيجة لوجود بعض الانحرافات التي غيرت مسار تحقيق أهداف ثورة 26سبتمبر.
.. ماهي أهم الايجابيات لثورة 26سبتمبر والاخفاقات التي رافقت الثور؟
أهم الايجابيات لثورة 26سبتمبر.. هناك الكثير من المكاسب التي تحققت مثل انتشار المدارس والتعليم والمستشفيات وتوسيع انتشار الطرقات حتى وصلت إلى معظم القرى في جميع انحاء اليمن، وأهم الاخفاقات هي:
ضعف الاهتمام بالتعليم ومخرجاته وكذلك انتشار ظاهرة الغش خصوصاً في السنوات الاخيرة.
وكذا انتشار الفساد الذي عم جميع مرافق الدولة واصبح آفة عصرنا ونهب المال العام بدون وازع ديني وعدم الشعور بالوطنية من قبل بعض الاشخاص الذين يفضلون مصلحتهم على مصلحة الوطن.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.