«كاك بنك» يشارك في اليوم العربي للشمول المالي 2024    رفض قاطع لقرارات حيدان بإعادة الصراع إلى شبوة    قذارة الميراث الذي خلفه الزنداني هي هذه التعليقات التكفيرية (توثيق)    ما الذي كان يفعله "عبدالمجيد الزنداني" في آخر أيّامه    قوات دفاع شبوة تحبط عملية تهريب كمية من الاسلحة    أكاديمي سعودي يلعنهم ويعدد جرائم الاخوان المخترقين لمنظومة التعليم السعودي    قيادي إصلاحي يترحم على "علي عبدالله صالح" ويذكر موقف بينه و عبدالمجيد الزنداني وقصة المزحة التي أضحكت الجميع    عاجل: الحوثيون يعلنون قصف سفينة نفط بريطانية في البحر الأحمر وإسقاط طائرة أمريكية    دوري ابطال افريقيا: الاهلي المصري يجدد الفوز على مازيمبي ويتاهل للنهائي    ريال مدريد يقترب من التتويج بلقب الليغا    لا يجوز الذهاب إلى الحج في هذه الحالة.. بيان لهيئة كبار العلماء بالسعودية    عمره 111.. اكبر رجل في العالم على قيد الحياة "أنه مجرد حظ "..    آسيا تجدد الثقة بالبدر رئيساً للاتحاد الآسيوي للألعاب المائية    رصاص المليشيا يغتال فرحة أسرة في إب    وزارة الحج والعمرة السعودية تكشف عن اشتراطات الحج لهذا العام.. وتحذيرات مهمة (تعرف عليها)    سلام الغرفة يتغلب على التعاون بالعقاد في كاس حضرموت الثامنة    حسن الخاتمة.. وفاة شاب يمني بملابس الإحرام إثر حادث مروري في طريق مكة المكرمة (صور)    ميليشيا الحوثي الإرهابية تستهدف مواقع الجيش الوطني شرق مدينة تعز    فيضانات مفاجئة الأيام المقبلة في عدة محافظات يمنية.. تحذير من الأمم المتحدة    الجريمة المركبة.. الإنجاز الوطني في لحظة فارقة    أول ظهور للبرلماني ''أحمد سيف حاشد'' عقب نجاته من جلطة قاتلة    فرع العاب يجتمع برئاسة الاهدل    الإطاحة بشاب وفتاة يمارسان النصب والاحتيال بعملات مزيفة من فئة ''الدولار'' في عدن    أكاديمي سعودي يتذمّر من هيمنة الاخوان المسلمين على التعليم والجامعات في بلاده    مأرب: تتويج ورشة عمل اساسيات التخطيط الاستراتيجي بتشكيل "لجنة السلم المجتمعي"    من كتب يلُبج.. قاعدة تعامل حكام صنعاء مع قادة الفكر الجنوبي ومثقفيه    لا يوجد علم اسمه الإعجاز العلمي في القرآن    حزب الإصلاح يسدد قيمة أسهم المواطنين المنكوبين في شركة الزنداني للأسماك    - عاجل شركة عجلان تنفي مايشاع حولها حول جرائم تهريب وبيع المبيدات الخطرة وتكشف انه تم ايقاف عملها منذ6 سنوات وتعاني من جور وظلم لصالح تجار جدد من العيار الثقيل وتسعد لرفع قضايا نشر    ناشط يفجّر فضيحة فساد في ضرائب القات للحوثيين!    المليشيات الحوثية تختطف قيادات نقابية بمحافظة الحديدة غربي اليمن (الأسماء)    خال يطعن ابنة أخته في جريمة مروعة تهزّ اليمن!    مغالطات غريبة في تصريحات اللواء الركن فرج البحسني بشأن تحرير ساحل حضرموت! (شاهد المفاجأة)    الدوري الانجليزي ... السيتي يكتسح برايتون برباعية    الزنداني.. مسيرة عطاء عاطرة    مأرب.. تتويج ورشة عمل اساسيات التخطيط الاستراتيجي بتشكيل "لجنة السلم المجتمعي"    ارتفاع عدد الشهداء الفلسطينيين جراء العدوان الإسرائيلي على غزة إلى 34305    إيفرتون يصعق ليفربول ويعيق فرص وصوله للقب    انخفاض الذهب إلى 2313.44 دولار للأوقية    المكلا.. قيادة الإصلاح تستقبل جموع المعزين في رحيل الشيخ الزنداني    ذهبوا لتجهيز قاعة أعراس فعادوا بأكفان بيضاء.. وما كتبه أحدهم قبل وفاته يُدمي القلب.. حادثة مؤلمة تهز دولة عربية    مفاوضات في مسقط لحصول الحوثي على الخمس تطبيقا لفتوى الزنداني    تحذير أممي من تأثيرات قاسية للمناخ على أطفال اليمن    نقابة مستوردي وتجار الأدوية تحذر من نفاذ الأدوية من السوق الدوائي مع عودة وباء كوليرا    نبذه عن شركة الزنداني للأسماك وكبار أعضائها (أسماء)    الإصلاحيين يسرقون جنازة الشيخ "حسن كيليش" التي حضرها أردوغان وينسبوها للزنداني    طلاق فنان شهير من زوجته بعد 12 عامًا على الزواج    الشاعر باحارثة يشارك في مهرجان الوطن العربي للإبداع الثقافي الدولي بسلطنة عمان    دعاء الحر الشديد .. ردد 5 كلمات للوقاية من جهنم وتفتح أبواب الفرج    - أقرأ كيف يقارع حسين العماد بشعره الظلم والفساد ويحوله لوقود من الجمر والدموع،فاق العشرات من التقارير والتحقيقات الصحفية في كشفها    برشلونة يلجأ للقضاء بسبب "الهدف الشبح" في مرمى ريال مدريد    دعاء قضاء الحاجة في نفس اليوم.. ردده بيقين يقضي حوائجك ويفتح الأبواب المغلقة    أعلامي سعودي شهير: رحل الزنداني وترك لنا فتاوى جاهلة واكتشافات علمية ساذجة    كان يدرسهم قبل 40 سنة.. وفاء نادر من معلم مصري لطلابه اليمنيين حينما عرف أنهم يتواجدون في مصر (صور)    السعودية تضع اشتراطات صارمة للسماح بدخول الحجاج إلى أراضيها هذا العام    مؤسسة دغسان تحمل أربع جهات حكومية بينها الأمن والمخابرات مسؤلية إدخال المبيدات السامة (وثائق)    لحظة يازمن    وفاة الاديب والكاتب الصحفي محمد المساح    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



التفجر الشامل للثورة السبتمبرية
طلاب وتلاميذ انتقلوا بنضالهم الوطني بين غمار الملايين من الهمس والإنشاد إلى:
نشر في الجمهورية يوم 26 - 09 - 2011

في مطلع الأربعينيات تأثر طلاب اليمن ببواكير الثقافة المعاصرة، وبدأوا يخوضون في عدة ميادين نضالية.. ثوروا الجموع بالخطابات الحماسية والقصائد الإيقاضية وانتقلوا إلى الميدان حاملين السلاح..فكان أشق عمل يمارسونه حمل الرسائل الداعية إلى الثورة الدستورية في معظم مدن اليمن...دفعوا ضريبة حماسهم فمنهم من استشهد ومنهم من كابد السجن ومنهم من لاذ بالفرار في مطلع الأربعينيات من القرن الفائت تشكلت الحركة الطلابية في اليمن وأخذت فيما بعد تكويناتها في معظم المدن اليمنية، حتى خارج البلاد..وانتهج أعضاؤها مسار النضال الوطني ضد الحكم الإمامي في شمال الوطن والاستعمار البريطاني في جنوبه، ومضوا قدماً إلى جانب الثوار والأحرار نحو تخليص البلاد من الاستبداد والتخلف وتحرير الشعب من الذل والهوان..
وشهد دورهم نمواً تدريجياً مرتبطاً بشكل وثيق بنمو وتطور أهداف الحركة الوطنية وأساليب وأشكال النضال الوطني، وقامت الحركة الطلابية في شمال الوطن وجنوبه من أجل تحقيق الأهداف الكبرى للشعب والمتمثلة بإسقاط نظام حكم آل حميد الدين وإقامة نظام ديمقراطي عادل وتحرير جنوب الوطن من الاستعمار البريطاني وإعادة توحيد الوطن في كيان سياسي وجغرافي واحد
دور الطلاب والتلاميذ في أحداث النضال الوطني للشعب اليمني منذ الأربعينيات وحتى نهاية الستينيات:
لقد شارك طلاب وتلاميذ اليمن داخل الوطن وخارجه في نمو وتطور الحركة السياسية اليمنية وفي النضال الطويل المتنوع واليومي من أجل تحقيق الأهداف الكبرى للشعب اليمني وأهمها:
- إسقاط نظام حكم آل حميدالدين المتخلف وتأسيس نظام جمهوري حديث وديمقراطي.
- تحرير الوطن من الاستعمار البريطاني وإفشال مشروعه لإقامة دولة جنوبية مستقلة شكلياً ولكنها خاضعة للنفوذ البريطاني ومكونة من اتحاد يضم سلطنات ومشيخات الجنوب.
- إعادة توحيد الوطن في كيان سياسي وجغرافي وبشري واحد.
- إنجاز برنامج تنموي كبير يحقق الرفاهية للشعب ويجعل اليمن في مستوى العصر ومؤثرة ومتأثرة بطريقة إيجابية ومفيدة في إطار محيطها الإسلامي وكذا في إطار العالم كله.
لقد كانت المدارس والعمل الطلابي وكذا المنظمات والجمعيات والاتحادات الطلابية مركزاً كبيراً لإعداد وتأهيل قادة الغد من سياسيين ورجال دولة. فمن هذه المراكز قدم معظم قادة الأحزاب والتنظيمات السياسية في بداية نشوئها. ومنها أيضاً تخرج قادة الأحداث التاريخية الكبيرة في اليمن الحديث والمعاصر فبعض طلاب البعثات العسكرية والمدنية كانوا قادة ثورة 8491م وحركة 5591م ، ومن خريجي المدارس المدنية والعسكرية تكونت خلايا تنظيم الضباط الأحرار وقنوات اتصالها بالأحزاب السياسية وحتى إنجاز مهمة إسقاط حكم آل حميد الدين وإقامة الجمهورية العربية اليمنية في 62سبتمبر 2691م. واستلم الكثير من الطلاب والتلاميذ مهاماً قيادية ونضالية في الكفاح العسكري والسياسي ضد الاستعمار البريطاني ، وشغل الكثير من الطلاب من خريجي مدارس ومعاهد وجامعات الداخل أو الخارج مناصب سياسية وإدارية كبيرة بعد انتصار ثورة 62سبتمبر 2691م واستقلال الجنوب في 03نوفمبر 7691م وكذا في دولة الوحدة بعد 22مايو 0991م.
وكما سبق لنا القول فإن للطلاب والتلاميذ دوراً في الأحداث اليومية لنضال الشعب اليمني من أجل الحرية والتنمية والوحدة منذ الأربعينيات وحتى نهاية القرن العشرين وما زال هذا الدور موجوداً ومستمراً في الوقت الراهن من تاريخ الوطن، وشهد دور الطلاب والتلاميذ في الأحداث اليومية لنضال الشعب اليمني نمواً تدريجياً وارتبط هذا النمو التدريجي وبشكل وثيق بنمو وتوسع حركة التعليم في البلاد ونمو وتطور أهداف الحركة الوطنية اليمنية وأساليب وأشكال النضال لتحقيق هذه الأهداف.
وهنا نقدم صوراً حية لمساهمة التلاميذ والطلاب في الأحداث اليومية لنضال الشعب اليمني مع توضيح أبرز ملامح وأسباب تطور هذه المساهمة النضالية الميدانية منذ الأربعينيات وحتى نهاية عقد الستينيات من القرن الماضي:
مرحلة الأربعينيات:
كان التعليم في هذا العقد محدوداً من ناحية عدد المدارس الأهلية أو الحكومية أو من ناحية المنهج والمستوى العلمي فهو لم يتعد حفظ الأشعار والنصوص والخطب القديمة وبعض الدروس الدينية واللغوية وخاصة في المدارس الأهلية مع بدايات جنينية للمدارس الحكومية الحديثة وخاصة في بعض مدن الجنوب كعدن والحوطة والمكلا وسيئون، وهذا الوضع كان له تأثيره على مستوى دور الطلاب والتلاميذ في نضال الشعب اليمني في عقد الأربعينيات.
ومقابل ضعف التعليم العام في هذا العقد فقد شهد هذا العقد عودة بعض طلاب البعثات الدراسية المدنية والعسكرية التي أرسلها الإمام يحيى حميد الدين إلى العراق ومصر ولبنان وكذا البعثات التي أرسلتها الجمعيات والاتحادات الاجتماعية والثقافية في الجنوب إلى الخارج وخاصة إلى دول مثل مصر والسودان والعراق وسوريا، لقد ساهم الخريجون العائدون إلى وطنهم في نقل ونشر بذور أفكار التحرر والشورى والإصلاح والتحديث، ويقول فقيد الوطن الأسبق الرئيس عبدالله السلال وزملاؤه في كتاب «ثورة اليمن الدستورية» حول هذا الدور مايلي: لقد شكل الشباب العائدون معلماً من المعالم البارزة في مرحلة تأسيس الحركة الوطنية ولم ينحصر دورهم على نقل مشاهداتهم وانطباعاتهم المخالفة لما كان واقعاً في اليمن وحسب.. لكن أخذ هؤلاء يوجهون حملاتهم العنيفة إلى النظام الإمامي الفاسد ويصورونه أبشع تصوير.
ونستعرض هنا بعض مساهمات الطلاب والتلاميذ في النضال اليومي للشعب اليمني في عقد الاربعينيات:
ففي عدن خرج الطلاب والتلاميذ في مسيرات صاخبة قادها الطالب البارز عبدالله عبدالرزاق باذيب وذلك في عام 8491م احتفاء بميلاد جامعة الدول العربية وتضامناً مع نضال الشعب الفلسطيني لإيقاف عملية اغتصاب فلسطين من قبل الحركة الصهيونية وتشريد شعبها في أرجاء المعمورة. ودشن طلاب وتلاميذ عدن بهذه المسيرات بداية دخولهم معترك النضال اليومي للشعب اليمني وخاصة في مدينة عدن.
وفي تعز وصنعاء شارك التلاميذ في أنشطة حركة المعارضة لحكم أسرة آل حميدالدين وكذا في الثورة الدستورية المعروفة بثورة 8491م التي بدأت في «81» فبراير وأجهضت في «12» مارس من نفس العام وسجل عبدالله البردوني في كتابه اليمن الجمهوري هذه المشاركة من خلال العبارات التالية:لقد كان شبابنا الطلابي في مطلع الأربعينيات مختلفاً عن شباب العشرينيات الذي كان من أهم صفاته عدم التدخل فيما لايعنيه على حد تعبير الآباء والأساتذة، لأنه أحس نفسه معنياً بالوطن وبتأثير بواكير الثقافة المعاصرة فبدأ بخوض عدة ميادين نضالية، كان يوزع المنشورات الوافدة من عدن ويواصل الدراسة ويتلمس آثار دعوة الثورة الدستورية في مجاميع القات والأسواق، وكان أشق عمل يمارسه هو حمل الرسائل الداعية إلى الحركة الدستورية من صنعاء إلى تعز، إلى مراد، إلى إب، إلى بعدان إلى زبيد،وكانت الحمير والأقدام هي وسائل المواصلات في ذلك الحين، إلى جانب هذا فقد كان طلاب دار العلوم ينشرون التوعية الهامة في بيوتهم وفي عواصم الأقاليم حين تتاح لهم فرصة الخروج لامتحان المدارس في سائر المناطق، وكان الذين يقومون بمهمة الامتحانات آخر كل عام هم طلاب «الشعب العليا» من دار العلوم من الشعبة السابعة إلى الشعبة الثانية عشرة، وعندما وقع انقلاب شباط «فبراير» 8491م زاول هؤلاء الطلاب أدوارهم بكل استبسال فثوروا الجموع بالخطابات الحماسية والقصائد الايقاضية ثم انتقلوا إلى ميدان الفعل فحملوا البنادق وتعسكروا حول أسوار صنعاء، فأصبح طلاب الثانوية وطلاب دار العلوم وطلاب الصحة وطلاب الإشارة، أصبح كل هؤلاء معسكراً واحداً مختلف المواقع والقيادات لكي يكسروا الحصار عن العاصمة إلا أن خبرتهم في استعمال السلاح كانت غير كافية أمام قوة الحصار المدربة وأمام الخيانة من الداخل لهذا سقطت العاصمة في شهر مارس فدفع زعماء الطلاب ضريبة الحماس فمنهم من استشهد كعبدالله محمد الوزير ومنهم من كابد السجن كعبدالملك الطيب ومنهم من لاذ بالفرار كأحمد الخازن وحسين عثمان الوزير، لقد كانت حركة 8491م قوية الاعتماد على الطلاب وبالأخص طلاب دار العلوم والثانوية والكلية الحربية.. وذلك منذ أن نشأت فكرة الحركة الدستورية من أول الأربعينيات إلى قيام الحركة في 81شباط 8491م وإلى سقوطها في النصف الأول من آذار.
في مرحلة الخمسينيات
شهد هذا العقد توسعاً نسبياً في مدارس التعليم العام في اليمن بشطريه، في الشمال بتأثير علاقات الإمام مع الدول العربية وخاصة مع مصر بعد ثورة 32يوليو 2591م وكذا بغرض تسكين المزاج الشعبي الغاضب والرافض لسياسة التخلف والعزلة التي مارسها حكم آل حميدالدين، وفي الجنوب بسبب تطور الدور العسكري والتجاري لمستعمرة عدن أثناء وبعد الحرب العالمية الثانية، واتسعت في هذه الفترة الزمية دائرة انتشار الفكر القومي وبدأت في الوقت نفسه أعمال التأسيس الأولى لتنظيمات وأحزاب حركة التحرر الوطني اليمنية بمختلف ألوانها السياسية والفكرية.
المشاركة في أحداث الكفاح اليومي
لقد تركت كل تلك التطورات تأثيرها الإيجابي الواضح على حركة الطلاب والتلاميذ في أكثر من جانب منها العدد ومستوى الوعي وأشكال مساهماتها في النضال اليومي للشعب اليمني.
ونستعرض في هذه المرحلة أبرز مشاركات الطلاب والتلاميذ في أحداث الكفاح اليومي للشعب اليمني في عقد الخمسينيات ،ففي عدن سار الطلاب والتلاميذ في مظاهرات صاخبة في مطلع عام 5591م وتضامناً مع الكاتب والسياسي عبدالله باذيب الذي كان حينها يحاكم أمام محكمة التواهي بتهمة معاداة بريطانيا وإثارة الفتنة من خلال المقال الذي نشره تحت عنوان «المسيح الجديد الذي يتكلم الإنجليزية».
وفي الشطر الشمالي زاد عدد المدارس في عقد الخمسينيات وبذلك زاد عدد التلاميذ والطلاب أو القوة الثالثة كما يسميها السياسيون. فبعد أن كانت الأنشطة الوطنية للطلاب تنطلق من دار العلوم والثانوية بصنعاء أصبحت مدارس تعز والحديدة وحجة مواقع جديدة تضاف إلى المواقع القديمة وتطيل ألسنة اللهب. فبعد فشل حركة 5591م وتنفيذ الإمام أحمد الكثير من الإعدامات لزعماء الحركة فجر طلاب المدرسة الأحمدية في تعز أول مظاهرة وأول احتجاج شعبي على قطع الرؤوس الوطنية الذي كان من يوميات الإمام أحمد، وهتف المتظاهرون من الطلاب «لا إعدام لا إعدام.. يحيا الشعب يحيا الشعب» ويصف عبدالله البردوني هذه المظاهرة بأنها: انصع صفحة في التاريخ الطلابي لأنها انتقلت من الهمس والإنشاد إلى التفجر الشامل بين غمار الملايين وتحت وهج الشمس. لقد كانت هذه المظاهرة أول نقط التحول في التاريخ الطلابي بل في التاريخ الشعبي «في شمال الوطن» إذ لم يعتد الشعب قبل هذه التظاهرة الطلابية ما يسمى بالمظاهرات الشعبية، فكانت تلك المظاهرة أول تنبيه إلى قيمة تحريك الشارع الشعبي.
انتفاضة مارس
وفي عدن شارك الطلاب والتلاميذ في انتفاضة مارس 1965م التي ولد فيها «مؤتمر عدن للنقابات» وقدم طلاب وتلاميذ عدن أول شهيد لهم في هذه الانتفاضة وهو التلميذ «قاسم هلال» .وتحول موكب تشييع جثمان التلميذ قاسم هلال إلى مسيرة جماهيرية وطلابية صاخبة ضد بريطانيا ووجودها في عدن والمناطق الجنوبية.
التضامن مع الشعب الجزائري والمصري
وفي 82أكتوبر 1956 شارك الطلاب والتلاميذ في مظاهرة عارمة تضامناً مع الشعب الجزائري وثورته المسلحة ضد الاستعمار الفرنسي وتنديداً باختطاف زعماء جبهة التحرير الجزائرية ، وعاقبت إحدى محاكم عدن بعض الطلاب والتلاميذ بسبب مشاركتهم في هذه المظاهرة ومن الأحكام التي أصدرتها هذه المحكمة حكماً بالغرامة المالية وضماناً بحسن السيرة والسلوك لمدة عامين ضد ثمانية من الطلاب.
وبتأثير المشاعر القومية وكجزء من المواكب العربية الكبيرة والحاشدة المتضامنة مع الشعب المصري في تصديه للعدوان الثلاثي بعد إعلان تأميم قناة السويس في يوليو 1956م شهدت صنعاء مسيرة طلابية حاشدة..وأرسلت الإمامة قواتها إلى باب المدرسة الثانوية لاعتقال الطلاب الذين لعبوا دوراً قيادياً في تحريك المظاهرة، وكان المطلوبون هم:علي عبدالمغني محمد مهدي العلفي عبدالله المؤيد- علي الشيبة، وحمود بيدر، واعتصم الطلاب خارج باب الروم إلى أن تم تهريب الطلاب الخمسة إلى منطقة سعوان ، إن الاختفاء لمدة طويلة كان شيئاً صعباً على الطلاب لذلك قرروا تسليم أنفسهم للسلطة التي قامت بدورها بإيداعهم بسجن رداع لمدة واحد وعشرين يوماً.
انتفاضة غيل باوزير
وفي مارس 1958م شهدت المدينة التعليمية غيل باوزير في حضرموت انتفاضة طلابية كبيرة رد فعل على الاجراءات التعسفية التي اتخذتها السلطات الاستعمارية والمحلية ضد المدير وبعض أساتذة وتلاميذ المدرسة المتوسطة في أعقاب الاحتفال السنوي للمدرسة والذي كان حفلاً وطنياً ومهرجاناً تضامنياً مع نضال الأمة العربية ،لقد شملت فقرات احتفالات المدرسة عدداً من الأعمال الوطنية والتضامنية ومنها مثلاً مشهد تمثيلي قصير عن نضال الشعب المصري في بورسعيد بعنوان« إنه سيعود» ومسرحية بعنوان«مصرع الخيانة» وكذا قراءة فقرات من المقالات الفائزة في مسابقة بهذا الخصوص وحملت هذه المقالات العناوين التالية: الوحدة العربية ، مناضل جزائري يتحدث، نكبة دمشق، ضحايا في كل مكان ، رسالة من جميلة بوحريد ، ومن أبرز فقرات الحفل والتي أثارت غضب المستشار البريطاني وجعلته يغادر ساحة الاحتفال كلمة ألقاها أحد التلاميذ باللغة الإنجليزية تحدث فيها عن نضال الشباب العربي من أجل الحرية واستمرار هذا النضال حتى تحقيق النصر رغم برك الدم وظلمات السجون وأعمال القمع الوحشية الأخرى.
لقد قوبلت وقائع الاحتفال بالثناء كما لقيت الانتفاضة الطلابية التي حدثت عقب الاحتفال حملة تضامن واسعة في داخل وخارج حضرموت. لقد وصف البيان التضامني للكتاب الأحرار في عدن الاحتفال بالعبارات التالية “ إن ذلك العيد المجيد يسجل دليلاً قاطعاً على تجاوب المدير وزملائه المعلمين وأبنائه الطلبة وتفاعلهم مع المشاعر العربية الأصيلة الأمر الذي يستحقون من أجله كل تقدير وإكبار، كيف لا، وهو يبعث فينا الأمل والاطمئنان في تربية الناشئة الجديدة من ابنائنا ويدعم عندنا الثقة في جيلنا المقبل وتحمله مسئولياته وواجباته نحو وطنه وشعبه على النحو السليم.
أكبر انتفاضة طلابية في عدن
وفي الستينيات مثلت هذه المرحلة زمن الإنعطاف التاريخي في الحركة الوطنية اليمنية ففيها قامت وانتصرت ثورة 62سبتمبر 1962م التي اسقطت نظام آل حميد الدين وأسست بدلاً عن النظام الجمهوري ، وكامتداد لثورة 62سبتمبر وبتأثيرها أنطلقت ثورة 41أكتوبر 1963م في جنوب اليمن التي انتصرت على الاحتلال البريطاني وحققت استقلال وتوحيد الجنوب في كيان واحد في نوفمبر 1967م وأثرت هذه الأحداث الكبيرة في مسار الحركة الوطنية اليمنية تأثيراً قوياً على الحركة الطلابية وشعاراتها وأنشطتها النضالية. ومن أبرز مساهمات التلاميذ والطلاب في أحداث النضال الوطني اليمني في مرحلة الستينيات النماذج التالية:
وفي فبراير 1962م عاشت عدن أكبر انتفاضة للطلاب والتلاميذ في ذلك الوقت، وقد بدأت شرارة الانتفاضة في كلية البنات بخور مكسر ثم تحولت لتشمل كل مدارس ومعاهد عدن، ورفعت الانتفاضة الطلابية شعارات منددة بالسياسة التعليمية للاستعمار البريطاني ودعت إلى وضع منهاج وطني وأن يكون التعليم باللغة العربية الأم بدلاً عن لغة المستعمر، ولم تكن السلطات البريطانية وحكومة عدن بحاجة إلى وقت طويل لمعرفة ما سوف تخلقه الانتفاضة وهي تتطور بسرعة مذهلة وشمولها لكل المدارس الثانوية والمعاهد في مدينة عدن ، بل إنها أدركت حجم وخطورة هذه الانتفاضة منذ الساعات الأولى لاندلاعها واتبعت طرقاً مختلفة لاحتوائها بدأت باللقاءات التي عقدها وزير المعارف آنذاك عبدالله الصعيدي مع أباء وأمهات الطلاب ولكنه فشل في إقناعهم بتوجيه أبنائهم وبناتهم بالعدول عن مواصلة الاضرابات والمظاهرات بل زادوا في إصرارهم على تلبية مطالب أبنائهم. ومروراً بدعوة الصحافة وإذاعة عدن بالكف عن الاضرابات وانتهاءً بالقمع الجسدي والنفسي حيث قدم للمحاكمة عدد من الطلاب بتهمة الإخلال بالأمن العام وإثارة الشغب وصدرت بحقهم أحكام بالسجن والجلد والتوقيع على ضمان بعدم الإخلال بالأمن لمدة عام والطرد من الدراسة، كما تم نفي 06 طالباً ممن يدرسون في كلية عدن وثانوية خور مكسر من أبناء المناطق الريفية والمسماة آنذاك بالمحميات وأغلقت كلية البنات لمدة عام دراسي كامل.
اتحاد الطلاب العالمي يتضامن مع طلاب اليمن
لقد حظيت الانتفاضة باهتمام الرأي العام والمحلي والخارجي ولقيت حملة تضامن واسعة النطاق ومنها البيان الشهير الذي أصدره اتحاد الطلاب العالمي وأعلن فيه تضامنه مع نضال طلاب وتلاميذ اليمن ودعمه لمطالبهم المشروعة، وسجل الميثاق الوطني للجبهة القومية لتحرير جنوب اليمن المحتل هذه الانتفاضة بقوله: “ إن الاضرابات الطلابية والتي دامت أكثر من شهر احتجاجاً على المناهج الاستعمارية كانت دليلاً على اليقظة الواعية والفهم الكامل من قبل الطلاب لمخططات الاستعمار الرامية إلى خلق جيل متفسخ جاهل يسير ضمن الحياة التي ترسم له من قبل السلطة الاجنبية المتحكمة.
ومن خلال الوفد اليمني الموحد الذي شارك في المهرجان العالمي الثامن للشباب والطلاب الذي انعقد في هلسنكي عاصمة فنلندة في صيف عام 1962م تم إيصال صوت الشعب اليمني في الشطرين إلى شبيبة وطلاب العالم. لقد لعب المندوبون اليمنيون: محمد ناصر ويحيى عبدالرزاق وأحمد جبران دوراً كبيراً لايستهان به من حيث اجراء الاتصالات واللقاءات مع مختلف المنظمات الشبابية والطلابية لشرح قضية نضال الشعب اليمني ضد الاستعمار في الجنوب والإمامة في الشمال، وعادوا وهم يحملون رسائل من ممثلي المنظمات الشبابية والطلابية تتضمن تضامن منظماتهم مع شبيبة وطلاب وشعب اليمن والترحيب بإقامة علاقات كفاحية معهم. كما تمكن الوفد من الحصول على مقاعد دراسية لبعض الطلاب اليمنيين في معاهد وجامعات الاتحاد السوفيتي والمجر ورومانيا وألمانيا الديمقراطية.
اضرابات ومسيرات صاخبة في صنعاء
وفي يوليو وأغسطس 1962م شهدت صنعاء إضرابات ومسيرات طلابية صاخبة وكانت مطالبهم موجهة نحو تحديث المناهج وتحسين التعليم ورفع الطلبة صور الزعيم العربي جمال عبدالناصر ومروا بها في شوارع العاصمة كما حطم الطلاب زجاج مبنى وزارة المعارف وأنزلوا صورة الإمام من الحائط وقد استجابت لهذه المظاهرة المدارس الأخرى في البلاد وأخذت الحركة الطلابية عمقاً بعيداً في تعز حيث بقي الطلاب والتلاميذ في ساحة المدرسة ولم يسمحوا للجنود المرسلين لقمع الانتفاضة بالدخول إلى المبنى، وقد قمعت انتفاضات يوليو وأغسطس الطلابية بقسوة وزج بالكثير من التلاميذ والطلاب في السجون كما حُكم على بعضهم بالإعدام.
لقد مثلت انتفاضة التلاميذ والطلاب أحد الممهدات الرئيسية لثورة 62سبتمبر 1962م.. وعندما تفجرت الثورة السبتمبرية المجيدة 1962م كان طلاب المدرسة الحربية والمدارس العسكرية الأخرى الأداة المنفذة لها، ووقف طلاب المدارس المدنية إلى جانب الثورة وتدفقت جموعهم إلى المعسكرات للانصهار في الثورة والإندفاع في موجها العارم. فتشكل الحرس الوطني منهم ،ومنهم من انتشر في المناطق الريفية يقاتل الخوف والجهل بسلاح التوعية ومن جنوب اليمن تحركت ارتال من السيارات حاملة آلاف العمال والطلاب للإسهام في الدفاع عن ثورة وجمهورية سبتمبر.
وعندما اندلعت الثورة المسلحة في جنوب اليمن في 41أكتوبر 3691م وقف الطلاب إلى جانبها قولاً وعملاً فمنهم من شارك في العمليات الفدائية ومنهم ساهم في إدخال السلاح أو توزيع المنشورات في المساجد والساحات العامة والبعض تولى مراتب تنظيمية قيادية في الجبهة القومية وجبهة التحرير.
من النشاط الطلابي في الخارج
وفي الخارج نظم طلاب اليمن عدداً من الأنشطة لدعم الثورة اليمنية في الشمال والجنوب وتوسيع دائرة المطلعين على قضاياها والمتضامنين معها ومن هذه الأنشطة على سبيل المثال لا الحصر: الإسهام في المسيرة السلمية في بغداد في أكتوبر عام 2691م لدعوة الحكومة العراقية للاعتراف بجمهورية سبتمبر، والاجتماعات التضامنية في قاعات جامعة الصداقة في موسكو للتضامن مع ثورتي سبتمبر وأكتوبر، والاعتصام في السفارة اليمنية في بيروت عام 1964م احتجاجاً على دعوات المصالحة مع الملكيين، واجتماعات الطلاب اليمنيين في القاهرة عام 1968 لدعم أعمال الدفاع عن صنعاء في وجه الحصار الملكي لها والمطالبة بعودتهم إلى أرض الوطن للمشاركة في أعمال الدفاع عن العاصمة.
اعتقال 5 من قيادة الحركة الطلابية في الجنوب.
وخلال الأعوام 56/66 شهد النضال الطلابي في جنوب اليمن تطوراً نوعياً كانعكاس لازدياد شدة المواجهة بين حركة التحرر الوطني والاستعمار البريطاني وخلال هذه الفترة الزمنية تعطلت الدراسة مرات عديدة وأصبحت المدارس مواقع للاعتصام والاضراب ومراكز لانطلاق المسيرات الصاخبة ومن أبرز الانتفاضات الطلابية خلال هذه الأعوام الثلاثة: الانتفاضات الطلابية في عام 1966م عقب اعتقال خمسة من قيادة الحركة الطلابية، المسيرة السلمية للطلاب في سيئون والمكلا في 01، 21 سبتمبر 1966م ضد رابطة أبناء الجنوب في سيئون وإلقاء قنبلة يدوية على مسيرة طلاب وتلاميذ المكلا، والمسيرات الطلابية في عدن ولحج وأبين في الذكرى الثالثة لانطلاقة الثورة المسلحة والتي نظمت في إطار الدعوة لعودة الجبهة القومية للعمل المستقل خارج إطار جبهة التحرير.. لقد قدمت الحركة الطلابية في نضالها خلال هذه الفترة كوكبة من الشهداء ومنهم على سبيل المثال لا الحصر، نجيب سيف وخالد بن هامل وهشام زوقري وفاروق باشارب والعريقي وآخرون.
وشارك الطلاب والتلاميذ في نضال الشعب اليمني من أجل التنمية ومحاربة التخلف والجهل والمرض وكذا من أجل تحقيق الوحدة اليمنية وذلك بعد تأسيس الجمهورية العربية اليمنية في صنعاء وجمهورية اليمن الجنوبية في عدن، وعملوا بأشكال سلمية كالمظاهرات والإضرابات من أجل تحسين أوضاع التربية والتعليم كمناهج ومباني وتجهيزات مدرسية ومساكن داخلية وبعد تحقيق الوحدة وتأسيس الجمهورية اليمنية في مايو 1990م وقف الطلاب إلى جانب الوحدة وساهموا في حمايتها من الانتكاس كما شارك الطلاب والتلاميذ في كل الأنشطة والفعاليات التي شهدها الوطن بعد الوحدة من أجل تعزيز الديمقراطية وتنفيذ برامج الإصلاح الاقتصادي والإداري والمالي.
تأسيس الاتحادات والمنظمات والروابط الطلابية اليمنية داخل الوطن وخارجه
حدثت النشأة الجنينية الأولى للمنظمات والاتحادات الطلابية في المدن اليمنية الرئيسية مثل صنعاء، عدن، المكلا، تريم، تعز، إب، والحوطة وكان شكل هذه البداية أندية وجمعيات طلابية مستقلة أو تابعة لجمعيات خيرية أو ثقافية وعكست هذه البداية الجنينية التي استمرت من الثلاثينيات وحتى منتصف الخمسينيات مستوى التعليم والوعي السياسي في هذه الحقبة الزمنية ومن نماذج هذه الأندية والجمعيات الطلابية مايلي:
نادي الشبيبة المتحدة التابع لجمعية الأخوة والتعاون في تريم،
نادي مدرسة الإصلاح بالمكلا وتأسست المدرسة عام 1940م.
جمعية اتحاد التلاميذ في المكلا وتأسست في عام 1940م وكان من أبرز مؤسسي هذه الجمعية: محمد عبدالقادر بافقيه، علي محفوظ حوره، علي محفوظ بامحفوظ، سالم باداؤود، عمر بن سهيلان، ناصر سيف بن علي البوعلي، عبدالقادر باحشوان، طاهر بازنبور وآخرون.
وبرغم الهوية الثقافية المحدودة لهذه الجمعية فقد قامت السلطة في حضرموت بحلها وبعد أشهر قليلة من تأسيسها وبرر ناظر المعارف آنذاك قرار الحل بقوله:« من أجل تلافي حدوث صراع بين التلاميذ لأن مجموعة من التلاميذ المعارضين للاتحاد تقدموا بطلب تأسيس اتحاد جديد لهم.. وأسس بعض قادة جمعية اتحاد التلاميذ إطار آخر لنشاطهم الطلابي أسموه «ندوة امرئ القيس» ولكن السلطات في المكلا أمرت أيضاً بحل الندوة».
وفي عدن تأسست أندية وجمعيات للطلاب والتلاميذ في الثلاثينات في المدارس المتوسطة وفي كلية عدن كما أسست الجمعيات مثل نادي الإصلاح العربي الإسلامي والنادي الثقافي ومخيم أبي الطيب أوعية خاصة بأنشطة الطلاب والتلاميذ داخلها.
وكانت فرق الكشافة في بعض مدن الجنوب مثل عدن والحوطة والمكلا وسيئون أحد أشكال تأطير العمل الطلابي المنظم وكان نظام الكشافة يعمل وفقاً للنظام الكشفي في الغرب والذي أسسه «بودن باول».
وفي صنعاء تأسست جمعيات واتحادات صغيرة للتلاميذ والطلاب في دار العلوم والمدرسة الثانوية وفروعها في المدن الأخرى.
وحاول طلاب وتلاميذ عدن تأسيس إطار نقابي لهم على مستوى المستعمرة كلها وعلى غرار «مؤتمر عدن للنقابات» المعروف باسم المؤتمر العمالي، وتم الإعلان في بداية عام 1956م عن تأسيس «النادي الطلابي» غير أن السلطات البريطانية سارعت إلى إغلاق النادي وسحب ترخيص التأسيس من يد قيادته تحت حجة قيام النادي بأعمال سياسية غير مسموح بها وفي يوليو 1956م حاول الطلاب والتلاميذ تأسيس إطار نقابي جديد بديل للنادي الطلابي وتحت اسم «المؤتمر الطلابي» غير أنه هو الآخر لم يكتب له البقاء.
تحول نوعي
ومع نهاية عقد الخمسينيات وبداية عقد الستينيات حدث تحول نوعي في عملية نشوء المنظمات والاتحادات الطلابية داخل الوطن وخارجه وكذا في محتوى أهدافها وعملها وهذا التحول هو انعكاس إيجابي للتطور النسبي في التعليم والتطور النوعي في الوعي السياسي والحركة الوطنية اليمنية والذي من ملامحه نشوء فروع الأحزاب القومية وحدوث ثورة 62 سبتمبر 2691م وسقوط نظام آل حميد الدين واندلاع الثورة المسلحة ضد بريطانيا في الجنوب في أكتوبر 1963م ومن أبرز الاتحادات والتنظيمات الطلابية التي نشأت في هذه الفترة مايلي:
اتحاد الطلبة الحضارم وتم الإعلان عن تأسيسه في عام 1960م وكان الاتحاد مشروعاً تقدم به الطلاب الدارسون في كلية عدن إلى السلطنة الكثيرية في سيئون في عام 1959م وحصل الاتحاد على ترخيص بالتأسيس من سلطة سيئون قبل حصوله على رخصة التأسيس من السلطنة القعيطية في المكلا ولذا كانت بداية عمل الاتحاد في سيئون ثم نقل مقره الرئيسي إلى المكلا بعد الحصول على ترخيص التأسيس من سلطات المكلا ..أسس اتحاد الطلبة الحضارم فروعاً له في العديد من مدن حضرموت الساحل والداخل، وتمكن أعضاء حركة القوميين العرب ولاحقاً الجبهة القومية من السيطرة على قيادة ونشاط الاتحاد وقاد ونظم اتحاد الطلبة الحضارم الكثير من الفعاليات والأنشطة الثقافية والسياسية والنقابية وعكست هذه الأنشطة الهوية السياسية للاتحاد والمشاعر الوطنية لأعضائه المناهضة للاستعمار البريطاني وسلطنات حضرموت الواقعة تحت حمايته.
تنافس الأحزاب السياسية
وتنافست الأحزاب السياسية في عدن في تأسيس المنظمات والاتحادات الطلابية وشهدت المدينة منذ نهاية الخمسينيات وحتى عام 1956م تأسيس العديد من الاتحادات والمنظمات الطلابية ومنها:
الرابطة العربية للطلاب التي أسسها فرع حزب البعث العربي الاشتراكي.
منظمة الطلبة الأحرار ومنظمة الطلبة الثوريين وأسس هاتين المنظمتين فرع حركة القوميين العرب.
أسس حزب البعث الاشتراكي أكثر من منظمة طلابية منها: القاعدة الطلابية، التنظيم الطلابي، منظمة هاشم الطلابية.
وأسست رابطة أبناء الجنوب كيانها الطلابي باسم اتحاد طلاب الجنوب العربي.
دمج الكفاح السياسي والعسكري
ومع دخول الحركة الوطنية في الجنوب مرحلة جديدة وهي مرحلة دمج الكفاح السياسي بالكفاح العسكري ضد الاستعمار البريطاني برزت الحاجة إلى تنظيم طلابي قوي وواسع الوجود والنشاط، وبادرت قيادة الجبهة القومية وبالتنسيق مع اتحاد الشعب الديمقراطي إلى اتخاذ الإجراءات المناسبة لتأسيس هذا الاتحاد ففي بداية عام 1956تم تشكيل لجنة تحضيرية لتأسيس الاتحاد وعرفت باسم «اللجنة الطلابية العليا» وتكونت اللجنة من ممثلين لطلاب مدارس ومعاهد عدن، وتولت هذه اللجنة الإعداد والتحضير لتأسيس الاتحاد ومن ذلك إعداد دستور الاتحاد وبرنامج عمله، وفي منتصف عام 1966م تم الإعلان عن تأسيس هذا الاتحاد باسم «اتحاد طلبة الجنوب اليمني المحتل» وغطت صحيفة الأمل التابعة لاتحاد الشعب الديمقراطي أخبار تأسيس الاتحاد ثم أخبار نشاطاته بعد التأسيس.
ولقد مثل «اتحاد طلبة الجنوب المحتل» من ناحية أهدافه وهيكله التنظيمي ومساحة وجوده ونشاطاته حالة متقدمة بالمقارنة مع كل التنظيمات والاتحادات الطلابية وكان تأسيس اتحاد طلبة الجنوب المحتل أحد أشكال العمل المشترك المبكر بين الجبهة القومية واتحاد الشعب الديمقراطي.
وبعد استقلال الجنوب وقيام الدولة الجنوبية في نوفمبر 1967م وعلى أنقاض أكثر من 22 سلطنة ومشيخة تم دمج اتحاد الطلبة الحضارم واتحاد طلبة الجنوب المحتل في اتحاد طلابي واحد باسم «الاتحاد الوطني لطلبة اليمن».
ولم تسمح أوضاع ماقبل ثورة 62 سبتمبر 1962م في شمال الوطن بتأسيس اتحاد طلابي نقابي وبعد قيام الثورة جرت عدة محاولات لتأسيس اتحادات طلابية منها:
اتحاد طلاب الجمهورية العربية اليمنية، وقد ظهر كإطار طلابي نقابي في مطلع عام 1967م إلا أنه واجه في سياق نشاطه العديد من المصاعب والمحاولات التي هدفت إلى تقليص نفوذه والحد من نشاطاته، ولم تتوفر في بنيته التنظيمية الداخلية الشروط الضرورية التي تكفل له الاستمرار والتطور.
وتأسيس تنظيم طلابي باسم «القاعدة الطلابية» وكان على صلة بحزب البعث الاشتراكي ولكنه لم يتمكن من البقاء.
وشهدت المدن الرئيسية تأسيس تكوينات طلابية نقابية محلية منها: اتحاد طلاب صنعاء، اتحاد طلاب تعز، اتحاد طلاب إب، وأطرت هذه الاتحادات التلاميذ والطلاب في صفوفها على مستوى مناطق عملها ولكنها واجهت نفس المصاعب التي واجهت المنظمات الطلابية السابقة وغاب وجودها ودورها وأنشطتها تدريجياً تحت ضغط تلك المصاعب وكذا ظروف نشأتها المحلية.
وبعد تأسيس «الاتحاد العام لطلبة اليمن» في دمشق في مارس 1968م حاول مد وجوده إلى داخل الوطن وخاصة إلى العاصمة صنعاء، وعقد مؤتمره الأول في صنعاء في أغسطس 1969م وأسس فروعاً له في تعز والحديدة وإب، غير أنه لم يتمكن من الاستمرار والنمو بسبب الأوضاع السياسية غير المستقرة التي عاشها شمال الوطن منذ عام 0791م وحتى عام 1978م وسوف نوضح فيما بعد تفاصيل تأسيس الاتحاد العام لطلبة اليمن.
اتحادات وروابط طلابية في الخارج
وشهدت التجمعات الطلابية اليمنية في الخارج تأسيس اتحادات وروابط طلابية وتميزت الاتحادات والروابط الطلابية في الخارج بعدة مزايا منها:
تمثيلها لكل الطلاب اليمنيين في الخارج.
عكست في بنيتها التنظيمية ومستوى أنشطتها الهوية الطلابية الجامعية والتخصصية لأعضائها وهي بهذه كانت الأقرب إلى الاتحادات الطلابية الصحيحة عكس اتحادات ومنظمات الداخل التي كانت أقرب إلى اتحادات تلاميذ المدارس الثانوية والمعاهد الفنية والمهنية وذلك لعدم وجود نظام التعليم الجامعي آنذاك في اليمن أي حتى عام 1970م.
ارتبط معظمها بالأحزاب السياسية الموجودة داخل الوطن وعلى وجه الخصوص فرع حركة القوميين العرب وفرع حزب البعث العربي الاشتراكي واتحاد الشعب الديمقراطي وتأثرت هذه الاتحادات والروابط بالخلافات والصراعات التي حدثت بين أحزاب الحركة الوطنية اليمنية أو داخل كل حزب على حدة.
رابطة الطلبة اليمنيين في مصر
لقد تأسس أول اتحاد طلابي يمني في الخارج في مصر باسم «رابطة الطلبة اليمنيين» وذلك في عام 1955م وبدأت الدعوة إلى تأسيس الرابطة في حلوان عام 2591م حيث يوجد معظم الطلاب اليمنيين في مصر ولكنها فشلت لقلة عدد المبعوثين والحاجة إلى درجة أعلى من النضج ونجحت عملية تأسيس الرابطة في عام 1955م بعد تبلور فكرتها على نحو أفضل وبعد أن نضجت المواقف والتصورات وبعد حدوث التفاعل بين الطلاب وازدياد عددهم، وانظم إلى الرابطة جميع الطلاب اليمنيين في مصر ومن كافة التوجهات ومن كافة المناطق الجغرافية في اليمن وكان الراحل محمد عمر حسن اسكندر السقاف أول رئيس للرابطة وأسهم في عملية التأسيس عدد كبير من الطلاب ومن أبرزهم: أبوبكر السقاف وأحمد الشجني وخالد فضل منصور وعبده علي عثمان وعبدالله صالح وعبدالغني علي وعمر الجاوي ومحمد أنعم غالب.. أصبحت هذه الرابطة في واقع الأمر بمثابة مدرسة حصل من خلالها الطلاب اليمنيون على خبرة مؤسسات المجتمع المدني وإدارتها كما مارسوا من خلالها أيضاً تجربة العمل الديمقراطي ورعاية مصالحهم والدفاع عنها.
وفي 32 يوليو 5691م عقدت الرابطة ماعرف بالمؤتمر الدائم للطلاب اليمنيين لمناقشة الأوضاع السياسية في اليمن شماله وجنوبه، وعقد المؤتمر في مقر رابطة الطلاب الفلسطينيين في القاهرة الواقع في عمارة بشارع قصر النيل وشارك في أعمال المؤتمر إلى جانب الطلاب اليمنيين في مصر الأستاذ عبدالله فاضل فارع وهو من المثقفين الرواد في عدن كما حضر المؤتمر مندوب عن الرئيس جمال عبدالناصر وياسر عرفات والشهيد صلاح خلف «أبو أياد» وانتخب المؤتمر لجنة تنفيذية من سبعة أشخاص لمتابعة تنفيذ قراراته التي تضمنها بيانه الشهير.. وصدر عن المؤتمر قرارات وبيان شهير دعا إلى وحدة النضال ضد الإمامة والاستعمار من أجل تحرير الوطن وتوحيده.
خلال الفترة من «5591 إلى 5691» تكونت التنظيمات والروابط الطلابية اليمنية في كل من العراق وسوريا ولبنان والكويت والسودان، وخلال الفترة من «1961م إلى 1967م» تكونت التنظيمات والروابط الطلابية في دول أوروبا الشرقية مثل بلغاريا والمجر وبولندا ، ألمانيا الشرقية، يوغسلافيا، وبعض دول أوروبا الغربية وخاصة بريطانيا كما تأسست رابطة طلابية يمنية في ماكان يعرف بالاتحاد السوفيتي في نهاية عام 95م وبداية عام 0691م.
وشاركت الروابط والاتحادات الطلابية اليمنية خارج الوطن في إجتماعات ولقاءات وحدة الحركة الطلابية اليمنية منذ أول لقاء عقد لهذا الغرض في برلين عام 2691م وحتى تأسيس الاتحاد العام لطلبة اليمن عام 1986م والاتحاد الوطني العام لطلبة اليمن عام 1969م.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.