لا أميل لأن أكون رئيسة لليمن في هذه المرحلة ،وقد أفكر بالإقدام على ذلك بعد أن اقوم بتزويج أولادي دعت الدكتورة ألفت الدبعي - استاذ علم الاجتماع المساعد بجامعة تعز إلى ضرورة إجراء حوارات وطنية في محافظات الجمهورية حول قضاياها المحلية وقضايا البلد العامة مما سيعكس الفاعلية في الحوار الوطني ، مشيرة إلى أن الحوار الوطني سينجح إذا دفعت الأطراف السياسية بالشباب للمشاركة ... وأكدت المنسق العام لمجلس شباب الثورة الشعبية بتعز في حوار أجرته معها «الجمهورية» أن المجتمع اليمني يحتاج إلى ثورة ثقافية وتعليمية تحل محل الثقافة المعيقة كسياسة الإقصاء والتهميش وعدم القبول بالآخر ... دكتورة بداية بقي القليل لانعقاد مؤتمر الحوار الوطني كيف تنظرين لهذا الحوار ؟ الحوار قمة السلوك الحضاري ، وهو كقيمة لا بد منه ، أما الحوار الوطني الذي نصت عليه المبادرة الخليجية ، فأرى لنجاحه وخروجه بأفضل النتائج أن يسبقه التشجيع على حوار على مستوى المحافظات وحوار مؤسسات الدولة في كل محافظة على حدة ، والعمل على حل المشكلات الرئيسية على مستوى كل محافظة ومؤسسة ،والتطبيق الواقعي لمعايير العدالة الانتقالية حتى يكون هناك حوار صاعد من الجماهير الشعبية ، بحيث لا يلتقي المواطنون في نهاية المطاف الا للنقاش حول شكل الدولة ودستورها ونحن هنا في تعز قد نبدأ قريباً حواراً وطنياً لحل مشكلات تعز الرئيسية وتقديم رؤى حول القضايا الوطنية العامة . برأيك ما هي الضمانات التي يمكن أن تساعد على نجاح مؤتمر الحوار الوطني ؟ وهل تتوقعين له النجاح؟ أنا في تصوري أن الضامن الوحيد والفاعل لنجاح مؤتمر الحوار الوطني هو أن تعمل جميع الأحزاب والمكونات المشاركة في الدفع بأكبر ما يمكن من الشباب المؤثر بالإضافة إلى القيادات التاريخية ، وذلك لأن الشباب هم الضامن الوحيد في حمل طاقة الثورة الى جميع المتحاورين على ايجاد حلول عادلة للمرحلة السابقة وطي صفحتها لمرحلة البناء القادمة، وهنا أشدد على ضرورة تنفيذ النقاط العشرين التي وضعت من قبل المشترك فإغفال هذا الجانب قد تدخل المتحاورين في صراعات الماضي ، وعدم القدرة على تجاوزها لسيطرتها على الذهنية. كما أقترح على اللجنة الفنية للحوار الوطني الى جانب اعتمادها معيار مشاركة 565 شخصاً يمثلون كافة شرائح المجتمع أن تشكل لجنة خاصة لتلقي أي برامج أو مشاريع من كافة أبناء الشعب تناقش المحاور الرئيسية ، لأن هذه الطريقة ستضمن للشعب اليمني بكافة أفراده اتاحة الفرصة للتعبير عن قضايا الوطن ، وليس الاقتصار على ممثلي المؤتمر ، خاصة وأن الثورة ثورة شعب وليس ثورة نخب ولعل إجراء الحوارات الوطنية في محافظات اليمن حول قضاياها المحلية والقضايا العامة على مستوى البلد دور في فاعلية الحوار الوطني . استطاعت الطاقات الشابة تغيير انظمة حاكمة عصية هل تستطيع هذه الطاقات تحمل مسئوليات قيادة مجتمعاتها في ظل قول البعض انها انتهت عند سقوط الانظمة؟ الطاقات الشبابية التي استطاعت تغيير الأنظمة الحاكمة واسقاطها ، من الطبيعي أيضاً أن تكون حاملة في بنيتها بذور قيادة المجتمع متى ما وجدت المحضن الذي يقدرها ويحولها من قدرات لإسقاط الانظمة الى قدرات يمكن استغلالها في عملية البناء ، وفي تصوري إن العملية لا تحتاج سوى رؤية سياسية للتواصل مع هؤلاء الشباب وتأهيل طاقاتهم وتوظيفها في قيادة عملية التغيير . ما الذي حققته الثورة برأيك في نفوس وسلوكيات وقيم الشباب اليمني؟ يكفي الثورة الشبابية الشعبية أنها أنعشت لدى الشباب قيم حب الوطن والتضحية لأجله ، والتطلع لمستقبل أجمل ، هذه القيم التي كان الفساد في اليمن وانعكاساته على نفسية المواطنين قد جعلها تخبو وتتجمد ،فجاءت هذه الثورة وفتحت أمام الشباب الآفاق لقيادة عملية التغيير في اليمن، ورغم ما يعانيه الشباب من معوقات إلا أنهم ما يزالون يسعون بكل ما يملكون من طاقة لكسر كل حواجز تقف أمام تحقيق أحلامهم في التغيير ، وهذا المنجز الذي ولدته ثورة الشباب في تصوري هو من أهم عوامل استمراريتها وامكانية تحقيق كافة أهدافها. ما رأيك بالدولة المدنية ؟ وهل هي متناسبة مع الواقع اليمني لمستقبل اليمن؟ الدولة المدنية في تعريفها المبسط هي دولة النظام والقانون والدولة التي تحفظ حقوق كافة مواطنيها بغض النظر عن جنسهم او معتقدهم أو مذهبهم ، وبهذا التعريف نستطيع القول أن الدولة المدنية احتياج يمني بامتياز ويتناسب تناسبا كاملا مع الواقع اليمني الذي تغيب فيه سلطة القانون والكرامة الإنسانية . كيف تردين على من يقول إن الدولة المدنية تخالف الشريعة الإسلامية ؟ أقول لهؤلاء... الشريعة الإسلامية في مقاصدها الكلية هي عمق الدولة المدنية وجوهرها ، ولا يوجد ما يتعارض معها ، وأرى بأن هؤلاء يحتاجون إلى التفقه بشكل أكبر في السياسة الشرعية وتغيرها من زمان إلى آخر بحسب متغيرات الواقع وما يفرزه من مشكلات تحتاج إلى أعمال مبدأ الاجتهاد بما يخدم تحقيق الكرامة للإنسان والاستخلاف في هذه الأرض والدولة المدنية في قواعدها العامة من إرساء سلطة القانون، والمساءلة والمحاسبة وحرية التعبير و...الخ هي جوهر وعمق الشريعة الإسلامية. في ظل أن القبيلة مكون من مكونات المجتمع اليمني؟هل هذا المكون سيؤثر على مستقبل الدولة المدنية ؟ القبيلة كمكون ما قبل الدولة الحديثة يتصادم في كثير من القضايا التي ينبغي أن تتواجد في الدولة المدنية كقضايا الحقوق والحريات القائمة على المواطنة وسلطة النظام والقانون التي يخضع لها الجميع بشكل متساو، أما النظام القبلي فيخضع لسلطة الشيخ والتراتبية التي أقرتها الأعراف والتقاليد ، لذلك حتى نستطيع الانتقال لدولة مدنية ينبغي أن تمتلك الدولة رؤية ومشروعاً واقعياً تنموياً لا دماج القبيلة في الدولة المدنية ،وهذا المشروع يكون هدفه التركيز على قيم القبيلة الايجابية من أجل التغيير وهذا المشروع لا يمكن أن ينجح الا في ظل وجود حكومة تمتلك رؤية تغييرية تعمل على اضعاف سلطة القبيلة في رعايتها لحقوق المواطنين عن طريق تقوية سلطة الدولة بتفعيل مؤسسات الدولة في خدمة المواطنين ، فمؤسسات الدولة في اليمن لم تستطع خلال العقود الماضية أن تفرض قيمها الحديثة القائمة على تطبيق المعايير والأنظمة ، بل تم ادارتها بنفس عقليه الشيخ والرعية ،وفي تصوري إن الرهان يتوقف بما سوف تفرزه الانتخابات القادمة من شخصيات تتربع على هرم السلطة ومدى مدنيتها وحملها لمشروع الدولة. كيف يمكن أن نحدث تغييراً اجتماعياً في مجتمع تحكمه العادات والتقاليد ؟ تقديم النموذج والقدوة الاجتماعية سيكون تأثيره في عملية التغيير الاجتماعي كبيراً، على سبيل المثال الدعوة الى ترك القات في الأعراس ، عندما يتبنى هذه الدعوة كبار التجار، ويقيمون أعراسهم بلا قات ، تكون فاعلية الانتشار والاقتداء بهذا التغيير أكبر من إذا قام بها محدودو الدخل ، لأن المجتمع لن يجد مساحة للتبرير بأن السبب هو الجانب المادي ،وكذلك إذا احتجنا أن نلغي مظاهر التسلح والثأرات فعندما تأتي المبادرة من أكبر شيخ في اليمن يكون لها دلالتها وتأثيرها في الوعي القبلي ، وتأثير مثل هذه القدوات يكون أسرع في التغيير من حملة توعية قد تستمر لفترة طويلة وهكذا نحتاج الى قدوات اجتماعية للتخلي عن القات وقدوات اجتماعية للتخلي عن السلاح وقدوات اجتماعية للتخلي عن ظاهرة الثأر وغيرها من الظواهر التي بسبب الأعراف والعادات صار من الصعوبة تغييرها . كما أن وجود دولة تحمل مشروعاً تحديثياً وتغييرياً وتوظف كافة امكانات الدولة لقيادة عملية التغيير هو الفعل الرئيسي لقيادة التغير، فضلاً عن دور المثقفين والعلماء والسياسيين في تصدر هذه العملية . اثبتت المرأة في ثورات الربيع العربي مدى شجاعتها وإبداعها في ذلك كيف تقيمين دور المرأة اليمنية في الثورة ؟ في تصوري أن دور المرأة اليمنية في الثورة هو نوع من إعادة التوازن للمجتمع اليمني الذي فقد توازنه بالإدارة المتفردة للذكور طوال فترة تاريخية طويلة ،هذه الإدارة التي ابتعدت عن قيم الأبوة الإيجابية من رعاية ومسؤولية ،وتحولت إلى التركيز على قيم الأبوة السلبية من تسلط وسيطرة وما أفرزته من صراعات وفساد مصالح ،فجاء دور المرأة في ثورات الربيع العربي والثورة اليمنية لتعيد التوازن إلى الإنسان اليمني في بروز دور قيمة الأم في تحمل روح المسؤولية تجاه كل الخراب الذي تركه فساد الذكور طوال المرحلة السابقة ، ومن هنا كنا نسمع ونشاهد عن مواقف وطاقات مذهلة للمرأة اليمنية، وجدت المرأة اليمنية بها فرصة تستعيد من خلالها اتزان هذا المجتمع وتشجيع الرجال على التركيز على استعادة قيم الأبوة الإيجابية من رعاية ومسؤولية . ومن خلال دور المرأة في الثورة نستطيع القول إن المجتمع لا يمكن له أن يبدع ويتطور ونصف أعضائه معطل عن المشاركة الحقيقية في هذا التطور... البعض يصنف الدكتورة ألفت بأنها لبرالية والبعض إسلامية وآخر يسارية،،ترى أين موقعها من ذلك ؟؟ إن كنت تقصد لبرالية الفكرة التي ترفض القيود التي تكبل الإنسان عن إنسانيته فأنا ليبرالية ، وأنا إسلامية في الهدف والالتزام بتكليف الاستخلاف في الأرض الذي أمرنا الله به على قاعدة التوحيد ، وأنا يسارية المناصرة لقضايا المظلومين والفقراء ، وأضيف لك أيضا أنا قومية الانحياز لقضايا الوحدة والنهوض العربي . أما إن كنت تقصد الانتماء الحزبي فأنا اصلاحية ، وأرجو أن يكون لي دور داخل هذا الحزب لتقديم نموذج مشروع الأمة في ارساء قواعد الدولة المدنية العادلة للجميع . هناك نظرة تشاؤمية نحو الاسلاميين في حالة وصولهم للحكم ؟ ما سبب ذلك؟ من قراءتي لواقع الأحزاب القومية والإسلامية واليسارية في العالم العربي. أنها جميعا بلا استثناء مارست قمعا عندما وصلت إلى الحكم ، ونجحت في احداث تغيير في جوانب معينة وأخفقت في الأخرى وجميعها لم تستطع أن تقدم نموذج الدولة المدنية التي تحفظ الحقوق والحريات للجميع.. فالإسلاميون كانوا يقصون اليسار والقوميين ،والعكس صحيح مع الفارق في الممارسة من دولة الى اخرى . وأنا هنا لا أرى اختلافاً كبيراً بين من يقصي الآخر بإسم الدين ومن يقصي باسم التقدم أو باسم التقاليد ،غير إني قد أنحاز لمن يتخوفون من الاقصاء تحت مبرر الدين والشريعة كون هذا الاقصاء يتناسب مع ثقافة المجتمع التي هي ثقافة متدينة أصلاً وبالتالي يصبح الخوف من الإسلامي هنا أكبر لأنه يستخدم المقدس في رفض الاخر ولا يستخدم النقاش العقلي التحليلي وهو ما يجعل الكثير يتخوف من الإسلاميين، وهذه مشكلة نحن نعاني منها في الأحزاب والجماعات الاسلامية ما بين التنظير الذي يطرح (ادعو إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة .... ) وما بين الواقع الذي يُمارس، وبشكل عام وحتى لا أنحاز لظلم الاسلاميين في التقييم ، فثقافة الاقصاء والتحيز للجماعات والأفراد هي أصلاً ثقافة يمنية ناتجة عن الثقافة القبلية التي يتصف بها اليمنيون كواقع اجتماعي يتشابه فيه الاسلامي وغير الإسلامي ، لذلك ما يحدث الآن من تحول حضاري بسبب الثورات العربية يجعل الجميع يدخل في مرحلة تحول حضاري جديد مرهون بقدرة الإسلاميين وغير الإسلاميين على تقديم النموذج الذي يكفل كافة الحقوق والحريات في المجتمع في إطار قيم المواطنة... هل يمكن للإسلاميين الآن تقديم نموذج مدني خاص في الحكم يتوافق مع الخصوصية اليمنية والواقع اليمني ؟ يتوقف ذلك على فهم ووعي القيادات الإسلامية التي ممكن أن تصل للحكم في اليمن في المرحلة القادمة ودورها في تقديم هذا النموذج وأن ما هو إسلامي لا يتناقض مع ما هو مدني أصلاً بل هو مطلب الشريعة الإسلامية في مقاصدها وكلياتها. هناك من ينادي بأن الثورة ثورة حزب الاصلاح ويهمل الشباب “كونه من فجرها “وبقية المكونات متعللاً بأنه يحشد المسيرات ويقدم الخدمات في الساحة من تأمين وعلاج وغير ذلك ما رأيكم ؟ الثورة الشبابية الشعبية هي ثورة شعب ولا يمكن أن تحسب على طرف من الأطراف ، لأن الجميع بذل وقدم فيها كلاً بحسب خبرته وامكاناته ، والمسألة لا تحسب بطريقة كمية حتى ننحاز لطرف ما ،ففي الثورة كانت بعض التصعيدات وبعض الأفكار الثورية التي يبادر بها الشباب توازي إن لم تكن تغلب كل فعل الأحزاب ، فمسيرة الحياة على سبيل المثال كفعل ثوري كانت في فكرتها والمبادرة بتحريكها ما يوازي عدداً كبيراً من التصعيدات الثورية والخدمات التي قدمت في الثورة ، وهكذا فالمسألة ليست بالكم وانما بالكيف ، وفي احيان كثيرة يكون الكم معيقا أكثر مما هو فاعل، وهنا استطيع القول إن الإصلاح قدم دوراً عظيماً في مجالات معينة في الثورة وبقية الأحزاب قدمت أيضاً أدواراً عظيمة، والشباب المستقل قدموا أدواراً عظيمة ، وكل هذه الأدوار تشكل في مجملها الثورة دون انتقاص من دور أحد خاصة إذا اخذنا معيار الفاعلية في التأثير وليس المعيار الكمي . كيف تقيمين تجربة اللقاء المشترك ؟ هي تجربة نستطيع القول إنها نجحت من الناحية السياسية رغم كل العراقيل التي حاول علي صالح وضعها أمام هذه التجربة ، ولكن للأسف الشديد كان يمكن لهذه التجربة أن تحدث تغييراً جذرياً في اليمن لو تحولت إلى مشترك ثقافي تتبناه القواعد كمشروع للتغيير وليس فقط القيادات ، ولعل تجربة قواعد اللقاء المشترك والخلافات التي كانت تنشب في الساحات لدليل على أن المشترك كان مشتركاً سياسياً بين القيادات فقط . وفي تصوري إن الرهان لدخولنا في مرحلة بناء التحول الحضاري في اليمن مرهون بمدى تحول اللقاء المشترك من مشترك سياسي إلى مشترك ثقافي يقود عملية التغيير في المرحلة القادمة، مع امكانية إضافة عناصر جديدة إلى هذا المشترك. ترى ما هي المقومات التي يحتاجها الساسة اليمنيون للوصول إلى نظام سياسي أمثل وأفضل يتناسب مع واقعنا؟ لعل أهم مقوم يحتاجه الساسة اليمنيون في هذه المرحلة هو أن يقيموا “تقييماً عادلاً” أداءهم السياسي في المرحلة السابقة وما أفرزه من مشكلات اجتماعية واقتصادية وثقافية ، وأن يجتهدوا في إيجاد الحلول العادلة لمعالجة أخطاء المرحلة السابقة والاعتراف بأخطائها وخطأ المنهج المستخدم ، وتبني منهج جديد في بناء نظام سياسي يستطيع الانتقال باليمن إلى الأمام . كيف تنظرين للقضية الحوثية ؟والتوسع الحوثي في تعز ؟ القضية الحوثية إفراز من افرازات النظام السابق الذي أدار البلد وكان يفتقر للسياسة الاجتماعية التي تعالج سلبيات المجتمع لصالح التقدم والتنمية لهذا المجتمع ، حيث كان علي صالح ذكياً في استخدامه للسياسة الاجتماعية ولكن ليس من أجل معالجة السلبيات للتقدم والبناء ، وإنما من أجل أن يرسي سلطته وقواعد إدارته التي تحافظ على مصالحه بالبقاء في سدة الحكم .... وفي تصوري إن هذه القضية جزء كبير منها يعود إلى ما بعد ثورة 26سبتمبر وعدم قدرة الدولة على الانتقال للدولة الحديثة وفرض سلطة النظام والقانون بالتساوي على الجميع ، حيث ظل نظام علي صالح ينعت كثير من الهاشميين بالإمامية كإحدى وسائله في مواجهة من لا يخضعون لدائرته ، وجزء آخر منها يعود إلى انعكاسات آثار السياسة الدولية ودول الجوار على الساحة اليمنية ... والجزء الهام في تصوري لتطور هذه القضية هو الظلم الحقيقي الذي وقع على هذه الجماعة في ظل الحروب الست التي شكلت تجربة مهمة في تشكيل واستدعاء الفكر المتطرف في فكر الجماعة كرد فعل لواقع سياسي واجتماعي ومذهبي تم التعامل به في مرحلة معينة كآليات لعلاج هذه الظاهرة بشكل خاطئ ، وهو ما يتمثل في استخدام البعد القبلي للصراع أو السني الشيعي . وكل هذه التداعيات نضعها في دائرة غياب ثقافة القبول بالآخر كآخر وغياب الدولة التي تكفل الحقوق للجميع ، وتنظر للمذاهب جميعا على مستوى واحد ما دامت في دائرة التفكير الحر الذي لا يتعدى على حرية الآخرين.. هذا يعني أنك تنظرين لهذه القضية بأنها مشكلة اجتماعية أكثر منها سياسية ؟؟ المشكلة بدأت بقرارات سياسية ولكنها تحولت لمشكلة اجتماعية ، فمشكلة الرؤساء المتسلطين أنهم لا يقومون أثناء اتخاذهم للقرار بدراسة القرار من جميع ابعاده المؤثرة سياسياً واجتماعياً ونفسياً واقتصادياً .....الخ وهذه صفة تتميز بها الإدارة السياسية للبلدان المتخلفة ، لذلك تعيش هذه البلدان في دائرة الأزمات والتوترات باستمرار، لأن هؤلاء الحكام لا يكون المواطن ومصلحته هو هدفهم الرئيسي وإنما تكون مصلحة الحاكم هي المقدمة ،كما أن القرارات السياسية لا تدرس عند هؤلاء الحكام من ناحية اثارها النفسية والاجتماعية وما تتركه على الأداء وردود الفعل وثقافة الشك ، ومن هنا أنا لست مع من يضخم الظاهرة الحوثية بأنهم اثنا عشرية أو أجندة ايرانية ، فالقضية يمنية بامتياز وهي داخلية أكثر منها خارجية ، ويحتاج لعلاجها التركيز على المعالجات الداخلية ونقدها من الداخل . ظهر مؤخراً انتشار اليساريين في أوساط الحوثيين ما سبب هذا الانتشار اللافت وما رأيك في ذلك ؟ من المعروف أن اليسار يدعون للتفكير الأممي العالمي وفقاً للنظرية الاشتراكية التي تدافع عن حقوق المظلومين أينما كانوا والتي من أهم منطلقاتها نفي التراتبية الطبقية في المجتمعات ، وبالتالي يصبح أمراً مستغرباً عندما نرى اليسار في اليمن يتحالفون مع الحوثيين كجماعة ما تزال محصورة في دائرة تفكير السيد كمرجعية وهو ما يرفضه اليسار كفكر ، وفي تصوري أن ذلك يعود كنتيجة للسياسة التي مورست في اليمن والتي كان علي صالح اللاعب الرئيسي في إدارتها واستخدامه للكروت السياسية المختلفة بما يخدم سياسته ، وفي تصوري أن أية تحالفات تحدث في هذه المرحلة هي تحالفات سياسية من أجل اضعاف مراكز القوى في المجتمع التي تقوى لصالح طرف على حساب اطراف أخرى ، وأنا هنا لا أجد فارقاً بين تحالف بعض اليسار مع الحوثي أو تحالف بعض الحوثيين مع المؤتمريين أو الايرانيين أو تحالف الاصلاحيين مع دول الخليج أو أمريكا ، فكل هذه التحالفات لها ابعادها السياسية في اضعاف مراكز القوى في المجتمع لصالح الجميع أكثر منه تحالفا ايديولوجيا أو ثقافيا، والحل الجذري للسلبيات التي يمكن أن تتركها هذه التحالفات هو التركيز على المشترك الثقافي والايجابي بين جميع الأطراف ، وضمان امكانية تحقيق العدالة الانتقالية للآثار التي خلفتها المرحلة السابقة . نريد ثورة ثقافية واجتماعية ترددين ذلك بالكثير من اللقاءات والمؤتمرات ماذا تقصدين في ذلك ؟ الواقع يقول إن الثورة الشبابية الشعبية بقدر ما كانت حدثاً عظيماً هز الشارع اليمني في التعبير عن مظاهر الرفض للنظام التقليدي المستبد الذي حكم اليمن ،وكسره لحاجز الخوف الذي ظل مكبلا لليمنيين ، إلا أن ذات الواقع أيضاً أثبت لنا أن آليات ووسائل نظام علي صالح ما زالت قائمة ويتعامل بها حتى الثوار أنفسهم . فالإدارة التقليدية وسياسة الاقصاء وثقافة التهميش والتعصب وصراعات الماضي ما تزال صفات يشترك بها الجميع وهو ما أضعف أداء الثوار في تصوري في تقديم نموذج جديد يختلف عن النموذج الذي كان سائدا ، ويبقى الرهان في افراز نماذج لتجارب عملية تجسد قيم الدولة المدنية التي ثار من أجلها الشعب وهذه لن تكون الا في ظل احداث ثورة اجتماعية تعالج المشكلات الاجتماعية التي افرزت نتيجة النظام السياسي الممارس منذ 33 سنة والمقيدة لفاعلية قيم الثورة الشبابية . كما نحتاج لثورة ثقافية وتعليمية تحل محل الثقافة المعيقة لاستكمال ثورتنا كنشر ثقافة القانون وثقافة حقوق الإنسان والقبول بالآخر ودولة المؤسسات وسلطة القانون وثقافة السلم بشكل واقعي وعملي ، وفي تصوري إن ذلك ممكن أن ينجح في اليمن إذا تبنى الفاعلون الرئيسيون في اليمن من الثوار . يتلقى شوقي هائل الكثير من الانتقاد في ظل هذه المرحلة كيف تقرئين هذا الانتقاد؟ وكيف تقيمين إدارته للمحافظة ؟ أنا دائما أقول إن شوقي أحمد هائل كمحافظ في هذه المرحلة هو فرصة تاريخية لأبناء تعز جميعا لنواحي كثيرة لعل من أبرزها شخصيته المدنية وحبه لتعز وقدراته الإدارية هذه الصفات الثلاث هي ما نحتاجها في المرحلة الانتقالية لإخراج تعز من اثار تداعيات المرحلة السابقة ، وأعده لذلك مناضلاً من أجل النهوض بتعز ، ولكن المشكلة في ادارة شوقي أحمد هائل أنه لا يدرك أن إدارة المجتمعات بعد الثورات يختلف عن ادارة المجموعات الاقتصادية ، فالشعب الثائر لن ينتظره كثيرا في الصبر على عملية التغيير البطيئة التي ينتهجها ، خاصة في ظل غياب مشروع المحافظة لمكافحة الفساد الى ضياع حقوق المواطنين، ومحاسبة المفسدين وفي ظل بقاء كوادر أجهزة الدولة من الفاسدين والذين ما يزالون يستخدمون نفس الآليات القديمة في إدارة هذه المؤسسات ، والتي في الظاهر تشعرك أنها تسعى للتغيير ، لكنها في الواقع لا تمتلك أي رؤية حقيقية للتغيير والانتقال الى الأمام ، كما أحب أن اؤكد بأن محافظ تعز لا يمكن أن يحقق الفرصة التاريخية لتعز وحده دون التفاف شعبي من أبناء تعز تجاه المطالبة بكل حقوقهم وعدم تخليهم عن حقوقهم القانونية في كافة مؤسسات الدولة ، بحيث يمثل المواطنون رقابة شعبية قوية على أداء هذه المؤسسات ، ومحاسبة كل مسؤول فيها لا يقود عملية التغيير على أكمل وجه ، فهذه الطريقة سوف تكفل سرعة تغيير الفاسدين في كل المؤسسات ، وفي نفس الوقت ستكون وسيلة تعكس لنا مدى وعي أبناء تعز بحقوقهم ، فالرقابة الشعبية القوية لسير عمل مؤسسات الدولة وأي مخالفات أو فساد يتم فيها هو الرهان الحقيقي للنهوض بتعز ، وبهذه الطريقة يصبح الشعب هو من يصنع تحولات ثورته، واجبار مسؤوليه على إحداث التغيير . بعد أيام تطل علينا ذكرى مسيرة الحياة ، ما الذي تحبين قوله في هذه الذكرى ، خاصة أنك من أبرز المشاركين في هذه المسيرة التاريخية ؟ تتنهد......وتستحضر صور المسيرة امامها كما قالت ثم تقول : مسيرة الحياة كانت بمثابة اعلان عالمي بأن نظام علي صالح إلى زوال مهما كانت العوائق التي ستقف أمام تحقيق ذلك ،كما كانت المسيرة نقطة تحول كبيرة على مستوى تفكيري بشكل عام بعد انطلاقة الثورة ، فالحالة الثورية التي كانت متجسدة في فعل الشباب طوال المسيرة ، زادتني يقينا بأننا في مرحلة تحول حضاري لا يمكن ايقافه مهما حاول الواهمون ، وأن اليمن يقاد إلى خير كثير ما دام فيه أمثال هؤلاء الشباب . ظهر لك «كتاب مسيرة الحياة الضوء القادم من تعز» ..هل لك مؤلفات أخرى حول هذه الأوضاع أو ترتيب لإصدارات قادمة ؟ يوجد لدي مشاريع لعدة كتب في الثورة ، ولكن مشكلتي أني في هذه المرحلة من الثورة لا اجد الوقت الكافي للاعتكاف والتركيز على كتابتها ، ويرجع ذلك الى طبيعة انشغالي بواقع الثورة في هذه المرحلة ، والتي تأخذ جل وقتنا في التركيز في الأفعال التي تتفاعل مع ذلك الواقع ، ولعل مشروع كتاب( نساء الحرية) ، سيكون هو الأقرب الى الظهور متى ما شرعت بالاعتكاف للكتابة ، والذي أرجو أن يكون قريبا . في كتابك عن مسيرة الحياة أطلقتِ على شباب الثورة لقب “ شباب الورد” ، ماذا تقصدين بهذا اللقب ؟ الربيع دائما يزهر بالورود وثورة الربيع العربي ورودها هؤلاء الشباب الذين أزهرت بهم اليمن وارتوت من دمائهم الطاهرة النقية، الشباب كانوا المعجزة التي طهرت اليمن واليمنيين من جثمان الاستبداد والتسلط والخوف الذي كبلهم زمناً طويلاً ، فكيف لا يكونون ورودا وقد أزهرت حياتنا بآمال قادمة وأحلام سوف ترسم ملامح القادم ، ولعل أشد ما يؤلمني على هؤلاء الشباب أن الكثير منهم الآن يعاني قسوة الواقع من انعدام للوظائف ولقمة العيش ،ورغم ذلك لايزالون يتطلعون إلى أن ربيعهم وورودهم ستصنع لهم الحياة الكريمة .إنهم حقا ورود لا تعرف غير أن تعطي الجمال. كونكم المنسق العام لمجلس شباب الثورة الشعبية بتعز ما هو الدور الذي تمارسونه كشباب في هذا المجلس؟ نحن نحرص في المجلس على تشكيل قيادات شبابية تقود مرحلة التحول ، وتركيزنا في هذه المرحلة على الرقابة على مؤسسات الدولة ومكافحة الفساد يأتي ضمن تقييمنا لاحتياجات الثورة في هذه المرحلة ، فالفساد بكافة صوره هو العائق الأكبر أمام تحقيق أهداف الثورة ، خاصة وأننا ورثنا من نظام “صالح” مؤسسات دولة هشة ينخرها الفساد في كافة مجالاتها ، وتأتي الرقابة الشبابية على هذه المؤسسات كجزء من المساعدة في اعادة بناء هذه المؤسسات بما يخدم عملية التغيير والارتقاء بخدماتها لصالح المواطنين...وبالنسبة لخطتنا المستقبلية فنحن نركز حالياً في دراسة امكانية أن يكون لنا مشروع اقتصادي يكون عائده وقفا لصالح المجلس وأنشطته المركزة بدرجة أساسية في تأهيل قيادات شبابية ثورية ،خاصة وأن الدعم المادي يقف عائقا أمام الكثير من مشاريع الرقابة الشعبية ومكافحة الفساد ، كما أننا ندرك أن تأهيل هذه القيادات الثورية هو الضامن الرئيسي كأدوات لتحقيق كافة أهداف الثورة.. هل للدكتورة ألفت طموح بأن تصبح رئيسة للبلد كما هو طموح كثير من النساء ؟ كغيري من النساء وكمواطنة يحق لي أن أتطلع الى أي منصب في وطني، وأنا لا أؤمن أن هناك فرقاً بين الرجل والمرأة في هذا الجانب ، فكلاهما خلق للاستخلاف في هذه الأرض واعمارها على قاعدة التوحيد... لكني كألفت الدبعي وليس كامرأة لا أميل لأن أكون رئيسة لليمن في هذه المرحلة، لأن حكم البلد كسياسة يتطلب واقعية في الحكم ، بينما أنا بحكم عملي الأكاديمي أتطلع الى النموذج من خلال معرفة الواقع ، وفي تصوري إن اليمن ما تزال تحتاج إلى ثورة ثقافية واجتماعية نحو النموذج ، لذلك قد يتأخر هذا القرار لدي عن الدورة الانتخابية القادمة ، واحتمال أفكر بالإقدام على هذا القرار بعد أن اقوم بتزويج أولادي...وقد أغير رأيي إذا رأيت أن الواقع سيحتاج إلى وجودي في هذا المنصب ، لذلك أقول هذه اجابتي الآن ، وهو ليس رأياً قاطعا هذه اللحظة.. أخيراً ..للدكتورة الفت ثلاث رسائل لها أن توجهها الأولى للشباب والثانية للأطراف السياسية والثالثة لك حرية توجيهها؟ للشباب: أنتم قادة التغيير، فاشتغلوا على أنفسكم تأهيلاً وتثقيفاً لتكونوا على قدر قيادة المرحلة القادمة .. للأطراف السياسية : عليكم أن تركزوا في المشترك الثقافي لتنهضوا باليمن . رسالتي الثالثة أوجهها الى المربين والدعاة والأكاديميين: ركزوا في عملكم التربوي على إعادة بناء الانسان والقيم الانسانية والأخلاقية ؛ لأنها الكفيلة بإنقاذ البلد.