بريطانيا تُفجر قنبلة: هل الأمم المتحدة تدعم الحوثيين سراً؟    بيان عاجل لإدارة أمن عدن بشأن الاحتجاجات الغاضبة والمدرعات تطارد المحتجين (فيديو)    برشلونة يرقص على أنغام سوسيداد ويستعيد وصافة الليغا!    أسرارٌ خفية وراء آية الكرسي قبل النوم تُذهلك!    متهم بقتل زوجته لتقديمها قربانا للجن يكشف مفاجأة أمام المحكمة حول سبب اعترافه (صورة)    استعدادات حوثية للاستيلاء على 4 مليار دولار من ودائع المواطنين في البنوك بصنعاء    لاعب منتخب الشباب السابق الدبعي يؤكد تكريم نجوم الرياضة وأجب وأستحقاق وليس هبه !    ليفربول يسقط في فخ التعادل امام استون فيلا    إنجاز يمني تاريخي لطفلة يمنية    "نكل بالحوثيين وادخل الرعب في قلوبهم"..الوية العمالقة تشيد ببطل يمني قتل 20 حوثيا لوحده    جريمة قتل تهز عدن: قوات الأمن تحاصر منزل المتهم    سيف العدالة يرتفع: قصاص القاتل يزلزل حضرموت    إشاعات تُلاحق عدن.. لملس يُؤكد: "سنُواصل العمل رغم كل التحديات"    ما معنى الانفصال:    مقتل عنصر حوثي بمواجهات مع مواطنين في إب    برشلونة يتخطى سوسيداد ويخطف وصافة الليغا    اليمن تجدد رفضها لسياسة الانحياز والتستر على مخططات الاحتلال الإسرائيلي    البوم    الرئيس الزُبيدي يستقبل مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة ونائبه    انخفاض أسعار الذهب إلى 2354.77 دولار للأوقية    شهداء وجرحى جراء قصف جوي ومدفعي إسرائيلي على شمالي قطاع غزة    السفيرة الفرنسية: علينا التعامل مع الملف اليمني بتواضع وحذر لأن الوضع معقد للغاية مميز    السعودية: هل يرد رونالدو صفعة الديربي لميتروفيتش؟    مباحثات يمنية - روسية لمناقشة المشاريع الروسية في اليمن وإعادة تشغيلها    الامم المتحدة: 30 ألف حالة كوليرا في اليمن وتوقعات ان تصل الى ربع مليون بحلول سبتمبر مميز    الاكاديمية العربية للعلوم الادارية تكرم «كاك بنك» كونه احد الرعاة الرئيسين للملتقى الاول للموارد البشرية والتدريب    احتجاز عشرات الشاحنات في منفذ مستحدث جنوب غربي اليمن وفرض جبايات خيالية    رشاد كلفوت العليمي: أزمة أخلاق وكهرباء في عدن    صراع الكبار النووي المميت من أوكرانيا لباب المندب (1-3)    بناء مستشفى عالمي حديث في معاشيق خاص بالشرعية اليمنية    فريق مركز الملك سلمان للإغاثة يتفقد سير العمل في بناء 50 وحدة سكنية بمديرية المسيلة    وكالة أنباء عالمية تلتقط موجة الغضب الشعبي في عدن    من أراد الخلافة يقيمها في بلده: ألمانيا تهدد بسحب الجنسية من إخوان المسلمين    دموع ''صنعاء القديمة''    ماذا يحدث في عدن؟؟ اندلاع مظاهرات غاضبة وإغلاق شوارع ومداخل ومخارج المدينة.. وأعمدة الدخان تتصاعد في سماء المدينة (صور)    في افتتاح مسجد السيدة زينب.. السيسي: أهل بيت الرسول وجدوا الأمن والأمان بمصر(صور)    قيادي انتقالي: الشعب الجنوبي يعيش واحدة من أسوأ مراحل تاريخه    احذر.. هذه التغيرات في قدميك تدل على مشاكل بالكبد    تشافي: أخطأت في هذا الأمر.. ومصيرنا بأيدينا    ميلان يكمل عقد رباعي السوبر الإيطالي    تعيين الفريق محمود الصبيحي مستشارا لرئيس مجلس القيادة لشؤون الدفاع والامن    هل تعاني من الهم والكرب؟ إليك مفتاح الفرج في صلاةٍ مُهملة بالليل!    رسميًا: تأكد غياب بطل السباحة التونسي أيوب الحفناوي عن أولمبياد باريس 2024 بسبب الإصابة.    رسالة صوتية حزينة لنجل الرئيس الراحل أحمد علي عبدالله صالح وهذا ما ورد فيها    تحرير وشيك وتضحيات جسام: أبطال العمالقة ودرع الوطن يُواصلون زحفهم نحو تحرير اليمن من براثن الحوثيين    اشتراكي المضاربة يعقد اجتماعه الدوري    وزير المياه والبيئة يزور محمية خور عميرة بمحافظة لحج مميز    بدء اعمال مخيّم المشروع الطبي التطوعي لجراحة المفاصل ومضاعفات الكسور بهيئة مستشفى سيئون    المركز الوطني لعلاج الأورام حضرموت الوادي والصحراء يحتفل باليوم العالمي للتمريض ..    وفاة أربع فتيات من أسرة واحدة غرقا في محافظة إب    أفضل دعاء يغفر الذنوب ولو كانت كالجبال.. ردده الآن يقضى حوائجك ويرزقك    بالفيديو...باحث : حليب الإبل يوجد به إنسولين ولا يرفع السكر ويغني عن الأطعمة الأخرى لمدة شهرين!    هل استخدام الجوال يُضعف النظر؟.. استشاري سعودي يجيب    قل المهرة والفراغ يدفع السفراء الغربيون للقاءات مع اليمنيين    مثقفون يطالبون سلطتي صنعاء وعدن بتحمل مسؤوليتها تجاه الشاعر الجند    هناك في العرب هشام بن عمرو !    بسمة ربانية تغادرنا    قارورة البيرة اولاً    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



السجينات..بين ضياع الحقوق وظلم المجتمع
نشر في الجمهورية يوم 12 - 02 - 2013

تظل المرأة سجينة في دائرة الظلم والإهمال في ظل مجتمع ينسى أو يتناسى حقوق المرأة كإنسانة كرمها الله سبحانه وتعالى .. والأفظع من ذلك الإهمال والظلم اللذين تلاقيهما المرأة هو تجاهل بعض فئات المجتمع بأن الإسلام الحنيف قد كرم المرأة وأعطاها حقوقها ولكن هذه الحقوق باتت ضائعة في ظل عادات وتقاليد اجتماعية مجحفة تخلق جلادين وتجيز قتل الضحية..التحقيق التالي يسلط الضوء على السجينات والعنف الذي يمارس ضدهن بمختلف أشكاله .
في البداية اتجهنا صوب إحدى إدارات الأمن ألا وهي إدارة أمن محافظة حضرموت اكبر محافظات الجمهورية .
وهناك التقينا العميد /فهمي محروس مدير أمن محافظة حضرموت بغرض الحصول على ترخيص لدخول الإصلاحية بالمحافظة والاطلاع عن كثب على الأحوال للسجناء وبالأخص السجينات و أثناء اللقاء استعرض العميد محروس الجهود التي تبذلها إدارة أمن المحافظة بالتعاون مع بعض منظمات المجتمع المدني في سبيل توفير مصدر دخل لبعض أصحاب السوابق أو لبعض النساء كتوفير ماكينة خياطة أو ما شابه ذلك بهدف توفير مصدر دخل للسجينة بعد خروجها من السجن وحتى لا تضيع بعد قضاء مدتها القانونية بالسجن أو الإصلاحية بحكم أن المجتمع لا يقبل السجينة بعد خروجها وقال مدير أمن حضرموت: انه يتألم كثيرا حينما يزور سجن النساء ويتابع قضاياهن بصورة مباشرة معللا ذلك أن بعض حالات السجينات يدمى لها القلب بسبب الظلم الذي يتعرضن له من قبل المجتمع ونتيجة الفهم المغلوط لدى بعض شرائح المجتمع ضد السجينة الأمر الذي يستوجب تكاتف الجهود وتوحيدها في سبيل إرجاع السجينة في المجتمع والقضاء على العنف الموجه ضد المرأة بمختلف أشكاله .
وحيا فهمي محروس في ختام كلامه الجهود الاعلاميه المتعددة وكل ما يبذل في إطار تعزيز نشر المفاهيم السليمة والسامية لقيم ديننا الإسلامي السمحاء الداعية لتكريم المرأة والرفع من مكانتها باعتبارها نصف المجتمع وان جهود الأمن يجب أن لاتقتصر على القبض على السجين أو السجينة ولكن أيضا الإسهام مع الآخرين لتوفير مصدر دخل لهم بعد قضاء المدة القانونية .
إصلاحية غير ملائمة
وبعد خطوة البداية كانت النقطة التالية والجوهرية الذهاب للإصلاحية المركزية بحضرموت وهناك التقينا بالعميد / حسن الحامدي مدير عام الإصلاحية المركزية بحضرموت الذي أوجز قائلا:-من المؤلم القول إن الإصلاحية وبالذات سجن النساء لدينا لا يتلاءم كمكان للسكن أو العيش ناهيك عن انه لاتوجد أي مراكز تأهيلية وسبق أن توجهنا بطلب للمسؤولين بالمحافظة لتزويدنا بالإمكانيات اللازمة لإعداد وتأهيل وتدريب السجينات الا انه لم يتم التجاوب معنا ويؤسفنا القول لكم إن الإصلاحية غير ملائمة لتدريب النساء السجينات ليتمكن من اكتساب مهن يستطعن العيش من خلالها بعد الخروج من السجن ومن هنا ندعو الخيرين إلى بذل الجهود لتزويدنا بما نقدر من خلاله تأهيل السجينات .
قضيا العقوبة ولم يفرج عنهما
وأثناء تجوالنا بالإصلاحية المركزية بحضرموت طرقنا باب سجن النساء لنلج منه إلى قصص مؤلمة كانت بدايتها مع السجينتين القادمتين من محافظة شبوة ( ع ، ن ) فهما امرأتان طاعنتان بالسن خلاصة قضيتهما بأن القضاء حكم عليهما بالسجن خمس عشرة سنة بحجة اختطاف بنت .كما شمل الحكم غرامة ثلاثة ملايين ريال ومهما كان الحكم ظالما أم لا ... إلا أن السجينتين قد قضتا مدة عقوبتهما وبحسب قولهما إن مديري الأمن والإصلاحية بالمحافظة قاما مشكورين بالتعاون مع أهل الخير لتوفير مبلغ الغرامة وأضافتا القول :لقد قضينا مدة عقوبتنا وزادت المدة عاماً عن المدة المحددة إلا انه لم يفرج عنا لأنه لايوجد قريب يتابع قضيتنا .وعن سؤال مدير السجن عن صحة ما قالتاه أكد بصحة ما ورد منهما.
( ع ، ن ) ناشدتا النائب العام سرعة الإفراج عنهما وطالبتا منظمات المجتمع المدني بالتعاطف معهما كما طالبتا وسائل الإعلام بمناصرتهما وطرح قضيتهما أمام الرأي العام .
11 طفلاً في سجن النساء ظلما
ولعل أهم ما يلاحظ الزائر لسجن النساء بحضرموت هو وجود أحد عشر طفلا لم تتجاوز أعمارهم بعد سن السابعة من العمر وعن سؤال المعنيين عن ذلك كان الجواب متفقا مع جواب الأمهات السجينات وهو : أن السجينات قضين فترة العقوبة في السجن وولدن أطفالهن أثناء فترة العقوبة وبحكم انه لا تتوفر مراكز لإيواء أطفالهن فكان لزاما عليهن الاحتفاظ بأطفالهن بالسجن وهنا تساؤل يفرض نفسه :
كيف سينشأ الطفل الذي يولد ويتربى داخل السجن؟
ولعل الجواب معروف لدى الجميع لكن كما قيل لنا من قبل مختصي السجن لا حيلة لهم غير ذلك.
في السجن بدون حكم قضائي
و من بين السجينات التقينا ب (عنبة ) سجينة قالت :
تم إلقاء القبض علي بتهمة شرب الخمر وأني مسجونة ظلم...و ...و ...الخ من الكلام لكن الأهم في استعراضها لقصتها المؤلمة قولها التالي : لي قرابة الخمسة أشهر وأنا مسجونة بدون حكم قضائي ولكن هذا ما حصل لي واستغرب نفور أهلي وتخليهم عني.
مريضة تبحث عن إنصاف
أما السجينة ( س. أ .أ ) فقد قالت :- أنا مريضة وأعاني من صداع وأمراض مزمنة باستمرار وألجأ لاستخدام المهدآت لأنه يقال لي من غير الممكن أخذي باستمرار للمستشفى أو عمل تحاليل طبية متواصلة لمتابعة حالتي كما أن حالة الإصلاحية لا تسمح بتوفير ذلك داخل الإصلاحية . فهل من ينصفني ؟ .
السجن أحب إليِ
( ش.ن ) سجينة أخرى هي أيضا رفضت ذكر اسمها وقالت :-
لقد بقي أشهر قليلة على فترة انقضاء المدة الزمنية المحددة لفترة عقوبتي بالسجن إلا انني أفضل البقاء الأبدي في السجن لأن إخوتي هددوني بالقتل إذا خرجت . ثم لماذا اخرج وأين سأعمل والمجتمع كله سينبذني وأولهم أهلي ؟
لذا فإني أفضل السجن الذي أستطيع فيه أن آكل وأشرب و لاخطر يهدد حياتي ففي خارج السجن لن أتمكن من العيش هذا إذا استطعت العيش أصلا.
ظلم بكل المقاييس
وهناك العديد من السجينات الأخريات اللواتي تتشابه قصصهن المؤلمة مع بعضهن البعض فالمجتمع يرفض التعاون مع السجينة وينبذها منذ أن يعلم بمجرد إلقاء القبض عليها ..... وإضافة إلى كل ذلك فالسجينة لا تتمتع بكامل حقوقها داخل السجن نفسه الذي يتحول في كثير من الإصلاحيات من إصلاحية للتهذيب والتأهيل إلى مجرد حبس أو سجن بكل ما تعنيه هذه الكلمة من معانٍ ودلالات هذا علاوة على جوانب عدة لا تتوفر للسجينة مثل التغذية المناسبة ومراكز الإيواء لأطفالهن الذين لم ينجبنهم بالسجن .إذا هو ظلم للمرأة السجينة بكل المقاييس .
جانب نفسي
وفي إطار تحقيقنا حول العنف ضد المرأة وبالأخص المرأة السجينة التقينا بالأستاذ الدكتور/ محمد سالم بن جمعان أستاذ علم الاجتماع المساعد في جامعة حضرموت وسألناه عن رأيه في موضوع العنف ضد المرأة وأسبابه والحلول الممكنة للحد من العنف ضد المرأة ، فأجاب : العنف ضد المرأة هو شيء للأسف يمارس باستمرار خصوصا في الدول العربية وبشكل كبير إما بطريقة مباشرة أي أن يكون العنف كالضرب أو الحرق الخ..... من أشكال العنف المعروفة أو بطريقة غير مباشرة أي أن يكون العنف عن طريقة الشتم أو الكلام الجارح ويندرج تحت إطار العنف اللفظي.وعلم الاجتماع قسم العنف إلى ثلاثة أقسام :
1 - المادي 2 - المعنوي 3 - اللفظي.
وهذه الأقسام تندرج تحتها الكثير من أشكال العنف أما بالنسبة لأسباب ممارسة العنف ضد المرأة وبالأخص المرأة السجينة فهي أسباب كثيرة منها الجهل والفهم الخاطئ للدين والشرع الإسلامي وقلة المعرفة بمخاطر ممارسة العنف وأيضا القات يعتبر من مسببات للعنف المنزلي في اليمن وأيضا ضعف البحث العلمي وعدم توفر إحصائيات مؤكدة حول العنف .
ومن الحلول التي ممكن أن تحد من ممارسة العنف ضد المرأة هي التوعية والتعليم الصحيح وتصحيح الفهم الديني الخاطئ في المجتمع وهذا هو دور علماء الدين .
دور هام
من جانبه تحدث / عمر عبد الغفار – خطيب جامع قائلا :-
إن ديننا الإسلامي الحنيف وكما نعرف هو دين الرحمة المهداة للبشرية بكاملها وقد أعطى للمرأة حقوقها ويرفض انتقاصها أو الاعتداء عليها أو ممارسة أي نوع من أنواع العنف مهما كانت مبرراته الواهية وهناك نظرة خاطئة ضد المرأة سواء السجينة أو المرأة بشكل عام ويجب تصحيح تلك النظرة فالشريعة الإسلامية تحرم انتقاص المرأة وحرمانها من حقوقها وهنا يقع دور هام على الخطباء المرشدين وكافة فئات المجتمع لتصحيح هذه النظرة الخاطئة فهناك من يظن أن الإسلام الحنيف ينظر للمرأة بنظرة دونية وهذا كلام غير صحيح أنشأته العادات والتقاليد الهدامة.
تقصير موجود
وكنا قد التقينا أيضا بالدكتور / عمر عبد الله العمودي رئيس نقابة الأطباء اليمنيين بمحافظة حضرموت الذي قال :-
التقصير موجود في مراكز الأمومة والطفولة فهناك تقصير في توفير الخدمات للأم والطفل وهذا يندرج في إطار العنف ضد المرأة الذي يجب أن تتنبه إليه الدولة وكافة الشرائح الاجتماعية.وتقع على عاتقنا مسؤولية إيصال الخدمات الصحية إلى نسائنا في كل قرية وعزلة ومديرية والإسهام في تخفيف معاناة المرأة المريضة خصوصا في القرى والمديريات البعيدة التي يصعب أسعاف المريضة منها إلى المراكز الاسعافية في المدن الرئيسية .كما ينبغي على المعنيين توفير مراكز طبية خاصة ومجهزة في الإصلاحيات الخاصة بالنساء بحكم أن المرأة السجينة المريضة لها وضعها الخاص على الأقل من الجانب الإنساني .
مسؤولية جماعية
من جانبه قال الإعلامي / نبيل حزام عن هذه الظاهرة : صحيح إن للإعلام رسالة ومسؤولية يجب أن يؤديها تجاه محاربة ظاهرة العنف ضد المرأة لكن الأصح أن هناك أيضا مسؤولية ملقاة على الخطباء والتربويين ودور النشء والشباب في الإسهام بالقضاء على هذا العنف فالمسؤولية جماعية وفي مقدمة تلك الأدوار هو دور الأسرة الذي يجب أن يفعل ونحارب من خلاله العادات السيئة التي تتسبب بالعنف .
مسؤولية العلماء
في الختام كان اللقاء مع الشيخ/ مطهر علوان شيخ قبيلة الذي فاجأنا بالقول :-
العادات والتقاليد الاجتماعية التي اكتسبناها هي السبب في ظلم المرأة عموما والمرأة السجينة على وجه الخصوص وللأسف الشديد إن بعضاً منا في القبيلة يؤمن بهذه العادات كأنها قيم وهنا يأتي الدور الهام والمسؤولية الكبرى للعلماء الذين يجب عليهم التعريف بقيم الإسلام الداعية لنبذ العنف والاعتراف بحقوق المرأة كشريك للرجل في بناء المجتمع وبالنسبة للمرأة المسجونة فالمقياس نفسه ينطبق عليها من حيث النظرة الخاطئة اتجاهها بعد خروجها من السجون كما ذكرت فمسؤولية العلماء تأتي في المقام الأول للقضاء على هذه الظاهرة وكل الظواهر التي تجعل من المرأة معنفة .
دراسة وإحصائيات
وقد أجريت دراسات عديدة إحداها هذه الدراسة لإحدى المنظمات الحقوقية حيث وقد كانت أهم النتائج التي توصلت إليها الدراسة كما يلي:
-1 تعيش المرأة في اليمن أوضاعاً متناقضة، فطبيعة التحولات الاقتصادية والسياسية المتسارعة تفرض نفسها على واقع المرأة نحو تغيير هذا الواقع والدفع بالمرأة لتكون شريكاً فاعلاً في التنمية، بينما نجد أن التحولات الاجتماعية والثقافية فيما يخص المرأة لا زالت شديدة البطء مقارنة بالتحولات الاقتصادية والسياسية، فلا زالت منظومة القيم الاجتماعية والعادات ذات النظرة السلبية للمرأة تمثل معوقاً من معوقات انطلاق المرأة في اليمن نحو آفاق أوسع.
وانطلاقاً من ما توصلت إليه دراسة أوضاع السجينات في محافظات الجمهورية نجد أن:
- معاناة المرأة بصفة عامة والمرأة السجينة على وجه الخصوص تبدأ من الأسرة والمحيط الاجتماعي وغلبة العادات والتقاليد السائدة التي تفرق بين الذكر والأنثى في المعاملة والتنشئة والحقوق، بالإضافة إلى ما أحدثته طبيعة التحولات الاقتصادية والسياسية في عقد التسعينيات من القرن الماضي جراء انتهاج الدولة لبرنامج الإصلاح الاقتصادي والتكيف الهيكلي واعتماده سياسات السوق وما أدى إليه من تدهور لمستوى معيشة المواطنين واتساع وتفاقم لمشكلة الفقر بالإضافة لعدد من الأسباب سبق الحديث عنها في ثنايا الدراسة.
وقد أثبتت الدراسة تلقي النساء القدر الأكبر من الآثار السلبية لتلك السياسات باعتبار المرأة أقل تمكيناً وأقل تأهيلاً وأضعف مشاركة في الحياة العامة، وقد أكدت المسوح والإحصاءات أن الأسر المرءوسة بامرأة معرضة لخطر الوقوع في مصيدة الفقر أكثر من الأسر المرءوسة برجل.
كما أكدت الإحصاءات وجود علاقة طردية بين وجود أطفال إناث في الأسرة وحالة فقرها، وبينت الإحصاءات كذلك أن مساهمة المرأة في قوة العمل متدنية وقد بلغت بين الإناث 15.6 % فقط.
كما تؤكد الإحصاءات اتساع التفاوت بين الذكور والإناث ففي التعليم مثلاً تبين أن التحاق الفتيات بالمدارس (في التعليم الأساسي عام 1999 م) لا يتجاوز 32.8 % من إجمالي الإناث مقارنة ب 67.2 % للبنين.
كما بلغت نسبة الأمية بين الإناث 74 % لنفس العام مقارنة ب 44 % فقط بين الذكور علماً بأن نسبة السكان من الإناث بلغت %50.05 من إجمالي سكان الجمهورية.
-وقد كشفت الدراسة عدم وجود دراسات علمية ميدانية سابقة تناولت مشكلة أوضاع السجينات من النساء ويعني هذا عدم وجود أي نوع من الاهتمام بقضايا النساء السجينات ومن ثم عدم وجود نية لدى الجهات المختلفة للحد من هذه الظاهرة وللحد من انتشار الجرائم بصفة عامة.
-وأكدت كشفت الدراسة أن غالبية الأسر التي تنتمي لها السجينات هن من أسر فقيرة وكبيرة الحجم وترتفع فيها نسبة الإعالة بالإضافة إلى أن غالبيتها قادمة من الريف وتعيش في أطراف المدن والأحياء العشوائية الفقيرة، ويغلب على أفرادها عدم امتلاك أي أصول إنتاجية أو خبرات لازمة لاقتناص فرص العمل المتاحة. مما يضطر الكثير منهم إلى العمل بالأعمال الهامشية والتي لا تدر عليهم دخولاً كافية وثابتة تؤمن لهم الحدود الدنيا للعيش الكريم، بالإضافة إلى بروز صراع ثقافي قيمي بين ثقافاتهم الأصلية وثقافة المدينة التي يفدون إليها. وهذا الصراع يدفعهم نحو ارتكاب السلوك الانحرافي ومن هنا تبدأ المعاناة الحقيقية للمرأة في تلك الأسر.
-وكشفت الدراسة أن كثيراً من السجينات يدخلن السجون بسبب جرائم بسيطة ثم يتحولن إلى مجرمات محترفات إضافة إلى تأكيد أن الجريمة المنظمة تتكون داخل السجون بسبب اختلاط أصحاب الجرائم الخطرة والسوابق مع أصحاب الجرائم البسيطة.
-كما كشفت الدراسة عن تدني مستوى الوعي القانوني لدى النساء بصفة عامة والسجينات منهن على وجه الخصوص الأمر الذي يقلل من فرصهن في الحصول على الحماية القانونية، وقد بينت الدراسة أن كثيراً من السجينات لم يقمن بتوكيل محامين للدفاع عنهن وترجع محدودية تمتعهن بالحماية القانونية وبتوكيل محامين للدفاع عنهن بدرجة رئيسية إلى عدم قدرتهن على دفع تكاليف المحاماة، وكذلك لتخلي كثير من الأسر عن السجينات ومتابعة قضاياهن، كما أن السجينات يحرمن من تحمل الدولة لمسئوليتها في تنصيب محام للدفاع عن السجينة الفقيرة والمعوزة وبحسب ما تنص عليه القوانين النافذة وقد بينت الدراسة عدم الاهتمام بالتوعية القانونية للسجينات أو التوعية باحتياجات التنمية عموماً وتبصير المواطنين بالتطورات وحثهم على درء المخاطر الناجمة عن السلوكيات المنحرفة، ويمكن أن يتم ذلك بتضمين المناهج الدراسية وفي مراحل التعليم المختلفة دروساً في التعريف بالحقوق القانونية لكل فرد كما يمكن أن تقوم وسائل الإعلام بالتوعية حول القوانين والتشريعات عند صدورها وبعد ذلك.
-وبينت الدراسة أن المرأة بصفة عامة والمرأة السجينة على وجه الخصوص تعاني من محدودية التمكين الاجتماعي والاقتصادي ومحدودية المشاركة في الحياة العامة، وفي اتخاذ القرار، حتى تلك القرارات المرتبطة بحياتها ومستقبلها (قرار اختيار الزوج وشريك الحياة) حيث يتم الزواج غالباً بحسب الأعراف والتقاليد السائدة وهنا تبدأ مشكلات المرأة والفتاة، وهو أمر يؤدي غالباً إلى الانحراف والإجرام.
-إضافة أن الدراسة كشفت أن غالبية السجون في اليمن لا يوجد بها أخصائيون اجتماعيون أو نفسيون لمتابعة السجناء من الذكور والإناث، بالإضافة إلى أن مباني السجون ذاتها وخاصة ما خصص منها كسجون للنساء بحاجة إلى إعادة نظر في التصميم والتجهيزات، كما بينت الدراسة محدودية الخدمات المتوفرة للسجينات داخل السجن مما يتعارض مع أبسط قواعد حقوق الإنسان.
-كما بينت الدراسة أن ثمة إهمالاً للسجينات سواء من حيث طول فترات التحقيق معهن، وبقائهن لفترات طويلة دون محاكمة وإهمال في تطبيق الأحكام الصادرة ضد السجينات أو إعطائهن حقوقهن، وخاصة عندما يحكم ببراءتهن! وتنتهي فترة العقوبة،
وتظل السجينة داخل السجن مما يؤدي إلى شعورهن برغبة حقيقية في الانتقام من المجتمع والدولة بسبب الإهمال سواء في تطبيق القوانين أو في عدم وجود سياسات وبرامج لإعادة استيعابهن في مؤسسات خاصة لإعادة إدماجهن في إطار المجتمع.
إلى ذلك كشفت الدراسة أيضا عن وجود عدد من السجينات برفقة أطفالهن داخل السجن وبنسبة كبيرة وبينت الدراسة أن هؤلاء الأطفال يعانون من ظروف صعبة وقاسية وخطرة، فلا يتوفر لهم أي نوع من الخدمات الأساسية (كالحليب، الملابس، الأغطية، التعليم، التطبيب، …الخ). يضاف إلى ذلك أن وجودهم في السجون يقيد من حرياتهم ويكسبهم سلوكيات وخبرات سيئة تدفعهم إلى الشعور بالظلم والحرمان مما يحفز لديهم غرائز العدوانية وحب الانتقام.
-و كشفت الدراسة عن عدم وجود أية برامج أو خطط معدة ومقره تشمل توفير خدمات الرعاية والتأهيل والتدريب المهني وكذلك التوعية والتثقيف للسجينات أو لأطفالهن المتواجدين معهن، وهذا يزيد من حرمان هؤلاء السجينات وزيادة شعورهن بوطأة العقوبات، ويزيد من اتساع الهوة بين السجينة والمجتمع وهو ما يعكس نفسه على بقاء كثير من السجينات وتفضيلهن لممارسة الانحراف.
الحلول والمعالجات المقترحة لتحسين أوضاع السجينات:
أثبتت نتائج الدراسة لأوضاع النساء السجينات أن مشكلتهن هي مشكلة مجتمع تبدأ من النظرة إلى المرأة بأنها كائن ثانوي الدور والوظيفة، وأن الرجل هو الأصل وله حق الأولوية في الرعاية والتعليم والتوظيف واتخاذ القرار والمشاركة في كل مناحي الحياة.
وتأسيساً على تلك النظرة التقليدية للمرأة والتي انتجتها في مجتمعنا عهود الانغلاق والتخلف وانتشار الأمية وعلى ضوئها حددت الأدوار لأفراد المجتمع (رجال / ونساء) والتمكين الاجتماعي والاقتصادي والمشاركة في مختلف جوانب الحياة.
وزاد من حدة ذلك انتشار الفقر والحرمان وغياب العدل في التمكين والاستفادة من برامج التنمية. والمساواة في الحقوق وحتى العقاب بالرغم من أن الشريعة الإسلامية والقوانين المبنية عليه لا تفرق بين الرجل والمرأة.
والمشكلة تعود إلى تدني الوعي بكل ذلك والالتزام بالتنفيذ بعيداً عن القوانين المكتوبة واللجوء إلى العرف السائد وغير المكتوب والذي يعمل في الواقع ويعطل بعض جوانب الشرع والقانون وهذه الثنائية في حياتنا ترجع إليها أغلب المشكلات الاجتماعية والأسرية وتلحق الضرر بالفئات والشرائح الأضعف والأفقر والأقل حماية في المجتمع ويأتي على رأس تلك الشرائح المرأة ومع أن الدولة هي المسئول الأول عن توفير الحماية والعدل وسن وتطبيق القوانين والتشريعات في المجتمع نجد أن هذا المبدأ يتم التراخي عنه لصالح العادات والتقاليد التي يفترض أن التشريعات في المجتمع والقوانين والنظام يحد منها بما يحقق الحياة الآمنة وكفالة التمتع بالحقوق والقيام بالواجبات لكل المواطنين بدون تمييز. وبدون ذلك يختل التوازن وتضطرب الحياة وتسود الجريمة والانحرافات والعنف في المجتمع. ومهما شددت الدولة في الجوانب الأمنية و العقابية تزداد المشكلة وتتعقد لأنها لا تستهدف العدل والحماية الكاملة لكافة أبناء المجتمع. فتصبح الجريمة والانحراف نوعاً من التعبير عن الرفض للواقع وما يمثله، ويكمن الحل.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.