قال الكاتب الصحفي الخضر سالم بن حليس - أحد أعضاء مؤتمر الحوار الوطني إنه مع الوحدة ويرفض الانفصال؛ باعتباره أحد أبناء الجنوب. وأضاف: «من حقنا أن نقول، ومن واجبهم أن يسمعوا، ومن واجبنا أن نسمع لما يقال، وأن نميز ونقارن ونوازن على علم وبصيرة وهدى بعيداً عن الضجيج والتشنج ورفع الأصوات». وسرد حليس عدداً من الأسباب التي أدت إلى اقتناعه بالوحدة ورفضه للانفصال كما يلي: السبب الأول نشأت في قرية صغيرة من قرى الجنوب وسط أسرة فقيرة، ومازالت كذلك كغيرها من الأسر الفقيرة التي تحيط بنا على اليمين والشمال، ولم نكن حينها نملك الوجود الذي سلبتنا إياه الوحدة، بل كان الوضع كما هو، فلم تؤثر الوحدة فيه سلباً أو إيجاباً، وهكذا هو حال الآلاف من الأسر في الجنوب التي كان أغلى ما تملك بعضها (مشمع) وجهاز (تلفاز غير ملون) حيث كانت تعد من الأغنياء. أما اليوم فمنازلها مليئة بالكنب والشاشات المسطحة والآثاث الفاخر.. هل الوحدة سلبت حقي المسلوب أصلاً، أم أننا كنا آنذك أيام (الحزب) حقوقنا مصادرة وأصواتنا مخنوقة تحت شعار (لاصوت يعلو فوق صوت الحزب)؟. أسالكم ياسادة!! أين هي الممتلكات والتجارات (المؤممة) لتجار الجنوب الذي فروا بما بقي إلى دول الجوار؟! أين هو القطاع الخاص الذي صودرت حقوقه وأملاكه في ذلك الحين؟ أم أن الوحدة من فعل ذلك؟. ألم تكن شركة (النصر) للتجارة الحرة في (خور مكسر) لا تعرفها ملايين الأسر بعيداً عن أسر متخمة ومقربة كانت ترتادها وأين كنا نحن منها أو من السوبرات الكبيرة التي انتشرت في الشوارع والمدن.. كان الكثير من أبناء قريتي ومن أسرتي مغتربين في دول الجوار من قبل الوحدة، فهل الوحدة هي من جعلتهم يغتربون. هل كنا في الجنوب دولة تعيش الرفاهية والشوارع الراقية باستثناء شارع (مدرم) الذي بنته بريطانيا؟! هل كانت (المهرة وأبين ولحج وسقطرى) تعيش حالة من الرقي والحضارة العمرانية في شبه الجزيرة العربية فنافست برقيها (دبي) (وأنقره) (وكوالانبور). كلا يا قوم.. كانت المحافظات الجنوبية تئن من الفقر والفاقة والجهل والمرض. السبب الثاني إنني كشخص متخصص ومهتم بالتنمية أحب - وخصوصاً بعد الثورة - أن تنظر بلدي إلى ما هو أبعد، وأن توجه جميع طاقات أبنائها وجهودهم إلى هدف واحد هو النهضة والرقي وبناء اقتصاد قوي منافس في المنطقة يجلب الاستثمارات ويجعل اليمن بلداً منافساً للخليج بقوة يسترد موقعه ومغتربيه لاسيما وجميع العوامل بشهادة الخبراء متوفرة لنا، فقط نحتاج إلى توحيد الجهود ومضاعفة الطاقات والإنسان أغلى ما نملك، وكيف نستطيع جذب الاستثمارات وتحسين وضعنا المعيشي إذا كان المستثمر يحبذ أن يستثمر وسط 30 مليون شخص لا في وسط 6 ملايين. اليمن لا تنقصها الثروة ولا الأيادي العاملة ولا الموارد البشرية وغير البشرية ولا الموقع، اليمن ينقصها دولة مؤسسات، ينقصها كفاءات، تنقصها مهارات، وهذه الدولة لم تكن في البلدين قبل الوحدة، ولم تكن أيضاً موجودة في البلد الواحد بعد الوحدة، فهل الحل في إيجاد دولة المؤسسات ودستور الحقوق والحريات والتوجه لدولة الاقتصاد المنافس أم الحل هو في التقسيم الذي يضعف ولا يقوي، ويبدد الجهود والثروات؟. صدقوني لقد نجحت بعض الدول في شغلنا بهذه القضايا والتقسيمات حتى نبقى عالة عليهم بعيداً عن القضية الكبرى التي ستجعلنا ملوكاً لا عبيداً عندهم. السبب الثالث هل الانفصال سيحل مشاكلي المعيشية التي كانت موجودة أصلاً قبل الوحدة؟ سؤال لن يجيب عليه الكثير؛ لأنهم لم يفكروا فيه أصلاً، ولأن بعضهم يعتقد أن الأمور ستعود كما كانت عليه.. لكن يجب أن نعلم أن الأمور لن تعود كما كانت عليه (وما الذي كانت عليه) وستظهر الصراعات والسلطنات والمشروعات الخاصة، وستتوالد المصالح والمطامع، وسيظل المواطن يعاني في بيته، بينما القوى تحترب وتتنازع، أدعو إلى لحظة صفاء نفكر عن إجابة موضوعية تستند إلى معطيات الواقع وميزان القوى في الشارع: هل سيحل الانفصال مشاكل أبناء الجنوب؟. إن الظلم لا يدفع بظلم أكبر منه، والنار لا تطفئ بمثلها، وكل مشكلة الحل كامن في جذورها، والوحدة ليست مشكلة بحد ذاتها، لكن المشكلة فيمن شوه صورتها، المشكلة في النظام الذي قامت الثورة لإزالته طمعاً في دستور يكفل الحقوق والحريات وفي قضاء مستقل يسترد حقوقي وفي دولة مؤسسات أعيش فيها كريماً. لقد أسرعنا نحن للوحدة أملاً في الخروج من هذا الوضع المزري الذي وضعنا فيه (الحزب الاشتراكي) حينها لنخرج إلى حرية وحقوق فلم نحصل عليها، فهل نعود بعدها إلى ما كنا عليه أم نبحث عن أسباب الخلل وجذور المشكلة ونسعى للتصحيح والتعديل ونناضل كما ناضلت الشعوب حتى نصل في ظل اليمن الوحد إلى ما نسعى إليه؟. هذه قناعتي وهذه أسبابي في رفض الانفصال والحفاظ على الوحدة التي نحن بحاجة للعودة إلى جمالها وبهائها ورونقها الذي حرمنا منه أقوام رحلوا إلى مزبلة التأريخ.