في إطار العمل المجتمعي لمكافحة أشجار القات واستبدالها بأشجار ذات قيمة غذائية واقتصادية، قام أولاد مطهر الصنعاني في منطقة غيمان بإنشاء شبكة ري حديثة لزراعة التين الشوكي، التي تم زراعتها مكان أشجار القات، والذي كان يستنزف المياه الجوفية في غيمان بشكل كبير، قبل أن يتحول الكثير من سكان غيمان، بني بهلول، محافظة صنعاء إلى زراعة التين الشوكي بديلاً عن القات، وذلك لمردوده الاقتصادي الكبير، ولدوره في الحفاظ على المياه، وأيضاً لقيمته الغذائية الكبيرة.. كما تأتي هذه الخطوة في إطار حرص الأهالي على الاستغلال الأمثل لمورد المياه، باعتباره من الميزات الأساسية لانتشار زراعة التين الشوكي، إلى جانب تعظيم الإسهامات والعائدات الاقتصادية. لهذه الزراعة التي انخرط فيها آلاف المزارعين والمشتغلين في حصاد وتسويق التين الشوكي بمناطق بني بهلول وسنحان، وخارجها، ومن المقرر أن تغطي شبكة الري الحديث بالتقطير عشرات الهكتارات المزروعة بنبات التين الشوكي، في ظل قناعة الأهالي باعتماد هذا الأسلوب الحديث، الذي يساعد على ترشيد استغلال المخزون المائي في المنطقة. (الجمهورية) زارت منطقة غيمان، وأجرت الاستطلاع التالي حول زراعة التين الشوكي، وقصة نجاحه مقابل زراعة القات. القات «حشيشة» مطلوب قلعها البداية كانت مع المهندس عبدالملك الثور، وكيل وزارة الزراعة والري لقطاع تنمية الإنتاج أكد عقب تدشينه شبكة الري الحديثة عن ارتياحه لإنجاز مثل هذه المشاريع الزراعية، البديلة عن أشجار القات، والتي لها عائد اقتصادي أفضل من زراعة القات، وقال: كما تلاحظون نشاهد اليوم تجربة عملية لمكافحة أشجار القات، وذلك من خلال مزرعة صديق المزارعين أحمد مطهر، التي تعتبر أول مزرعة نموذجية للتين الشوكي في اليمن، حيث قام أولاد مطهر الصنعاني بزراعة أشجار التين الشوكي بجانب القات، حتى أصبح التين الشوكي هو السائد، وأصبحت شجرة القات عبارة عن حشيشة لا فائدة منها، ويجب قلعها، لذلك نتطلع إلى تعميم زراعة هذا المحصول الاقتصادي الذي من شأنه أن يحقق مردوداً اقتصادياً مضموناً للمزارعين في اليمن، في ظل المزايا العديدة التي تقترن بزراعته, وفي مقدمتها عدم استهلاكه المفرط للمياه مقارنة ببقية المحاصيل. وكما نلاحظ فقد أثبت أولاد مطهر الصنعاني في غيمان من خلال هذه التجربة العملية, بأنه من الممكن أن يكون العائد المادي لأشجار التين الشوكي أكبر من العائد المادي لزراعة القات, الذي يحتاج إلى الكثير من الجهد والماء. داعياً المزارعين بأن يحذوا حذو أبناء مطهر في استبدال أشجار القات بزراعة محاصيل أخرى، تكون أكثر فائدة لهم ولوطنهم، كزراعة التين الشوكي أو غيرها من أشجار الفواكه. تجربة علمية المدير التنفيذي لصندوق الفرص الاقتصادية، فوزي التوي أشاد بدوره بهذه التجربة العملية لأبناء مطهر الصنعاني باستبدال زراعة أشجار القات بالتين الشوكي منذ عدة سنوات، وذلك دعماً للتوجهات الحكومية في مكافحة أشجار القات، التي تستنزف كمية كبيرة من المياه، وأيضاً تعمل على إهدار الكثير من المال والجهد والوقت، من خلال تناول عشبة القات، مؤكداً دعم الصندوق للمشاريع الصغيرة والأصغر، خاصة في القطاع الزراعي، وفي غيره من القطاعات الاقتصادية الأخرى، التي تشكل جزءاً من اهتمام الصندوق، بالنظر إلى تأثيرها العميق في تحسين الوضع الاقتصادي للمواطنين وصون كرامتهم المعيشية، وذلك بالتعاون والتنسيق مع المجالس المحلية والوزارات ذات العلاقة كوزارة الزراعة ووزارة التخطيط والتعاون الدولي ووزارة الثروة السمكية وغيرها من الوزارات، وبدعم من الدول المانحة.. وقال: إن التين الشوكي محصول يحقق مردوداً اقتصادياً ممتازاً للمزارعين، وصندوق الفرص الاقتصادية مهتم بتطوير سلسلة القيمة لهذا المنتج الزراعي، خاصة فيما يخص زراعة وإنتاج وتسويق هذا المحصول، بما يضمن إنتاجه وتسويقه في السوق المحلية والخارجية، خاصة أن التين الشوكي يدخل اليوم في صناعة مستحضرات التجميل، وفي الصناعات الدوائية، بالإضافة إلى استخراج الزيوت الغذائية، والتي تعتبر من الزيوت عالية القيمة الغذائية، باعتبارها من الزيوت النباتية الطبيعية إلى جانب كونه فاكهة طبيعية تحتوي على الكثير من العناصر الغذائية. هذه قصة نجاحنا المهندس عادل أحمد مطهر، صاحب مزرعة التين الشوكي، والذي قام ليكمل ما بدأه والده منذ عدة سنوات في قلع أشجار القات واستبدالها بالتين الشوكي قال: إن زراعة التين الشوكي في منطقة غيمان هي قصة نجاح لا تنتهي، فهذا النوع من المحاصيل الزراعية أصبح اليوم الأول في منطقة غيمان والمناطق المجاورة، ونتطلع إلى أن تتوسع زراعته في بقية المناطق.. وقال: تم تأسيس مزرعة صديق المزارعين الوالد المرحوم أحمد مطهر في العام 1966 م بمساحة أربعة هكتارات في غيمان، وفي بداية زراعته للتين الشوكي نعته أهالي المنطقة بالمجنون، فقالوا له كيف يا مجنون تقلع أشجار القات، التي تدر عليك الكثير من المال بهذا الشوك، أي بأشجار التين الشوكي، وفي أخصب الأراضي التي تملكها، لكنه لم يعر كلام أهالي المنطقة أي اهتمام، واستمر في زراعته للتين، وأصر بشكل كبير على النجاح في هذه المغامرة، خاصة أن التين الشوكي كان في تلك الفترة بل وحتى اليوم في كثير من المناطق اليمنية من الأشجار التي ليس لها أية قيمة اقتصادية، بل إن أشجار التين الشوكي كانت ولا تزال عبارة عن أشجار للسور، أي تسوير المزارع بأشجار التين، وكانت تزرع في الأراضي غير الخصبة، لكن الوالد رحمه الله أصر على النجاح في قصة زراعة التين الشوكي وراهن أن مردودها الاقتصادي أكبر من أشجار القات ونجح في ذلك ونحن أولاده قمنا بعون الله في استكمال قصة نجاحه، من خلال زراعة التين الشوكي مكان أشجار القات، فقضى التين على القات وحافظ على المياه الجوفية، وتوسعت زراعة التين في غيمان بشكل عام، واليوم بحمد الله التين الشوكي وفر أكثر من أربعة آلاف فرصة عمل دائمة لمسوقي التين وحوالي اثنى عشر ألف فرصة عمل في الموسم الذي يبدأ من شهر يونيو وحتى سبتمبر. قيمة اقتصادية هذا وتشير العديد من التقارير الزراعية أن تقديرات الإنتاج السنوي خلال فصول السنة من التين الشوكي في منطقة غيمان يصل إلى «5250» طناً، يصل إجمالي قيمة مبيعاتها إلى «340» مليوناً و«750» ألف ريال.. ويمكن النظر إلى القيمة الاقتصادية والمكانة، التي أصبح يحتلها هذا المحصول من خلال وجود أكثر من ستمائة مزارع، يزرعون حالياً التين الشوكي في غيمان.. يذكر أن التين الشوكي الذي أصبح يحتل أهمية اقتصادية كبيرة في العديد من الدول العربية من ضمنها اليمن ينتشر في المناطق ذات المناخ البارد والمعتدل، وكذا في العديد من الدول الأجنبية، ويصنف ضمن نبات الصباريات. وحسب دراسات علمية عرف نبات التين في منطقة هايتي بأمريكا اللاتينية منذ عام 1515م ودخل أوروبا عام 1777م ثم انتشرت زراعته في المكسيك، شيلي، بيرو، البرازيل، بوليفيا، الأرجنتين، إيطاليا، إسبانيا، اليونان جنوب وشمال أفريقيا بالإضافة إلى منطقة الشرق الأوسط. الفاكهة العجيبة إلى ذلك تفيد العديد من التقارير الطبية بأن ثمار التين الشوكي هو الفاكهة الوحيدة، التي لها فاعلية حقيقية في المساعدة على هضم المواد الدهنية، ووجبات الطعام الدسمة، وينصح خبراء التغذية بتناولها عقب الوجبات الدسمة، بالإضافة لقدرتها علي القضاء على رائحة الفم غير المستحبة.. كما أن للبذور السمراء الموجودة داخل ثمرة التين الشوكي تأثيرات إيجابية للتنشيط الطبيعي لجدار المعدة والأمعاء، وأن لمحتويات الثمار فوائد ملينة، ومنظفة فائقة الجودة للجهاز الهضمي لدرجة لا يمكن مقارنتها بأعظم العقاقير الصناعية في العالم، وبناء علي ذلك يعتبر تناول ثمار التين الشوكي أفضل طرق الوقاية والعلاج لحالات عسر الهضم والإمساك، وقد وجد بالتجربة العملية أنه عند الرغبة في تنظيف محتويات الجهاز الهضمي من الفضلات الضارة المتجمعة في الأمعاء يمكن تناول التين الشوكي صباحاً علي الريق. أيضاً نلاحظ أن ورود كلمة التين بالقسم الإلهي العظيم جاءت مطلقة (والتين والزيتون) أي لم تفرق بين أنواع التين أو تحدد نوعاً خاصاً، وبناء على ذلك ربما تعني التين: البرشومي، والتين الشوكي، الذي يعرف عند أهل فلسطين والشام وجنوب الجزيرة العربية باسم تين الصبار، ومما يؤسف في بلادنا هو أن العديد من دول العالم بدأت في الاهتمام بأشجار التين الشوكي، وتعمل على توسيع رقعة انتشاره، للحصول على ثماره وأوراقه، بينما يقوم البعض لدينا بإزالة تلك المساحات الخضراء الغنية بهذا النبات وثماره، المعطاءة غذاءً وصحة، والواعدة في احتمالات الاستفادة العلاجية من أجزائها، وكأنها أشجار ضارة، يجب التخلص منها، لكن المرحوم أحمد مطهر وأولاده من بعده اثبتوا للجميع على أهمية أشجار اليتني الشوكي وعائدها الاقتصادي الكبير، مقارنة بأشجار القات، التي ساهمت بشكل مباشر وغير مباشر في تخلف اليمن..