يتواصل مسلسل الاعتداءات المتكررة على خطوط نقل الطاقة الكهربائية مأرب – صنعاء وسط تحذيرات رئاسية وحكومية شديدة بمعاقبة المتسببين بذلك كما ووعود متراكمة بتأمين سلامة الخطوط ورفع إمكانية المحطات المنتجة للتيار الكهربائي.. ودأب مسلحين على الاعتداء على الكهرباء وخطوطها تحديداً خطوط نقل الطاقة من مأرب - صنعاء وبعض المناطق المجاورة كنهم، وتتسبب تلك الاعتداءات في الغالب بخروج محطة مأرب الغازية عن الخدمة لمرات متوالية وفي فارق زمني لا يتعدى الساعة أحياناً. دافع غير أخلاقي مما لا شك فيه أن وراء تلك الاعتداءات أطرافا دافعة على نحو لا أخلاقي وغالب الظن وبحسب متابعين أن قوى الحكم القديم ما تزال تحلم بالعودة إلى الوراء وسط جهود دولية وأممية مساندة للبلاد التي عانت أزمات متراكمة للخروج من مآزقها المتعددة إلى فضاء مختلف عما كان عليه السابق. ويستخدم المعتدون دائماً “خبطات” حديدية يتم قذفها بمنتهى البساطة إلى خطوط الكهرباء؛ الأمر الذي يتسبب بانطفائها إن لم يكن رمياً متعمداً بالرصاص مستغلين بذلك صعوبة حراسة الخطوط الممتدة على مسافات طويلة ومتباعدة جداً. اهتمام كبير ولاقت الاعتداءات على خطوط نقل الطاقة الكهربائية اهتماماً كبيراً على المستوى الرسمي والشعبي حيث حذر رئيس الجمهورية عبدربه منصور هادي في خطابات عديدة المعتدين على خطوط نقل الطاقة الكهربائية والنفط والغاز من عقوبات رادعة وصارمة، لكن الاعتداءات تزداد ضراوة في تحد صريح وواضح. وكان مجلس الوزراء قد اتخذ في وقت سابق على ضوء ذلك جملة من القرارات التي من شأنها التصدي الحازم لهذه العناصر الإجرامية ومنع تكرار مثل هذه الاعتداءات.. حيث وجه المجلس وزارتي الدفاع والداخلية بالتنسيق مع محافظ مأرب باتخاذ كافة الوسائل والإجراءات اللازمة للقبض على أولئك المجرمين الذين يقومون بهذه الاعتداءات التخريبية والإرهابية، وبأي شكل من الأشكال، وإحالتهم إلى الأجهزة العدلية لينالوا أقصى العقوبات الرادعة جزاء ما يرتكبونه من جريمة نكراء بحق جميع أفراد الشعب اليمني والاقتصاد الوطني، وذلك خلال مدة أقصاها أسبوع من تاريخه. قضية رئيسية كما أن الاعتداءات على الكهرباء في اليمن أصبحت قضية رئيسية مدرجة على رأس أولويات أعمال مؤتمر الحوار الوطني الشامل المنعقد في صنعاء وهو الأمر ذاته بالنسبة للمجتمع الدولي المتعاطف والمتعاون مع اليمن للخروج بالبلد من مشاكله المتعددة وهو ذات الموضوع الذي أفصح عنه المبعوث الأممي لليمن السيد جمال بن عمر لدى مناقشته تقريره السياسي أمام مجلس الأمن مؤخراً وشرح فيه أهم المعوقات أمام التسوية السياسية وأهمها الكهرباء – حد قوله. لفتة مجتمعية ووقع مؤخراً رجال قبائل من آل حتيك وآل جرادان بمحافظة مأرب على وثيقة تنص على إهدار دم المعتدين على أبراج الكهرباء وطالبوا الجهات الأمنية بالتعاون معهم في القبض على المعتدين في استشعار كبير منهم على واجب وطني هو هم الجميع بدرجة رئيسية. تعاطف شبابي ولم ينته الأمر عند هذا الكم من الاهتمام والتعاطف عند كل تلك الجهات بل ذهبت مجموعة كبيرة من الشباب والشابات المتابعين عبر مواقع التواصل الاجتماعي إلى إنشاء صفحة على موقع “فيسبوك” لمتابعة كل جديد فيما يتعلق بالاعتداءات على خطوط نقل الطاقة الكهربائية حيث يقدمون آرائهم كمدافعين عن مكسب وطني كبير ويضعون الحلول المناسبة الناجعة للقضاء على مثل تلك الممارسات. وغالباً ما تتهم جهات رسمية رجال القبائل في مناطق تابعة لمحافظتي عمرانومأرب شمال صنعاء, بالاعتداء على خطوط نقل الكهرباء والنفط والغاز كما تتهم النظام السابق بمحاولة عرقلة جهود التسوية السياسية بحسب المبادرة الخليجية من خلال أعمال تخريبية عدة من ضمنها تلك الاعتداءات. أعمال تستهدف الأمن إلى ذلك قال وزير الدفاع محمد ناصر أحمد أن بعض الأعمال المخططة التي تستهدف الأمن والاستقرار وتسعى إلى إبقاء البلد تحت طائلة الأزمات، من ضرب أعمدة نقل الطاقة الكهربائية، أو تفجير أنابيب النفط والغاز، أو إثارة المشكلات المجتمعية، «أعمال» مخططة ومعروف من يقف خلفها أو من يوعز بتنفيذها وهي ذات سمة سياسية حد قوله. وأشار إلى أن اللجنة العسكرية وقيادة وزارتي الدفاع والداخلية تتعامل معها بحذر شديد، موضحاً:” أن الغرض منها هو أن يتم دفع المؤسسة الدفاعية والأمنية إلى اصطدام بالمجتمعات المحلية وبالتالي تستمر وتوظف سياسياً وإعلامياً في محاولة لشق الالتحام والشراكة بين المؤسسة الدفاعية وبين مكونات المجتمع”. اتهامات شعبية ومجتمعية ولم تنجو حكومة الوفاق من اتهامات شعبية ومجتمعية بالتقصير إزاء حماية وتأمين الكهرباء والنفط والغاز. ووضعت الحكومة تأمين خطوط نقل الطاقة الكهربائية والنفط على رأس أولوياتها منذ توليها مقاليد الحكم في ديسمبر من العام 2011 عقب ثورة شعبية أطاحت بنظام الرئيس السابق علي عبدالله صالح الذي حكم اليمن طيلة 33 عاما في فترة هي الأسوأ على الإطلاق في التاريخ السياسي اليمني. غضب شعبي ويشهد الشارع العام اليمني سخطاً كبيراً إزاء الانطفاءات المتكررة للكهرباء, وعبر الكثير من المواطنين عن حالة إحباط شديدة بعد وعود حكومة متراكمة بتطوير التيار الكهربائي ورفع إنتاجه ليغطي حاجاتهم المتزايدة للكهرباء إلا أن تلك الوعود ذهبت أدراج الرياح، حد تعبيرهم. ويشتكي المواطنون معاناة كبيرة جراء الانطفاءات المتكررة للكهرباء حيث يتكبدون خسائر نتيجة تعرض ممتلكاتهم الكهربائية للتلف نتيجة الانقطاع المفاجئ للتيار الكهربائي فيما يشير أصحاب أعمال وحرف أن أعمالهم تتراجع بشكل لافت وسط ارتفاع مبالغ للاحتياجات المعيشية والمشتقات النفطية في اليمن. ظلام دامس وتعيش معظم المحافظات اليمنية بما فيها العاصمة صنعاء المزدحمة بالسكان والأعمال التجارية ليالي من الظلام الدامس بسبب انقطاع التيار الكهربائي نتيجة لتلك الأعمال التي تستهدف دائما أبراج الكهرباء ومحطة مأرب الغازية التي تغذي معظم مناطق البلاد بالطاقة الكهربائية. ونتيجة لانقطاع الكهرباء تعطلت الكثير من المصانع والورش وتوقفت عن العمل، فيما شهدت بعض المناطق الساحلية تظاهرات، احتجاجاً على استمرار انقطاع الكهرباء، خاصة في مدينتي عدن والحديدة اللتين وقعت فيهما حالات إغماء لبعض المسنين الذين نقلوا إلى المستشفيات لتلقي العلاج، خاصة وأن المدينتين تواجهان صيفاً حاراً. يقول محمد جابر أحد تجار الأخشاب أن الانطفاءات المتكررة للكهرباء أثرت بشكل كبير على إنتاجيته مشيراً إلى إيراداته وخدماته تراجعت إلى النصف خلال الفترات السابقة. خلل فني ولم يقتصر الأمر عند الاعتداءات على الكهرباء التي أضحت عادة ألفها المواطن اليمني بل يطرا من وقت لأخر خللا فنيا تشهده الكثير من محطات توليد الطاقة الكهربائية وأهمها محطة الحسوة بعدن . وهنا يقول احد المختصين الكهربائيين إن مولدات الديزل يمكن إعادتها مباشرة من الانطفاء كما أن المولدات والمحطات البخارية يمكن إرجاعها خلال ساعة بالكثير واستخدامها لتغطية مدن عدن والحديدة كون هذه المدن من أكثر المدن احتياجاً للكهرباء كونها ساحلية ذا مناخ حار جداً ودون ربطها بالضغط, يوضح هنا أن عبثا كبيرا يطال التيار الكهربائي دونما مسئولية. 300 اعتداء وبلغت الاعتداءات التي طالت خطوط نقل الطاقة الكهربائية مأرب - صنعاء إلى أكثر من 300 اعتداءً منذ عام 2010 وفق تقارير معتمدة.. وبحسب تقرير صادر عن المؤسسة العامة للكهرباء في ديسمبر/كانون الأول الماضي، فإن الخسائر التي تكبدتها المؤسسة جراء الاعتداءات المستمرة على خطوط نقل الطاقة الكهربائية تجاوزت ال 33 مليار ريال يمني (120 مليون دولار) تشمل تكاليف قطع الغيار والإصلاحات والطاقة المنقطعة. مطلوب حماية ويؤكد متابعين على ضرورة التنسيق بين الجهات المعنية وفي مقدمتها وزارتي الكهرباء والداخلية لحماية أبراج الكهرباء وخصوصاً محطة مارب التي تغطي 30 % من احتياجات اليمن للتيار الكهربائي. ويرى مراقبون أن حل مشكلة تفجيرات خطوط الكهرباء يحتاج إلى تضافر جهود القوات المسلحة القريبة من أماكن الهجوم بالتعاون مع المواطنين، وأن تكون هناك قوات خاصة بحماية الكهرباء أو الاتفاق مع رجال القبائل القريبة من خطوط الكهرباء على حماية المحطات على أن يتم الاهتمام بهم وتحسين وضعهم المادي من قبل الحكومة. رأي اكاديمي إلى ذلك أكد العميد محسن علي خصروف الباحث في علم الاجتماع العسكري أن الهدف من هذه العمليات هو إفشال العملية السياسية القائمة الآن، كإفشال الحوار الوطني وإفشال خروج البلد من أزمة طاحنة. مشيراً إلى أنه تجنبنا الكثير من المشاكل وكان الخيار السلمي هو الأفضل من خيار الحرب والتصارع الذي سوف يؤدي إلى تدمير البلد ومقدراته. وأوضح خصروف أنه يجري الآن استهداف للبلد بشكل آخر من قبل الذين خسروا مصالحهم جراء الثورة الشبابية الشعبية السلمية بالقيام بتدمير البلد بهذا الشكل. من المؤسف أن تصرفاتهم تقابل بردود فعل ليست منطقية، لا يمكن أن تكون مقبولة لدى الناس ونحن نمتلك أدوات القضاء على مثل هذه التمردات والأعمال التخريبية. انفلات أمني وحول ظاهرة التخريب وآثارها السياسية والاقتصادية ودور الحكومة للحد من هذه الظاهرة وغيرها قال العميد خصروف إن “الاعتداءات المتكررة على أبراج الكهرباء وأنابيب النفط واستهداف البنى التحتية للدولة تعكس حالة انفلات أمني غير موضوعي، وتسائل كيف أن الجهات المختصة في وزارة الدفاع يقولون أن من قام بالاعتداء على الكهرباء فلان وفلان ولا تتخذ ضدهم أي إجراء؟ .. كيف يقولون إن الفرق الهندسية منعها مجموعة من المسلحين؟! أين قواتنا المسلحة الموجودة في مأرب وفي نهم وفي صرواح؟ تدمير محطة مارب وقال خصروف إن الخسائر المادية جراء هذه الاعتداءات ستصل إلى لقمة عيش المواطن، وهي بالمليارات بحسب إحصائيات وزارة الكهرباء جراء هذه الاعتداءات على أبراج الكهرباء، مشيراً إلى أن هذه الأعمال إذا استمرت لمدة أكبر ستؤدي إلى تدمير محطة مارب نهائياً وخروجها عن الخدمة.. وأضاف “أن من حق أبناء المنطقة الشرقية كاملة أن تدمجهم الدولة في خطة التنمية وأن يرتبطوا بمصالح اقتصادية واجتماعية وتنموية، بمعنى أن يكون المشروع الاقتصادي الموجود في مارب جزءاً مرتبطاً بمصلحة المواطن في مارب ويدافع عنه، أي أنه لا يمر أنبوب النفط من عندهم ليسرقوه في مكان آخر، المفترض أن يعود جزء من عوائدها لهؤلاء المواطنين. ولم تكن خطوط نقل النفط والغاز في محافظة مأرب شرق البلاد في منأى عن تلك الاعتداءات حيث طالها النصيب الأكبر وبلغت خسائر اليمن جراءها 3 مليارات و166 مليون دولار أميركي خلال العام المنصرم.