ثمة تنافس محتدم بين أسواقنا الشعبية والمولات التجارية الكبيرة التي بدأت تتمدد في عديد مدن يمنية وبصورة لافتة، وبغض النظر عما تقدمه تلك الأسواق من تلك تبقى الظاهرة باعتقاد كثيرين صحية وتخدم جموع المستهلكين دون استثناء، على اعتبار أن الأسواق الشعبية يلجأ إليها ذوو الدخل المحدود، فيما جاءت المولات لتوفر الاحتياجات المتعددة لبعض شرائح المجتمع تحت سقف واحد, وفي بوتقة الاختلاف الحاصل بين جموع (المتسوقين) في تفضيل هذه الأسواق على تلك، تتكشف خبايا تجدونها مختزلة في حنايا هذا الاستطلاع. ظاهرة صحية مع حلول شهر رمضان المبارك تنتشر وبشكل لافت ظاهرة نزول الأسر إلى الأسواق لشراء احتياجاتها الرمضانية والكثير من الأسر تفضل شراء حاجيات العيد من ملابس، وأدوات منزلية وخلافه ظناً منها أن الأسعار تكون أقل مما هي عليه في أواخر شهر رمضان، وخاصة قرب العيد حيث ترتفع الأسعار بشكل جنوني حيث تغيب الرقابة الرسمية تماماً، وفي اليمن وخلال السنوات القليلة الماضية انتشرت في أمانة العاصمة وعدد من المحافظات الرئيسية الأسواق الكبيرة أو السوبر ماركت أو المولات كما يحلو للبعض تسميتها، الأمر الذي عده البعض ظاهرة صحية؛ كونها تزيد من مجال المنافسة لتقديم الأفضل للمستهلك اليمني الذي هو بطبعه يبحث عن الأجود والأفضل. - وفي هذا الصدد يقول محمد علي الشهاري إن لهذه الأسواق ميزة جميلة كونها تخصصية، فمنها من يقدم المواد الغذائية، ومنها من يقدم الملابس، ونتيجة لانتشارها فأنا أراها خدمت المستهلك اليمني بشكل كبير, فهي تقدم له كل ما يريده تحت سقف واحد ووفرت عليه عناء التنقل من مكان لآخر بحثاً عن احتياجاته الرمضانية أو حتى في الأيام العادية, كما أنها تقدم معروضاتها بأسعار متفاوتة وفي متناول يد المستهلك ولا تختلف أسعارها عما تقدمه الأسواق الأخرى. وفرت الوقت يشاركه الرأي مارب الورد، الذي بدوره قال: السوبر ماركات أو المولات الكبيرة وفرت على المستهلك الوقت في البحث عن احتياجاته من السلع والمواد الغذائية بدلا من الذهاب للأسواق هنا أو هناك, وبإمكان أي مواطن يريد سلعة معينة أن يختصر الطريق ويزور مركزاً تجاريا في حارته بعدما أصبح متوفراً ومنتشرا في أكثر من مكان وأخذ متطلباته وبأسعار أحيانا أفضل من الأسواق على الأقل من حيث الجودة والصلاحية. - يضيف الورد: تزداد حاجة الناس أكثر لمثل هذه المراكز في المناسبات الدينية كالأعياد ورمضان, والتي يكون الطلب فيها مرتفعا والاستهلاك كبير أيضاً وهو ما توفره له هذه المراكز وتتيح له حرية الاختيار مع توفير البدائل، وما يؤخذ على هذه المراكز أنها لا تقدم أسعاراً بديلة عن الأسواق والمحلات الأخرى؛ وحتى التخفيضات التي تعلن عنها وبالذات في رمضان تكون غير حقيقية وإذا وجدت فلا تعدوا عن كونها تخفيضات بسيطة وبسلع محدودة جداً. - ويطلب الورد من القائمين على تلك المولات أن يراعوا مستويات دخل الناس ويكتفوا بأرباح محدودة على أن تكون هناك هدايا رمزية خاصة اذا اشترى المستهلك بمبلغ كبير، ويتم رعاية مسابقات للأسر في ليالي رمضان حتى تكون شريكة في تحقيق احتياجات الناس غذائيا وترفيهيا. كهرباء بديلة يقول جميل المقرمي: المولات فعلا قللت من الإقبال على الأسواق الشعبية وبالذات في المناطق الساحلية لتمتع المولات بتبريد مركزي وكهرباء بديلة للكهرباء العمومية المنطفئة طول الوقت، نحن في مجتمع فقير مجتمع يبحث عن الكم وليس الكيف، مجتمع يبحث عن التقليد وليس المحافظة علي مورثاته وعادته وتقاليده. - فيما تعتقد وفاء الشوافي أن المولات حدت وبشكل كبير من نشاط الأسواق الشعبية والسبب في هذا يعود إلى أن المول يوفر كل متطلبات ومستلزمات المستهلك في مكان واحد من أغذية وملابس وأدوات تجميل وغيرها، بعكس الأسواق الشعبية التي تحصر المستهلك بسلعه واحدة بمكان واحد. بدائل متعددة يقول موسى المقطري: بالتأكيد ظهور المولات الكبيرة جدد في سلوك المستهلك واستطاع أن يضيف معاني جديد للتسوق, ففيها تتعدد الخيارات ويستطيع المستهلك التخلص من عناء التفاوض على أسعار السلع وخاصة أسعار الملابس التي يشكل التفاوض مهارة أساسية للمستهلك ليستطيع شرائها، فأنا أستطيع كمستهلك في المولات الكبيرة أن أجد بدائل متعددة من الماركات لنفس السلعة وحين تتعد أمامي الخيارات بالتأكيد سأختار ما يتناسب مع قدرتي الشرائية واستطيع أن احدث توازن بين الجودة والسعر, وهذا ما افتقده حين اشتري من المحلات الصغيرة (البقالات) أو معارض الملابس التقليدية التي تقدم بديل واحد في الغالب ولا تتعدى البديلين في كل الأحوال. - يضيف المقطري: مع كون الأسواق الشعبية جزء من السلوك الذي لا يمكن التخلص منه في الوقت الحالي على الأقل، لكن ينبغي على الجهات المشرفة على الأسواق أن تتولى مراقبة السلع وصلاحيتها للاستهلاك, كما تتولى تنظيمها والخروج من فوضى الازدحام الذي تشكله هذا الأسواق ويعد تواجد المولات داخل المدن إحدى وسائل الحد من فوضى الأسواق الشعبية. - يختم المقطري: مع كل المزايا التي تتميز بها المولات الكبيرة إلا أني أشدد على الجهات المنوط بها رقابة السلع والصلاحية وظروف البيع والتخزين أن تتواجد بقوة في هذه الأماكن وتكون لها بصمتها ليشعر المستهلك بالاطمئنان لما توفره هذه المولات. الأسعار الطعم!! المولات التجارية بدأت تؤثر ولو بشكل طفيف على الأسواق الشعبية القديمة، هذا ما ذهب إليه كثيرون، ويتأكد هذا الطرح من خلال التزايد الملحوظ لهذا النوع من الأسواق التي ربما وجد فيها المستثمرون ضالتهم؛ كونها مشاريع ذات ربحية جيدة ومضمونة.. هذا ما ذهب إليه بشير الضرعي الذى بدوره اعتبر أن الأسعار في تلك المولات تستخدم طعماً للمستهلك من خلال التخفيض في بعض المواد وتعويض الفارق في أسعار مواد أخرى؛ كما يُعاب عليها طرح منتجات بجودة منخفضة يُقبل عليها المشتري لسعرها الرخيص، ورغم ذلك فإنها لا تخلوا من إيجابيات كونها توفر كل متطلبات الأسرة في مكان واحد وتتيح بذلك فرصة التسوق العائلي. طراز خاص خففت نشاط الأسواق الشعبية بعيداً عن إيجابيات وسلبيات هذه المولات من تلك، تعتقد هناء جميل القدسي أن أنتشار هذه المولات في عديد مدن يمنية قللت وإن بنسبة متوسطة من نشاط الأسواق الشعبية القديمة، وهي رغم ذلك تعتبر الأسواق الشعبية هي الأساس خاصة لأصحاب الدخل المحدود. يشاركها الرأي عبدالسلام محمد المسوري، فالأسواق الشعبية حد وصفه طراز خاص ونكهة لا تتواجد في غيره من المولات, صحيح أن المولات استطاعت أن تجذب الطبقة المتمكنة ماديا في المجتمع بينما الأسواق الشعبية ما زالت تسيطر وبقوه على الطبقة المتدنية ماديا وجزء غير يسير من الطبقة المتمكنة، ويضيف: توفر الأسواق الشعبية للمستهلك البسيط مقومات غير متوفرة في المولات خصوصا مثل تلك المقتنيات الشعبية ذات الطراز الشعبي التاريخي والفلكلوري, وتواجد الأسواق الشعبية الكثيف جعلها متصدره قائمة التسوق، فيما تواجد المولات بعيداً عن أوساط المدن الأمر الذي جعلها وجهة لجهات محددة من المجتمع. مقارنة يقول عبدالله راجح :هنا تكون المقارنة من حيث الطبقة الاجتماعية والجنس رجال أو نساء أغلب المواطنين اليمنين بطبيعتهم البسيطة يفضل أن يشتري من الأسواق الشعبية لاعتقاده إنها أقل سعراً ومحلات مألوفة ما عدا الناس الأكثر ثراءً، والنساء يحببن الشراء من المولات. يضيف راجح: كذلك الفئة العمرية “الشباب” يحب أن يشتري احتياجاته من المولات بعكس كبار السن؛ لهذا مازال للأسواق الشعبية في اليمن عملاؤها ولا يتغير السعر خصوصا في المناسبات كمناسبة رمضان والأعياد. كل مكان له مستهلك فيما يجزم نضال البحري أن المولات لا دخل لها في التقليل من الأسواق الشعبية؛ لأن كل مكان له مستهلكون؛ ونظراً للزيادة والتوسع في عدد السكان فالمولات لا تقضي على رواد الأسواق الشعبية ولا يمكن أن تقضي أو تؤثر على بقاءها, صحيح هناك تأثير ولكن بنسبه قليلة ليس لدرجة الخطر لأني كمستهلك ممكن ازور المولات لكن بالمقابل لا يمكن أن أتخلى عن الأسواق الشعبية, حيث تعتبر شريحة المستهلكين العاديين شريحة واسعة في المجتمع وخاصة عندما أرى إعلان في أحدى الصحف عن تخفيضات في أحدى المولات فأذهب وعندما أقوم بشراء بعض الحاجات أتفاجأ بأن السعر غير ما هو موجود في إعلانات الصحف. - يشاركه الرأي عبد الرحمن الماوري، حيث قال: صحيح أن عدد المولات زاد في اليمن ولكن لم يؤثر على المستهلك البسيط وذلك بسبب أنها تستهدف فئه معينه من الناس ( المتوسطة والأعلى ) أما المستهلك البسيط مازال يشتري من الأماكن البسيطة وهذا دليل أن هذه الأماكن مازالت مستمرة بنفس العدد، والزحام فيها على أوجه. - كما يرى محمد الشهاري أن هذه الأسواق رغم انتشارها والخدمات التي تقدمها والأقبال الكبير عليها إلا أنها لم تستطع سحب البساط من تحت الأسواق الشعبية التي لازالت محافظة على زبائنها والأصناف التي تبيع فيها تحظى بقبول كبير من قبل المستهلكين وخاصة القادمين من الريف الذين يقصدون هذه الأسواق الشعبية قبل رمضان بأعداد كبيرة وأسواق صنعاء القديمة خير شاهد على ما أقول. الجميع مستفيد عموماً انتشار الأسواق “ المولات” إضافة إلى الأسواق الشعبية كلها تتنافس لخدمة المستهلك، وكل يتسابق لتقديم الأفضل له، والمستهلك دائما يبحث عن الأجود والأرخص ومن يمتلك هذه المعادلة أكيد سيفوز برضى المستهلك اليمني. وفي هذا الصدد يقول عبد السلام المسوري بأن المستهلك البسيط استفاد على كل حال سواء من خلال الأسواق الشعبية التي كانت وما زالت وجهته الرئيسية، واستفاد أيضاً من المولات الكبيرة في توفير بعض متطلبات الحياه التي لا تتواجد في الأسواق الشعبية وخصوصا إذا ما كانت أسعارها منافسة ومناسبة..