تبدأ يوم غد السبت عملية التصويت لاختيار 50 عضواً في مجلس الأمة الكويتي في انتخابات تعد الثانية خلال عام واحد، والثالثة خلال عامين بعد أن تم إبطال مجلس ديسمبر 2012 بحكم المحكمة الدستورية في 16 يونيو الماضي لوجود خلل يشوب النظام الانتخابي. وتجري الانتخابات للمرة الثانية وفق مرسوم نظام الصوت الواحد الذي أصدره أمير دولة الكويت الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح في أكتوبر 2012 ونص على تعديل قانون الدوائر الانتخابية بخفض عدد المرشحين الذين يحق للناخب انتخابهم من أربعة في القانون السابق إلى مرشح واحد فقط. وكان أمير الكويت قد أصدر تعديلا على قانون الانتخابات ما أثار حفيظة المعارضة التي خرجت للشارع احتجاجا على التعديل.. وقضت المحكمة الدستورية بإبطال الانتخابات التشريعية الأخيرة وحل البرلمان الحالي، بينما رفضت دعوى المعارضة الخاصة بعدم دستورية مرسوم الصوت الواحد الذي أصدره أمير البلاد. ودعا أمير دولة الكويت، الناخبين إلى قبول حكم المحكمة الدستورية والمشاركة في الانتخابات، قائلا: "الآن وقد قال القضاء قوله الفصل، علينا أن نترك هذه القضية وذيولها المفتعلة خلفنا، ونواصل مسيرتنا في الإصلاح والتنمية، مدركين دروس هذه التجربة وعظاتها". وسيتوجه غداً نحو 439715 ناخبا وناخبة إلى صناديق الاقتراع لانتخاب أعضاء مجلس الأمة في فصله التشريعي ال14 المقررة في 27 من يوليو الجاري، حيث بلغ عدد الناخبين من الذكور 206096 ناخبا في حين وصل عدد النساء اللاتي يحق لهن التصويت 233619 ناخبة يمثلن ما نسبته 53 في المائة تقريباً من إجمالي عدد الناخبين.. فيما بلغ عدد المرشحين 321 مرشحا بينهم 8 سيدات. وقد تفوقت الناخبات على الناخبين في العدد سواء من ناحية الإجمالي العام أو الإجمالي على مستوى الدائرة الواحدة رغم أن عدد المرشحات هو 8 سيدات فقط توزعن على الدائرة الأولى بعدد 3 مرشحات والدائرة الثالثة بمرشحتين فيما الدائرة الخامسة احتضنت ثلاث مرشحات.. وستخوض المرأة الكويتية كمرشحة وناخبة في هذه الانتخابات التي تعد تجربتها السادسة منذ أن نالت حقوقها السياسية في السادس من مايو 2005، وحققت انجازات في الانتخابات السابقة ففازت بأربعة مقاعد في برلمان 2009 وثلاثة مقاعد في مجلس ديسمبر 2012 المبطل بحكم المحكمة. وأعلنت اللجنة القضائية العليا المشرفة على سير الانتخابات أن 803 من رجال القضاء وأعضاء النيابة العامة سيتولون رئاسة اللجان الانتخابية الرئيسية والأصلية والفرعية للانتخابات منهم 462 بصفة أصلية والباقي على سبيل الاحتياط.. وأكد بيان صحفي بأن اللجنة قررت الاعتماد على الفرز اليدوي لمعرفة عدد الأصوات التي حصل عليها كل مرشح في الدوائر الخمس بعد الانتهاء من عملية إدلاء الناخبين والناخبات لأصواتهم في الصناديق في كل لجنة انتخابية. وأصدرت وكالة الأنباء الكويتية ممثلة بمركز المعلومات والأبحاث كتابا جديدا بعنوان "السيرة الذاتية لمرشحي ومرشحات أمة 2013" وذلك بمناسبة هذه الانتخابات.. فيما جهزت وزارة التربية 100 مدرسة مخصصة لعملية الاقتراع. وأعلنت وزارة الداخلية الكويتية عن تجهيز وإعداد عشرة مراكز إعلامية في الدوائر الانتخابية الخمس خصص نصفها للذكور والنصف الآخر للإناث بهدف تسهيل عمل الإعلاميين خلال الانتخابات، وتم تزويدها بكل وسائل الاتصالات إلى جانب تخصيص عدد من الضباط وضباط الصف ومتطوعات لإدارة هذه المراكز عملا على راحة الإعلاميين من بداية الاقتراع وحتى نهايته. ويخوض الكويتيون غدا تجربة ديمقراطية غير مسبوقة تتمثل بتزامن انتخابات مجلس الأمة 2013 مع حلول شهر رمضان المبارك وذلك للمرة الأولى من نوعها في البلاد منذ انطلاقة الحياة البرلمانية عام 1962 كما تتزامن مع دخول فصل الصيف والسفر والإجازات ولذلك تتميز هذه التجربة الانتخابية بأبعاد مختلفة الاتجاهات والتساؤلات المرتبطة بشكل ومدى الإقبال المرتقب عليها. وتتميز الانتخابات الكويتية بتعدد وسائل الاتصال مع الناخبين بين الخيام الانتخابية والجولات في الدواوين المختلفة واستعمال وسائل الاتصال الاجتماعي التي تأخذ حيزا كبيرا من اهتمام المرشحين نظرا لانتشارها بين الشباب.. وأصبح "تويتر" سوقا رائجة في انتخابات مجلس الأمة المقبلة، مما دفع بعض أصحاب الحسابات في هذه المواقع إلى الاستفادة من الإقبال الكثيف عليها وجعلها مهنة يتكسبون من ورائها. وفي محاولة لحث الشباب الكويتي على التصويت وإطلاق حوارات فعالة، أطلق شباب كويتيون مبادرة ذاتية على موقع التواصل الاجتماعي "تويتر" من خلال تخصيص صفحة باسم "حوار مع مرشح" تُعنى بطرح أسئلة لمرشحي الانتخابات.. وتهدف هذه المبادرة إلى تحفيز الشباب على التعرف على البرامج الانتخابية للمرشحين، إلى جانب نشر الأخبار بسرعة والتعليق على الأفكار التي يطرحها المغردون المشاركون. وتتركز برامج المرشحين على رفع عدد أعضاء المجلس في الدورات القادمة والدعوة للتحول للملكية الدستورية وتعدد الأحزاب وتفعيل التعاون بين السلطة التشريعية والتنفيذية كما تهتم بعدد من المطالب المتكررة على مدى المجالس السابقة ومنها زيادة الرواتب والحد من ارتفاع الأسعار ودعم الرعاية الصحية وحل أزمة البطالة ومحاربة الفساد الإداري. يشار إلى أن المعارضة التي طالبت مرارا بحل البرلمان، مؤكدة في الوقت نفسه أنها لن تشارك في أي انتخابات تتم على أساس قانون الصوت الواحد، ما ينبئ بأنها ستقاطع أي انتخابات مقبلة تقام على أساس هذا القانون الذي حصنته المحكمة الدستورية في قرارها الأخير. هذا ويتألف مجلس الأمة الكويتي من 50 عضوا موزعين في 5 دوائر انتخابية بواقع 10 نواب عن كل دائرة، ينتخبون بالاقتراع السري المباشر، وفقا لقانون الانتخاب ويعتبر الوزراء غير المنتخبين بمجلس الأمة أعضاء في المجلس بحكم وظائفهم ولا يزيد عدد الوزراء جميعا على ثلث عدد أعضاء المجلس، ومدة مجلس الأمة 4 سنوات ميلادية من تاريخ أول اجتماع ويجري التجديد خلال الستين يوما السابقة على نهاية تلك المدة.. ولكل ناخب بلغ عمره 21 سنة الحق بالتصويت لمرشح واحد طبقا للمرسوم الأميري الأخير، ولا يحق للعسكريين أن ينتخبوا باستثناء أفراد الحرس الوطني. ويحق لأمير الكويت أن يحل مجلس الأمة بمرسوم أميري تٌبين فيه أسباب الحل على أنه لا يجوز حل المجلس لذات الأسباب مرة أخرى وإذا حل المجلس وجب إجراء الانتخابات للمجلس الجديد في ميعاد لا يتجاوز شهرين من تاريخ الحل فان لم تجر الانتخابات خلال تلك المدة يسترد المجلس المنحل كامل سلطته الدستورية ويجتمع فورا كأن الحل لم يكن ويستمر في أعماله إلى أن ينتخب المجلس الجديد ولا يجوز حل المجلس في فترة إعلان الأحكام العرفية. وتعيش دولة الكويت أجواء الانتخابات البرلمانية للمرة الثالثة خلال عامين لتثبت حالة من الثراء الفكري والاجتماعي واحترام القانون وأحكام المحكمة الدستورية فمهما بلغت الخلافات السياسية وتباينت الآراء في الكويت فالقانون هو الحكم والفيصل وصاحب الكلمة الأخيرة ليعود الشعب بأكمله إلى المسار الديمقراطي الذي انتهجه طوال نصف قرن. والكويت الدولة الغنية بالنفط التي يقطنها 3,8 ملايين نسمة، بينهم 1,2 مليون كويتي، والعضو في منظمة أوبك والتي سجلت فائضا في الموازنة خلال 13 سنة بقيمة 300 مليار دولار، ولصندوقها السيادي موجودات تقدر ب400 مليار دولار، تعد هي الدولة الخليجية الوحيدة التي تتمتع ببرلمان منتخب مع بعض السلطات.. وقد تم حل البرلمان الكويتي ست مرات منذ مايو 2006، بسبب خلافات سياسية أو بقرار من القضاء.. واستقالت الحكومة نحو 12 مرة خلال الفترة نفسها.