ميز الله سبحانه وتعالى شهر رمضان المبارك عن غيره من الأشهر بصفات ومميزات كثيرة، ففيه أُنزل القرآن الكريم، وتتصفد الشياطين، وهو موسم لا مثيل له لجني الحسنات والتقرب إلى المولى عز وجل، ومثلما خص سبحانه وتعالى هذا الشهر عن دونه، ميز أيضا العشر الأواخر منه عن غيرها من الأيام.. في هذا الاستطلاع نسلط الضوء حول أهمية العشر الأواخر من رمضان وما يجب فيها على المسلم وكيف كان يقضيها النبي صلى الله عليه وسلم.. الجد في العبادة تتميز العشر الأواخر من رمضان بأن فيها ليلة القدر التي أُنزل فيها القرآن جملة واحدة إلى السماء الدنيا, قال تعالى: “إنا أنزلناه في ليلة القدر”, وهي ليلة مباركة حيث يقول سبحانه وتعالى عنها: “إنا أنزلناه في ليلة مباركة”, وقد روى الترمذي عن عائشة فيما ورد في فضل الدعاء في هذه الليلة قولها لرسول الله صلى الله عليه وسلم: يا رسول الله أرأيت إن علمت أي ليلة القدر ما أقول فيها, فقال رسول الله: “قولي اللهم إنك عفو تحب العف فاعف عني”, وفضل العبادة في ليلة القدر لا يخفى على أحد, فقد قال سبحانه وتعالى:” ليلةُ القدر خيرٌ من ألف شهر” أي ما يعادل عبادة 83 سنه. ويروى أن قدوتنا محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يجتهد في العشر الأواخر من رمضان مالا يجتهد في غيرها, وفي حديث عائشة في الصحيحين قالت: “كان رسول الله إذا دخل العشر الأواخر أحيا الليل وأيقظ أهله وشد المئزر”. ويتحدث عديد خطباء مساجد أن العشر الأواخر موسم عظيم لقيام الليل وإحيائها بالصلاة والدعاء والذكر والاستغفار وقراءة القرآن, مشددين على أهمية أن يوقظ كل مسلم أهله وأبناءه لقيام العشر والدعاء فيها والعبادة حتى يعم الخير جميع أفراد الأسرة, لافتين إلى أن قول عائشة رضي الله عنها، وشد المئزر, هو كناية عن الجد في العبادة والاجتهاد وكفاية عن ترك النساء واعتزالهن. علامة وبالرغم أنه لم يتحدد موعد ليلة القدر سواء في الأيام الأخيرة الفردية أو غيرها, إلا أنه روى الشيخان عن السيدة عائشة “رضي الله عنها” أن رسول الله صلى الله عليه وسلم, قال:” تحروا ليلة القدر في الوتر من العشر الأواخر من رمضان”, أي تعرضوا لليلة القدر في ليالي الوتر من العشر الأواخر وهن الحادية والعشرون والثالثة والعشرون والخامسة والعشرون والسابعة والعشرون والتاسعة والعشرون. ويجمع رجال دين - بحسب ما روي من أحاديث- أن هناك علامة تعرف بها ليلة القدر, فشمس ذلك اليوم لا شعاع لها, وليلة القدر لا باردة ولا حارة، وجوها نقي وهادئ، وليلتها فيها مطر خفيف، كما جاء عن أنس رضي الله عنه. حكاوي الأجداد! الكثير منا سمع قديما، أثناء طفولته، حكاوي (قصص) الأجداد والجدات وكبار السن، (لا زال البعض منهم يعتقد صحة ذلك حتى اليوم), أن ليلة القدر تنزل على مسلم واحد في العالم أجمع, وهي عبارة عن نور يراه هذا الشخص في الظلمة, ويمنحه البركة مدى الحياة في كل ما يلامسه بيديه في تلك اللحظة سواء أموال أو غيرها. وحول ذلك يجمع مشايخ وعلماء أنه اعتقاد غير صحيح, وأن عظمة ليلة القدر تتمثل فيمن أدركها، وهي ليلة كلها سلام من استغلها (أدركها), بالعبادة من صلاة وقيام وقراءة قران وغيرها, غفر له ما تقدم من ذنبه (خطاياه)، ويقال ما تأخر. يقدر فيها ما يكون وحول تسمية ليلة القدر بهذا الاسم, قال الشيخ ورجل الدين فهد علوان: “سميت ليلة القدر بهذا الاسم لوجهين, أنه يقدر فيها ما يكون في السنة من أعمال بني ادم ودليل ذلك قوله تعالى: (إنا أنزلناه في ليلة مباركة إنا كنا منذرين فيها يفرق كل أمر حكيم), ومعناها يبين ويفصل, وأنها ذات شرف، أي أن ليلة القدر ذات شرف وقدر عظيم كما قال تعالى: (إنا أنزلناه في ليلة القدر وما أدراك ما ليلة القدر ليلة القدر خير من ألف شهر)”. اغتنام الفرصة إلى ذلك يُذكر علماء دين وخطاء مساجد، منهم الشيخ ورجل الدين، نصيب سعيد حسن، على ضرورة اغتنام فرصة الشهر الكريم والعشر الأواخر منه تحديدا، وسرعة العودة والتوبة إلى الله من الذنوب, فكل ابن أدم خطاء وخير الخطاءين التوابين, منوهين بأهمية اغتنام نهار العشر الأواخر من رمضان بالذكر وقراءة القران ولياليها بالقيام لصلاة الليل (التراويح والتهجد). وينصح رجل الدين نصيب, بضرورة قيام الليل جماعه أو فرادى في العشر الأواخر, والاجتهاد في العبادة من ذكر وقراءة للقران وصدقة وصلة الأرحام والاعتكاف لمن تيسر له ذلك, والاقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم, يضيف: “علينا أن نجد ونجتهد في عبادة الله، ولا نضيع أوقات هذه الأيام والليالي، فإن المرء لا يدري لعله لا يدركها مرة أخرى, فالنبي صلى الله عليه وسلم, كان يعتكف بالمسجد في العشر الأواخر ويترك جميع أعماله الدنيوية ليتفرغ للصلاة والذكر وقراءة القران”.