تطبيق قانون التقاعد على من تجاوزت أعمارهم ال (60) عاماً يبقى عقاباً قاسياً، هذا ما أجمع عليه كثيرون، فمعظم هؤلاء وبعد طول انتظار غادروا مجبرين حياتهم العملية محدودة السنوات، ويؤكد معنيون أن ثمة ظلماً حاصلاً، ولكن ما باليد حيلة أمام صرامة القانون، من بين الضحايا من لم تتجاوز سنوات خدمتهم ال (15) عاماً؛ وفي عمق هذه المعمعة ثمة موظفون جدد ينتظرهم ذات المصير مستقبلاً؛ الجميع ضحايا قانون مازال النظر قائماً في ملابساته، هذا التحقيق يغوص في هذه القضية المثيرة للجدل، عل وعسى الجهات المعنية تنظر بعين الإنصاف لضحايا الحاضر والمستقبل.. ربان سفينة غير مكترث عبد الله علي (متقاعد) 61عاماً، خريج بكالوريوس، تقاعد بعد فترة زمنية قضاها في السلك العملي تجاوزت ال (17) عاماً، وبسبب تقدم العمر حرم من الزيادات وعلاوة التقاعد، يؤكد عبد الله بأن ذلك تهميش وظلم فزملاؤه الذين تخرج معهم ما زالوا في الميدان، ومرتباتهم مضاعفة، ويتساءل عبد الله: ما ذنبنا كي نحرم ذلك, خاصة وأن سنوات الخدمة قضوها بسجلات القيد وأرصفة الشوارع.. - يواجه (20 %) من المتقاعدين مصير عبد الله بسبب تقدم عمرهم حسب بيانات استقيتها من مكتب الخدمة المدنية؛ فالحالات المتراكمة ليست استثنائية هي مزدحمة بمكتب التأمينات والمعاشات, تطمع بالإنصاف من ربان السفينة الغير مكترث, شكاوى عديدة وفوضى عارمة مكبوتة داخل مكتب عتيق مكتظ بالسلبيات, تلك الحقائق مضروبة عرض الحائط فحلها الأخير ينتهي ب “التطنيش” واللامبالاة, وبعض مسئوليها يعانون من أزمة في الضمير!! رغم أنف القانون حسب قانون التقاعد من بلغ الستين دون سنوات الخدمة يحرم شيئين (الزيادة التي يجنيها مع سنوات الخدمة, والعلاوة عند التقاعد) تكمن المشكلة التي ترتب عليها هذا الحرمان بفعل مجيء سنوات التوظيف ببطء ممل، يبقى الجميع منهمكين ينتظرون مزاولة عملهم ليجدوا أنفسهم وقد تقدم بهم العمر وأخرجتهم من سنوات الخدمة, جل تلك المشكلات خارجة عن الاستطاعة لا أحد يستطيع توقيف عمره عن التقدم، أو يتحصل الوظيفة بأقرب وقت من سنوات تخرجه، إلا عن طريق الوساطة رغم أنف القانون. لم يبدأ الاهتمام بها السؤال الذي حاولنا أن نتنبأ به من أكثر من جواب: كيف ستواجه المسافات الزمنية التي قضوها في ساحة البطالة وأوصلتهم إلى التقاعد، وحرمتهم من الكماليات التي يستحقها الآخرون, كان النقاش يصب مع أكثر من جهة، والقضية لم يبدأ الاهتمام بها من قبل التسويف والتهرب, فيما المتخرجون القادمون سيصلون أغلبيتهم إلى هذا القالب حالات عديدة وجدت أنفسها في طرق خارجة عن المألوف، الموظف الذي رفضته سنوات الخدمة لعمره المباغت لم تقنعه حياته المقتضبة عن التخلي عنها فحال مصيرهم لا علاوات عند التقاعد، ولا سنوات خدمة رفعت مستوى المعاش كي يقتنعوا بالحاصل!!. - سمير الأغبري مدير إدارة الأجور بمكتب الخدمة المدنية يفصح قائلاً: التقاعد بسبب العمر دون سنوات يخسر المتقاعد ما يحصل عليه صاحب سنوات الخدمة، المفارقة جلية والقانون أحمر عين؛ فهم يتعاملون مع القانون بتطبيقه، ورغم الظلم الحاصل ليس لديهم الصلاحية في تجاوز القانون. ويؤكد بأن قانون التقاعد فعلا يظلم هذه الفئة التي عاشت سنوات الخدمة في البطالة، فهناك حالات توظفوا بعمر ما فوق (40) وهم حاملون مؤهلات عالية وتكمن مشكلتهم بالتوظيف الذي حصلوا عليه بوقت متأخر الذي زج بهم إلى التقاعد, ببساطة فالقانون نص بشري تستطيع الجهات المعنية بالوزارة ومجلس النواب النظر في ذلك وتعديل الظلم، ويختم بأن الخلاصة العامة للتقرير المتقاعدين لعام ( 2013-2012)م حسب إحصائيات عامة إجمالي العدد (109) من بينهم (25) حسب السن ( 20) أكملوا سنوات الخدمة و(48) بسبب الأمراض (7) حسب الطلب (9) اعتذار. عقوبة إضافية عبدالحكيم عبدالله (موظف مستجد) أكمل مشواره التعليمي في سنة (98) بقي في ساحة البطالة ينتظر عمله الوظيفي (14) سنة بعد عمر وصبر وفترة زمنية طويلة قضاها في “التسكع” من زاوية إلى زاوية لطلب العيش.. يقول :لم يمر على سنوات خدمتي غير سنة واحدة وبقي على نيلي لإشعار التقاعد (17) عاماً فطول الانتظار للوظيفة استرق منه سنوات الخدمة، وراتبه الشهري (32000) ألف ريال، بينما من تخرجوا من دفعته وحصلوا على الوظيفة في العام التالي يصل راتبهم الشهري حوالي (65000) ريال. - ويزيد: السنوات التي قضيناها في الشوارع قضوها في سنوات الخدمة وراتبهم الشهري يتزايد بتزايد السنين وسوف يحصلون على علاوة جيدة عند التقاعد، بينما من تقاعدوا بسبب بلوغ الستين لن يماثلوهم في هذه المستحقات، وهذه عقوبة إضافة إلى السنوات والشتات الذي عانوا منها أيام البطالة. فرق شاسع “ ما باليد حيلة” تنطلق هذه العبارة حاملة العجز والحزن من فم - مالك علي - موظف في زمن متأخر- حامل شهادة بكالوريوس قائلا:- قانون التقاعد الذي ينص على تقاعد الموظف عند بلوغه الستين قانون ظالم في حق من تأخرت وظائفهم وعادل في الصنف الآخر المفارقات بين الطرفين هائلة فالطرف الأول يتقاعد ولديه معاش يمشي الحال، بينما الطرف الثاني ينقص عن ذاك بمقدار (45000) ريال، ويؤكد مالك بأنه أحد من سيتعرض للقسمة الغير عادلة من قبل القانون فهو خريج في (98) وتوظف بعد مرور (15)عاماً في الشارع، والفارق بينه وبين زملائه السابقين شاسع فتأخير الوظيفة لم تتح إبراز سنوات خدمة كي يتساوون مع سائر الموظفين، يجب الالتفات لتطوير صياغة القانون الذي ينص على ذلك. - فواز إسماعيل (موظف) يورد كلامه قائلا: كثير من الموظفين المتأخرين سيعانون من هذه الكارثة فأغلب خريجي الجامعات لا تأتي وظائفهم إلا بعد عقد من الزمن، والبطالة تتوسع ويزيد مدى انتظار الوظيفة, وحسب الحالات التي وجدت، على الوزارة أن تتنبه لهذه الحالات وتحاول إصلاح الوضع باحتساب سنوات الخدمة من بداية تخرج الطالب كي يتساوى مع سائر الموظفين، فما ذنب من تأخرت وظيفته ليلاقي هذا التقليل والأزمة التي يتعرض لها معاشه الشهري عند التقاعد. قرار سياسي من جهته حسن سعيد الصوفي (مدير إدارة التسويات بمكتب شؤون التأمينات والمعاشات) يورد كلاماً هاماً بقوله: مشكلة تطبيق قانون التقاعد المختص ببلوغ عمر (60) أكبر من الجميع، ويترتب عليه ظلم وآثار سلبية، ويوضح كلامه بمثال الدكتور الجامعي أول ضحية وخسارة يخسرها المجتمع اليمني، فالدولة تتحمل ميزانية خاصة لتؤهل أفراداً وتوجد كفاءات عالية لتستفيد منها بعد حصولهم على الدكتوراه، وبعد رحلة زمنية قضاها الأستاذ الجامعي في تأهيل نفسه يتجاوز أغلبهم سن الأربعينات ويقترب قانون التقاعد منهم، ويضعهم في خدمة لا تتجاوز ( 17) عاماً أو أقل فتحرم الجامعات من هذه المؤهلات ولا تستفيد منها الدولة. - ويزيد: في دول الغرب لا يتقاعد حامل شهادة الدكتوراه إلا إذا عجز وخرج عن نطاق الصحة، فالدولة تستفيد منه في جوانب أخرى حتى بلوغهم سن العجز، بينما ما يحصل في اليمن تهمش نوابغ وتضع في التقاعد دون الاستفادة منها، فيصاب الدكتور بالظلم الناجم من قلة السنوات التي خدم فيها، وتحصل قلة في الكفاءات داخل الجامعات الحكومية، فالوضع أكبر يحتاج لقرار سياسي وإعادة تجديد القانون حتى ينصف الجميع. بلا استثناء وفي آخر المطاف التقينا عبدالحكيم سعيد قائد (مدير عام مكتب الخدمة المدنية بتعز) حيث قال: الحقيقة وزارة الخدمة المدنية تشرف على مشروع قانون مطروح على مجلس النواب يتعلق بما ذكر من هذه الملاحظات التي تخص مسألة العمر، وإن شاء الله تؤخذ بالاعتبار، بل صار ذلك واجباً أثناء إصدار القانون الجديد في شأن التأمينات والمعاشات والتقاعد، ويضيف: الخدمة المدنية تتعامل مع القانون بإحالة من بلغوا الأجلين إلى التقاعد دون استثناءات، وليس هناك في جزئيات القانون مادة تنظم هذه الحالات التي وجدت فعلا، وتحتاج لرؤية خاصة ومستقبلية، فهناك كثير من الأجيال القادمة ستقابل هذه المشكلة التي سببها الرئيسي تأخر الوظائف وقضاء الموظف عمراً من حياته بالبطالة، وفيما يخص تطبيق القانون على أصحاب المناصب يؤكد بأن السياسة التي تخضع لها الخدمة المدنية بإحالة مدير عام أو ما دون.. يطبق بشكل شبه كلي إن لم يكن بصورة كلية تماما، وفي فترة من الفترات كانت هناك بعض الحالات تأخذ قرارات بالتمديد وبالفترة الأخيرة انتهى ذلك.