فقيد الوطن القاضي هاشم محمد أحمد المتوكل يعد من أولئك المناضلين المجهولين والذين كان لهم بصمات ولمسات ثورية ومناهضة ضد استبداد وديكتاتورية الحكم الإمامي وأيضاً لعب دوراً كبيراً في الحد من استمرار الحرب فيما بين الملكيين والثوار في محافظة صعدة ولكن القاضي المتوكل توفي كمناضل مجهول ولم ينصفه الوطن حياً أوميتاً ..ونظراً لعدم استطاعتنا الالتقاء به شخصياً وذلك لانتقاله إلى الرفيق الأعلى.. التقينا أحد أبنائه الأخ علي هاشم المتوكل والذي كان أكثر ملازمة لوالده حتى أصبح سجلاً تاريخياً يختزن في جعبته الأحداث التاريخية والتي شاهدها والده الفقيد إبان الحكم الإمامي.. ولقد استهل الأخ علي المتوكل حديثه بالقول: لقد كان والدي القاضي هاشم المتوكل وقبل قيام ثورة ال26 من سبتمبر المجيدة 1962م ليس موظفاً لدى الإمام ولقد كان رحمه الله كثير الانتقاد للسياسة الاستبدادية والكهنوتية التي كان ينتهجها الإمام مع الشعب وعلى الرغم من أنه ينتمي إلى أسرة المتوكل والتي كانت آنذاك محسوبة على الأسرة الإمامية الحاكمة وحسب قوله لي بأنه كان من أبرز الداعمين والمؤيدين للحركات الثورية التي كانت تقام ضد إمامة آل حميد الدين.. وعندما سألته عن السبب الذي جعله يفعل ذلك؟ أجابني: أن ظلم الإمام لشعبه هو من جعله تواقٍاً للعيش في أجواء الدولة الجمهورية والديمقراطية. الأحرار وهز عرش الإمام وهل حدثك والدك القاضي هاشم المتوكل عن أبرز الحركات النضالية والمناوئة للحكم الإمامي؟ نعم.. فقد قال لي والدي رحمه الله بأن حركة الأحرار هي من أبرز الحركات الوطنية اليمنية والتي ناهضت حكم الإمامة ولعبت دوراً كبيراً وأساسياً في هز عرش الإمامة وذلك من خلال مطالبته بالتغيير والإصلاح وكانت دائماً ما تكشف لعامة الشعب عيوب النظام الإمامي وتخلفه عن ركب الأمم المتقدمة وأنها أي حركة الأحرار أصدرت في عدن جريدة “صوت اليمن” والتي هي الأخرى فضحت ممارسات الإمام الظالمة تجاه الشعب اليمني وطالبته بالإصلاح والتغيير.. وقال لي أيضاً بأنه إزاء هذه المطالب تم آنذاك تحرير وثيقة تضمنت مطالب الشعب اليمني وأنها طالبت ولأول مرة بإقامة حكم دستوري شوروي يرفع الاستبداد عن كاهل الشعب ولكن حركة الأحرار وجدت أنه لا سبيل لتحقيق طموحاتها الوطنية والشعبية في ظل نظام الحكم الإمامي وبدأت في الإعداد للإطاحة بالإمام وحكمه وذلك من خلال استغلال مكامن الضعف في أركان الحكم فعقدت تحالفاً مع عبدالله بن أحمد الوزير والذي وافق على مطالب الأحرار مقابل مد يد العون له فقامت حركة 1948م والتي نجحت آنذاك في قتل الإمام يحيى ولكنها لم تنجح في الإطاحة بنظامه فبعد فترة من مقتل الإمام يحيى تمكن ابنه الإمام أحمد من الفرار من تعز إلى حجة وهناك تمكن من حشد القبائل إلى صفه مغرياً إياها باستباحة صنعاء وأحقيتهم في سلبها ونهبها.. ولقد قال لي أبي.. بأن الإمام أحمد تمكن حينها من دخول صنعاء والقضاء على حركة الأحرار وقتل وشرد وسجن زعماءها ومن ثم أعلن نفسه إماماً بدلاً عن أبيه.. وفي عام 1955م تطور حادث الحوبان إلى محاولة انقلابية ضد الإمام أحمد في تعز وأن الثوار آنذاك قبلوا أن يستبدلوا الإمام أحمد بأخيه لعله يكون أفضل منه ولكن المحاولة التي قادها المناضل والثائر أحمد الثلايا آلت إلى الفشل وقام الإمام بقتله وبعد تمكن الإمام من الاحتفاظ بسلطته وظل يعمل على شق صف الحركات الوطنية إلا أن بعض الضباط الأحرار فيما بعد ساهموا في التمهيد لقيام الثورة السبتمبرية وذلك حينما أرادوا في عام 1961م التخلص من الإمام في مدينة الحديدة.. وقال لي أبي إن الإمام أحمد حينها نجا من محاولة الاغتيال في 1962م.. فخلفه الحكم أبنه البدر والذي أعلن هو الآخر تمسكه بخط أبيه في السياسة والحكم ولكن وبعد أسبوع فقط من توليه مقاليد الحكم انفجرت في يوم ال26 من سبتمبر 1962م الثورة اليمنية والتي أطاحت بالإمامة فكراً وجسداً. المصالحة بين الملكيين والثوار ويقول الأخ علي المتوكل بأن والده القاضي هاشم المتوكل وبعد قيام ثورة سبتمبر 1962م قد تم سجنه بتهمة أنه ينتمي إلى أسرة الإمامة ولكونه من بيت المتوكل وظل مسجوناً ولمدة شهرين في دار السلاح في العاصمة صنعاء وبعد فترة هرب من السجن وتوجه إلى محافظة صعدة وهناك قام بنبذ الإمامة وبالتحديد في حرب السبعين والتي وقعت فيما بين الملكيين بقيادة الحسن والأحرار الجمهوريين وحينها لعب المرحوم القاضي هاشم المتوكل دوراً كبيراً في إبرام مصالحة بين الملكيين والثوار والإخاء فيما بين الفريقين وشهد على ذلك وبوثيقة موثقة من محافظ محافظة صعدة آنذاك عبدالرب الصعدي وبعد ذلك تولى القاضي هاشم المتوكل منصب الحاكم والقاضي في محافظة صعدة وبعدها عين قائداً للواء صعدة من عام 1966م حتى عام 1970م وبعد ذلك تم ترقيته ونقله إلى صنعاء ليعمل في وزارة العدل.. وفي عام 1976م أصدر الرئيس الراحل إبراهيم الحمدي قراراً بتعيين القاضي هاشم المتوكل قاضياً لمنطقة الحشا وظل في هذا المنصب حتى تم انتدابه قاضياً في محكمة استئناف تعز . من صفاته أنه كان يحب الوحدة الوطنية وينبذ التحزب والحزبية. التحالف ضد الإمام وكان القاضي هاشم المتوكل من بين أولئك الثوار الذين كانوا يلتقون سراً للتخطيط في كيفية القضاء على الإمامة وكان الأهنومي والوزير من بين الثوار الذين كان يلتقي بهم سراً وكان على تواصل مع حركة ضباط الأحرار.. ولقد كان يردد قصيدة كانت تزعج الإمام حيث كان يقول في مطلعها: سوا.. سوا.. سوا يا عباد الله متساوية ما حد ولد حُر والثاني ولد جارية