في مشاهد مؤلمة يتم ترحيل اليمنيين المخالفين لقانون العمالة السعودية يومياً وعبر منفذ الطوال البري في حرض، هؤلاء اليمنيون البسطاء كان جل حلمهم أن يحصلوا على فرصة عمل وحياة كريمة لهم ولأبنائهم.. وها هي رحلتهم تنتهي عند بداية الخط الفاصل بين البلدين، كنا نرقبهم في مشهد مهيب وهم متكدسون داخل الحافلات وما أن توقفت حتى تطايروا منها و كأني بهم ولسان حالهم يقول: دعوني أتنسم هواء بلادي وان مت فيها جوعاً خير لي من بلد احصل فيه على مال لكنه يمتهن كرامتي ويذلني، كان منظرهم يدعو للشفقة وبعضهم يعاني من إرهاق واضح جعلهم يمتنعون عن الحديث، فلقد استبد بهم اليأس والقهر كثيراً.. بلدي .. وإن جارت عليّ علي احمد، من (القناوص من محافظة الحديدة) يقول: لي في السعودية ما يقارب أربعه أشهر وكنت أعمل في مخيمات الحجاج بمكة وعندما انتهى موسم الحج حاولت أن ابحث عن عمل، وعندما سمعت بقرار الترحيل للعمالة المخالفة خفت من العقوبة فقررت تسليم نفسي ليتم ترحيلي، ومن المؤسف أن السلطات السعودية احتجزتنا في غرفة صغيرة وحشدوا فيها أكثر من 120 مرحلاً يمنياً ونحن نعاني من صعوبة الحركة ومكثت في ذلك المكان أربعه أيام ثم أخذوني لإجراء عملية البصمة قبل ترحيلي ولكني أساساً لا أنوي العودة إلى السعودية مطلقاً فأنا أفضل.. أن أموت في بلدي بكرامتي على أن أعود إلى هناك والله الغني . - فضل فتيني، قال: مكثت في السعودية قرابة سنتين وكنت اعمل بائع خضار وعندما انتهت المهلة تم القبض علينا وإيداعنا في مكان قرب منفذ الطوال في غرفه ضيقة بها أكثر من مائة شخص؛ الآن بعد أن وصلت إلى بلدي على متن باص فيه أضعاف طاقته الاستيعابية أحمد الله على ذلك وسأحاول البحث عن عمل والله كريم . مطاردة جمال عيسى، قال هو الآخر: لي شهران في الأراضي السعودية دخلت بحثاً عن فرصة عمل قادماً من الجراحي بعد أن تعذبت وتكبدت مبلغاً كبيراً للمهربين كي أتمكن من دخول الأراضي السعودية، ولكن شاء الله أن يتم ملاحقتنا من السلطات السعودية ونحن مع المهربين ما أسفر عن حدوث انقلاب بسيارتنا أدى إلى إصابتي وإجراء عملية جراحية في وجهي الذي تضرر كثيراً وذلك على نفقة ابن عمي الذي كان هناك، وبمجرد خروجي من المستشفى، تم القبض عليّ واحتجازي بالقرب من الحدود السعودية اليمنية ولم يراعوا حالتي الصحية كوني خارجاً من عملية جراحية واحتاج إلى عناية خاصة ومجارحة يومية ومكثت في ذلك السجن خمسة أيام قبل أن يتم ترحيلي لكن بعد أن ساءت حالتي الصحية وتأثرت العملية التي في وجهي وأصبحت كالمشوه، واحتاج الآن إلى عملية أخرى للتجميل، ونتمنى من حكومتنا أن تنظر لنا بعين الرحمة وتعمل على توفير فرص عمل لنا في بلدنا بعيداً عن الاغتراب والإهانة. حالات حرجة وقد رحلت السلطات السعودية حوالي اكثر من 58 ألف مواطناً يمنياً من أراضيها خلال يومي الثلاثاء والأربعاء الماضيين لمخالفتهم قانون العمل السعودي، وقالت السلطات الرسمية في منفذ حرض الحدودي التابع لمحافظة حجة بأن هذا العدد الكبير من المرحلين اليمنيين وصل إلى المنفذ وبعضهم في ظروف إنسانية بالغة الصعوبة وإنها قامت بكافة الإجراءات اللازمة لمساعدتهم على الوصول إلى أهاليهم. - فيما وجّه الدكتور واعد عبد الله باذيب وزير النقل مجددا هيئة تنظيم شؤون النقل البري بتوجيه المنافذ البرية الحدودية للجمهورية اليمنية بتسهيل إجراءات استقبال المغتربين اليمنيين المرحلين من السعودية بحسب الإجراءات السعودية الجديدة بحقهم، وطالب الوزير في توجيهاته بتوفير كافة الرعاية لهم وإحالة المرضى منهم للمستشفيات القريبة لمعالجتهم. - مصدر في منظمة الهجرة الدولية قال إن هناك حالات حرجة للمرحلين اليمنيين من الأراضي السعودية وقد قاموا بعلاجها عبر الفريق الميداني المرابط في الجوازات اليمنية بمنفذ الطوال، كما أنهم أسعفوا أكثر من ثمانين حالة حرجة بينهم أطفال ونساء ممن عانوا من الإرهاق والاختناق نتيجة للازدحام الشديد في الحافلات التي كانت تقلهم إلى المنفذ. احترس أنت في حرض عندما تتجول في حرض يخيل لك أن هذا المكان مستقل بذاته فتحتار في تصنيفه بحكم ما تطالعه عيناك من مشاهد مختلفة، فهنا ترى العديد من الأفارقة والسعوديين إلى جانب أبناء المديرية، وترى الفنادق المنتشرة بكثرة والتي يقصدها الكثير من السعوديين ويمارسون فيها ما يشاؤون مهما حاولت أن تتظاهر بالطمأنينة في حرض ستشعر بضياع الأمن والأمان وسيرعبك كثرة المسلحين المتجولين بأسلحتهم في الشارع بكل تحدٍ صارخ لمن تسول له نفسه سؤالهم ولو باستحياء، ناهيك عن الأطقم التي تشبه أطقم الدولة وعليها مسلحين بملابس مدنيه يتبعون شيوخ من العصر البائد. معاناة أخرى حرض أصبحت الآن تستقبل الآلاف من المرحلين من الأراضي السعودية الذين يتوافدون عليها يومياً كالسيل الجارف عبر منفذ الطوال، منهم من يعود إلى مسقط رأسه ومنهم من يضطر إلى الانتظار وافتراش الأرض نتيجة فقره وعدم مقدرته على دفع أجرة السيارة التي ستقله والتي تضاعفت قيمتها كثيراً بسبب طمع وجشع بعض السائقين الذين لم يراعوا ظروف إخوانهم المشردين؛ فأضافوا إلى معاناتهم معاناة أخرى. هؤلاء المرحلون لن يمثلوا تهديداً اقتصادياً وحسب بل تهديداً أمنياً حيث يُخشى أن يتحولوا إلى قنابل موقوتة، واحتمال استغلالهم من قبل بعض المنظمات المسلحة والإرهابية التي قد تمتلك إمكانيات مادية لاستيعابهم وتوظيفهم لتحقيق أهداف خاصة..