ثنائية هالاند تُسحق ليفربول وتضع سيتي على عرش الدوري الإنجليزي!    شاهد:الحوثيون يرقصون على أنقاض دمت: جريمةٌ لا تُغتفر    ليست السعودية ولا الإمارات.. عيدروس الزبيدي يدعو هذه الدولة للتدخل وإنقاذ عدن    عدن تنتفض ضد انقطاع الكهرباء... وموتى الحر يزدادون    "امتحانات تحت سيف الحرمان": أهالي المخا يطالبون بتوفير الكهرباء لطلابهم    "جريمة إلكترونية تهزّ صنعاء:"الحوثيون يسرقون هوية صحفي يمني بمساعدة شركة اتصالات!"    "الحوثيون يزرعون الجوع في اليمن: اتهامات من الوية العمالقة "    صراع على الحياة: النائب احمد حاشد يواجه الحوثيين في معركة من أجل الحرية    البريمييرليغ: السيتي يستعيد الصدارة من ارسنال    زلزال كروي: مبابي يعتزم الانتقال للدوري السعودي!    الوكيل مفتاح يتفقد نقطة الفلج ويؤكد أن كل الطرق من جانب مارب مفتوحة    الارياني: استنساخ مليشيا الحوثي "الصرخة الخمينية" يؤكد تبعيتها الكاملة لإيران    الرئيس الزُبيدي يثمن الموقف البريطاني الأمريكي من القرصنة الحوثية    مانشستر يونايتد الإنجليزي يعلن رحيل لاعبه الفرنسي رافاييل فاران    ارتفاع طفيف لمعدل البطالة في بريطانيا خلال الربع الأول من العام الجاري    رئيس انتقالي لحج "الحالمي" يعزي في وفاة الشخصية الوطنية والقيادية محسن هائل السلامي    أمين عام الإصلاح يبحث مع سفير الصين جهود إحلال السلام ودعم الحكومة    كريستيانو رونالدو يسعى لتمديد عقده مع النصر السعودي    في الذكرى ال 76 للنكبة.. اتحاد نضال العمال الفلسطيني يجدد دعوته للوحدة الوطنية وانهاء الانقسام مميز    المنامة تحتضن قمة عربية    وفاة امرأة وطفلها غرقًا في أحد البرك المائية في تعز    الذهب يرتفع قبل بيانات التضخم الأمريكية    سنتكوم تعلن تدمير طائرتين مسيرتين وصاروخ مضاد للسفن فوق البحر الأحمر مميز    بريطانيا تؤكد دخول مئات السفن إلى موانئ الحوثيين دون تفتيش أممي خلال الأشهر الماضية مميز    افتتاح مسجد السيدة زينب يعيد للقاهرة مكانتها التاريخية    الولايات المتحدة: هناك أدلة كثيرة على أن إيران توفر أسلحة متقدمة للمليشيات الحوثية    مجازر دموية لا تتوقف وحصيلة شهداء قطاع غزة تتجاوز ال35 ألفا    اليمن تسعى للاكتفاء الذاتي من الألبان    طعن مواطن حتى الموت على أيدي مدمن مخدرات جنوب غربي اليمن.. وأسرة الجاني تتخذ إجراء عاجل بشأنه    بن عيدان يمنع تدمير أنبوب نفط شبوة وخصخصة قطاع s4 النفطي    وصمة عار في جبين كل مسئول.. اخراج المرضى من أسرتهم إلى ساحات مستشفى الصداقة    بيان عاجل لإدارة أمن عدن بشأن الاحتجاجات الغاضبة والمدرعات تطارد المحتجين (فيديو)    برشلونة يرقص على أنغام سوسيداد ويستعيد وصافة الليغا!    أسرارٌ خفية وراء آية الكرسي قبل النوم تُذهلك!    لاعب منتخب الشباب السابق الدبعي يؤكد تكريم نجوم الرياضة وأجب وأستحقاق وليس هبه !    ليفربول يسقط في فخ التعادل امام استون فيلا    إنجاز يمني تاريخي لطفلة يمنية    استعدادات حوثية للاستيلاء على 4 مليار دولار من ودائع المواطنين في البنوك بصنعاء    ما معنى الانفصال:    جريمة قتل تهز عدن: قوات الأمن تحاصر منزل المتهم    سيف العدالة يرتفع: قصاص القاتل يزلزل حضرموت    مقتل عنصر حوثي بمواجهات مع مواطنين في إب    البوم    الامم المتحدة: 30 ألف حالة كوليرا في اليمن وتوقعات ان تصل الى ربع مليون بحلول سبتمبر مميز    فريق مركز الملك سلمان للإغاثة يتفقد سير العمل في بناء 50 وحدة سكنية بمديرية المسيلة    في افتتاح مسجد السيدة زينب.. السيسي: أهل بيت الرسول وجدوا الأمن والأمان بمصر(صور)    دموع ''صنعاء القديمة''    احذر.. هذه التغيرات في قدميك تدل على مشاكل بالكبد    هل تعاني من الهم والكرب؟ إليك مفتاح الفرج في صلاةٍ مُهملة بالليل!    اشتراكي المضاربة يعقد اجتماعه الدوري    وزير المياه والبيئة يزور محمية خور عميرة بمحافظة لحج مميز    أفضل دعاء يغفر الذنوب ولو كانت كالجبال.. ردده الآن يقضى حوائجك ويرزقك    بالفيديو...باحث : حليب الإبل يوجد به إنسولين ولا يرفع السكر ويغني عن الأطعمة الأخرى لمدة شهرين!    هل استخدام الجوال يُضعف النظر؟.. استشاري سعودي يجيب    قل المهرة والفراغ يدفع السفراء الغربيون للقاءات مع اليمنيين    مثقفون يطالبون سلطتي صنعاء وعدن بتحمل مسؤوليتها تجاه الشاعر الجند    هناك في العرب هشام بن عمرو !    قارورة البيرة اولاً    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الاستقلال وجلاء آخر جندي بريطاني من جنوب الوطن
كفاح مرير وتضحيات سخية
نشر في الجمهورية يوم 30 - 11 - 2013

لم يكن ال 30 من نوفمبر يوم الاستقلال وجلاء آخر جندي بريطاني من اليمن وليد اللحظة بل جاء نتيجة مفاوضات وإصرار الثوار.
وتاتي الذكرى ال46 للاستقلال المجيد الذي توجت فيه الإرادة الوطنية برحيل آخر جندي بريطاني مستعمر من جزء غالٍ من الوطن اليمني بعد كفاح مرير وتضحيات سخية قدمها أبناء الشعب اليمني من أجل الانعتاق والتحرر واسترداد سيادته وكرامته ومصدر قراره.
ومن المؤكد أن احتفالنا بهذا اليوم الأغر إنما يمثّل بمدلوله ومعانيه وأبعاده العميقة تعبيراً عن الوفاء والتقدير والإجلال للعطاء السخي الذي قدمه رموز الحركة الوطنية من الأعلام البارزين الذين حملوا رؤوسهم على أكفهم على مدى عقود طويلة.
حول هذا نظمت مؤسسة السعيد للعلوم والثقافة والملتقى الوطني لقضية تعز الخميس الماضي ندوة فكرية بذكرى 30 نوفمبر بعنوان «الاستقلال وجلاء آخر جندي بريطاني» استعرضت ثلاث أوراق عمل عن دوافع الاحتلال والأوضاع الاقتصادية ومقدمات الفعل الثوري باتجاه محادثات الاستقلال بين الجبهة القومية والحكومة البريطانية عام 1967م والأخيرة عن دور الفصائل الوطنية اليمنية في طرد الاحتلال البريطاني من جنوب الوطن.
دوافع الاحتلال
ورقة العمل الأولى قدمها المستشار/ عبدالعزيز سلطان سعيد، نقيب المعلمين اليمنيين بمحافظة تعز، حول “دوافع الاحتلال البريطاني والأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية أبان الاحتلال” استعرض خلالها تأسس مينائها أبان دولة أوسان 410 قبل الميلاد وكانت البضائع تصل إليها من شرق أفريقيا ومن خلالها تصدّر مع البضائع اليمنية عبر الطريق الصحراوي طريق البخور لتصل إلى حوض البحر الأبيض المتوسط.
فعدن تطل على ممر بحري تعبره جميع السفن المتحركة من أقصى الغرب إلى أقصى الشرق ، بالإضافة موقعها الجغرافي الاستراتيجي الذي يربط بين قارتي آسيا وأفريقيا ، وهي همزة وصل بين البحار والمحيطات (من المحيط الهادي فالأطلسي فالبحر الأبيض المتوسط فالبحر الأحمر فالمحيط الهندي) إلى أقصى الشرق الأسيوي ، وبهذه المواصفات تمثل موقعاً استراتيجياً اقتصادياً وعسكرياً ولأهمية ذلك الموقع الاستراتيجي كانت عرضة لحملات من الغزو والاحتلال فقد حاول الرومان في الأعوام السابقة للميلاد احتلالها وحاول الأكسوميون والفرس في العصور القديمة وفي العصور الحديثة احتلت مركز الاهتمام الدولي وقد وصفت بثغر اليمن، فحاول البرتغاليون احتلالها الأعوام (1513م 1516م 1524م 1530م) وهناك محاولات فرنسية لنفس الغرض.
وفي ظل التسابق الدولي للقوى الكبيرة على عدن غزا البريطانيون عدن بجيش قوامه ألفي جندي بريطاني من الجنود المعدين لهذا الغرض مجهزين بالأسلحة المختلفة والحديثة يقودهم الكابتن (ستنفورهينس) وتمكن من احتلالها في 19 يناير 1839م.
وأصبحت منذ ذلك التاريخ مرتبطة بمستعمرة بومباي بالهند وخاضعة للحاكم البريطاني في بومباي حتى 28 سبتمبر 1936ه أصبحت عدن مستعمرة خاضعة لوزارة المستعمرات البريطانية وقد عين لها حاكماً بريطانياً يتولى القيادة العليا للقوات المسلحة ورئاسة المجلس التنفيذي إضافة إلى رئاسة محكمة ذات صلاحيات محددة للقضايا المدنية والجزائية، وفي عام 1937م بدأ الاستعمار إبراز تسمية المحميات فأصبح بذلك الحاكم حاكم عدن والمحميات والتي كان عددها 24 مشيخة وسلطنة وحدد لكل سلطان أو شيخ مستشاراً بريطانياً والذي يمثل الحاكم الفعلي.
النشاط النقابي والسياسي
لقد باشرت القوى الاجتماعية الجديدة دورها لتحتل موقعاً متقدماً في الحراك السياسي التي شهدته المنطقة العربية في بداية الخمسينيات وساهمت في إعادة تشكيل الأوضاع في معركة التحرر الوطني التي اجتاحت المنطقة آنذاك وكانت منطقة الجنوب اليمني المحتل واحدة من المعارك التي اشتعلت ضد الاستعمار البريطاني، وقد أخذت في بداية عهدها اتباع العمل السياسي السلمي الذي أعتمد على خطوات متدرجة في المطالبة بتكوين مؤسسات تشريعية وتأسيس نقابات عمالية تهتم وتطالب بحقوق العمال كما تطالب بإصلاحات اجتماعية تحمي حقوق الإنسان وغيرها من المطالب التي تستهدف تحسين أوضاع المجتمع من النواحي السياسية والاقتصادية والاجتماعية.
ثم تطور الأمر إلى القيام بالاحتجاجات أمام الشركات والدوائر الحكومية والمؤسسات التابعة للاستعمار البريطاني بشكل المبادرات العفوية سواءً الفردية منها أو الجماعية ثم انتقلت إلى الدعوات المنظمة.
وقد أحست حكومة الاستعمار البريطاني المتغيرات التي شهدتها المنطقة العربية والساحة الوطنية وأدركت أن الانبعاث الوطني الذي بدأ يعبر عن نفسه بتكوين النقابات العمالية ويرفع الأصوات للمطالبة بالحقوق وهو تعبير عن إحساس الناس بالقهر والاضطهاد وكبت الحريات أوحت الحكومة البريطانية إلى حاكمها في مستعمرة عدن باتباع خطوات إدارية جديدة تعطي الانطباع بإجراءات تسمح بتوسيع مساحة الحرية في التعبير عن بعض الحقوق السياسية والمطالب العمالية فأقدم الاستعمار على إنشاء ما سمي بالمجلس التشريعي في مدينة عدن عام 1947م عبر قانون يسمح بانتخاب عدد قليل من أعضاء هذا المجلس ويتم تعيين الباقي من قبل الحاكم العسكري بما يضمن الأغلبية الموالية. ثم عقب ذلك بتشكيل مجالس محلية على مستوى الأحياء.
وبعد فترة تم تغيير المجالس المحلية إلى مجالس بلدية سمحت فيه بانتخاب الأغلبية من الأعضاء نجح فيها عدد من الوطنيين، وقد باشرت المجالس فيها في الإشراف على الأسواق وتوسيع الخدمات الصحية كالإسعافات الأولية وتحسين صيانة الطرق في الشوارع الرئيسية.
ونظراً لأن عدن كانت مركزاً للإدارة البريطانية وفيها المدارس والمستشفيات والبنوك وفيها شركة بي بي للزيت البريطاني والبس والبوتريس وكالتكس والعديد من الشركات العاملة في عدن.
هذا الوضع أوحى بالتطورات لسياسية والاجتماعية والتي أفضت إلى بروز حركة عمالية كبيرة حتمت اللجوء إلى تشكيلات نقابية تعبر عن مطالب العمال المهنية.
وقد بذلت القيادات النقابية العمالية العمل على توحيد جهودها النقابية بممارسة الضغوط على الشركات وذلك عبر وسائل سلمية كالمظاهرات والاضرابات في تصاعدت في أواخر 1955م وبداية 1956وقد قاد هذ التصعيد إلى التصادم مع قوانين السلطات البريطانية التي باشرت في محاولة إغلاق النقابات واعتقال بعض قياداتها وسفرت بعضها إلى شمال الوطن اليمني.
غير أن القيادات النقابية قد واجهت ذلك بتكريس العمل السلمي النقابي الموحد حيث تم إعلان المؤتمر العمالي في مارس1956م ليكون وعاءً توحيدياً للعمل النقابي وحصناً قوياً للدفاع عن حقوق العمال وحماية القيادات النقابية من التعسف.
الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية
لقد ترافقت التطورات في الجانب الإداري والسياسي التي لامست الأوضاع في مدينة عدن مع الحركة التجارية النشطة التي شهدتها مدينة عدن خلال فترة الخمسينيات من القرن الماضي، وفي تلك الفترة كانت بوادر النشاط التجاري قد تجلت في التوسع الكبير الذي طرأ على أوضاع ميناء عدن وزيادة عدد أحواضها التي ترسو عليها البواخر والتي وصلت في منتصف الخمسينيات إلى 16حوضاً من الدرجة الأولى تستوعب البواخر من مختلف الأحجام والحمولات الأمر الذي ضاعف من شهرة الميناء فأصبحت في عام 1958م من أنشط الموانئ في العالم وقد بلغ عدد السفن وقتها إلى (5976) سفينة وهذا دون السفن المحلية التي تتحرك بين ميناء عدن والمكلا والحديدة والموانئ الخليجية القريبة من عدن وهذا النشاط في ميناء عدن استوعب عدداً كبيراً من العمال إذ وصل عددهم إلى(81925) عاملاً في عام 1956م وأصبح العمال بهذا العدد قوة اجتماعية كبيرة، شكلت المحور الأساسي في الصراع بين المستعمر والحركة الوطنية اليمنية ، هذا كان في نطاق مدينة عدن.
أما السمة الرئيسية والعامة التي لازمت حياة المواطنين في أرياف الجنوب اليمني كانت حياة الفقر المدقع التي عاشها المواطن خلال فترة الاستعمار البريطاني رغم أن المنطقة (الأرض) زراعية وواسعة ويشتغل بها 75 % من سكان تلك المناطق الزراعية إلا أن الزراعة ظلت متخلفة ولم يحصل فيها أي تطوير وكان معظم نشاطهم انتاج بعض المحاصيل والمنتوجات الزراعية كالخضروات والفواكه وقد حارب الاستعمار زراعة الحبوب حتى تظل الحاجة المستمرة إلى الخارج في ذلك.
الجانب الصناعي
لقد كان النشاط الصناعي أكثر تخلفاً عن غيره من الجوانب فقد انعدمت الصناعة المحلية حيث تم الحفاظ على احتكار الأسواق التي أنشئت على الصناعات البريطانية ومنتجات صناعية أجنبية أخرى فيما عدا النشاط الذي نشأ بسبب وجود ضروري لمصفاة النفط وكذا صناعة الملح وبعض الصناعات الخفيفة.
المواصلات والاتصالات
لقد اقتصر نشاط هذا الجانب على مدينة عدن فقط.
أما بقية المناطق الريفية ظلت منعزلة عن بعضها البعض فلا توجد طرقات تربط بينها وكانت الوسائل البدائية هي وسيلة نقل البضائع، كما أن انعدام وسائل الاتصالات بين المناطق عمق حالة الغربة والاغتراب والعزلة الداخلية.
الثروة السمكية
رغم أن سواحل الجنوب اليمني تمتد على مساحة من الأرض تقدر (111.000) ميل مربع تقريباً وهو الامتداد الذي يحتضن الشواطئ البحرية الطويلة والغنية بالثروة السمكية والأحياء البحرية الأخرى من كل الأشكال والأنواع المستهلكة محلياً وعالمياً إلا أن الإنتاج السمكي ظل يعتمد على أدوات بدائية يدوية عمادها السنارات الصغيرة والشباك الصغيرة والكبيرة وجميعها أدوات لا تُمكن من الذهاب والتوغل لأكثر من ثلاثة أميال نحو العمق، وخلال فترة وجود الاستعمار لم يتمكن الصيادون من توفير وسائل حديثة للاصطياد ولم تكن لهم موانئ مخصصة للانطلاق والرسو لأغراض الاصطياد ولم تتوفر لهم الثلاجات المخصصة لحفظ الأسماك ومع ذلك فإن جنود الاستعمار وقواته كانت تستهلك وتنهب ما لذ وطاب لها من تلك الأسماك المصطادة.
قطاع الصحة
اقتصرت الخدمات الصحية على مدينة عدن فقد حظيت بعناية صحية تمثل في بناء مستشفى الملكة بخور مكسر وتوفير الأطباء من الجاليات الأجنبية إلى جانب بناء مستشفى خاص بالقاعدة العسكرية البريطانية.
ومستشفى خاص لشركة المصافي البريطانية بي بي في عدن الصغرى وهناك عدد من الوحدات الصحية بالمكلا والحوطة ولحج وأبين لا تغطي الحد الأدنى من الخدمات
الجانب التعليمي
حظيت مدينة عدن عن غيرها من المناطق الأخرى في افتتاح عدد من المدارس الابتدائية والمتوسطة وكلية واحدة سميت كلية البيومي غير أن القبول بهذه المدارس كان يشترط شهادة الميلاد العدنية (المخلقة) لذلك حرم أبناء المحافظات الشمالية وكذلك أبناء المناطق الأخرى في الجنوب اليمني المحتل وقد لجأ أبناء الشمال اليمني إلى الالتحاق بالمدارس الأهلية كمدرسة بلقيس والمدرسة الأهلية بالتواهي ومدرسة أنجمن الإسلامية كما أن الشيخ العلامة محمد سالم البيحاني كان قد انشأ معهداً علمياً استقبل فيه المتقدمين بمعيار القدرة.
أيضاً كانت هناك مدرسة البادري وهي المدرسة التي تقبل العدني وغير العدني إلا أن منهجها كان يسعى للتأهيل العلماني وباللغة الإنجليزية فقط.
وتعتبر اللغة الإنجليزية هي اللغة التي يُعتنى بها في كل المدارس التي أشرنا إليها كما يتم تدريس شيء من النحو والقراءة العربية والحساب والجغرافيا والتاريخ والعلوم والصحة، ومادة التهذيب التي تقدم للطالب بعض الأحاديث النبوية وكذا بعض الأمور الفقهية.
هذا فيما يخص مدينة عدن أما بقية محافظات الجنوب فكانت تعتمد بعضها على الكتاتيب (المعلامة) فيما عدا المكلا التي كانت تحتضنهم مدرسة نظامية تخرج منها الكثير من الشخصيات العلمية والسياسية كالأستاذ فيصل بن شملان والذي تخرج منها وعمل بها مدرساً وغيره من الشخصيات المؤهلة من أبناء المكلا وما جاورها.
فرّق تسُد
سياسة فرق تسد هي سياسة بريطانية معروفة وقد نجحت لفترة من الزمن في أن تشغل مستعمراتها في الصراعات الجانبية والداخلية والتي لا هدف لها إلا إلهاء الناس وقد مارس الاستعمار هذه السياسة في الجنوب اليمني وخاصة في المناطق الريفية والقبلية حيث شجع الثارات الداخلية وإثارة وتوسيع الخلاف بين القبائل والعشائر محاولاً بذلك إبقاء الشعب في الجنوب اليمني، أسيراً لهذه الصراعات يعيش حالة الخوف الدائم والملازم له ليلاً ونهاراً يعيش حياة خالية من أبسط الحقوق الإنسانية ومقومات الحياة الحضارية البسيطة.
محادثات الاستقلال
السياسي المخضرم احمد الحربي عضو اللجنة المركزية في الحزب الاشتراكي اليمني قدم ورقة عمل بعنوان “ مقدمات الفعل الثوري باتجاه محادثات الاستقلال بين الجبهة القومية والحكومة البريطانية عام 1967م”
حيث قال : إذا كانت ثورة 14 أكتوبر 1963م وطنية المنبت والنشأة قومية النهج والموقف فهل كان بإمكان30 نوفمبر 1967م يوم إعلان الاستقلال ورحيل الاستعمار البريطاني أن لا تكون يمنية الانتماء والولاء؟
وبالتأكيد كلا. حتى أولئك الذين أرادوا اقتلاعها من منبتها ونشأتها وأولئك الذين حاولوا التشكيك بانتمائها، وولائها، وسموا إلى طمس هويتها الجامعة لم يصلوا إلى مأربهم، ويجعلوا من 30 نوفمبر 1967م مجرد يافطة للتحرر، والتقدم الاجتماعي والاقتصادي.
وبين الحربي ان كثيراً من الوقائع والظواهر التي تثبت ذلك.. اسمحوا لنا أن نعود قليلاً إلى الوراء إلى ما قبل إعلان الاستقلال تحديداً إلى نهاية عام 65 وبداية عام 1966م...
حيث شهدت الساحة اليمنية سيناريوهات عديدة ..استهدفت في مجملها وأد الثورة اليمنية 26 سبتمبر 62/ و14 أكتوبر 1963م أبرز ملامحها:
- نقل بريطانيا قواتها العسكرية الضخمة من قناة السويس إلى عدن لتعزيز تواجدها العسكري على مدخل باب المندب وحماية مصالحها من عدن في القارتين الأسيوية والأفريقية ..لم تكن على استعداد للتخلي عن عدن وإقامة دولة تحررية كاملة السيادة والاستقلال في مساحة شاسعة من الأرض والبحار ولكنها على استعداد لتفهم مبادئ الأمم المتحدة في حق الشعوب بتقرير مصيرها وهي تبحث عن بدائل تمكنها من الحفاظ على مكانتها في هيئة الأمم المتحدة و...واستمرار مصالحها وحمايتها في قارتي آسيا وأفريقيا وقدرت أن إقامة رابطة الكدمونولث لا يلبي تطلعاتها..
وإذا ما خضت القرارات هيئة الأمم المتحدة عبر لجنة تصفية الاستعمار وانسحابها من عدن تكون كل مصالحها في هاتين القارتين في خطر ..لذلك سعت عبر سياسات الالتفاف على قرارات الأمم المتحدة ومسخ إرادة الشعوب في تقرير مصيرها اختيار بدائل ملائمة منها تكوين كيانات سياسية وصبغ على تلك الكيانات صفة الاستقلال مع احتفاظها بحق الإدارة والإشراف عليها حدث هذا في منطقة الخليج وكادت أن تحقق حلمها في الجنوب اليمني.
إلا أن ثورة 14 أكتوبر 1963م بقيادة الجبهة القومية التي لم تر استراتيجيتها أن الاستعمار البريطاني موجود في عدن فقط بل في كل أجزاء الجنوب تحت اسم الحماية ومواثيقها وبالتالي فإن نضالها اتجه نحو الاستعمار والحكم السلاطيني وعملاء الاستعمار ..وذلك هو منبع خطورتها لذا رأت مواجهة الثورة بتحالف عربي استعلائي لإخفاء أغراضها.
مع نهاية 1966م أعلنت الجبهة القومية رفضها لأسلوب الدمج وفك ارتباطها بجبهة التحرير وهو موقف تعزز بعودة حكومة السلال من الاحتجاز في القاهرة ورحيل حكومة الأستاذ النعمان إلى القاهرة التي أعلن بيانها تهدئة الأوضاع وإقامة علاقة طيبة مع الجيران.
رفض سياسة الالتفاف
ويضيف الحربي ان القيادة العربية في اليمن حاولت إثناء الجبهة القومية عن موقفها الرافض لدمجها مع منظمة التحرير المكونة من السلاطين والمستوزرين والسياسيين الفاسدين ولكن الجبهة القومية لم تقبل بسياسات الالتفاف على الثورة وأهدافها فوجهت الإمكانيات المرصودة للثورة من جمال عبدالناصر نحو جبهة التحرير.
و بعد نكسة حزيران 1967م ردت الجبهة القومية على النكسة العربية باحتلال مدينة كرتير في 20يونيو 1967م الذي استفز بريطانيا لتعزز قواتها بسلاح المارينز والمظلات التي قدمت بها لاستفادة عدن من يد الثوار.. ولم تكن سوى استعادة مؤقتة...
كما أخذت قيادة الثورة “الجبهة القومية” العمل باستراتيجية كفاحية جديدة وهي استراتيجية الانتشار والتمركز الذي عم كل مناطق الولايات والإمارات والسلطنات ال22في كل الجنوب.
و لم يكن هناك امام بريطانيا وحلفائها واعوانها من خيار سوى تفجير الحرب الأهلية في مدن الشيخ عثمان ودار سعد وبعض مناطق سلطنة لحج، وذلك ليس لمجرد استعادة جبهة التحرير لمركزها القيادي وإنما لاحتلال مركز قوى لقيادتها الثورة، وتوجيه مسار الاستقلال على نحو يخدم مصالح القوى الاستعمارية والتقليدية لا مصالح الشعب وتطلعاته.
واندلعت الحرب الأهلية الثانية لعلها تساعد على جعل قيادة جبهة التحرير حاضرة في ميدان النضال كانت الجبهة القومية تطبق أحد أهم وأبرز أهداف استراتيجيتها النضالية إسقاط المناطق، وإلغاء حكم السلاطين وإدارة الشئون المحلية للسكان والاستعداد لمهمة محاصرة عدن حيث القاعدة العسكرية البريطانية وجيش الاتحاد في عدن من الريف وحسم أجواء الحرب الأهلية بالانتصار لمبادئ الثورة.
وتحرك مع هذه الاستراتيجية وحدات الضباط وصف ضباط وجنود تنظيم الثورة “الجبهة القومية” في صفوف ومعسكرات جيش الاتحاد.. لتجد قيادة جيش الاتحاد أن مسألة الحسم لصالح الثورة على وشك التحقق فسارعت إلى إعلان موقفها بالانحياز لتنظيم الثورة.. لتعلن الحكومة البريطانية اعترافها بالجبهة القومية ممثلاً للشعب وقائداً للثورة واستعدادها لخوض محادثات الاستقلال مع ممثلها وحددت بداية المحادثات في منتصف نوفمبر 1967م.
ممثلو الجبهة القومية في جنيف..
بعد أن أعلنت بريطانيا استعدادها للتفاوض مع الجبهة القومية أكد جمال عبدالناصر لوفد الجبهة القومية في القانون إنه مع الجبهة القومية وعلى أتم الاستعداد للاعتراف بحكومة الاستقلال.
وأصدر تعليماته لدعم ومساندة وفد الجبهة القومية في مرحلة المحادثات من الإعلام إلى الاستشارة وهكذا فعل الرئيس الجزائري هواري بومدين “ليكون مع وفد الجبهة القومية استشاريين دوليين مساعدين له في محادثاته.
بدائل وخيارات
وقال الحريبي انه أثناء المحادثات الشاقة بين الجانبين كانت بريطانيا تمتلك من البدائل والخيارات كثيرة ،تدفع بها في وجه وفد الثورة هي :-
1 التأني بالمحادثات وموضوعاتها.
2 التلاعب بكثير من الوقائع على الخارطة الترابية مثلاً.
3 جهزت بريطانية وثائق تدل على أن أجزاء من الأراضي ليست من مسئوليتهم وإنما هم مساعدون لوفد الثورة منطقة الشرورة والوديعة المليئة بالثروات النفطية عندما سأل وفد الثورة عن موقعها على الخريطة..؟ فأجاب الوفد البريطاني هذه المساحة ليست من اهتمامنا لأن السلطان الكثيري تنازل أو باعها أيضاً جزيرة كوريا موريا حيث ناورت بريطانيا أنها مع عمان والحقيقة هي ماذا جرى في فندق الوفد بين أعضاء الجبهة القومية .. ماذا كانت تريد بريطانيا أن يعلن عن الاستقلال كالتزام دولي عليها الوفاء به تم تجريف الاستقلال لانقلاب قواها الاحتياطية وفي مقدمتهم الجيش والأمن مصراً على أن تقرير نظام الحكم في اليمن هو شأن الشعب اليمني والشعب اليمني وحده هو الذي يقرر مصير الحكم الذي يرتضيه وان عليهما أن يصلا إلى اتفاق من شأنه أن يساعد اليمنيين على تقرير مصيرهما بالصورة التي يتفقون عليها وكان اتفاقهما على أن يعقد اليمنيون مؤتمراً لهم يعالجون فيه مشكلتهم السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية وحددت الاتفاقية في أحد بنودها أن يعقد اليمنيون مؤتمراً فيما بينهم يتساوى طرفا الصراع في التمثيل فيه من الجانبين الجمهوري والملكي يجري انعقاده في مدينة حرض عام 1966م.
أجواء حذرة
في أجواء السياسة المشوبة بالحذر بين البلدين وكل صعيد على مستوى اليمن حدثت بعض التغيرات الرامية إلى تكييف المسارات وفقاً لبنود اتفاقية جدة 1965م وعلى النحو التالي :
1 انعقاد مؤتمر خمر للسلام وتشكيل حكومة الأستاذ النعمان التي لوحت في بيانها إلى ضرورة تعميق الصداقة مع الجيران إشارة إلى الوجود البريطاني في عدن وبما يعني كبح جماح ثوار ثورة 14 أكتوبر وتراجع السياسة التحريرية لثورة 26 سبتمبر 1962م والذي تجلى به إعلان اندماج الجبهة القومية مع منظمة التحرير تحت اسم جبهة التحرير في يناير 1966م وهو الدمج الذي رفضته أغلب قيادة الجبهة القومية ومعظم أعضائها.
2 رحيل حكومة السلال بكامل أعضائها إلى القاهرة..
3 التحضير لمؤتمر حرض وفقاً لاتفاقية جدة وتكوين التنظيم الشعبي للقوى الوطنية الذي لعب دوراً نضالياً كبيراً لرفض مؤتمر حرض وأية نتائج يخرج بها تضر بالنظام الجمهوري.
4 عودة السلال من القاهرة وخروج حكومة النعمان من اليمن بكاملها.
5 إعلان فك ارتباط الجبهة عن جهة التحرير ودخول ثورة 14 أكتوبر مرحلة جديدة لإثبات جدارتها باعتماد استراتيجية الانتشار.
6 تعثر جبهة التحرير وظهور التنظيم الشعبي الثوري الذي عرف بتأييد ومساندة القيادة العربية واستراتيجية خنق الجبهة القومية.
7 إعلان فك ارتباط الجبهة القومية عن جبهة التحرير ودخول ثورة 14 أكتوبر مرحلة جديدة لإثبات جدارتها باعتماد استراتيجية الانتشار النضالي للجبهة القومية وقطع الطريق على المؤامرات mcb التي وضع خطط عملها مكتب الاستخبارات البريطانية mcb التابع لرئيس وزراء الحكومة البريطانية.
إذا كانت ثورة 14 أكتوبر 1963م وطنية المنبت والنشأة قومية النهج فهل كان بإمكان 30 نوفمبر 1967م أن لا تكون يمنية الانتماء والولاء.
بالتأكيد كلا حتى أولئك الذين أرادوا لها أن تكون جنوبية وطمس هويتها الوطنية الجامعة، لم يتمكنوا من إزالة صلابة المنبت والمنشأ لثورة أكتوبر 1963م ولا تشويه انتمائها وولائها للأرض والإنسان اليمني.
في عام 1967م وبعد نكسة حزيران 1967م العربية أمام الهجمة الإمبريالية الصهيونية ردت ثورة أكتوبر اليمنية على نكبة النكسة باحتلال معسكر شرطة كريتر في 20 يونيو 1967م معلنة رفضها التسليم لمخطط الاستعمار وأعوانه وعملائه في اليمن.
فذلك المخطط الذي رأت فيه الرجعية العربية أن نكسة حزيران هي بداية أفول الرؤية القومية العربية وصعود للرؤية التقليدية العربية بالامبريالية الغربية.
دور الفصائل الوطنية
الورقة الأخيرة قدمها الدكتور/ عبدالعزيز العسالي عن “دور الفصائل الوطنية اليمنية في طرد الاحتلال البريطاني من جنوب الوطن”.
واستعرضت الورقة ثلاثة محاور , المحور الأول تحدث حول الفصائل الوطنية تسمية وتاريخ قال فيه: من المعلوم أن الاحتلال البريطاني لجنوب الوطن اليمني كان في عام 1839م , ومن المعلوم تاريخياً أن الاحتلال البريطاني لم ينعم بالهدوء والاستقرار طوال فترة الاحتلال التي بلغت 129عاماً ، بل كانت هنالك مقاومة تعددت صورها، فقط هذه المقاومة لم تكن منظمة أو بالأصح لم تكن المقاومة قائمة على رؤية سياسية مرسومة، واضحة المعالم.
ثانياً: في نهاية أربعينيات ومطلع خمسينيات القرن الماضي بدأت بالظهور تجمعات حزبية وكان هذا الظهور بمثابة ثمار لنضج الظروف السياسية يومذاك، ومن هذه التجمعات:
1 الجمعية الإسلامية أسسها الشيخ البيحاني، والشيخ علي باحميش.
2 رابطة أبناء الجنوب والتي ضمت كوكبة من أبناء الشمال وكان يرأس الرابطة: محمد علي الجفري.
3 الجبهة الوطنية المتحدة (1956) أسسها (محمد عبده نعمان الحكيمي، وأبوبكر شقيقه).
4 النقابات العمالية.
5 الجمعية العدنية.
6 الحزب الوطني الاتحادي (حسين بيومي)
7 حزب البعث العربي الاشتراكي (1958)
8 حزب الشعب الاشتراكي (الأصنج، محمد سالم علي) تجدر الإشارة إلى أن حزب الشعب الاشتراكي والمؤتمر العمالي في عدن كانا أول من تبنى استقبال وإرسال المتطوعين من عدن إلى الشمال للدفاع عن ثورة 26سبتمبر ومن أسبوعها الأول.
9 الاتحاد الشعبي الديمقراطي (عبدالله عبدالرزاق باذيب).
10 حركة القوميين العرب (1959م)
11 العاصفة العدنية وهي أول حركة أعلنت عن الكفاح المسلح، غير أنها لم تبدأ ذلك عملياً قبل ثورة 26سبتمبر.
12 المؤتمر العمالي.
13 هناك فصيل آخر ظهر إبان الكفاح المسلح، وهو فصيل الضباط والجنود، داخل الجيش الاتحادي وكان له دور ملموس.
14 التجمعات القبلية في مختلف المناطق والولايات والسلطنات.
ثالثاً: في (24) فبراير(1963) عقد أول لقاء بين قيادة حركة القوميين العرب وبين الوطنيين الجنوبيين الذين شاركوا في الدفاع عن ثورة سبتمبر حضر هذا اللقاء اكثر من ال100 ممثل من القطاعات المختلفة والفصائل والأحزاب والقبائل والضباط والجنود الأحرار، تمخض اللقاء عن توجيه جميع القوى الوطنية في جبهة واحدة للقيام بالكفاح المسلح، واتفقوا على تسمية (جبهة تحرير جنوب اليمن المحتل).
رابعاً: على أثر ذلك تم عقد اجتماعات للمكتب السياسي لهذا التشكيل والذي رأسه قحطان الشعبي، وتم إصدار ميثاق تمت عليه الموافقة في 8 مارس 1963.
خامساً: برز خلاف في هذا التكتل الضخم، خلاصة الخلاف أن حزب الشعب الاشتراكي بقيادة الأصنج، والمؤتمر العمالي بقيادة عبدالله علي عبيد، كانا يرون العمل السياسي والحوار والتفاوض، وبقية الفصائل، ترى العمل المسلح.
في شهر أغسطس 1963 أعلن عن تشكيل جبهة لقيادة الكفاح المسلح تحت مسمى (الجبهة القومية لتحرير الجنوب اليمني المحتل) وكان هذا التشكيل مدعوماً من النظام الجمهوري في الشمال وانضوى تحته (حركة القوميين العرب) والجبهة القومية الآنفة الذكر، ثم انضوى معهما تنظيمات عدة هما الجبهة الناصرية ، جبهة الإصلاح اليافعية، القطاع السري للضباط الأحرار، تشكيل القبائل، المنظمة الثورية لأحرار الجنوب، الجبهة الوطنية.
حزب الشعب الاشتراكي والرابطة أعلنا رفضهما للكفاح المسلح
سجلت الجبهة القومية حضوراً لافتاً، وكفاحاً متميزاً خلف رعباً في صفوف قوات الاحتلال.
الاحزاب المعارضة للكفاح المسلح وجدت نفسها في بؤرة الفشل، فسعت مع تجمعات أخرى وبعض السلاطين ليعلنوا في أغسطس 1964 عن تشكيل منظمة تحرير الجنوب المحتل، وبطبيعة الحال عارضت الجبهة القومية هذا التشكيل غير أن الخلاف دب في أوساط هذا التشكيل، لأنه دعا الفصائل المنضوية إلى الذوبان في هذا التشكيل فتتلاشى المنظمة.
موقف عبدالناصر
عمل عبدالناصر على رعاية الدمج بين حركة القوميين العرب وحضر إلى تعز جورج حبش ومحسن ابراهيم وهاني الهندي لاقناع الجبهة القومية بالعمل تحت لواء جبهة التحرير واستمرت المباحثات حتى أغسطس(1966م) وانتهى إلى توحيد الصفوف على أساس جبهوي وليس اندماجياً، على أن تشكل القيادة 23 من جبهة التحرير و13 من الجبهة القومية، واعتبار جبهة التحرير هي التنظيم الوحيد والشرعي وتشكيل حكومة في المنفى.
غير أن قواعد الجبهة رفضت عبر بيان أصدرته في شهر سبتمبر بعد شهر من إعلان الاسكندرية الآنف تلا ذلك اعلان قادة الفدائيين قادة الجبهة القومية انفصالها عن جبهة التحرير، كما أكدت رفضها التام لإعلان الاسكندرية. تلك إلماحة سريعة حول الفصائل الوطنية في جنوب الوطن نشأة وتاريخاً.
سير الكفاح المسلح
المحور الثاني من ورق الدكتور العسالي أشار فيه الى نماذج وأرقام سريعة عن سير الكفاح المسلح في ثورة 14أكتوبر حيث تمكنت قبائل ردفان من خوض معركة ضارية مع قوات الاحتلال البريطاني استشهد فيها البطل غالب راجح لبوزة. وقد أعلنت الجبهة القومية بداية الكفاح المسلح كما أعلنت مسؤوليتها عن أحداث ردفان: الأمر الذي عزز موقف القوى المؤيد للكفاح المسلح، كما أعلنت الجبهة القومية أنها ليست تنظيماً حزبياً وإنما هي جبهة مفتوحة أمام كل وطني يؤمن بالكفاح المسلح وهنا أصبحت الجبهة القومية هي قائدة الكفاح المسلح ضد الاحتلال.. توسع الكفاح المسلح في الريف، وتم مهاجمة معسكرات الاحتلال .
وفي 10/4 ديسمبر 63 حاول الاحتلال أن يجتمع بعملائه حول الوضع فاستدعاهم إلى لندن، بصحبة المندوب السامي ومساعده وقبيل المغادرة: من مطار عدن، ألقيت عليهم قنبلة أودت بحياة مساعد المندوب السامي وجرح المندوب السامي وعدد من العملاء. هذا العمل الجريء نفذه البطل (خليفة عبدالله حسن) عضو حزب الشعب الاشتراكي، طبعاً فشل الاحتلال في عقد الاجتماع والذي من المقرر أن تحفزه الأمم المتحدة.
على أثر هذا العمل البطولي: خرجت الأمم المتحدة بقرار خروج بريطانيا وحق الشعب في تقرير مصيره.
تصاعد هجوم جيش التحرير، ضد الجيش الاتحادي التابع للاحتلال وعملائه وضد الجيش البريطاني سقط على أثره (34) جندياً بريطانياً.
تلا ذلك سقوط طائرة في منطقة ردفان اسقطها الثوار بسلاحهم العادي، تفجير ألغام في الضالع، ضرب مقر الحرس الاتحادي في عدن.
تواصلت الأعمال العسكرية أهمها:
تفجير مبنى المندوب السامي في زنجبار.
موقف الاحتلال
كان المحتل ينظر إلى ثورات الريف فيعدها أعمالاً عفوية ، غير أن الفصائل وكل من انضوى معها قررت نقل الأعمال المسلحة إلى عدن في مطلع فبراير 1964كون المحتل لن يستطيع اخفاء العمل المسلح داخل عدن.
تولى قيادة العمل المسلح في عدن (البطل فيصل عبداللطيف الشعبي) تلاه في قيادة العمل المسلح عبدالفتاح اسماعيل وقد تم إدخال السلاح إلى عدن بطرق مختلفة رغم نقاط التفتيش والحراسات والأسلاك الشائكة.
في يونيو1964م انفجار مروع داخل المبنى الاتحادي في أغسطس من نفس العام اندلع الكفاح المسلح في عدن الصغرى والشيخ عثمان والمنصورة استهدف مراكز الشرطة. والدوريات والنوادي التابعة للاحتلال.
وفي أكتوبر دعا المندوب السامي لاجتماع ليعلن فيه تسليم السلطة إلى حكومة يشكلها حزب المؤتمر العمالي وأقيم احتفال بهذه المناسبة فألقيت قنبلة إلى وسط الاجتماع خرج المندوب السامي هارباً إلى لندن.
تلا ذلك 6أسابيع من الأعمال المسلحة، وهنا لم تستطع الإمبراطورية الصمت، بل اعترف الاحتلال ل”36” عملية فدائية خلال عام “64” هذه العمليات الفدائية شاركت فيها عناصر من كافة الفصائل حتى من الفصائل التي فشلت فهبت عناصر منها للعمل المسلح في صفوف الجبهة القومية كما أشرنا آنفاً إلى عملية المطار التي نفذها خليفه عبدالله.
انكشاف فيصل عبداللطيف وفراره إلى الريف فتولى عبدالفتاح قيادة العمل المسلح في عدن، فوجه ضربات قاصمة بدوائر المخابرات البريطانية والمحلية وتم تصفية عدد من العملاء أجانب هنود، صومال، ومحليين، هنا استعادت الثورة حماية ذاتها، كما أن هذه الضربات أفقدت المحتل صوابه.
تفجير محطة لاسلكي بالحسوة، تفجير مخزن ذخائر في المعلا 65/2/15.
قصف مبنى المعتمد البريطاني للاتحاد ازدادت العمليات الفدائية في اتجاهات مختلفة، في شهري 8 و9 22 عملية فدائية، ضد الشرطة البريطانية وكان ممن سقطوا كبير مفتشي الشرطة.
استطاعت الفصائل خلال عام “1965” تنفيذ “286” عملية فدائية.
بعد الضربات القوية لدوائر المخابرات تحرك الفدائيون بقوة وحرية أكبر عما كان عليه الأمر سابقاً.
وحسب سعيد الجناحي ص 289 إن الفصائل بلغت 12 جهة وحسب إعلان الاحتلال بلغت العمليات، من بداية عام “63” حتى نهاية عام “65” “1372” عملية فدائية.
مواقف وطنية رائعة
من المواقف الوطنية الرائعة: أن بعد ما رفضت الجبهة القومية قرارات مؤتمر الإسكندرية الرامية إلى توحيد جبهة التحرير والجبهة القومية.. ازدادت حدة التنافس بين الفصائل عن زيادة الهجمات، فكل من جهة التحرير والقومية يريد إثبات وطنيته حيث قدمت عام “67” “500” فدائي.
مواقف شعبية
بعد هزيمة “67” توقف دعم مصر للجبهة القومية، فدخلت الفصائل في أزمة مالية وأزمة سلاح. وحسب سعيد الجناحي “324” أن القبائل قدمت ما لديها من سلاح وذخائر وكذلك حصلت الفصائل عن دعم مالي شعبي وبعض التجار.
مواقف أكثر وعياً
حاول الاحتلال ضرب الوحدة الوطنية حيث تم إلقاء قنبلة على منزل عبدالقوي مكاوي أودت بحياة “3” من أولاده، كما حاول الاحتلال إلصاق هذه الجريمة بالفصائل.. ورغم الخلاف بين الفصائل.. إلا أنها بادرت جميعاً وتوحدت في شجبها للجريمة الدنيئة الأمر الذي أدى إلى تلاحم أقوى بين الفصائل واستمر عمل سلاحهم ضد الاحتلال، وهنا فوتت الفصائل الفرصة على الاحتلال.
وفي كريتر استشهد القائد البطل مدرم.. وكانت أياد عميلة محلية وراء التخطيط.. غير أن الفصائل تصرفت بذكاء عبر خلاياها الأمنية واعتقلت العناصر العميلة وحاكمتها علناً.. وكان الاحتلال يتوقع تصرفاً طائشاً يطال المواطنين من قبل الفصائل.. غير أن النضج لدى قيادة الفصائل في هذا المقام كان واعياً فتصرف بحكمة أدب فيها المجرمين، وفوت الفرصة التي كان يسعى إليها الاحتلال وهي خلق عداء بيد المواطنين والثوار.
في إبريل 67 وصلت لجنة الأمم المتحدة لدراسة الموقف فهبت الفصائل بعملها المسلح خلال “3” أيام “48” عملية بمعدل 16 عملية باليوم.
وتجدد الاتفاق في مايو 67 بين القومية والتحرير تضمن توحيد الجهود ضد الاحتلال وبقاء كل فصيل محتفظاً بتنظيمه.
هزيمة 67
بعد هزيمة 67 في مصر استبشر الاحتلال بدخول الثورة في عدن حالة انحسار غير أن قيادة الفصائل صعدت من وتيرة الهجمات في عدة أماكن ليصل الهجوم في 20/ يونيو/ 67 إلى سجن كريتر تم خلاله تحرير المعتقلين بالمئات. وهرعت شرطة الاحتلال دون تعقل بثلاث سيارات لإنقاذ الموقف فتم ضرب السيارات وقتل جميع من فيهن عدا جندي بريطاني واحد تم اعتقاله.
في هذا الموقف تم الاستيلاء على كريتر وبقيت تحت سيطرة الثوار 16 يوماً، تم قطع الماء والكهرباء على المواطنين لكن موقف المواطنين كان في غاية السعادة والابتهاج. على أثرها أعلن المندوب السامي أن ما حصل في كريتر هو هزيمة ساحقة للإمبراطورية. واستمر النضال المسلح حتى تقدم فصيل الجبهة القومية مفاوضاً في جنيف وتم التفاوض على خروج المستعمر يوم/29/ من نوفمبر/67.
دروس مستخلصة
المحور الثالث من الورقة أشار الى الدروس المستخلصة وذكر انها تتمثل في:
1 تعطش الشعب اليمني بشطريه للحرية والتحرر من المستبد المحلي والاحتلال الأجنبي، كان قد بلغ نضجاً غير عادي بدليل التضحية والصمود المنقطع النظير.
2 نضج قيادة الفصائل رغم اختلافها الآن الاختلاف لم يصل إلى حد العنف عدا مواقف قليلة.
3 حضور القاسم المشترك وهو تحرير الوطن وإجلاء الاحتلال لدى غالبية الشعب عدا العملاء.
4 تصرف قيادة الفصائل بمسئولية إزاء سعي الاحتلال لضرب الوحدة الوطنية.
5 ثورة جنوب الوطن كانت صناعة شعب، وليست انقلاباً.
6 يلاحظ أن قيادات كانت صغيرة السن لكنها تتمتع بحس سياسي على قدر كبير في تفويت المواقف عن الاحتلال والتآمر الخارجي والمحلي.
وأخيراً وليس بأخير (وطننا اليمني اليوم يعيش منعطفاً خطيراً يحتاج إلى حس وطني وانكار الذات وتقديم المصلحة العليا للوطن، والمتمثل في الالتفاف حول القيادة السياسية والوقوف جميعاً مع القرارات التي سيخرج بها مؤتمر الحوار وكذا القرارات السياسية الرامية إلى معالجة الوضع المختل. وأسوتنا أولئك الأبطال قادة الفصائل في الكفاح المسلح لتطهير جنوب الوطن، فلولا حضور الولاء للأمة والولاء للوطن ومصلحته العليا ربما كان الاحتلال جاثماً حتى اللحظة، المؤسف أننا نشاهد بعض الناس تحرروا من الولاء الوطني كما تحرروا من العقل , حمى الله يمننا من التمزق ونسأله أن يرينا الحق حقا ويرزقنا اتباعه والسلام عليكم ورحمته وبركاته.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.