قائد الاحتلال اليمني في سيئون.. قواتنا حررت حضرموت من الإرهاب    هزتان ارضيتان تضربان محافظة ذمار    تراجع في كميات الهطول المطري والارصاد يحذر من الصواعق الرعدية وتدني الرؤية الافقية    باحث يمني يحصل على برأه اختراع في الهند    الكوليرا تدق ناقوس الخطر في عدن ومحافظات مجاورة    "الأول من مايو" العيد المأساة..!    غزوة القردعي ل شبوة لأطماع توسعية    الجنوب هو الخاسر منذ تشكيل مجلس القيادة الرئاسي    وقفات احتجاجية في مارب وتعز وحضرموت تندد باستمرار العدوان الصهيوني على غزة    احتراق باص نقل جماعي بين حضرموت ومارب    حكومة تتسول الديزل... والبلد حبلى بالثروات!    البيع الآجل في بقالات عدن بالريال السعودي    عنجهية العليمي آن لها ان توقف    الإصلاحيين أستغلوه: بائع الأسكريم آذى سكان قرية اللصب وتم منعه ولم يمتثل (خريطة)    من يصلح فساد الملح!    مدرسة بن سميط بشبام تستقبل دفعات 84 و85 لثانوية سيئون (صور)    تربوي: بعد ثلاثة عقود من العمل أبلغوني بتصفير راتبي ان لم استكمل النقص في ملفي الوظيفي    البرلماني بشر: تسييس التعليم سبب في تدني مستواه والوزارة لا تملك الحق في وقف تعليم الانجليزية    السامعي يهني عمال اليمن بعيدهم السنوي ويشيد بثابتهم وتقديمهم نموذج فريد في التحدي    السياغي: ابني معتقل في قسم شرطة مذبح منذ 10 أيام بدون مسوغ قانوني    شركة النفط بصنعاء توضح بشأن نفاذ مخزون الوقود    نجاة قيادي في المقاومة الوطنية من محاولة اغتيال بتعز    التكتل الوطني يدعو المجتمع الدولي إلى موقف أكثر حزماً تجاه أعمال الإرهاب والقرصنة الحوثية    مليشيا الحوثي الإرهابية تمنع سفن وقود مرخصة من مغادرة ميناء رأس عيسى بالحديدة    "الحوثي يغتال الطفولة"..حملة الكترونية تفضح مراكز الموت وتدعو الآباء للحفاظ على أبنائهم    شاهد.. ردة فعل كريستيانو رونالدو عقب فشل النصر في التأهل لنهائي دوري أبطال آسيا    نتائج المقاتلين العرب في بطولة "ون" في شهر نيسان/أبريل    النصر يودع آسيا عبر بوابة كاواساكي الياباني    اختتام البطولة النسائية المفتوحة للآيكيدو بالسعودية    وفاة امرأة وجنينها بسبب انقطاع الكهرباء في عدن    هزة ارضية تضرب ريمة واخرى في خليج عدن    هل سيقدم ابناء تهامة كباش فداء..؟    سوريا ترد على ثمانية مطالب أميركية في رسالة أبريل    صدور ثلاثة كتب جديدة للكاتب اليمني حميد عقبي عن دار دان للنشر والتوزيع بالقاهرة    مباحثات سعودية روسية بشان اليمن والسفارة تعلن اصابة بحارة روس بغارة امريكية وتكشف وضعهم الصحي    فاضل وراجح يناقشان فعاليات أسبوع المرور العربي 2025    انخفاض أسعار الذهب إلى 3315.84 دولار للأوقية    عرض سعودي في الصورة.. أسباب انهيار صفقة تدريب أنشيلوتي لمنتخب البرازيل    جازم العريقي .. قدوة ومثال    غريم الشعب اليمني    العقيق اليماني ارث ثقافي يتحدى الزمن    إب.. مليشيا الحوثي تتلاعب بمخصصات مشروع ممول من الاتحاد الأوروبي    مليشيا الحوثي تواصل احتجاز سفن وبحارة في ميناء رأس عيسى والحكومة تدين    نهاية حقبته مع الريال.. تقارير تكشف عن اتفاق بين أنشيلوتي والاتحاد البرازيلي    الصحة العالمية:تسجيل27,517 إصابة و260 وفاة بالحصبة في اليمن خلال العام الماضي    اتحاد كرة القدم يعين النفيعي مدربا لمنتخب الشباب والسنيني للأولمبي    صنعاء .. حبس جراح واحالته للمحاكمة يثير ردود فعل واسعة في الوسطين الطبي والقانوني    صنعاء .. حبس جراح واحالته للمحاكمة يثير ردود فعل واسعة في الوسطين الطبي والقانوني    النقابة تدين مقتل المخرج مصعب الحطامي وتجدد مطالبتها بالتحقيق في جرائم قتل الصحفيين    برشلونة يتوج بكأس ملك إسبانيا بعد فوز ماراثوني على ريال مدريد    أطباء بلا حدود تعلق خدماتها في مستشفى بعمران بعد تعرض طاقمها لتهديدات حوثية    غضب عارم بعد خروج الأهلي المصري من بطولة أفريقيا    القلة الصامدة و الكثرة الغثاء !    عصابات حوثية تمتهن المتاجرة بالآثار تعتدي على موقع أثري في إب    الأوقاف تحذر المنشآت المعتمدة في اليمن من عمليات التفويج غير المرخصة    ازدحام خانق في منفذ الوديعة وتعطيل السفر يومي 20 و21 أبريل    يا أئمة المساجد.. لا تبيعوا منابركم!    دور الشباب في صناعة التغيير وبناء المجتمعات    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الثأر في رداع..
تدمير للنسيج الاجتماعي وتهديد للأمن والاستقرار
نشر في الجمهورية يوم 20 - 05 - 2014

الثأر في مدينة رداع من أهم المشاكل التي أرقت حياة المواطنين وخلفت العشرات بين قتيل وجريح.. هو الرجولة المحمولة على الأكتاف.. قتل ونهب وتشريد وضياع وتفكك للنسيج الاجتماعي.. هيبة قاتلة وحقوق تؤخذ للغير قتل بدون محاكمة وإقلاق للأمن والسكينة العامة.. رداع هي المدينة التي ساهمت النهضة الاقتصادية والعمرانية والكثافة السكانية في جعلها قبلة لكل الوافدين من القرى والعزل المجاورة وبذلك تنتقل حمى الثأر بانتقال العوامل المسببة وبذلك يصبح الإنسان الآمن مستهدفاً في ظل فوضى حمل السلاح وغياب الثقافة المجتمعية، وبما أن قضايا الثأر في منطقة رداع ذات أبعاد وخفايا سياسية واجتماعية فإن كل الجهود الرامية إلى سد ثغرة التناحر والاقتتال دائماً ما تقابلها صخرة من الجمود والتبلد والعراقيل التي تحول دون التوصل إلى حلول.. فإلى التفاصيل:
تجار الحروب ومافيا المشاكل وبعض المشايخ يستميتون في سبيل إطالة أمد النزاعات والحروب التي لا تستثني أحداً وتأكل الأخضر واليابس وتودي بحياة الأبرياء رجالاً ونساءً وأطفالاً وربما تحصد رؤوس المشايخ أنفسهم كما حصل في عدد من القضايا هنا في رداع حيث أن الحروب القبلية التي هدأت مؤخراً بعد أن غابت فيها الأعراف والتقاليد وأصبح الكل في مرمى الثأر لقمة سائغة وفريسة سهلة الاصطياد وسواء قتل فيها المتهم أم لا فالضحية واحدة والعرف القبلي يجيز القتل الخطأ محكوماً بالهجر، قضايا الثأر في رداع من اهم الملفات الشائكة التي طال أمد النظر فيها دون حلول الأمر الذي القى بظلاله على واقع مشهد ينبئ بكارثة إذا لم توجد الحلول المستعجلة.
رداع هي القلب النابض لمحافظة البيضاء ومع ذلك لاتزال تعامل وكأنها من كوكب آخر فالإهمال والعرقلة والمركزية المجحفة والتعمد المستميت لإغراق هذه المدينة التاريخية في وحل المشاكل والاقتتال هو الهدف الذي من أجله تسعى بعض القوى التقليدية التي شوهت تاريخ وحضارة ومكانة رداع العريقة منذ آلاف السنين ...
الصلح والتعاون
‏الشيخ مصلح علي المفلحي يؤكد أن ظاهرة الثأر من العادات السيئة والمشينة التي ما أنزل الله بها من سلطان وأنه لا ينبغي على الدولة والمشائخ السكوت عنها كونها أدخلت الناس في نفق مظلم من الصراعات والمنازعات وساهمت في زعزعة الأمن والاستقرار وترويع الآمنين فواجب الجميع التعاون من أجل حل هذه الظاهرة والمسئولية مشتركة بين الجميع دون استثناء.
مضيفاً: وللعلم فقد قمنا بدور الوساطة بين آل قادري وآل شربه بتكليف من الأخ محافظ محافظة البيضاء اللواء الركن الظاهري أحمد الشدادي وتدخلنا وفقاً للأعراف والأسلاف القبلية وحقنا الدماء واتفقنا لحل هذه المشكلة حلاً نهائياً، وتم إعداد آلية أو برنامج للجنة صلح ولاتزال الوساطة قائمة رغم عرقلة بعض الأطراف..
ويزيد: فطالما توفرت حسن النوايا فسيكون هناك حل نهائي بإذن الله تعالى وسنحاول بكل جهد إقناع الجميع بحلول جذرية وشامله وكل حجة لها غطاؤها وتوفير الضمانات اللازمة من أجل إحلال السلام وإنهاء النزاع بين كلا القبيلتين.
جهود مخلصة
ويشدد الشيخ سيف القبلي على أن الثأر «ظاهرة منبوذة ومسيئة» وأن ما يجري في رداع أمر يؤسف له ولا يرضى به صاحب ضمير ودين وأخلاق.. مشيراً إلى أن دعاة الشر أصبحوا أكثر من دعاة الخير وأن المشاكل لن تعود بخير «فالشر لا يأتي إلا بالشر ».
مضيفاً بالقول: ونحن دورنا منذ الوهلة الأولى بذلنا كل ما نستطيع من جهد مع الخيرين من المنطقة، ونحن مستعدون مع كل من يسعون للصلح والصلاح بكل ما نستطيع عليه، وقد حلينا عدداً من القضايا والمشاكل المتعلقة بالثأر في معظم المناطق في قيفه وغيرها وكان لنا دور في حل كثير من قضايا الثأر هذه الظاهرة السيئة ونسأل المولى تعالى أن يحفظ البلاد والعباد من كل سوء ومكروه.
احتواء المشاكل في بدايتها
وينفي الشيخ زبن الله علوي كريش المرادي أن تكون مدينة رداع المنطقة الوحيدة أو الأولى التي توجد بها قضايا ثأر والتي تعود لأسباب خلافات الأراضي والحدود فيما بين القبائل.
ويقول: هذه الظاهرة سيئة للغاية ولا تمت لديننا ولا عاداتنا أو تقاليدنا بصلة، والمطلوب التعاون مع قيادة السلطة المحلية والأجهزة الأمنية والمشايخ والأعيان، وإقناع الغرماء باللجوء والاتجاه إلى المحكمين أو إلى شرع الله النافذ من خلال القضاء للسيطرة على أي قضية عند بداية الخلاف فيها ولكي لا تتوسع وتصل إلى طريق مسدود.
ويؤمل المرادي بوضع الحلول المناسبة لمسببات الثأر وعدم التهاون في أي قضية واستصغارها، مناشداً رئيس الجمهورية عبدربه منصور هادي، ومحافظ محافظة البيضاء الظاهري أحمد الشدادي سرعة تشكيل لجان حل قضايا الثأر في المنطقة التي تضم سبع مديريات، وذلك من أجل حفظ الدماء والأرواح وصون الممتلكات وإحلال الأمن والاستقرار.
دور الأجهزة القضائية
كما تحدث فضيلة القاضي ساري العجيلي - رئيس محكمة رداع الابتدائية عن ظاهرة الثأر مستعرضا نتائجها العكسية على الفرد والمجتمع حيث قال: الثأر في اليمن ظاهرة اجتماعية سلبية وآفة قبلية مزمنة و خطيرة بل هي طاعون يفتك بكثير من الأسر والقبائل اليمنية، ومشكلة الثأر في اليمن كبرت واتسع نطاقها وضحاياها حتى أصبحت من أكبر المشكلات التي تهدد حياة المجتمع اليمني وأصبحت اليوم ديدن كثير من القبائل التي لم تكن تعرفها في الماضي، وللبيان فقط فإن الثأر هو أن يقوم أولياء الدم «أقارب القتيل» بقتل القاتل نفسه أو قتل أحد أقاربه أو أحد أبناء قريته انتقاماً لأنفسهم دون أن يتركوا للدولة حق إقامة القصاص الشرعي بواسطة أجهزتها القضائية والتنفيذية.
القصاص
مضيفاً: وقد وضع الله سبحانه وتعالى في جرائم الحدود والقِصَاص عقوبات، ولم يترك للناس تقديرها؛ نظراً لأهميتها، وساوى بين الناس جميعاً، فليس هناك فرق بين الناس ومراتبهم وأقدارهم، فهي متساوية لا فرق بين وضيع أو شريف ولا غني أو فقير لقوله تعالى: «كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِيْ الْقَتْلَىْ الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ»، كما أن جميع الشرائع السماوية جرمت القتل ومنها شريعتنا الإسلامية السمحاء، إذ نَصَّتْ على عقوبة القتل، فليس هناك مجال لكي نتخلص من هذا الجزاء كونه سَيُجَسِّمُ تداعيات الفتن لقوله تعالى: «وَلَكُمْ فِيْ الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُوْلِيْ الأَلْبَابِ»
وفي كثرة النصوص القرآنية والاحاديث النبوية الشريفة التي تدل على حرمة الدماء، دليل على خطورة هذه الظاهرة المهلكة للحرث والنسل والتي صارت شيطاناً يحمل نعوش الموت إلى البيوت المحصنة بالسلاح أو بغيره ويصل إلى الصغار قبل الكبار أحياناً قاتلاً فيهم روح التضامن والتعاون والإيثار.. وإذا لم يتم وأد هذه الظاهرة وقتل شيطانها سواء من عقول الناس وضمائرهم أو من أفعالهم وأسلافهم فستمتد آثارها وتتعاظم أخطارها حتى يصعب مواجهتها سواء من الدولة أو من القبيلة اليمنية وقيمها السامية وأعرافها العالية، لقد أصبحت هذه الظاهرة بحاجة إلى وقفة جادة وإرادة سياسية حقيقية، وأظن أن هذه الظاهرة قد أخذت حيزاً في مؤتمر الحوار الوطني باعتبارها واحدة من أكبر المشاكل حالياً في بلادنا.
أسباب الثأر
بطء العدالة، وطول أمد التقاضي أمام المحاكم، وأحياناً ضعف أجهزة القضاء لضعف إمكانياتها وافتقارها إلى الحماية اللازمة والقوة والاستقلال الكامل في أدائها لأعمالها وعلى مدى فترة طويلة، والتدخل السلبي في شئون القضاء من قبل بعض السياسيين والوجاهات والنافذين وبعض المشايخ وفي شئون الشرطة والقضاء، وإعاقتهم تنفيذ الأحكام، والتسبب في إبطاء عملية التقاضي، أو تطويل مدة التقاضي»، تلك أبرز أسباب الثأر حسب القاضي ساري العجيلي رئيس محكمة رداع الابتدائية.
وفوق ذلك والحديث للقاضي العجيلي ، يأتي عدم حل النزاعات والخلافات الجغرافية العالقة عن طريق القضاء ممثلة بالمحاكم والنيابات وبالطرق المقررة قانوناً، وكذلك ضعف الأداء الأمني، وانتشار السلاح الناري في أيدي المواطنين، وسهولة الحصول عليه وحمله الدائم والتجوال به وانتشار ذلك بين كثير من الناس، وضعف الأمن وعجزه أحياناً عن القبض على المتهمين بالقتل وإيقاف الاقتتال بين القبائل المتقاتلة بسبب الثأر والذى ينعكس على جميع أجهزة الدولة التي تظهر عاجزة أمام أولياء الدم في ضبط وإحضار المتهمين والذين غالباً ما يستقوون بالقبيلة أو بعض أفرادها » ، كأسباب أخرى للثأر واستمراره.
أسباب إضافية “ضعف الوازع الديني، والاستسلام لغواية الشيطان الذي يستند إلى لحوق العيب والعار على من ترك الثأر وهذه الثقافة الخاطئة التي جسدتها العصبية القبلية الممقوتة والأعراف القبلية الدخيلة عليها، وتزامن ذلك مع ضعف أداء الأجهزة الأمنية، العصبية القبلية، وغياب الدولة داخل القبيلة، وعدم تأثير التعليم داخل أفراد القبيلة، والتربية القبلية على التضامن في أي قتال سواء بحق أو بدون حق، وما ينتج عن ذلك من الضعف في تطبيق سلطة القانون هي كذلك ما يشير إليها القاضي العجيلي.
متاجرة بقضايا الثأر
ويتابع العجيلي: كما أنه قد تكون هناك أسباب سياسية أو توظيف سياسي ومتاجرة بقضايا الثأر الذى يطيل من أمدها حتى كان الثأر في بعض المراحل أثراً من الآثار السياسية التي استخدمها بعض السياسيين فتكون الحروب القبلية التي لا تبقي ولا تذر، مع انتشار ثقافة عدم القبول بالترافع أمام أجهزة القضاء واعتباره عيباً على أولياء دم القتيل لأي سبب كان، وكذا عدم الإبلاغ عن أسماء الجناة، مترافقاً مع اتساع قضايا القطاع القبلي، وانتشار ظاهرة الرُّبَاعَة القبلية التي انحرف بها البعض حتى خرجت عن كونها من القيم السامية التي تتخلق بها القبائل اليمنية، فاصبح القاتل يَفِرَّ إلى قبيلة أخرى فَيَتَرَبَّعُ بها، أي يلتجئ إليها ويطلب حمايتها، مما يعيق العدالة عن الوصول إليه، مع العلم والتأكيد أن هذه العادات والتقاليد دخيلة على القبيلة اليمنية التي لم تكن تحمي القاتل أبداً وذلك باعتبار الأعراف القبلية أو اغلبها أعراف وعادات حميدة بالمثل والأخلاق السامية التي اشتهر بها العرب اليمانيون.
ويواصل: وكذا يلحق بهذا السبب غياب الدور الإيجابي للقبيلة ولأقيالها ومشايخها وعقالها في مواجهة هذه الظاهرة الطاعون التي لا تستثني أحداً وسواء كان أولئك المشايخ والأعيان والعقال الغائب دورهم من القبائل المتقاتلة أو من القبائل المجاورة لها في مواجهة هذه الظاهرة من خلال الوقوف موقف المتفرج وعدم التدخل الإيجابي لوقف سفك الدماء بين اطراف الثأر عن طريق حل تلك القضايا، أو بتمكين الدولة وأجهزتها الأمنية من إيقاف تلك الظاهرة عند حدها ومحاصرة آثارها وللإنصاف ربما كان لهم- أي أولئك الشيوخ – مبرر في عدم تفاعل الدولة معهم وضعف إمكانياتهم إزاء ذلك وهو ما كان على الدولة تحمله حتى تقوى الأجهزة الأمنية والقضائية، وبالتالي يكونوا يداً واحدة للقضاء على هذه الظاهرة وهو ما نأمل أن يكون عليه الوضع في الفترة القادمة.
حلول بطرق بسيطة
وعن الحلول المقترحة لمعالجة قضية الثأر أكد رئيس محكمة رداع القاضي ساري العجيلي أن الحلول والمعالجات كثيرة ومتنوعة وبالإمكان حلها بطرق بسيطة، حيث وهي - أي الثأر- ليست معقدة إلى أبعد حد، وإذا ما توفرت الجهود والنوايا الصادقة فقد تنتهي الكثير منها، وإن أبناء القبائل بحاجة ماسة إلى دعم الجهات الرسمية من الجانب الحكومي والتوجه بمصداقية، وليس هناك ما يدعو إلى إهمالها، لأن في الثأر غضب لله ورسوله وللأمة، ولا يمكن أن يرضى عن ذلك أي امرئ في العالم، وأن المجتمع المعاصر بحاجة إلى حقن الدماء والتفرغ لأعمال التنمية، والخروج من الجهل إلى عصر المعرفة والتعليم والتكنولوجيا، وهو طريق السلامة والأمان لأبناء اليمن وقبائلهم ولابد أن يكون هذا متزامناً مع متطلبات يجب على الدولة القيام بها وكذا دور المواطنين من أجل حل قضايا الثأر، أهمها:
العمل على رفد الجهاز القضائي بما يلزم من الكوادر النزيهة والكفوءة للعمل على تسريع البت في القضايا بعدالة، وتوفير الحماية الأمنية اللازمة للأجهزة القضائية، وعدم السماح بالنيل من هيبة القضاء ومكانته، وإعادة الثقة إلى المواطن في هذه السلطة وخاصة في قضايا الثأر- وهو من واجبات الدولة - وأيضاً السعي لنشر الوعي الديني والقانوني بين المواطنين كلما سنحت الفرصة وبيان مدى حرمة قتل النفس وحكم الإسلام فيها، كما يمكن المساهمة في هذه الخطوة من قبل المواطنين بشكل كبير وإن كان العبء الأكبر يقع على الدولة التي تمتلك وسائل الإعلام المرئية والمسموعة.. إضافةً والحديث لايزال للقاضي العجيلي: للوقوف موقف الرفض والإدانة لهذه الظاهرة والإسهام الإيجابي في القضاء عليها، والعمل على عدم الترويج للعادات والتقاليد الخاطئة ونبذها، والتشجيع والعمل على الخروج على هذه العادات والتقاليد الخاطئة، واستنهاض القيم والعادات القبلية الحميدة التي ترفض هذه الظاهرة وكذا التشجيع لكل التاركين لها، والاستعانة بالقبيلة والمشايخ للقضاء على هذه الظاهرة فليسوا دائماً أعواناً للثأر إنما قد يكون أهم عون للقضاء عليها بإيجاد الحلول لكل قضايا الثأر العالقة ثم التعاون مع الدولة لتسليم كل المتهمين بالقتل وعدم قبول الربيع المتهم بالقتل وتسليمه لأجهزة الدولة، والإقناع بالقبول باللجوء إلى القضاء لمعاقبة القاتل متى ثبت ارتكابه للقتل، وكذلك العمل على إنهاء حالة الانفلات والضعف الأمني وفرض هيبة الدولة والتحرك السريع والقوي عقب ارتكاب أي جريمة لإجراء التحقيق فيها وإبلاغ الأجهزة القضائية المختصة لاتخاذ ما يلزم، وضبط كل المتورطين والمعيقين للعدالة وإنهاء أو الحد من ظاهرة حمل السلاح والتجوال أو السعي به إلى امتلاك الأسلحة النارية وهذا يقع على عاتق الجميع مواطنين ودولة .. وتفعيل الدور الإعلامي الإيجابي الذي يلزم عليه أن يكون له دور توعوي وإرشادي في هذه المسألة، وكذا بنشر مبدأ التسامح والفضيلة ومحاربة ثقافة العنف واللجوء إليه لحل المشكلات وتلك الثقافة الساقطة التي جعلت من القتال والثأر شبيهاً بالفريضة الدينية.
تضافر الجهود
ويشير القاضي العجيلي إلى أن الفكرة الأساسية التي يريد نقلها، هي أن حل المشكلة لا يمكن إلا عن طريق تكافل الجهود حكومة وشعباً وفي ظل هذه الحكومة التي ترغب إلا في صنع المشكلات يجب علينا أن نكثف جهودنا وأن نعمل ما يجب أن نقوم به لا أن نقبع مكتوفي الأيدي ننتظر الفرج من السماء بينما يوجد لنا أخوة يتقاتلون ليل نهار.
وعن أهم القضايا الموجودة بالمنطقة وجهود رئيس محكمة رداع القاضي ساري العجيلي في سبيل حلها أشار إلى أن من أهم القضايا المشهورة في المنطقة قضية الثأر بين أسرتي أو قبيلتي آل قادري وآل شربة وهما من القبائل العريقة والمؤثرة على مستوى مديريات قطاع رداع أو على مستوى مديرية رداع وهذه القضية، كما أعتقد قد زاد ضحاياها عن حوالي أربعين قتيلاً وعشرات المصابين ولكن بإذن الله تعالى هناك توجه من مشايخ رداع ومن أجهزة الدولة فيها بالتدخل إيجاباً بإيقاف هذا الاقتتال وحل كل القضايا المتعلقة به ونسأل الله تعالى أن يوفقنا لكل ما يصلح الشأن ويقرب بين الأطراف ويحول دون اقتتالهم من جديد وبما يحفظ حقوق الجميع ويحقن الدماء وأن تكلل جهودنا بالنجاح.
دور السلطة المحلية
في البداية التقينا الدكتور سنان مقبل جرعون - وكيل المحافظة لقطاع مديريات رداع والذي تحدث بقوله: مما لاشك فيه أن ظاهرة الثأر ظاهرة سيئة وممقوتة، وخلال فترة العامين الماضيين شهدت منطقة رداع هدوءاً نسبياً في قضايا ومشاكل الثأر وهذا له دلالة واضحة على أن هنالك أسباب كانت تحول دون معالجة قضايا الثأر، والحقيقة أنه لو تم تفعيل دور الأجهزة القضائية والتنفيذية للقيام بدورها وعملها على أكمل وجه فإنه سوف تنتهي وتقل قضايا الثأر.
ولفت الوكيل جرعون إلى أنه مما لاشك فيه أن ظاهرة الثأر تؤثر كثيراً على الوضع الأمني حيث يفتقد الناس للأمن والاستقرار ويصبحون في حالة من الخوف والفزع، وكذا تأثيره على الجانب الاقتصادي والمعيشي للناس، ولابد من تضافر جهود الجميع من أجل إيجاد الحلول لمثل هذه الظاهرة الخطيرة.
ظاهرة مزمنة
الأخ أحمد صالح الحميدي وكيل محافظة البيضاء تحدث بدوره عن هذه الظاهرة حيث قال: أن جريمة الثأر التي تمثل أخطر وأفدح الجرائم والعادات السيئة تعد من أهم القضايا الاجتماعية المساهمة في تفكيك روابط المجتمع وزرع المشاكل وإشعال فتيل الفتنة والإجرام والعداوة والبغضاء بدرجة أولى.. وتحدث نزعة من الكراهية المشئومة التي تفضي إلى الاقتتال المزمن وينتقل ذلك إلى الأجيال القادمة.
وأضاف: والثأر مشكلة تستدعي حث الجهدين الرسمي والشعبي من أجل حلها وإنهاء أسبابها وفي نظري أن مدينة رداع وبما فيها من كثافة سكانية ولكونها تضم سبع مديريات فإنها متضررة كثيراً من قضايا وخلافات الثأر، وهنالك مساع وجهود تهدف إلى إحلال روح التعاون والتسامح بين عدد من القبائل التي يوجد فيها ثأر وتكليف اللجان التي تعمل على سد الشأن وحل الخلاف، ولابد من أن تكون هنالك تفاهم وتعاون من قبل الجميع مع جهود الدولة وأن نستشعر أن مسؤولية حماية الأمن والاستقرار هي من واجبات كل فرد من أفراد المجتمع.
من جانبه محمد عبدالرحمن السماوي - مستشار محافظة البيضاء يؤكد وجهة نظره حول هذه الظاهرة بالقول: بالنسبة لظاهرة الثأر فهي تعتبر من أسوأ وأخطر الظواهر التي تفتك بمجتمعاتنا وتهدد النسيج الاجتماعي الواحد وتساعد على خلق حالة من الخوف والفزع بين الناس، ويجب علينا جميعاً كل من منطلق مسؤولياته للعمل على احتواء وإنهاء هذه الآفة الخطرة التي تتسبب في الكثير من المآسي والآلام، وانطلاقاً من مسؤوليتنا فإننا ندعو الجميع إلى التعاون والمبادرة بحل مشاكل الثأر، وكذا العمل على إبرام وثيقة صلح وهدنة لمدة خمسة أعوام بين جميع القبائل وعلى أن يتم مناقشة وحل القضايا خلال فترة الصلح والعمل بكل إخلاص وتفان من أجل أمن واستقرار مجتمعاتنا وخير وطننا الغالي.
مأساة
العقيد حمود العماري - مدير شرطة منطقة رداع السابق تحدث بدوره حول هذه الظاهرة بقوله: بالنسبة لمعضلة الثأر فهي تمثل مأساة في منطقة رداع وهي ليست وليدة اليوم وإنما هي موجودة منذ فترة طويلة حيث إن بعض الأطراف والقوى كانت تدعم البعض على أساس أن يكون الناس في أتون صراعات، وللأسف الشديد أن بعض المواطنين لم يستوعب بعد حقيقة المؤامرة والموقف الذي لم يعلموا بفكرته أو لم يكونوا على اطلاع به، فالثأر هذه الظاهرة الممقوتة تجلب لهم المشاكل والنزاعات والويل والثبور وتجلب لهم المصائب وتحرمهم وتحرم المجتمع من حولهم من المشاريع التنموية والخدمية، فضلاً عن حرمان أولادهم من حق التعليم، فبدلاً عن شراء الأعيرة النارية يحب أن ينصرفوا إلى أعمالهم وزراعة أراضيهم واستثمار أموالهم فيما يعود عليهم وعلى مجتمعهم بالنفع والفائدة والخير العميم، وإن كانت المنطقة تعاني من ثارات ومشاكل، فهي بفعل فاعل لأن هنالك تغذية من شخصيات معينة من أجل ضرب طرف ضد طرف وأحداث المشاكل فيما بين القبائل.
وحول دور الأجهزة الأمنية في الحد من ظاهرة الثأر أوضح الأخ العقيد حمود العماري مدير أمن منطقة رداع السابق: أننا في إدارة أمن المنطقة نعمل بصفتنا مأموري ضبط ونقوم بعمل اللازم ونحن نقوم ومن منطلق مسئوليتنا بإيجاد الحلول ومتابعة تنفيذها وقد تدخلنا لأكثر من مرة من أجل حل وإنهاء قضايا الثأر، ولكن هنالك بعض القضايا معقدة وصعبة للغاية ولم تفلح جهود الوساطات في حلها وذلك نتيجة لكون هذه القضايا ناجمة عن ثارات سابقة وعدد القتلى فيها يصل إلى العشرات، وقد استطعنا أن نوفق فيما بين قبيلتي عباس وريام حيث تم حل هذه القضية ونجح الصلح فيما بينهم وذلك بعد أن تراوح عدد القتلى من كلتا القبيلتين 85قتيلاً و555جريحاً وحلت القضية نهائياً وأنه وللأمانة والإنصاف أن منطقة رداع لم تهدأ من قضايا الثأر إلا في عهد الأخ اللواء الركن الظاهري أحمد الشدادي محافظ محافظة البيضاء الذي يقوم بتشكيل اللجان الخاصة بحل قضايا الثأر ويشرف على عملها بنفسه ويستدعي الأطراف لمحاولة التوفيق فيما بينهم وحل قضاياهم، وقضايا الثأر قد انخفضت خلال الآونة الأخيرة، وهذا ما يعكس جهود الأخ محافظ المحافظة اللواء الركن الظاهري الشدادي وحرصه الشديد على التعاون مع الأجهزة الأمنية فله منا كل الشكر لما يقوم به من أعمال جبارة في سبيل حل وإنهاء مشاكل الثأر بالمنطقة وجهوده ملموسة للجميع.
تكاتف الجهود
الأخ الشيخ محمد أحمد حسين جرعون مدير عام مديرية القريشية قيفة قال: إن ظاهرة الثأر من الظواهر الدخيلة على مجتمعاتنا وعاداتنا وتقاليدنا ونعتبره من العيب لأنه غدر وخيانة وإقلاق للسكينة العامة وترويع للآمنين، وهذه الظاهرة يعاني منها كل مجتمع ومع كل ذلك فنحن حريصون على حل وإنهاء هذه الظاهرة التي يجب تكاتف جهود الجميع سواء في الأجهزة الأمنية والتنفيذية والقضائية والوجهاء والعلماء وغيرهم وذلك لعمل الحلول اللازمة ودعوة الناس إلى صلح ونبذ كافة المظاهر السيئة والسلبية، وعلى مستوى مديريتنا نستطيع القول إن المشاكل هدأت وذلك بفضل تعاون المواطنين، وهناك قضايا ساهمنا في حلها حرصاً منا على الحد من الاقتتال وخسارة الأرواح والأموال، ومما لاشك فيه أن للثأر أسباباً ومسببات فإذا ما تم حلها في وقتها فإن الأمور ستتطور وتصل إلى مالا يحمد عقباه وآثار ظاهرة الثأر دوماً سيئة، ولعل أهمها انعدام الأمن والأمان وانتشار الخوف وتأخر عملية التنمية وضياع المجتمع لذا فالكل مسئول تجاه حل وإنهاء هذه الظاهرة من أجل خير وأمن واستقرار وسلامة المجتمع.
دور الخطباء والعلماء
ومن منظور ديني وإرشادي يرى فضيلة القاضي لطف العزي أحمد محمد العزاني- إمام وخطيب جامع النور بالعرش رداع - أن الدوافع وراء الثأر عديدة ومتنوعة وأغلبها صراعات قبلية مقيتة ومنازعات على الأراضي وانتقام لمقتل شخص من القبيلة، والمتتبع للأوضاع التي تعيشها اليوم يستنكر ويتألم للأحوال والطرق الانتقامية البشعة التي لجأ لاتخاذها البعض ممن أصيبوا بآفة الثأر للانتقام من شخص قتل بقصد أو بدون قصد قريباً له، أنه أسلوب بشع ولا تقبل به الأعراف والأديان السماوية لأنه جرم بحق من خلقه الله تعالى بشراً وكرمه وصان دمه وماله وعرضه ففي ما معنى الحديث المروي عن النبي صلى الله علي وسلم« لهدم الكعبة حجراً حجراً أهون عند الله من أن تراق قطرة دم امرئ مسلم» والأسوأ من الثأر الإصرار عليه والتمسك به كحل أو بديل لإرضاء رغبات شيطانية جامحة تجرد الإنسان تماماً من إسلاميته وإنسانيته وتنزع منه الحياء والخلق الحسن.
ولذا فنحن كعلماء وخطباء ومرشدين نقوم بدورنا في توعية الناس بأضرار الثأر وتوجيههم إلى نبذ هذه الظاهرة وندعو إلى تفعيل دعوة الصلح والسلام بين جميع القبائل ونبذ هذه الظاهرة الجاهلية التي تعود بنا إلى أيام الجاهلية الجهلاء فديننا الإسلامي الحنيف يدعونا دائماً إلى حب الخير والتسامح.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.