سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
إضافة إلى 171 هدفاً، شهدت البطولة «استعراضاً رائعاً لفنون كرة القدم الحديثة» وتراجع فيها تأثير المال الذي شوّه الأداء على صعيد الأندية.. البرازيل 2014 .. البطولة الأفضل على الإطلاق
أسهمت الجماهير البرازيلية بشكل كبير في نجاح النهائيات عن طريق اختيار منتخبات تكون في العادة من غير المرشحين لتشجيعها.. اللقب ذهب في النهاية إلى الفريق الأحق لأن المانيا كانت أكثر الفرق تكاملاً وفاعلية على الرغم من الجهد الشجاع الذي قدمته الأرجنتين. وفرت كأس العالم لكرة القدم 2014 مستوى كرويا لا يمكن مضاهاته إضافة للحظات من الأداء الفردي الذي لا ينسى الى جانب صدمات وبعض الجدل داخل استادات مزدحمة بجماهير واعية ومتحمسة في نفس الوقت.. ولو نظرنا إلى البطولة التي أقيمت في البرازيل ككل فسنجد أن مبارياتها ال64 لم تكن متساوية على صعيد جودة الأداء، حيث سيطر الإمتاع بشكل دائم على مباريات دور المجموعات قبل أن يحل محله التوتر والتفوق الدفاعي في مراحل خروج المغلوب في ظل تقدم القوى الكبرى نحو المنافسة على اللقب.. وتتميز كل بطولة بلحظاتها التي لا تنسى إلا أن هدف كارلوس البرتو الرائع وهو الهدف الرابع للبرازيل في المباراة التي سحقت فيها ايطاليا في نهائي 1970 وهدف مارادونا الساحر أمام انجلترا في نهائيات عام 1986 كانا الأبرز على مدار تاريخ البطولة.. وكانت كأس العالم 1954 عندما فاجأت المانيا الغربية منافستها المجر إحدى القوى المهيمنة في السابق بالفوز عليها في النهائي وبطولة عام 1958 بالسويد التي أيقظ فيها الشاب بيليه العالم على حقيقة مهارات كرة القدم البرازيلية البطولتين اللتين أمدتا عشاق كرة القدم بعدد كبير من مصادر الإعجاب.. إلا أن ما يضفي خصوصية على كأس العالم 2014 هي الجودة والصقل الخططي التي وصلت اليها الكثير من الفرق بينما ظهر عدد قليل للغاية من الفرق بعيدا عن تقديم أداء مميز.. وبلغت كوستاريكا دور الثمانية لأول مرة وغابت عن الدور قبل النهائي عقب خسارتها لركلات الترجيح أمام هولندا بصعوبة.. وأنهت كوستاريكا التي ظهرت بالكاد في معظم الحسابات التي سبقت البطولة متفوقة على ثلاثة من أبطال العالم السابقين وهم انجلتراوايطاليا واوروجواي في دور المجموعات. ولم يكن هذا وليد الصدفة أو لجهد فردي خالص ولكن لتقديمها أداء مميزا يتسم بالذكاء. وتركت كولومبياوالمكسيك بصمتهما وكان بوسعهما أن يتقدما إلى أبعد مما وصلا اليه كما قدمت الولاياتالمتحدة أداء مثيرا بالنسبة للقاعدة الجماهيرية التي تزداد اتساعا في البلاد بينما اقتربت ايران المتواضعة من الفوز على الأرجنتين وصيفة البطلة في النهاية. وعلى العكس من هذا فإن القوى التقليدية التي لم تكن مستعدة للمنافسة مع الفرق المميزة انكشفت سريعا وليس هناك مثال أبرز من اسبانيا البطلة السابقة التي خسرت بشكل مذل 5 1 أمام هولندا في المباراة الأولى وفشلت في بلوغ الدور الثاني. وسيطر أسلوب لعب اسبانيا “تيكي-تاكا” الذي يعتمد على الاستحواذ والتمريرات القصيرة على اللعبة في السنوات الست الماضية إلا أنه تنحى جانبا لصالح التمرير السريع ونقل الكرة والضغط القوي. إلا أن الأبرز كانت البرازيل المستضيفة التي رشحت من قبل الكثيرين للفوز باللقب إلا أنها أظهرت أن هذا الافتراض كان مستندا على الحنين الى الماضي ومزية اللعب على أرضها ليس أكثر. وكان الفريق محظوظا لبلوغ الدور قبل النهائي إلا أن نقاط ضعفه انكشفت بشكل واضح على يد الالمان في المباراة التي خسرتها البرازيل 7 1 لتصبح أكثر نتيجة استثنائية تشهدها البطولة على الإطلاق.. وعلى الرغم من العروض القوية التي قدمتها المنتخبات المغمورة فان أفضل الفرق هي من بلغت دور الستة عشر وتحديدا الفرق التي تصدرت مجموعاتها. واستطاعت الفرق المرشحة للفوز في دور الستة عشر أن تبلغ دور الثمانية. وبينما حد الحذر من حجم الإثارة في مراحل خروج المغلوب فان النقطة السلبية الأبرز كانت تتعلق بالجوانب الخططية وليس اللعب البعيد عن الروح الرياضية وإضاعة الوقت أو التصرفات غير الرياضية. ووفقا للاتحاد الدولي لكرة القدم (الفيفا) فان عدد الإصابات تراجع بنسبة 40 في المئة في عدد الإصابات الطفيفة والخطيرة مقارنة بالبطولات السابقة وهي إحصائية لافتة بالنظر الى زيادة السرعة والقوة في كرة القدم الحديثة. وكان للتكنولوجيا تأثيره الإيجابي في البطولة. وكان استخدام الرذاذ المتلاشي في الركلات الحرة قد حد بشكل كبير من الجدل وأسرع من إيقاع اللعب بينما تم تطبيق تكنولوجيا مراقبة خط المرمى بدون أية مشاكل. وغابت الاعتراضات أو توجيه الإهانات للحكام بشكل كبير عن تلك البطولة ولم تكن هناك الكثير من الحوادث خارج إطار اللعب.. وتم إشهار 10 بطاقات حمراء في البطولة انخفاضا من الرقم القياسي البالغ 28 بطاقة في بطولة عام 2006. وكان من الضروري طرد لويس سواريز مهاجم اوروجواي المثير للجدل عقب عضه لكتف جيورجيو مدافع ايطاليا.. وظل ادعاء العرقلة مشكلة في تلك البطولة. وأدت مهارة اللاعبين في “تهيئة الظروف المثالية لإحداث الالتحام” ثم المبالغة في السقوط الى ازدياد المهمة صعوبة على الحكام وكان لهذا مذاقه المر كما هو الحال عند خروج المكسيك عقب اصطناع ارين روبن للسقوط مما أدى لاحتساب ركلة جزاء لصالح هولندا. وخارج الملعب ثبت أن المخاوف من حدوث فوضى تنظيمية لا أساس لها حيث بدت الاستادات جاهزة بينما عملت المطارات بشكل سلس بدون اية مشاكل كبيرة واستمتعت الجماهير بالبطولة بدون ظهور أية أحداث كبيرة. وأسهمت الجماهير البرازيلية بشكل كبير في نجاح النهائيات عن طريق اختيار منتخبات تكون في العادة من غير المرشحين لتشجيعها إضافة الى أنها ضمنت أن الأجواء في الاستادات ليست عقيمة وهو ما قوض بطولات سابقة وذلك على الرغم من أن المنتخب البرازيلي كان مصدرا لإحباط كبير بالنسبة لجماهيره.. إلا أن الاحتجاجات في البرازيل خلال الاستعداد لكأس العالم ألقت الضوء على مشكلة خطيرة وهي: هل هناك حاجة بالفعل لإنفاق الكثير من الأموال لبناء استادات جديدة في دولة تعاني من مشاكل اجتماعية مزمنة؟ وربما كانت الأجواء أفضل وربما حملت قدرا أكبر من المسؤولية الاجتماعية إذا ما أقيمت المباريات في الاستادات البرازيلية القديمة مع إضفاء تحديثات أقل بعض الشيء عليها مع توفير تذاكر بأسعار في متناول الجماهير المنتمية للطبقة العاملة. إلا ان اللقب ذهب في النهاية الى الفريق الأحق لأن المانيا كانت أكثر الفرق تكاملا وفاعلية على الرغم من الجهد الشجاع الذي قدمته الارجنتين بقيادة ليونيل ميسي إلا أن هدف ماريو جوتسه الرائع في النهائي أنهى على آمالها. كما شهدت البطولة ظهور مواهب جديدة وهو ما يعد حدثا نادرا في عصر العولمة وكان أبرزها الكولومبي جيمس رودريجيز هداف البطولة برصيد ستة أهداف. وشهدت هذه البطولة تسجيل 171 هدفا وهو ما يعادل أعلى حصيلة من الأهداف سجلت في بطولة واحدة على مدار تاريخ البطولة إضافة الى مستويات مميزة في الأداء الدفاعي من جانب لاعبي الوسط المدافعين وهو ما يبرز بشكل واضح في أداء الارجنتيني خافيير ماسكيرانو. وبشكل ملخص فإن البطولة حملت كافة الميزات. فقد شهدت البطولة استعراضا رائعا لفنون كرة القدم الحديثة وتراجع فيها تأثير المال الذي شوه الأداء على صعيد الأندية. وسيتواصل الجدل بدون شك إلا أن كأس العالم 2014 تملك دليلا قويا للغاية على كونها أفضل بطولة لكأس العالم على الإطلاق.