وفقاً لقول الله سبحانه وتعالى: {فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} [سورة البقرة: آية 184]، فقد منح الله سبحانه وتعالى المريض والمسافر رخصة للإفطار في نهار رمضان، وأوجب عليه قضاءه صياماً في حال انتهى المسبّب، لكن الأمر لا يُقاس على كافة المرضى خاصة من يعانون أمراضاً مزمنة كالسكري والضغط، فهناك من يجيز الإفطار إن لم يكن باستطاعة المريض احتمال الصيام وهناك من يمنع الإفطار. لا حرج في هذه الحالات: يؤكد الدكتور سهيل القيشاوى، استشاري أمراض الغدد الصماء والسكري ومدير مستشفى الباطنة في مجمع الشفاء الطبي أنه بما أن مرض السكّري داء مزمن لا شفاء منه؛ فإن المرضى المصابين بهذا الداء لهم خصوصية في إجازة الصيام أو توجيههم إلى الإفطار حرصاً على صحتهم.. وأشار الدكتور القيشاوي إلى أنه في ظل الرغبة الجامحة لأولئك المرضى للصيام ونيل الثواب والأجر من الله في شهر رمضان المبارك؛ لا ينفك الأطباء عن إجراء التجارب على مرضى السكّر، لافتاً إلى أن تلك الدراسات أثمرت عن نتائج تقضي بتقسيم مرضى السكّر إلى أنواع بعضهم يستطيعون الصيام وآخرون لا يطيقونه. وبشيء من التفصيل أشار د. القيشاوي إلى فئات المرضى فالنوع الأول من مرضى داء السكري يعتمد علاجهم على إبر الأنسولين وأولئك لا يصومون إلا بموافقة الطبيب بالإضافة إلى المرأة الحامل المصابة بالسكري، مؤكداً أن الإسلام صرح للمرأة الحامل الإفطار حتى لو كانت غير مريضة بالسكري إن خشيت على نفسها أو جنينها فتفطر وفق الرخصة الشرعية. مرضى النوع الأول والثاني وبيّن الدكتور القيشاوي أن فئة من المصابين بالنوع الأول من مرض السكّري يمكنهم الصيام إذا ما وجد لديهم جهاز فحص السكّر البيتي وتعديل جرعات الأنسولين باستخدام أشرطة تناسب الصيام؛ شريطة ألا يدخل فمه الحماض الكيتوني، وبالتدرُّج إلى النوع الثاني من مرضى السكّري، موضحاً أنهم يشكلون السواد الأعظم من المرضى وقد قسّمهم إلى أنواع، فبعضهم حسب قوله يعمد إلى التزام الحمية وتناول دواء اسمه «ميدفورمين» يقوم بتثبيت السكّر؛ وبذلك يتمكنون من الصيام بأمان؛ ولكن عليهم متابعة الحمية الغذائية قبل الصيام بالإضافة إلى توزيع الأكل بين الإفطار والسحور، والاعتماد على تأجيل السحور قدر الإمكان حتى لا يشعر بالإرهاق والتعب ويأخذ في ساعات العصر قسطاً من الراحة بالإضافة إلى عدم الإفراط في الأكلات الرمضانية الشهية الأمر الذي يمكّنهم من الصيام بأمان. وأشار إلى أن النوع الثالث من مرضى السكّري يتناولون بالإضافة إلى دواء «الميدفورمين» أدوية أخرى كالسلفانيل يوريا تحفز على إنتاج الأنسولين وهذه يقوم الطبيب بتعديلها بحيث تكون الجرعة الكبيرة على الإفطار والجرعة الثانية على السحور تكون النصف وأنواع أخرى تتناول الأنسولين مع حبوب الدواء، أيضاً تعدّل بحيث يكون الأنسولين في الإفطار وأقراص الحبوب على السحور. نصائح للمرضى: وقدّم الدكتور القيشاوي نصائح إلى المرضى؛ بدايتها القيام بالتقييم الصحيح للمرض وإمكانية القدرة على الصيام من عدمها بالإضافة إلى التنسيق مع الطبيب الذي يحاول تغيير الخطة العلاجية له بما يتناسب مع الصيام.. مؤكداً أن ذلك يجنّب المريض الكثير من المشاكل الصحية ناهيك عن متابعة حالته أثناء الصيام، فإذا تفاجأ خلال ساعات الصيام بهبوط في السكر أو ارتفاع؛ فعليه بالإفطار خاصة أن الشرع أجاز له الإفطار، مشدّداً على ضرورة ألا يعمد المريض إلى الضغط على نفسه؛ لأن ذلك يعرّض صحّته للخطر وهو أمر ضد تعاليم الإسلام. ولفت الدكتور القيشاوي إلى ضرورة أن يتّبع المريض خطة غذائية أثناء الصيام وفقاً لحديث الرسول صلى الله عليه وسلّم: «ما ملأ ابن آدم وعاء شرّاً من بطنه، بحسب ابن آدم لقيمات يقمن صلبه، فإن كان لابد فاعلاً؛ فثلثٌ لطعامه وثلثٌ لشرابه وثلثٌ لنفسه» وعدم الإفراط من قبل مرضى الضغط في ملح الطعام وتجنُّب شراب السوس.