لو أن وزيراً من الحكومات السابقة وحتى حكومة تسيير الأعمال الحالية التي تسلم خلالها الشيخ أحمد صالح العيسي مقاليد الحكم بالاتحاد العام لكرة القدم اليمني تعرض للضغوط التي تسببت بها له الانتقادات المستمرة من الصحافة الرياضية، بمختلف منابر أطيافها السياسية، والمستقلة، والأهلية لأصيب بجلطات دماغية، أو سكتات قلبية، أو حتى تصلُّب في الشرايين وانسداد في الأورطي وتفجر في شريان الوتين..!! لكن الرجل تفادى الضربات القاسية للصحافة بالوسائل التي رآها ناجعة وناجحة، واتخذ له حوائط صدٍّ تارةً من أعضاء الاتحاد العام أو من اللجان المسئولة مباشرة عن تسيير النشاط والبرنامج السنوي، والمهام والواجبات فوقع في أخطاء إدارية نجم عنها إخفاقات في تنفيذ ما حواه برنامجه الانتخابي في الدورتين الماضيتين.. صمود.. وجهود بعد جمود ولأن البطولة الأولى في البلاد هي المقياس لمعرفة التطور والتدهور في كرة القدم، كنا في الصحافة ننتقد الإهمال لعامل الزمن في ذهنية الاتحاديين.. ففي السنوات الثماني المنصرمة من عهد اتحاد العيسي، مع أن الأزمات الحالية لم تكن موجودة إلا أنه لا الدوري استقرت مواعيد انطلاقاته، ولا بطولة الكأس سارت على الاستراتيجية التي أقيمت على أساسها، وافتقدت الأندية الفرصة المتاحة ،وبخاصة الدرجتين الثانية والثالثة كي تحظى بالمساواة.. ولا استطاع الاتحاد الكروي المحافظة على إنجازه الذي أحرزه المتمثل في إقامة بطولة الوحدة التي أخفق في الحفاظ عليها وإنقاذها من الاختفاء القسري، كما عجز عن إيجاد ميزانية مالية لها تمنحها أكسجين الحياة لتبقى ،ولو بإعادة صياغة الأهداف التي من أجلها استحدثت وأقيمت.. والارتقاء بها من حيث وضع آليات وشروط لكيفية الاشتراك فيها. أما في دورته الثالثة فإن اتحاد العيسي بدأ بداية صحيحة ،وهو مستمر في تثبيت مواعيد المباريات من دور الذهاب لدوري المحترفين، وفي خضم ما يجري في بلادنا من أزمات متلاحقة تعصف بالاستقرار فإن الاتحاد العام للقدم أثبت قدرة على الصمود واستمر في تنظيم الدوري العام للدرجة الأولى وهو ما يحسب له ،ويدفعنا للاعتراف بحقه في الإشادة بصمود قراره بعدم التوقف إلا مع دورة الخليج الثانية والعشرين التي ستقام أواخر العام الجاري في جدة السعودية وسيلعب منتخبنا الوطني ضمن مجموعة الفريق المستضيف إلى جانب البحرين وقطر، فيما تضم المجموعة الثانية الكويت بطل النسخة 20 والإمارات بطل النسخة 21 والعراق صاحب الرصيد الجيد في بطولة الخليج بعد الكويت.. ولعل هذا يدفعنا للثناء على لجنة المسابقات لأدائها في تثبيت المواعيد وضبط مواعيد المباريات القليلة التي تم تأجيلها ،وبما لا يوقف مسيرة قطار الدوري ،الذي لأول مرة يمضي مع الدوريات العربية والعالمية ،مما يجعلنا نقدم الاحترام لاتحاد العيسي، فلطالما انتقدناه على عدم اتخاذه هذه الخطوة ،وصار واجباً علينا أن نشيد بجهوده في حلته الجديدة وبما يقدمه في ظل الظروف المرتبكة في بلادنا. جدية التحضير لخليجي22 إن ما يقلقنا هو حالة منتخبنا الأول.. فالإعداد مشوب بالارتباك في وسط المنتخب الوطني.. فرغم أن التعادل أمام المنتخب العراقي في المباراة الودية يسرنا ويبعث التفاؤل لكننا نعود فنقول إنها مباراة تجريبية ودية.. وليست أساسية ولا معياراً حقيقياً لمستوى وأداء المنتخب الوطني.. ولابد من مضاعفة الإعداد بمنهجية يتأقلم معها لاعبونا وبالذات اللياقة البدنية فهي التي يمكنها أن تغطي ما نقص وقصر وما يفتقده لاعب منتخبنا مقارنة باللاعبين المحترفين في الدول الخليجية، ومقارنة بمستوى الدوريات في دول الخليج التي تفرز لاعبين مهاريين وخبيرين بالتعامل مع المباريات الكبيرة والجماهيرية ,واستعداد منتخباتهم أفضل.. ويكفي أن عمان خاضت مباراة تجريبية مع الأوروجواي وخسرتها بثلاثية والسعودية لعبت أمام الأوروجواي أيضاً وتعادلت إيجابياً ومازالت الأجهزة الفنية المشرفة على منتخبات دول الخليج تستكمل برنامجها الإعدادي لهذه البطولة على مستوى أرقى مع منتخبات عالمية لتكتسب الثقة وتنضبط في تنفيذ الخطط والطرق والأساليب التي ستتبعها في خوض مباريات البطولة القادمة في جدة. وما قدمه المنتخب الوطني للشباب يؤشر إلى أن الإعداد المناسب لهذا المنتخب الشاب هو الذي جعله يصل إلى المراحل المتقدمة وكان على بعد مباراة واحدة من التأهل لكأس العالم إن حافظ على فوزه على نظيره التايلاندي لكنه أهدر فرصة كانت ستمكنه من تكرار ما سبقه إليه منتخب الناشئين في سبتمبر عام 2002م بالإمارات حين بلغ نهائي كأس العالم للناشئين بفنلندا عام 2003م ولعب أمام البرتغال والكاميرون والبرازيل بأداء مذهل جعله يحصل على أفضل منتخب آسيوي في تلك النهائيات. إننا نشيد بما قدمه المنتخب الشاب ونأمل أن تكون الخطط التي يضعها المسئولون في الاتحاد الكروي بشأن المنتخب الأول بذات الجدية والتيسير وتذليل الصعاب أمام الجهازين الفني والإداري للمنتخبين الناشئين والشباب كي ينتقل النجاح ويشمل المنتخب الأول للخروج به من عقدة منتخب أبونقطة أو أبو هدف، واحتلال “مركز العِر” بلا نقاط.. فهو واجهة الكرة اليمنية والعمل على الارتقاء بعناصره مقدم على ما سواه من الأولويات ،وبخاصة في المشاركات الآسيوية والعربية والإقليمية. ومادام أن الأمور في بلادنا غير مهيأة لنحصل على إنجاز من منتخب يشعر من يلعب فيه من اللاعبين بأنهم الحلقة الأضعف ،فإننا نشيد باستمرار اتحاد العيسي في التحضير لبطولة الخليج من جهة ،واستمرار إقامة المباريات لدوري الأولى من جهة حتى الجولة العاشرة من دور الذهاب ،فذلك سيمنح اللاعبين مزيداً من الجاهزية اللياقية والفنية ،وسيفيد الجهاز الفني أيضاً إذا ما كان بعض لاعبي المنتخب سيتواجدون في المباريات مع أنديتهم والانخراط عند إتمام المباريات في المعسكر الإعدادي للمدرب الخواجة سكوب بمعية المدرب الوطني أمين السنيني صاحب الخبرة التدريبية مع المنتخبات اليمنية. أعيدوا منجز «أبو نقطة» لابد لاتحاد القدم وقد امتلك قوة الصمود في أجواء غير مواتية يمر بها الوطن أن يستمر في الإعداد لخوض منتخبنا الأول منافسات الدورة القادمة لخليجي 22 بصورة تؤكد قدرة اللاعب اليمني على التأقلم مع البطولة بمعزل عن الأوضاع المتردية الجارية، لأن هناك بعض السناريوهات المطروحة تشير إلى أن المشاركة اليمنية محفوفة بالمخاطر المتمثلة في أن المنتخب اليمني سيكون جسر عبور وسيتم تحطيم الأرقام القياسية في مرماه من قبل منافسيه في مجموعته ،وأن قدرات عنصر المنتخب الوطني محدودة ولا طاقة له بمقارعة نجوم الكرة الذين تسبقهم شهرتهم ببث الرعب في أوصال اللاعبين اليمنيين ...الخ هذه التسويقات.. وينبغي أن يعي الاتحاد الكروي في بلادنا أن هناك هالة إعلامية ومنابر صحفية تقوم على العمل بمعية منتخباتها ،فهي تمتلك مطابخ إعلامية تنتج الأنباء المكذوبة والمختلقة للإجهاز النفسي على المنتخبات المتنافسة معها.. ومع أن منتخبنا الوطني ليس مرشحاً ليكون منافساً على التأهل للدور الثاني ،وهو المرشح الوحيد للخروج المبكر من المسابقة من الدور الأول عطفاً على نتائجه السابقة ومستوى الدوري اليمني، إلا أن تلك المنابر الصحفية تمعن في التشكيك بقدرات لاعبينا على الصمود في الملعب أمام جبروت لاعبيها.. وهذا ما ينبغي على الجهازين الإداري والفني الالتفات إليه ،وإيجاد خطط وبرامج ترتفع بمعنويات وثقة لاعبينا بما يمتلكون، والاستعداد بالخطط والبرامج التي تصب في بناء سياج حصين للاعبي منتخبنا يقيهم من الشعور بالدونية والقزمية، متزامن مع إعدادهم لياقياً وفنياً واختيار النهج التكتيكي الذي يتناسب مع قدراتهم ويحقق بعض الوهج في المشاركة القادمة خليجياً. على أن يتم استرجاع ما حدث في بطولات خليجي 19 بمسقط و20 بعدن و21 بالمنامة كتغذية راجعة لمعرفة مواضع الضعف والثغرات التي أدت إلى الخسائر الست وعدم الحفاظ على منجز النقطة.. الذي انتقل من محطة المنجز إلى محطة الأمل بإنجازه.. فهل يتمكن منتخب سكوب والسنيني في (عهد العيسي ثري) من استعادة منجز منتخب أبو نقطة..؟! على الأقل هذا هو سقف الطموح للمشاركة اليمنية القادمة في خليجي 22 بجدة.