العليمي يستفرد بقرارات المجلس الرئاسي متجاوزا أعضاء المجلس    بغياب بن الوزير: سرقة مارب لنفط شبوة ومجزرة كهرباء عدن والمكلا    طبيب سعودي يتبرع بدمه لينقذ مريض يمني أثناء عملية جراحية (اسم الطبيب والتفاصيل)    استقالة مسؤول ثالث في الاحتلال الإسرائيلي.. والجيش يعلن عن اصابة نائب قائد كتيبة و50 آخرين خلال معارك في غزة    هجوم حوثي مباغت على قوات درع الوطن وسقوط قتلى وجرحى    ثورة على الأبواب...غليان شعبي في عدن يهدد بثورة شعبية ضد الحكومة بسبب تدهور خدمة الكهرباء    اشتراكي المكلا والديس يعقد اجتماعه الدوري    حماس تعلق على إعلان مصر التدخل لدعم دعوى "الإبادة الجماعية" ضد اسرائيل    بعد تصريحات حادة.. وزير الخارجية يلتقي المبعوث الأممي في عدن ويطرح عليه بقوة شرطة الشرعية للسلام    صبرا ال الحداد    اشتراكي المضاربة يعقد اجتماعه الدوري    استئناف إضراب نقابة عمال شركة النفط بمحافظة شبوة    وزير المياه والبيئة يزور محمية خور عميرة بمحافظة لحج مميز    عدن.. احتجاجات غاضبة تنديدا بانهيار خدمة الكهرباء لساعات طويلة    المبعوث الأممي يصل إلى عدن في إطار جولاته لإستئناف مفاوضات السلام مميز    الأمم المتحدة تعلن فرار مئات الآلاف من رفح بعد أوامر إسرائيل بالتهجير    خبير اقتصادي: قرار مركزي عدن بنقل قرات بنوك صنعاء طوق نجاة لتلك البنوك    فشل ذريع لكريستيانو رونالدو السعودي.. كيف تناولت الصحف العالمية تتويج الهلال؟    كوابيس كشفت جريمة مرعبة: فتاة صغيرة تنقذ نفسها من القتل على يد شقيقها والامن يلقي القبض على الاب قاتل ابنه!    بالصور.. قاعدة الدوري الأمريكي تفجر غضب ميسي    مبابي يطارد بيريز في احتفالية الليجا    "أطباء بلا حدود" تنقل خدماتها الطبية للأمهات والأطفال إلى مستشفى المخا العام بتعز مميز    بمشاركة «كاك بنك» انطلاق الملتقى الأول للموارد البشرية والتدريب في العاصمة عدن    إب .. وفاة أربع طفلات غرقا في حاجز مائي    مراكز ومدارس التشيّع الحوثية.. الخطر الذي يتربص باليمنيين    بدء اعمال مخيّم المشروع الطبي التطوعي لجراحة المفاصل ومضاعفات الكسور بهيئة مستشفى سيئون    التوظيف الاعلامي.. النفط نموذجا!!    المركز الوطني لعلاج الأورام حضرموت الوادي والصحراء يحتفل باليوم العالمي للتمريض ..    مصرع وإصابة 20 مسلحا حوثيا بكمين مسلح شرقي تعز    وفاة أربع فتيات من أسرة واحدة غرقا في محافظة إب    مصادر سياسية بصنعاء تكشف عن الخيار الوحيد لإجبار الحوثي على الانصياع لإرادة السلام    لو كان معه رجال!    لهذا السبب الغير معلن قرر الحوثيين ضم " همدان وبني مطر" للعاصمة صنعاء ؟    الحوثيون يطورون أسلوبًا جديدًا للحرب: القمامة بدلاً من الرصاص!    عاصفة مدريدية تُطيح بغرناطة وتُظهر علو كعب "الملكي".    الدوري المصري: الاهلي يقلب الطاولة على بلدية المحلة    أفضل دعاء يغفر الذنوب ولو كانت كالجبال.. ردده الآن يقضى حوائجك ويرزقك    "هذا الشعب بلا تربية وبلا أخلاق".. تعميم حوثي صادم يغضب الشيخ "ابوراس" وهكذا كان رده    إطلاق سراح عشرات الصيادين اليمنيين كانوا معتقلين في إريتريا    بعد فوزها على مقاتلة مصرية .. السعودية هتان السيف تدخل تاريخ رياضة الفنون القتالية المختلطة    بلباو يخطف تعادلًا قاتلًا من اوساسونا    أطفال غزة يتساءلون: ألا نستحق العيش بسلام؟    شاهد:ناشئ يمني يصبح نجمًا على وسائل التواصل الاجتماعي بفضل صداقته مع عائلة رونالدو    بالفيديو...باحث : حليب الإبل يوجد به إنسولين ولا يرفع السكر ويغني عن الأطعمة الأخرى لمدة شهرين!    هل استخدام الجوال يُضعف النظر؟.. استشاري سعودي يجيب    قل المهرة والفراغ يدفع السفراء الغربيون للقاءات مع اليمنيين    اليمن يرحب باعتماد الجمعية العامة قرارا يدعم عضوية فلسطين بالأمم المتحدة مميز    مثقفون يطالبون سلطتي صنعاء وعدن بتحمل مسؤوليتها تجاه الشاعر الجند    هناك في العرب هشام بن عمرو !    هل الموت في شهر ذي القعدة من حسن الخاتمة؟.. أسراره وفضله    اكلة يمنية تحقق ربح 18 ألف ريال سعودي في اليوم الواحد    في رثاء الشيخ عبدالمجيد بن عزيز الزنداني    بسمة ربانية تغادرنا    بسبب والده.. محمد عادل إمام يوجه رسالة للسعودية    عندما يغدر الملوك    قارورة البيرة اولاً    بلد لا تشير إليه البواصل مميز    وزير المياه والبيئة يبحث مع اليونيسف دعم مشاريع المياه والصرف الصحي مميز    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مديرية شبام كوكبان أنموذجاً
الثروات والكنوز الحضارية والمدن التاريخية في محافظة المحويت
نشر في الجمهورية يوم 13 - 11 - 2014

يسرّني أن أهدي هذا المادة إلى كل أبناء اليمن الذين يعملون في قطاع السياحة وخدماتها.. أليس جامع مدينة شبام يكاد يكون توأماً لجامع مدينة صنعاء، ولا سيما وأن الدولة اليعفرية قد جدّدت بناء جامع صنعاء بعد الخراب الذي حدث له نتيجة السيول الجارفة.. وإنني أهيب بجميع الشباب اليمني أن يعملوا بكل قواهم وخبراتهم لاستغلال كافة الثروات المعدنية والزراعية والسياحية والعلمية من أجل يمنٍ أفضل، وندع التراكمات التاريخية التي حدثت من بعد الإسلام إلى الآن وننظر إلى المستقبل..
لقد أجمع الخبراء الدوليون في مجال السياحة أن اليمن تملك ثروة سياحية فريدة من نوعها، وهذا صحيح، أليس عندنا شواطئ على امتداد البحر الأحمر وخليج عدن لا تقل عن ألفي كيلومتر؟، اليمن مؤهلة لأن تستقبل جميع هواة السياحة البيئية والسياحة الإسلامية وسياحة التسلق وسياحة الصحراء وسياحة الغوص، ولديها الآلاف من الحصون والقلاع والقصور التاريخية التي لا توجد لدى دول الجوار، الدول التي ثرواتها مهددة بالنفاد، بينما اليمن ثابتة راسخة رسوخ الجبال، ونورد كمثال لذلك أحد النساء من شبام وهي المرحومة حميدة الغادر والتي تعمل في مجال الفندقة السياحية وتجذب آلاف السياح من الأجانب ومن اليمنيين، فالسياحة تجعل أطفالنا في مدينة ثلاء يتكلمون عدة لغات، وهو ما يؤكد إن مستقبلنا واعد في مجال السياحة، أما في مجال استغلال الثروات الأخرى في اليمن فإن تم فإنه سيجعلنا نستغني عن المعونات الأجنبية، إن عدوكم الأكبر يا أبنائي الشباب هو الفساد لا غيره..
مديرية شبام كوكبان
مديرية شبام كوكبان تقع في محافظة المحويت في أقصى شمال شرق المحافظة، وإلى الشمال الغربي من العاصمة صنعاء على بعد نحو 42كم. يحدها من الشمال مديرية ثلاء (محافظة عمران)، ومن الجنوب مديريتا: بني مطر والحيمة الداخلية (محافظة صنعاء)، ومن الشرق مديريتا: همدان وبني مطر (محافظة صنعاء)، ومن الغرب مديرية الطويلة. ومركز المديرية مدينة شبام، وتضم المديرية (58قرية) تشكل 4عزل هي: الأهجر، الزبيرات، شبام، ضلاع وكوكبان. وتبلغ مساحة المديرية 196كم2، ويبلغ عدد سكان المديرية 39.889 نسمة، وذلك حسب نتائج التعداد العام للسكان والمساكن للعام 2004م.
مدينة شبام كوكبان
ورد في (لسان العرب لإبن منظور، وشمس العلوم لنشوان الحميري)؛ شبم: الشَّبَمُ، بالتحريك: البَرْدُ. ابن سيده: الشَّبَمُ بردُ الماء. يقال: ماء شَبِمٌ ومطر شَبِمٌ وغداةٌ ذاتُ شَبَمٍ، وماء شَبِمٌ: بارد. وفي حديث النبي عليه الصلاة والسلام برواية جرير: “خيرُ الماء الشَّبِمُ، أي البارد، وخير المال الغنم، وخير المرعى الأراك والسَّلَم”. وفي معجم البلدان لياقوت الحموي ورد؛ شِبَام: بكسر أوله، خشبة تُعرض في فم الجدي لئلا يرتضع، والشَّبَمُ: البرد.
وشبام مدينة معروفة تحت حصن كوكبان هي اليوم مركز مديرية شبام كوكبان محافظة المحويت وتتكون من 19 حارة وعدد سكانها في تعداد 2004 م بلغ 7462 نسمة، وتقع مدينة شبام كوكبان إلى الشمال الغربي من صنعاء على بعد نحو (43كم) تقريباً. وتعتبر واحدة من المدن ذات التاريخ العريق التي تعود إلى ما قبل (القرن السابع قبل الميلاد)، وأول ظهور لها كان في نقش النصر الموسوم ب(3945RES.) الذي دونه “كرب إل وتر بن ذمار علي” مكرب سبأ في (القرن السابع قبل الميلاد) حيث أشار إلى أنها كانت واحدة من مدن مملكة “نشن” مدينة السوداء في الجوف إلى جانب “وادي ضهر” وغيرها، وبعد أن هزم هذا المكرب ملك مملكة “نشن” المدعو (س م ه ى ف ع) ضم كل ممتلكاته إلى مملكة سبأ، وبعدها بدأ السبئيون يتجهون إلى الاستيطان في قيعان الهضبة الوسطى خاصة قاع البون وقاع الرحبة وصنعاء وقاع سهمان وقاع جهران، وأقيمت عليهم وفي أطرافهم العديد من المدن السبئية، وشبام واحدة من المدن التي استوطنها السبئيون لتوسيع رقعة الدولة السبئية وتثبيت أركانها وتأمين حدودها، وانتقلت إلى هذه المدينة بعض العشائر السبئية نسبة إلى “سبأ القبيلة” وليس “سبأ الدولة” ، والعشائر الفيشانية نسبة إلى “قبيلة فيشان” وهي شريكة “قبيلة سبأ” وهما القبيلتان اللتان باتحادهما كونتا “دولة سبأ” ،بعد القرن السابع قبل الميلاد أصبحت مدينة شبام كوكبان (الواقعة في محافظة المحويت) مدينة سبئية محضة وتتميز عن شبام الغراس (الواقعة في مديرية بني حشيش بمحافظة صنعاء) بأنها تُكتب في النقوش بصيغة “ش بم” بينما الأولى تُكتب “ش ب م م” وتميز أيضاً بشبام أقيان ويذكر لنا أحد نقوش القرنين الأول والثاني الميلاديين حدوث مشكلة بين كبير أقيان شبام ومركز الدولة الحاكمة في سبأ وقد ذهب على إثرها كبير أقيان، كبير تعني اصطلاحاً حاكم منطقة إدارية محدودة بتجمع قبلي معين إلى مأرب لحل تلك المشكلة وتدل هذه الحادثة على إن مدينة شبام كان لها مركز الصدارة لدى الأسرة التقليدية الحاكمة في مأرب، وقد وصلت هذه المدينة إلى رقي ثقافي وديني رفيع تمثّل بنحت الصخور لتشكّل فيها غرفاً تم استخدامها كمقابر، وهي تنتشر على صخور جبل اللو، جبل ذخار حالياً المواجهة للمدينة، وفي الجانب الديني فقد كان هناك معبد عثتر والمقه على سفح جبل اللو يشرفان على المدينة، وشيّدت الطريق إليهما وهي اليوم طريق المشاة الصاعدة في جنوب غرب المدينة والتي تصل إلى الأعلى، إلى كوكبان وفي الفترة الإسلامية سُميت شبام يعفر نسبة إلى الملوك من آل يعفر الذين اتخذوها عاصمة لدولتهم خلال الفترة من 847-997م وأقاموا فيها التحصينات الدفاعية والأسوار فضلاً عن القصور والمساجد والحمامات والأسواق ويرتبط الجامع الكبير في شبام كوكبان باليعفرية.
وقد ذكر العلامة المرحوم أحمد محمد قاطن الحبابي في كتابه (إتحاف الأحباب بدمية القصر الناعتة لمحاسن بعض أهل العصر) أن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب، رضي الله عنه ذكر شبام في أبيات قالها أيام صفين.
وهي:
تيّممت همدان الذين همُ همُ
إذا ناب أمرٌ جنَّتي وسهامي
وناديتُ فيهم دعوة فأجابني
فوارس من همدان غير لئامِ
فوارس ليسوا في العجاج بِعُزّلٍ
غداة الوغى من شاكرٍ وشبامِ
وقد ذكر ياقوت الحموي في كتابه (معجم البلدان) أن أحمد بن محمد بن إسحاق الهمداني قال عن شبام: بصنعاء شبام وهو جبل عظيم فيه شجر وعيون وشُرب صنعاء منه، وبينها وبينه يوم وليلة، وهو جبل صعب المرتقى ليس إليه إلا طريق واحد وفيع غِيران، وكهوف عظيمة جداً، ويسكنه ولد يُعفِر، ولهم فيه حصون عجيبة هائلة، وذروته واسعة فيها ضياع كثيرة وكروم ونخيل، والطريق إلى تلك الضياع على دار الملك، وللجبل باب واحد مفتاحه عند الملك، فمن أراد النزول إلى السهل في حاجة دخل على الملك فأعلمه ذلك فيأمر بفتح الباب، وحول الضياع والكروم جبال شاهقة لا مسلك فيها ولا يعلم أحد ما وراءها، ومياه هذا الجبل تصبّ إلى سدٍّ هناك، فإذا امتلأ السدّ ماء فتح فيجري إلى صنعاء ومخاليفها، وبينه وبين صنعاء ثمانية فراسخ، قال الشاعر:
ما زال ذا الزمنُ الخبيثُ يُديرُني
حتى بنى لي خيمةً بشبامِ
وكانت شبام في العصر الإسلامي قاعدة ملوك بني يعفر الحواليين، ودار عزّهم؛ وصفها الهمداني في (الإكليل) و (صفة جزيرة العرب) بقوله: «شبام أقيان: قريةٌ بها مملكةُ بني حِوال، وحارب يعفر بن عبدالرحمن الحوالي بها قوَّادَ المعتصم والواثق والمتوكل: منصور بن عبدالرحمن التنوخي، وعبدالرحمن بن جعفر الهاشمي، والشيّر، ويسميه العجم (الشارباميان)، وجعفر بن دينار الخيّاط فردَّهم وفلَّهم، وأزال رؤساء كانوا باليمن، ويقال: إنها سُميت بشبام بن عبدالله: رجل من همدان توطّنها، واسمها القديم (يَحْبُس)، ويسكنها مع الحواليين آلُ ذي جَدَن، ومن بقايا الأقيانيين».
من أهم المعالم التاريخية والأثرية
المجمع التعبّدي في جبل اللو (جبل ذخار):تشير كثير من النقوش التي عُثر عليها في جدران المباني الحديثة إلى أن جبل اللو الذي يُطلق عليه اليوم ذخار كان يضم في قمته مجمّعاً تعبّدياً دينياً، يشمل معبدين كبيرين؛ الأول للإله عثتر والثاني للإله المقه، وإليهما كان سكان المدينة يتوجهون بالطقوس الدينية المختلفة، وكانت هناك طريق تصل بين المدينة عند سفح الجبل والمعبدين في أعلى قمة الجبل، وهي اليوم نفسها طريق المشاة التي تقع جنوب غرب المدينة والتي تصل اليوم إلى بوابة مدينة كوكبان في أعلى قمة الجبل، إلا أن المدينة في وقتنا الحاضر بدأ الأهالي يعملون على نقل أحجار المعبدين لاستخدامها في المباني التي تم إنشاؤها في الفترة اللاحقة، وهذا ما يتضح للزائر لهذه المدينة من تباين أحجار المباني ما بين أحجار أثرية وأحجار حديثة الهندام. والبعض بنوا مداخل المنازل الحديثة بعتبات علوية من نقوش ذلك المعبدين وعلى جدران المباني اليوم الكثير من النقوش المكتوبة بخط المسند استخدمت كحلية معمارية تزيّن بها المباني الحديثة. أما الطريق القديمة التي تربط بين مدينة شبام والمعبدين فهي لازالت موجودة وتسمى حالياً عقبة كوكبان وتم استخدام الطريق في العصور التاريخيةاللاحقة حتى الآن وهي طريق منحوتة بالصخور وأثناء الحروب مع العثمانيين كانت تلك الطريق تُغلق من أعلى الجبل بواسطة سقاطات حجرية ضخمة، وبذلك لا يمكن الصعود إلى حصن كوكبان لأنه مُحاط بتحصينات طبيعية صعبة المرتقى.
الجامع الكبير:
يقع الجامع وسط مدينة شبام كوكبان، ويرتبط بالدولة اليعفرية التي اتخذت شبام عاصمة لها، ويعود تاريخ بناء هذا الجامع – كما يُعتقد – إلى قبل عام (300ه / 913م)، ولعله من بناء الأمير أسعد بن يعفر، أو محمد بن يعفر، ثم تواصل فيه التجديد والتعمير حتى نهاية الدولة اليعفرية. وقد تعرّض الجامع للتلف والخراب حتى أُعيد تجديده في العصر العثماني، وزخرفة سقف الجامع على غرار سقف الجامع الكبير في صنعاء، وفيه أعمدة رخام قديمة ونقوش مسند حجرية. وتأتي أهمية هذا الجامع من قدم تاريخ بنائه، إضافة إلى تخطيطه المعماري الذي يعتبر صورة مصغرة للجامع الكبير بصنعاء وتخطيطه على نمط التخطيط الشائع في الجوامع الأولى التي انتشرت في معظم أرجاء العالم الإسلامي وهو ذو الصحن المكشوف وتحيط به أربعة أروقة أكبرها رواق القبلة وتوجد سمات مشتركة بين زخرفة مصندقاتة وبين زخارف مصندقات الرواق الشمالي للجامع الكبير بصنعاء من حيث تشابه العناصر الزخرفية التي زيّنت سقفه.
شبام.. هجرة علمية
لقد كانت شبام هجرة علمية مشهورة، فكانت قبلة للعلماء والمتعلّمين، وقد ذكرها المرحوم القاضي إسماعيل بن علي الأكوع في كتابه (هجر العلم ومعاقله في اليمن) وترجم للكثير من أعلامها حيث بلغوا (56)علماً، وذكر أن شبام بلدة عامرة في الغرب الشمالي من صنعاء على بعد نحو 40كم، كانت تُدعى (شبام أقيان) و (شبام حمير) واليوم غلب عليها اسمُ (شبام كوكبان) لوقوعها في السفح الشرقي لجبل ذُخار الذي يقع في ذُروته حصنُ كوكبان. كان لها ذكرٌ قبل الإسلام. ومن أعلامها الذين ترجم لهم نوردهم على النحو التالي:
يعفر بن عبدالرحمن بن كريب الحوالي:مؤسس الدولة اليعفرية التي استمرت أكثر من خمسين ومئة سنة. وصفه الهمداني بقوله: وكان أرجل من قام في الإسلام، وحارب من قواد السلطان منصور بن عبدالرحمن التنوخي، وعبدالرحيم بن جعفر الهاشمي، والشير (ويسميه العجم الشارباميان)، وجعفر بن دينار الخياط، ونابذ الواثق والمتوكل، وأزال رؤساء كانت باليمن، وكان أكرم ملوك حمير في الإسلام؛ من ذلك أن حضرموت وكندة تداعوا إلى السِّلم عن حرب بَرَّحَت بهم، ونهكت فيهم، فحكمت حضرموت على كندة بثلاثين ديَة؛ منها عشرُ ديات في رؤساء، فضاقت عنها كندة، ورأت أن يخرج من وجوهها رجالٌ إلى كل ملك من ملوك اليمن الثلاثة؛ وهم يُعفر، وأبو إسحاق الجَعفَري، والشراحي، فبدأوا بيعفر فلقيهم بالبشر والتَّبجيل، ونزَّلهم فأكرم منزلهم، ثم أذن لهم فأُدخلوا عليه، فسألهم عن أحوالهم ومقصدهم، فأظهروه على فُص الخبر، فقال: عودوا إلى منزلكم فلن تروا إلا ما تحبون،فأخرج إليهم بعد الحباء والجوائز ثلاثين دية في كيس، وقال: قد رأيتُ أن أصونَ جاهكم عن غيري، وأحملَ عنكم جميع ما حُمِّلتم وأُصر عنكم المشقة وطول السفر.. وكان الأمير يعفر يريد أن يستقل بحكم إمارته عن الدولة العباسية، ولهذا فإنه ما فتئ يحارب بعض ولاتها منذ سنة 230ه حتى انتقلت الإمارة في عهده إلى ابنه محمد بن يعفر..
أحمد بن علي بن أحمد بن مفتاح الهيصمي: عالمٌ مشاركٌ في الفقه وعلوم العربية، اشتغل معظم حياته بالأعمال الحكومية فكان مديراً للمدرسة الأحمدية في تعز، وعمل مع الحسن بن الإمام يحيى بن حميد الدين حينما كان أميراً على لواء إب، حينما كان نائباً للإمام أحمد في صنعاء، ثم تعيّن رئيساً للبعثة اليمنية الطلابية في مصر لسنوات عديدة حتى صار مستشاراً ثقافياً، وكان له عناية تامة بهم وبرعايتهم والاهتمام بهم، وصار بعضهم اليوم يشغلون مناصب كبيرة مرموقة في الدولة. مولده في روحان سنة 1333ه وعاش مع والده في شبام. وقد عرفته عن قُرب عندما كنت طالباً في القاهرة في منتصف الستينيات من القرن العشرين، ولقد تولى رحمه الله رعايتي والاهتمام بي، وعندما كنت أحتاج إلى (سلفة) كان يقوم بإعطائي جزءاً من منحتي مقدماً والتي كانت في البداية خمسة جنيهات، وبعد أن التحقت بجامعة الأزهر زادت إلى عشرة جنيهات، وكان يعتبر مثالاً للمسئول الأب الذي كان يرعى جميع الطلاب في القاهرة في الستينيات من القرن العشرين لا يفرق بين طالب وطالب آخر وكان يحنو على مريضهم ويواسي محتاجهم ويتابع من تعثّر في الدراسة منهم، ويحل مشاكله ويتواصل مع أسرته والجامعة التي يدرس فيها، وإنني واثق أن الطلاب اليمنيين من زملائي في ذلك التاريخ له من الذكريات الجميلة التي لا يمكن أن تُنسى.
ومن المراجع التي رجعنا إليها
عند إعداد هذا المقال:
- (نتائج المسح السياحي في الفترة 1996-1999م)
- (معالم الآثار اليمنية/إعداد المرحوم القاضي حسين أحمد السياغي/من إصدارات مركز الدراسات والبحوث اليمنيةصنعاء)، (هجر العلم ومعاقله في اليمن/ للقاضي المرحوم إسماعيل بن علي الأكوع)
- (معجم البلدان والقبائل اليمنية/للباحث الكبير الأستاذ/إبراهيم بن أحمد المقحفي/ طبعة2011م)
- (مجموع بلدان اليمن وقبائلها/للعلامة المرحوم محمد الحجري)
- (اليمن.. دراسة موجزة للمحافظات/تأليف المرحوم الأستاذ عبدالله بن أحمد الثور/ مطبوعات مطبعة الاستقلال الكبرى – القاهرة)
- (اليمن الكبرى/للمرحوم العلامة حسين بن علي الويسي)
- (إتحاف الأحباب بدمية القصر الناعتة لمحاسن بعض أهل العصر/تأليف العلامة المرحوم أحمد بن محمد قاطن الحبابي المقحفي/ تقديم وتحقيق عبدالرحمن بن عبدالقادر المعلمي/مكتبة الإرشاد صنعاء2008م)
- (اليمن، شماله وجنوبه، تاريخه، وعلاقاته الدولية/محمود كامل المحامي/دار بيروت للطباعة والنشر)
- ومن المراجع الالكترونية: موقع المركز الوطني للمعلومات.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.