باريس سان جرمان بطلا للدوري الفرنسي    طلاب جامعة حضرموت يرفعون الرايات الحمراء: ثورة على الظلم أم مجرد صرخة احتجاج؟    كيف يزيد رزقك ويطول عمرك وتختفي كل مشاكلك؟.. ب8 أعمال وآية قرآنية    عودة الحوثيين إلى الجنوب: خبير عسكري يحذر من "طريق سالكة"    "جيل الموت" يُحضّر في مراكز الحوثيين: صرخة نجاة من وكيل حقوق الإنسان!    مذكرات صدام حسين.. تفاصيل حلم "البنطلون" وصرة القماش والصحفية العراقية    جماعة الحوثي تعلن حالة الطوارئ في جامعة إب وحينما حضر العمداء ومدراء الكليات كانت الصدمة!    النضال مستمر: قيادي بالانتقالي يؤكد على مواجهة التحديات    أسئلة مثيرة في اختبارات جامعة صنعاء.. والطلاب يغادرون قاعات الامتحان    كيف حافظ الحوثيون على نفوذهم؟..كاتب صحفي يجيب    الدوري الانكليزي الممتاز: مانشستر سيتي يواصل ثباته نحو اللقب    هيئة عمليات التجارة البريطانية تؤكد وقوع حادث قبالة سواحل المهرة    يوميا .. إفراغ 14 مليون لتر إشعاعات نووية ومسرطنة في حضرموت    الوزير الزعوري يطّلع على الدراسة التنموية التي أعدها معهد العمران لأرخبيل سقطرى    قيادات الجنوب تعاملت بسذاجة مع خداع ومكر قادة صنعاء    كل 13 دقيقة يموت طفل.. تقارير أممية: تفشٍّ كارثي لأمراض الأطفال في اليمن    طوارئ مارب تقر عدداً من الإجراءات لمواجهة كوارث السيول وتفشي الأمراض    البنك الإسلامي للتنمية يخصص نحو 418 مليون دولار لتمويل مشاريع تنموية جديدة في الدول الأعضاء    ميسي يقود إنتر ميامي للفوز على نيو إنجلاند برباعية في الدوري الأمريكي    بايرن ميونيخ يسعى للتعاقد مع كايل ووكر    الدوري الانكليزي الممتاز: ارسنال يطيح بتوتنهام ويعزز صدارته    اشتراكي الضالع ينعي رحيل المناضل محمد سعيد الجماعي مميز    العلامة الشيخ "الزنداني".. رائد الإعجاز وشيخ اليمن والإيمان    العليمي يؤكد دعم جهود السعودية والمبعوث الأممي لإطلاق عملية سياسية شاملة في اليمن    - نورا الفرح مذيعة قناة اليمن اليوم بصنعاء التي ابكت ضيوفها    على خطى الاحتلال.. مليشيات الحوثي تهدم عشرات المنازل في ريف صنعاء    من هنا تبدأ الحكاية: البحث عن الخلافة تحت عباءة الدين    الشبكة اليمنية تدين استمرار استهداف المليشيا للمدنيين في تعز وتدعو لردعها وإدانة جرائمها    الفنانة اليمنية ''بلقيس فتحي'' تخطف الأضواء بإطلالة جذابة خلال حفل زفاف (فيديو)    قضية اليمن واحدة والوجع في الرأس    بالصور.. محمد صلاح ينفجر في وجه كلوب    مئات المستوطنين والمتطرفين يقتحمون باحات الأقصى    وفاة فنان عربي شهير.. رحل بطل ''أسد الجزيرة''    أسعار صرف العملات الأجنبية أمام الريال اليمني    ضبط شحنة أدوية ممنوعة شرقي اليمن وإنقاذ البلاد من كارثة    مجهولون يشعلون النيران في أكبر جمعية تعاونية لتسويق المحاصيل الزراعية خارج اليمن    طالب شرعبي يعتنق المسيحية ليتزوج بامرأة هندية تقيم مع صديقها    شرطة أمريكا تواجه احتجاجات دعم غزة بسلاح الاعتقالات    تضامن حضرموت يحسم الصراع ويبلغ المربع الذهبي لبطولة كرة السلة لأندية حضرموت    فريدمان أولا أمن إسرائيل والباقي تفاصيل    دعاء يغفر الذنوب لو كانت كالجبال.. ردده الآن وافتح صفحة جديدة مع الله    اليمنية تنفي شراء طائرات جديدة من الإمارات وتؤكد سعيها لتطوير أسطولها    مصلحة الدفاع المدني ومفوضية الكشافة ينفذون ورشة توعوية حول التعامل مع الكوارث    وصول أول دفعة من الفرق الطبية السعودية للمخيم التطوعي بمستشفى الأمير محمد بن سلمان في عدن (فيديو)    القات: عدو صامت يُحصد أرواح اليمنيين!    وزارة الحج والعمرة السعودية تحذر من شركات الحج الوهمية وتؤكد أنه لا حج إلا بتأشيرة حج    «كاك بنك» يدشن برنامج تدريبي في إعداد الخطة التشغيلية لقياداته الإدارية    الذهب يتجه لتسجيل أول خسارة أسبوعية في 6 أسابيع    القبض على عصابة من خارج حضرموت قتلت مواطن وألقته في مجرى السيول    الزنداني لم يكن حاله حال نفسه من المسجد إلى بيته، الزنداني تاريخ أسود بقهر الرجال    «كاك بنك» يشارك في اليوم العربي للشمول المالي 2024    أكاديمي سعودي يلعنهم ويعدد جرائم الاخوان المخترقين لمنظومة التعليم السعودي    من كتب يلُبج.. قاعدة تعامل حكام صنعاء مع قادة الفكر الجنوبي ومثقفيه    نقابة مستوردي وتجار الأدوية تحذر من نفاذ الأدوية من السوق الدوائي مع عودة وباء كوليرا    الشاعر باحارثة يشارك في مهرجان الوطن العربي للإبداع الثقافي الدولي بسلطنة عمان    - أقرأ كيف يقارع حسين العماد بشعره الظلم والفساد ويحوله لوقود من الجمر والدموع،فاق العشرات من التقارير والتحقيقات الصحفية في كشفها    لحظة يازمن    لا بكاء ينفع ولا شكوى تفيد    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



شبام المحويت..
قبلة السياح الأولى ومتنفس العاصمة صنعاء!
نشر في الجمهورية يوم 14 - 05 - 2011

شبام مدينة جميلة تحتضن زوارها وتجذبهم للعودة إليها مراراً وتكرراً وذلك لطيب هوائها ولجمالها الفريد الذي يجمع بين عبق التاريخ وبين جمال الحاضر، لايزال التراث اليمني الأصيل هو ما يميز هذه المدينة ..عندما تقصد مدينة شبام ينتابك شعور بالسعادة وسط جمال الطبيعة الذي يأسرك ويتجه بك نحو عالم من الإحساس المرهف لسحر التراث الذي يبرز في طياته تاريخاً مشرقاً صنعه اليمانيون القدماء فالتجارب الإنسانية سواء الاقتصادية أو الاجتماعية أو الثقافية تكتنز المخزونات التراثية المادية والمعنوية التي تمثل ذاكرة الشعوب بامتياز.
شبام كوكبان مدينة تعشق زائريها وتمنحهم غراماً من نوع خاص تجدها ليلاً نائمة بأحضان جبل كوكبان الذي يضفي عليها جمالاً طبيعياً وهو يرسل لها ذبذبات على موجات الشوق والإبداع الإلهي ليجعلها فاتنة تغازل القلوب والأفئدة دون استئذان على أوتار الغنج والأحاسيس المرهفة، لا سيما عندما تكشف مفاتنها السبئية والحميرية ينتابك شعور بالعشق والغرام لهذه المدينة التي كافأها قاطنوها ومحليوها بسهام من اللامبالاة "الجمهورية" أعدت هذا الملف الذي يفرد صفحاته لدرة شبام كوكبان ومقوماتها السياحية.. شبام كوكبان واحدة من المدن ذات التاريخ العريق وهي بوابة المحويت الشرقية يعود تاريخها إلى ما قبل القرن السابع قبل الميلاد وأول ظهور لها حسب المؤرخين كأن في نقش النصر الموسوم ( ب res3945) والذي دونه "كرب آل وتر بن ذمار على مكرب سبأ في القرن السابع قبل الميلاد، إلى جانب "مدينة السوداء في الحوف ووادي ضهر وغيرها، وبعد أن هزم هذا المكرب ملك مملكة نشن ضم شبام كوكبان إلى مملكة سبأ، وبعدها بدأ السبئيون يتجهون إلى الاستيطان في قيعان الهضبة الوسطى خاصة قاع البون وقاع الرحبة وصنعاء وقاع سهمان وقاع جهران، وأقيمت في تلك القيعان وأطرافها العديد من المدن السبئية. ومدينة شبام واحدة من المدن التي استوطنها السبئيون لتوسيع رقعة الدولة السبئية وتثبيت أركانها وتأمين حدودها وانتقلت إلى هذه المدينة بعض العشائر السبئية نسبة إلى سبأ القبيلة وليس سبأ الدولة وقد وصلت هذه المدينة مستوى متقدما من الرقي الثقافي والديني تمثل في النحت الصخري لتشكل فيها غرف تم استخدامها كمقابر وتنتشر هذه المقابر على صخور جبل ذخار المواجهة لمدينة شبام.
تاريخ مشرق للمدينة
مدينة شبام كانت قديماً تسمى »يحبس» وهو اسم حميري من نسل أقيال حمير وسميت شبام نسبة لشبام بن عبدالله بن جشم بن حاشد الذي سكنها وتختبئ مدينة شبام خلف سورها الحصين الذي يرجع بناؤه للقرن التاسع الميلادي والذي وصفه قطب الدين النهرواني أثناء فتح الوالي العثماني سنان باشا التركي للمدينة في مطلع القرن السادس عشر الميلادي بأنه سور من الطين الشديد كالحديد وقد كانت تتخلل السور أربع بوابات تم هدمها من قبل القوات العثمانية ولم يعد باقياً منها سوى باب المدينة، وإلى جانب التاريخ العريق لمدينة شبام فإنه مازالت شبام تضم عدداً من المعالم الإسلامية القديمة كالمساجد والأضرحة والأبنية القديمة التي تعود للعصور الوسطى وتربط شبام بكوكبان طريق قديمة مازالت موجودة وتسمى حالياً عقبة كوكبان، وقد تم استخدام هذا الطريق في العصور الوسطى وهي طريق منحوتة في الصخور، وكانت تلك الطريق تغلق من أعلى الجبل أثناء الحروب بواسطة سقاطات حجرية، وبذلك لا يمكن الصعود إلى حصن كوكبان؛ لأنه محاط بتحصينات طبيعية صعبة المرتقى. وتتميز منازل مدينة شبام كوكبان بطابعها المعماري الفريد والذي يعكس براعة اليمنيين في الهندسة المعمارية وتشكل البيوت لوحات معمارية وزخرفية رائعة في التناسق والجمال.
الجامع الكبير بشبام
يقع الجامع وسط مدينة شبام كوكبان بُني في القرن الثالث الهجري وينسب بناؤه للأمير اليعفري أسعد بن أبي يعفر "282 331" هجرية وتأتي أهمية الجامع لقدم بنائه، إضافة إلى تخطيط هذا الجامع على نمط الجوامع الأولى التي انتشرت في معظم أرجاء العالم الإسلامي، وهو ذو الصحن المكشوف وتحيط به أربعة أروقة، أكبرها رواق القبلة وتوجد سمات مشتركة بين زخرفة مصندقات الجامع وبين زخرفة مصندقات الرواق الشمالي للجامع الكبير بصنعاء.
دراسة أثرية
ولما يحظى به الجامع قام الصندوق الاجتماعي للتنمية بإعادة ترميمه حيث يقول أخصائي الآثار القديمة، رئيس الفريق الأثري بجامع شبام المهندس حسين العيدروس: نتيجة لما تعرض له جامع شبام كوكبان من إهمال كبير ولفترة زمنية طويلة وكانت نتائج هذا الإهمال وخيمة ولكون هذا الجامع يُعد معلماً أثرياً نادراً فقد قام الصندوق الاجتماعي للتنمية بتقديم التمويل المالي لهذا المشروع وأوكلت إلينا مهمة الإشراف على تنفيذ جزء من توثيق الآثار قبل البدء بأعمال الترميم والصيانة وذلك بحفر مجسات اختبارية أثرية، إلى جانب التوثيق الأثري المعماري في الجامع ومحيطه الخارجي وقد حددت بعض الأهداف العلمية من وراء ذلك، منها التعرف على المراحل الأولى لبناء وتأسيس الجامع ومعرفة التوسعات التي طرأت عليه منذ تأسيسه والمراحل التي مر بها ومعرفة العلاقة بين الجامع ومحيطه، لاسيما وأن ثمة مؤشرات تدل على أن المنطقة قد استوطنت ولعبت دورا مهما قبل الإٍسلام والشواهد المعمارية والفنية وكذلك النقوش القديمة.
بالإضافة إلى معرفة أساليب وأنماط البناء والمواد المستخدمة ومصادرها سواءً في الجامع أو محيطه والتعرف على أسباب ومصادر الضرر التي تعرض لها الجامع ومازال يتعرض لها والتأكد من احتمال إنشاء الجامع على أنقاض مبانٍ قديمة وربما مبان هامة تعود لمرحلة ما قبل الإسلام لما للموقع من مميزات طبوغرافية من دلالات على أهميته فهو مركز المدينة وكذلك فإن مواد بناء الجامع والمباني المجاورة كالحجارة الكبيرة وأساليب تشكيلها يدل دلالة واضحة على أنها معادة الاستخدام من مبانٍ مرحلة ما قبل الإسلام بالفعل، كما أن مهمة الفريق توثيق المواد الأثرية والقطع الفنية والنقوش المسندية في الجامع ومحيطه كونها مصدراً هاماً من مصادر كتابة التاريخ.
الجامع بُني على أنقاض قديمة
وحول النتائج التي توصل إليها الفريق الأثري قال العيدروس: خلال فترة زمنية غير متواصلة تم حفر عدد "18" مجساً أثرياً معمارياً، بالإضافة إلى توثيق السوق القديم والبوابة الشرقية للمدينة ومن خلال المجسات اتضح مايلي: إن الجامع بالفعل بني على أنقاض مبانٍ قديمة تعود لمرحلة ماقبل الإسلام وقد تم الكشف عن جزء من أرضية مبلطة ببلاطات حجرية على عمق " 3.5م" تقريباً عند حفر أحد المجسات في صحن الجامع وقد تم أخذ عينات من الكربون هي آخر الطبقات الأثرية والتي مازلنا ننتظر النتائج أن جميع أساسات الجامع في كل الاتجاهات قد وضعت على أرضية صخرية من الحجر الرملي وأن جميع هذه الأساسات المدفونة ليست مبطنة من الجهتين بأية مادة لاحمة كالقضاض مثلاً، ولكن وضعت بعض الكسر الصغيرة من الحجارة "شلف" في الفراغات فيما بين حجارة البناء ولذلك تسربت المياه عبرها إلى داخل ردميات أرضية الجامع مما أدى إلى انتشار الرطوبة بشكل كبير أسفل أرضية الجامع؛ ولذلك ظهرت أعراض واضحة على الجدران والأعمدة وتحللت بعض الأحجار الكلسية الصغيرة وخرجت عن مواضعها وبالتالي حدث هبوط في الجدران الرئيسية والفرعية ومالت بعض الأعمدة والجدران بشكل واضح باتجاه الغرب.
نتائج مبهرة
ويواصل العيدروس عن نتائج دراسة الفريق الأثرية لجامع شبام كوكبان بقوله: أكدت المجسّات المختارة التباين الواضح في أساليب البناء في جميع أروقة الجامع وخارجه وتشابه أسلوب بناء بعض الأساسات من الخارج وخاصة الواجهة الشرقية من أسلوب البناء في عصر الدولة السبئية كما هو الحال في معبد أوام مأرب على سبيل المثال، كما أوضحت المجسّات تفاصيل التطورات والاستحداثات المعمارية على الجامع في جميع اتجاهاته، ولعل مرور الجامع قبل التوسعة الكبيرة له في عهد الدولة اليعفرية بثلاث مراحل أساسية لرفع مناسيب وأرضيات الجامع من الداخل، وربما كان ذلك بسبب استمرار الرطوبة في الجامع وأظهرت النتائج أيضاً أن استخدام بعض مواد البناء الرئيسية كالقضاض مثلاً قد ظهر في مراحل البناء القديمة بالجامع لتسوية الأرضيات وقد ظهر في ثلاث أرضيات على مراحل مختلفة بالرواق الجنوبي للجامع فقط كان أقدمها على عمق 60سم كما أكدتها المجسات ولم يظهر في رواق القبلة ولا الأروقة الجانبية كأرضيات واضحة، ولكن ظهر في الطبقات العليا كقطع مكسرة جُلبت لردم ورفع منسوب الأرض لاحقاً وبالتحديد في المرحلة قبل الأخيرة للاستحداثات التي سبقت تبليط الجامع وظهر الصحن على عمق أقل بكثير من الرواق ويدل على أن نواة الجامع كانت تشمل الرواق الجنوبي وأن التوسعات حدثت في الاتجاه الشمالي في مرحلة الدولة اليعفرية وأكدت المجسّات أن ثمة قناة كبيرة لتصريف المياه تمر أسفل صحن الجامع والرواق الشرقي كانت هي التي يتم من خلالها تصريف مياه الأمطار من وسط الصحن واتضح أن أسباب الضرر الذي لحق بالجامع كان نتيجة إهمال وتغيير مجاري التصريف بالجامع ولم يكن التغيير بشكل مدروس.
مجسّات أثرية
وقال العيدروس: لقد أمدتنا تلك المجسَّات التي تم حفرها في جامع شبام كوكبان ومحيطه بمعلومات هامة للغاية في الجانب التاريخي، منها أن المساحة التي تم بناء أساسات الجامع عليها عبارة عن أرض صخرية من نوع الصخور الجيرية المتحولة غير الصلبة جداً بحيث يمكن أن تتشبع بالرطوبة وتتمدد ومن ثم تتفتت في الفترات الرطبة التي تكثر فيها الأمطار ثم يمكن أن تنكمش في الفترات الجافة مما يسبب حركة بسيطة يمكن أن تؤثر على البناء وذلك مخلخلة القطع الصغيرة التي تثبت الأساسات والتي توضع بين الحجارة والصفوف والتي تسمى "الشلف" ويساعد على ذلك من الداخل تفكك وعدم تماسك الردميات الكثيرة التي تم بها تسوية مساحة الجامع والتي تكون أكثر عمقاً في الجهة الشرقية نظراً للانحدار الطبيعي للمنطقة.
ضريح الأمير شمس الدين
ومما يميز شبام هو احتفاظها بعدة آثار منها ضريح الأمير شمس الدين وهو الابن الثاني للإمام شرف الدين وقد شارك مع والده في حروب كثيرة ودخل في نزاع وخلافات مع أبيه وأخيه المطهر على الاستئثار بالسلطة مما أضعف شوكة حكم الإمام شرف الدين، بل وأدى إلى انهيار هذا الحكم بعد ذلك ويقع ضريح الإمام شمس الدين في الناحية الجنوبية الشرقية لمدينة شبام كوكبان والضريح عبارة عن بناء مربع الشكل تعلوه قبة طول ضلعه من الداخل "5.10" متر شيد بالأحجار السمكية الصلدة ويتوسط جداره الجنوبي مدخل أبعاده "1.50*1.20 متر" يعلوه عتب حجري عليه نص كتابي محفور بخط النسخ يقرأ "لا إله إلا الله محمد رسول الله" ويعلو العتب نافذة صغيرة وعلى يمين ويسار النافذة كتابات محفورة في الجانب الأيمن " بسم الله الرحمن الرحيم" وتغطي السقف قبة نصف كروية ترتكز على حنايا ركنية بارزة من الداخل ويحتوي الجانب الجنوبي لساحة القبة من الداخل على تابوت خشبي تحيط به مصاطب مرتفعة أقيمت حول القبور.
زخارف فنية وجمالية
تزين واجهات الأعمدة في داخل قبة الضريح زخارف نباتية محفورة على الجص ويدور حول إطار المحراب شريط كتابي بخط النسخ يقرأ " بسم الله الرحمن الرحيم هو الله لاإله إلا هو عالم الغيب والشهادة....." وينتهي " وهو العزيز الحكيم" ويعلو شريط المحراب عقد مدبب تزينه كتابات غير واضحة تتوسطه زخرفة جصية مكونه من دائرة هندسية بداخلها كتابات مكررة أما الحنايا الركنية، معظمها زخارف جصية محفورة نفذت بمهارة عالية حيث غطيت إطارات الحنايا الركنية بزخرفة هندسية على شكل مربعات، كما زخرفت بزخارف نباتية على شكل مراوح تخيلية للتابوت الخشبي من جوانبه الأربعة زخرفة كتابية نفذت على أرضية أهمها على الواجهة الشمالية تتضمن اسم وألقاب صاحب التابوت وعلى جانب التابوت توجد أربعة قبور عليها شواهد من حجر البلق.
سوق يفوح بعبق التاريخ
يقع السوق القديم في وسط مدينة شبام بجانب الجامع الكبير بالمدينة، كما كان سائداً في تخطيط المدن الإسلامية الأولى مثل الكوفة والبصرة والفسطاط وسامراء ويتكون السوق من مجموعة من المحلات الصغيرة المفتوحة على جانبي الشوارع الضيقة للسوق، وكان يخصص لكل صناعة أو سلعة جانب معلوم من السوق العام ويضم السوق القديم حالياً ما يزيد عن "160" محلاً تجارياً موزعة على عدة أجزاء وممرات أهمها سوق المعطارة وسوق الحبوب وسوق الزبيب وسوق الخضرة وبعض هذه المحلات شارفت على التصدع بسبب إهمالها.
السمسرة ودار الحكومة
مازالت مدينة شبام تحتفظ بالعديد من المعالم الأثرية منها دار الجمرك "السمسرة" والتي تقع بالقرب من الجامع الكبير على بعد "100" متر وتطل على ساحة سوق المدينة وهي عبارة عن بناية مكونة من ثلاثة أدوار ويتوسطها بوابتها الرئيسية وتنسب هذه السمسرة إلى السيدة الشريفة آمنة بنت عبدالقادر ضمن الأعمال الخيرية التي أوقفتها لمدينة شبام على وجه الخصوص.
ومن المعالم أيضاً دار الحكومة والتي كانت قديماً مقراً للحكم وتقع على يسار الداخل من الباب الرئيسي لمدينة شبام كوكبان وتتكون من ثلاثة طوابق الطابق الأول هو أصل المبنى القديم والمدخل الرئيسي يتوسط واجهة المبنى المطلة على الشارع يعلوه عقد حجري نصف دائري، أعلى العقد لوح من الرخام نقشت عليه كتابة عن طريق الحفر الغائر بخط النسخ الذي نفذ بأسلوب متقن وفني يمثل النص التأسيسي للمبنى على هيئة أبيات شعرية.
الحمام القديم
يقع الحمام في الجهة الشمالية لسور المدينة ويحتل مساحة صغيرة لذلك نجح المعمار اليمني في تصميمه على هيئة مستويات عديدة حتى تستوعب مساحته الصغيرة الصالات المكونة للحمام وهي الصالة الباردة والصالة الدافئة والصالة الساخنة، بالإضافة إلى صالة خلع الملابس وهو مشابه لطراز الحمامات الرومانية ويحتوي الحمام على قبة تغطي المساحة التي تلي البوابة الرئيسية ويعود تاريخه إلى فترة حكم الدولة اليعفرية وهو الحمام الوحيد في المدينة.
النظافة والصرف الصحي
مدينة شبام جميلة كونها ما زالت تحتفظ بمفاتنها الطبيعية، لكن لا يزال هناك قصور واضح في النظافة والصرف الصحي رغم تنفيذ عدة حملات للنظافة، لكن كل حملة تنتهي بانتهاء مدتها، ويعود الأمر إلى ما كان عليه، بالإضافة إلى مساحة تبلغ حوالي سبعة أمتار من الطريق الرئيسي غير مسفلتة تتسبب في حوادث مرورية وهذه المساحة بالقرب من مبنى المجلس المحلي للمديرية، ومع ذلك لم يوله المجلس المحلي للمديرية أي اهتمام.. هذه المخالفات تشوه الوجه الحضاري للمدينة الجميلة التي تبحث حثيثاً عمن يهتم بها وتنادي هل من مجيب!؟
منتزه ظفران
ونحب أن ننوه إلى الدور الذي قام به مكتب السياحة بالمحافظة من خلال متابعة المجلس المحلي بالمحافظة ومجلس الترويج السياحي حيث تم تنفيذ منتزه ظفران السياحي الذي يطل على مدينة شبام وحمامات في البساتين والذي طور الخدمات السياحية بالمدينة ويأمل السياح المحليون والأجانب أن تتطور الخدمات السياحية؛ كون شبام تعد متنفساً طبيعياً مفتوحاً للعاصمة صنعاء.
الأولى تمتلك فندقاً سياحياً ومطعماً شعبياً والثانية مرشدة سياحية
حميدة وأروى..قصة كفاح!
لا تذكر مدينة شبام كوكبان إلا وتذكر حميدة وابنتها أروى واللتان تمثلان ريبورتاجاً سياحياً فريداً يقدم الإنسان اليمني التقليدي على طبيعته دونما تكلف وهذا الأمر يدل على أن حياة المرأة ليست الأزياء والمكياج، وإنما تنمية المجتمع والمشاركة الفاعلة إلى جانب أخيها الرجل في كافة المجالات.. حميدة الغادر والتي بدأت عملها السياحي من الصفر في بيت شعبي ولم تكن حينها تملك شيئاً إلا وظيفتها كامرأة تجيد فن الطبخ هاهي اليوم تملك مطعماً وفندقاً فخماً وصارت أشهر من نار على علم، بل صار فندقها مقصداً سياحياً لكل السياح المحليين والأجانب.
ابنتها أروى ذات العقد الثالث من العمر ورثت ذكاء والدتها وحنكتها ولباقتها، بل تفوقت على أمها من حيث إدارتها للعمل وحسن تعاملها وأهم ما يميز أروى حشمتها وحبها لعملها الذي تعشقه حسب قولها حد الجنون، بل نجحت أروى في عكس المفهوم الخاطئ لنظرة المجتمع للمرأة، حيث أثبت أن المرأة اليمنية قادرة على العمل التنموي، لا سيما في القطاع السياحي الذي ما زال حكراً على الرجال.. أروى باتت تجيد التحدث بالإنجليزية من خلال الاحتكاك مع السياح الأجانب والذين يحرصون على زيارة مطعم حميدة لتذوق المأكولات الشعبية اليمنية,"الجمهورية" التقت حميدة الغادر وابنتها أروى بمدينة شبام وخرجت بالحصيلة الآتية..البداية كانت مع الحاجة حميدة والتي قالت عن بداية عملها: بدأت العمل في أول الثورة عندما عانيت من ضنك العيش والفقر اللذين كانا يخيمان على الوطن آنذاك حيث كنت أخبز وأعجن للزوار في حصن الزكاتي والضلاع، ثم تطورت الفكرة حيث كان الناس يقصدون منزلي الشعبي لتناول الغداء والبداية بصدق كانت متواضعة، ومن ثم جاء أحد السياح واستضفناه في منزلنا فأعجب بالمأكولات الشعبية ومن حينها تطورت الفكرة وصار الكل بالمدينة يعرف أنه لدينا مطعم واستطعت أن أجمع مبلغاً لا بأس به لفتح مطعم ومن ثم فندق.
أداء متميز
^..من يساعدك؟
طبعاً زوجي وعندما كبر أولادي هم من تولوا مهمة مساعدتي في العمل وقدمت أداءً متميزاً أبهر الجميع.
أولادي وبناتي يساعدونني في الطبخ
^..كم أولادك؟
عندي خمسة ذكور وخمس إناث، بالإضافة إلى زوجات أولادي اللواتي يساعدنني في الطبخ.
مأكولات شعبية
^.. ماهي المأكولات التي تقدمينها؟
نعمل جميع المأكولات الشعبية باحترافية عالية مثل (الفتة والشفوت السوسي والعصيد والهريش وبنت الصحن والفحسة واللحم بأنواعه فنحن نجيد طباخة جميع المأكولات الشعبية.
فكرة الفندق من سائح
^..كيف تولدت الفكرة لتأسيس الفندق؟
كان السياح الأجانب يأتون إلى بيتي الشعبي لتناول المأكولات الشعبية وأحد السياح اقترح على فتح فندق إلى جانب المطعم ومن ثم عملت على هذه الفكرة ونجحت.
نجاح كبير
وتواصل حميدة بقولها: الحمدلله اليوم حققت نجاحاً لم يكن متوقعاً وصار أولادي وأولاد أولادي البالغ عددهم (50) فرداً ذكورا وإناثا يعملون معي.
تغلبت على الصعوبات
^..ما الصعوبات التي واجهتها منذ بداية عملك؟
منذ بداية الثورة واجهت صعوبات ومضايقات من المجتمع نفسه حيث كانوا ينظرون إلينا بنظرة اشمئزاز واستنكار لما نقوم به من عمل وكانوا يصبون علينا سيلاً من الشتائم، لكن مع إصراري تمكنت من التغلب على هذه الصعوبات والحمدلله تغلبنا على كل المضايقات والصعوبات وصارت الأمور على أحسن حال.
السياح شجعوني
وتقول حميدة ذات العقد السادس من العمر عن انطباعات السياح كانوا يشجعونني بشدة وكان أحدهم قبل حوالي 40 سنة هو من شجعني والسياح الأجانب يفرحون جداً بالسلتة والفحسة والفتة وبنت الصحن.
أروى ريبورتاج سياحي
أما أروى ابنتها وساعدها الأيمن فقالت إنها بدأت بالعمل مع أمها مبكراً منذ نعومة أظافرها وكانت تساعد أمها في تقديم المأكولات للسياح.
بداية متواضعة
وعن تذكرها لبداية عمل والدتها تقول أروى... كانت والدتي تقدم المأكولات الشعبية في بيتنا القديم حيث كانوا يأتون فقط لتطبخ لهم ثم تطور العمل حتى صار لدينا مطعم وفندق وصرنا نقدم أفضل الخدمات السياحية لكل السياح المحليين والأجانب.
أفضل عمل
^..كيف تنظرين إلى نفسك وأنت تعملين؟
أنظر إلى أن هذا العمل مهنة شريفة طالما ونحن نتعامل باحترام وبحشمة والمجتمع صار ينظر إلينا نظرة عادية
طموحات
^.. ما هي طموحاتك المستقبلية؟
طموحاتي أن يتطور العمل إلى الأفضل وسنظل نحافظ على جهود والدتنا ونحاول تقديم الخدمات بشكل يرضي السياح الأجانب والمحليين.
لم يتأثر العمل بمجريات الأزمة
^.. هل تأثر العمل بمجريات الأزمة السياسية؟
بصدق أن العمل لم يتأثر فالزوار يتوافدون إلينا يومياً فالشغل مستمر ونحن سنطور خدماتنا السياحية في ظل فخامة الرئيس علي عبدالله صالح وأرجو أن تذكروا أننا مع الشرعية الدستورية كون الرئيس هو أول من شجع والدتي.
تكريم
هل حصلتم على تكريم؟
نعم حصلت أمي على تكريم من قبل وزير السياحة السابق نبيل الفقيه ووزير الثقافة ورئيس ملتقى الرقي والتقدم/ يحيى محمد عبدالله صالح وعدد من وكالات السياحة وشهائد تقديرية من سياح ووفود قدموا من أمريكا وفرنسا وإيطاليا.
إجادة اللغة الإنجليزية
^..ما هي اللغة التي تجيدينها؟
أجيد اللغة الإنجليزية وبعض المصطلحات من اللغات الأخرى التي نصرف بها نفوسنا في العمل.
كتب عن أروى
وفي الختام نشير إلى ما كتبه الزميل معاذ الخميسي الكاتب الصحفي المعروف عن أروي أن المرأة تظلم وهي قادرة على أن تكون رقماً صعباً ومهماً في الحياة العملية ولديها من القدرات ما يؤهلها لأن تكون في بعض الأحيان أنجح من الرجل ويقول عن أروى: فتاة يمنية تعشق العمل وتحب التحديات ومنذ نعومة أظافرها وهي تنظر للحياة كساحة للمتاعب والصعاب ويلفها أمل أن تتجاوزها بإصرار عجيب ويواصل بقوله: هذه الفتاة تعلمت من والدتها الكثير وأخذت الأسلوب الناجح في مواجهة متاعب الحياة لتوفير لقمة عيش هادئة وتأمين حياة كريمة.. وقال الخميسي: كثيرون ممن يزورون بلادنا في رحلة عمل يشهدون لأروى أنها متميزة وإن لم يشاهدوها وتبقى الذكرى عالقة باليمن وبالطيبة والكرم وبالتعامل التلقائي البسيط وبالحفاوة البالغة.
كوكبان..
المدينة المعلقة بين الأرض والسماء!
كوكبان مدينة تاريخية تقع إلى الشرق من مدينة المحويت وتبعد عنها بحوالي "76" كم ويعود تاريخها إلى عشرات القرون ومازالت حتى اللحظة تحافظ على عبقها الأثري والتاريخي وتنشر جمالها الفياض من سفح جبل ذخار على أرجاء اليمن.. تحتفظ كوكبان بهويتها الثقافية كونها عنوان اعتزازها بماضيها وحاضرها المليء بالأسرار والعجائب ولطالما كانت كوكبان مصدراً للإبداع، حيث نهل العدد من الفنانين والأدباء والشعراء من معينها الذي لاينضب.
كوكبان مدينة تغازل القلوب وتأسر العشاق وتهوى الفن وتلهم العقول وتداوي الجراح تزدان نوراً وبهاءً بإطلالتها الجميلة على مدينة شبام ووادي النعيم في الصباح تغازل أشعة الشمس البنفسجية وتزرع في النفوس الأمل وفي عتمة الليل تبرق كعروس لايضاهيها بجمالها غير وجهها المستنير وعند غروب الشمس تبرز كنجمة تضحك للشفق المهيب.
الزائر لهذه المدينة يشعر بألق التراث اليمني، لاسيما حين يصحو صباحاً على رائحة القهوة اليمنية بنكهتها الأصيلة المصاحبة بعزف فنان كوكبان الحارثي وهو يتغزل في مدينته بقوله:
سلام ياروضة الأهجر وروضة بلادي.. ياخلدها والنعيم
سلام من صب مشتاق أدمعه كالغوادي.. وفي حشاه الجحيم
سلام مالعين في المحجر سقت كل وادي.. خريرها كالرخيم
إلى أن يقول سلام ما الغانية تسجع بلحن الحوادي.. وصلات تشفي السقيم
سلام ماغردت فيك القماري تنادي.. بألحان تسبي الحليم
"الجمهورية" أجرت هذا الاستطلاع وخرجت بالحصيلة الآتية: تعد مدينة كوكبان من أقدم المدن اليمنية وأجملها؛ نظراً لطبيعتها البكر وجوها الذي يشفي النفوس وروعة مبانيها والتي تدل على شواهد أثرية وتاريخية قديمة، كما أن مواد التراث التي مازالت كوكبان تحافظ عليها تعد شاهداً على ثقافة عريقة اكتسبتها هذه المدينة الجميلة تناسلت هذه الثقافة عبر التاريخ فتركت رسماً حياً شاهداً على الموروث الحضاري والتاريخي وهو ما وضع هذه المدينة في قائمة المدن السياحية والثقافية الأولى في اليمن.
مدينة كوكبان تطل بجمالها البهي على مدينة شبام والتي تربطها بها سلالم حجرية وتقع كوكبان على سفح جبل ذخار وترتفع عن مستوى سطح البحر بما يقارب "2800" متر وتحتل موقعاً استراتيجياً وقد ذكرها الهمداني على أنها حصن مشهور يطل على مدينة شبام كوكبان ونقل الحجري قول ياقوت بأنه يسمى كوكبان نسبة إلى قصرين كانا مبنيين بالفضة والحجارة وبداخلها الياقوت والجوهر وقيل سبب التسمية بكوكبان كون الحصن يلمع بالليل كما تلمع الكواكب فسمى بذلك وقد اشتهر الحصن منذ أن كان مسكناً للحميريين القدماء واتخذت كوكبان معقلاً لعاصمة الدولة اليعفرية "شبام" في القرن الثالث الهجري وفي القرن السادس الهجري اتخذها الإمام المنصور عبدالله بن حمزة عاصمة له وفي القرن التاسع الهجري عين الإمام شرف الدين ولده شمس الدين أميراً على كوكبان واتخذها المطهر شرف الدين معقلاً حصيناً أثناء معاركه الحربية ضد الأتراك واستعصى على الأتراك إخضاعه وقد اشتهر أهل كوكبان بالأدب والشعر والعلم وذكر أحد المسنين أن اسم كوكبان نسبة إلى "كوكبان أقيان بن زرعة من حمير".
قشلة كوكبان
تعد القشلة بمثابة قلعة عظيمة تتصدر مدينة كوكبان وتم تشييدها إبان الوجود العثماني الأول "1538 1636م" على أنقاض حصن قديم تم بناؤه في العصر الأيوبي وتعرض للهدم والتدمير وإعيد بناؤها في الوجود العثماني الثاني في الفترة "1849 1911م" وتعرضت بعدها للهدم والتدمير وتم تأهيلها مؤخراً من قبل الهيئة العامة للمدن التاريخية وتتكون القشلة من طابقين يحتوي الطابق السفلي على عدد من الحجرات تفتح إلى الساحة الداخلية للمدينة ويماثله الطابق الثاني ويعلو هذا الجزء من القلعة ممر عليه عدد من المزاغل المستخدمة لرمي السهام في حالة الدفاع عن المدينة وفي الطرف الشمالي الشرقي يوجد برج دفاعي مستدير الشكل وفي الجهة الشرقية فتحة دائرية تؤدي إلى نفق محفور تحت الأرض يتم النزول إليه عن طريق عدد من الدرج الهابطة وهذا النفق ينفذ إلى أسفل المدينة ويزين الجزء الأعلى للمدخل من الداخل لوحة حجر البلق مصقولة عليها كتابات لعدد من الأبيات الشعرية التي تمتد في حصن كوكبان وتحدد تاريخ عمارية وقد طمس مقاطع كثيرة من هذه الكتابات ومن باب القشلة الكبير يتم الدخول إلى مدينة كوكبان.
معالم مدينة كوكبان
تحتوي مدينة كوكبان على العديد من المعالم الأثرية والتاريخية أبرزها جامع المنصور والذي بني من قبل الإمام المنصور عبدالله بن حمزة في القرن السادس الهجري ويعد تحفة معمارية تعكس مدى براعة أهل اليمن في العمارة الإسلامية وقد أعيد ترميمه حديثاً ومن المعالم أيضاً "الشونة" وهو مصطلح عثماني لمكان تخزين الحبوب ويتكون من غرفة كبيرة مقسمة إلى أجزاء تسمى الأحقاب لها باب واحد وفتحات من السقف لصب الحبوب إلى الأحقاب ويساندها مدافن محفورة في الصخر تبعد عنها بحوالي ستين متراً من جهة الغرب.
ومن معالم مدينة كوكبان المنصورة وهي عبارة عن بركة كبيرة مبطنة بمادة القضاض لحجز مياه الأمطار وبنيت المنصورة في العصر الأيوبي وقد أخذ منها الإمام شرف الدين الجزء الغربي وضمه للجامع الكبير ومن المعالم سد الحمام وهو سد ضخم لحجز المياه وهو موجود وسط المدينة.
خصائص كوكبان المعمارية
تتوزع مباني وبيوت وقصور مدينة كوكبان على امتداد سفح جبل ذخار "جبل الضلاع" ويغلب على مبانيها اللون الأرجواني المائل إلى الحمرة وذلك بسبب استعمال حجارة ترسبية تسمى "العمش" وهو ذات الطابع الذي يستخدم بمحافظة المحويت ومن الجهة الشرقية تعد مدينة كوكبان مفتوحة وكان قديماً لديها سور منيع لا يمكن الوصول إليها وكان لها مدخل واحد يسمى باب الحديد وعموماً فإن كوكبان تحتفظ بطابعها المعماري الفريد ويوجد بها العديد من الحمامات القديمة والتي تستخدم للطهارة والوضوء ويوجد بداخلها العديد من البرك والسرادب والصهاريج التي لم يفك طلاسمها بعد.
شهادة تعتز بها كوكبان
الأديبة الأردنية سميحة خريس كتبت عن كوكبان وقالت:
في المساحة المعلقة بين الأرض والسماء بين الحلم والحقيقة تسترخي كوكبان تمد أطرافها الخضر على مدارج الهضاب المحيطة وتتنفس بدعة في عمق الوادي المكلل بالغيم قرية مسكونة بالأسطورة تخرج النسوة الرشيقات المدثرات بالأسود يخطين بثبات وهن يوازن أكداس الحطب فوق رؤوسهن يتظاهرن بأنك لاتمر قربهن حتى إنك لتحار إن كنت حقيقياً في عالمهن الغريب لايستجبن للأسئلة والمغاير تسابق راعية الماعز قطيعها الصغير على مرتفع شاهق وعر إلى بيت كأنه اجتث من خيال وانتصب في قمة نهائية الفاتنات السمر يتراكض في حقول القات والقهوة وقد ارتدين قبعات عريضة من القش كأنهن بزغن من رواية لكاتب من أمريكا اللاتينية إحداهن التفتت إلينا وأشارت إلى كاميرا التصوير وقالت قبل أن تنفر بعيداً "حرام"...ومضينا كأن عصراً وثقافة مختلفة تحكم علاقتنا بالمكان.
المجالس فن ومرح
وتواصل الكاتبة الأردنية بقوله:
دخلنا كوكبان معقل الفن والأدب من هذه البقعة خرج أبرز شعراء الفن الشعبي والعازفين وحملة التراث اليمني إلى الجزيرة العربية كوكبان وما أدراك ما كوكبان! حيث المجالس كلها فن ومرح يدور العود على الجالسين تباعاً ليوقع كل جالس لحناً على الوتر ويشدو من كان صاحب صوت شجي، ولم أجد في الدنيا احتراماً ومكاناً للعود كما في كوكبان، وإذا كنا عرفنا الوقف يسخر للمشاريع الخيرية والإنسانية وربما التعليمية فإن في هذه القرية وقف يسمى العود.
آلة العود وقف في كوكبان
وتواصل بقولها: لا يشبه هذا الوقف حتى أشهر وقف ثقافي في العالم وأعني جائزة نوبل المرصودة للأدب والفن والسلام تكفيراً من اختراع الديناميت، لكن جائزة كوكبان توزع على مجتمع كامل شيئاً من الحساسية والفن عبر تعلم الإيقاع على أشهر آلة موسيقية عربية بين موجات الغيوم السارحة يمكن استرجاع تلك الهجرات العربية التي خرجت من اليمن ليعمر العرب الدنيا لعلهم حين خرجوا من فردوس المكان ارتطموا بالصحاري وغادروا الخضرة فجفت النفوس وخشنت الطباع، ولكنهم عبر الحضارات المتعاقبة التي أقاموها اصطحبوا من قديمهم صوت الوتر يهيج الروح ويهذبها ويذكر بالفردوس.
المجمع التعبدي
تشير كثير من النقوش التي عُثر عليها في جدران المباني الحديثة إلى أن جبل اللو"ذخار" والذي تقع عليه كوكبان كان يضم في قمته مجمعاً تعبدياً دينياً يشتمل على معبدين كبيرين الأول للإله"عشتر" والثاني للإله"المقه" وإليهما كان سكان المدينة يتوجهون بالطقوس الدينية إلا أن أحجار المعبدين تستخدم حالياً في المباني بعد انهيار المعبدين.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.