توحيد الخالق وتكريس حبّ نبيه الكريم قطعاً لم يكن في يوم من الأيام مجرد عبادة فردية في صومعة صوفي جميل, بل ضرورة مجتمعية وجمعية لا ينبغي أن تغدو عفوية, لكي تعكس أثرها على الحياة اليومية للفرد المسلم المطالب بترجمة تلك المحبة الربانية والنبوية على كل سائر المجتمع الموحد بروح السلام والمحبة ونبذ الفرقة والتطرف والغلو, ومجابهة الطغيان. كل تلك الدلالات وأكثر تخللت مهرجان إشهار المجلس الصوفي الإسلامي بتعز الذي أقيم في قاعة مؤسسة السعيد للعلوم والثقافة أمس الذي انطلق تأسيسه من محافظة تعز كباكورة لافتتاح فروعه في باقي المحافظات. وفي الافتتاحية ألقى الشيخ عبدالناصر محمد يحيى الجنيد، رئيس المجلس كلمة دعا فيها كافة الشرائح الاجتماعية في البلد إلى التكاتف جميعاً لإعطاء الفكر الصوفي حقه من الاهتمام لما يمثله من أهمية بالغة في التكوين المجتمعي الرامي إلى تهذيب النفس والسمو بالأخلاق الإنسانية المحمدية المعتمدة على سمو المعرفة والعلم وسماحة الدين الإسلامي ونبذه التطرف والغلو. كما أكد رئيس المجلس أن المرحلة الحرجة التي يعيشها وطننا اليوم تستدعي تأسيس مثل هذه المجالس الصوفية التي آن لها أن تلملم شتات محبي هذا الفكر الصوفي الجميل على هيئة مؤسساتية منظمة, دون الحاجة إلى التشكيك في أهداف تأسيسها التي يستغلها بعض من مشعلي الفتن الطائفية والمذهبية. إلى ذلك أكد الدكتور عبدالفتاح جمال، مدير عام مكتب التربية والتعليم بالمحافظة في كلمته التي تخللت الحفل أن الطابع العفوي الشفاف للفكر الصوفي البعيد عن السياسة ومصالحها لعله من أسباب تأخر إشهار مثل هذه المكونات الصوفية المهمة ولملمتها في إطار مؤسساتي, رغم الدور الرائد لرجال الفكر الصوفي عبر الحقب التاريخية من التاريخ الإسلامي في التصدي للظلم والاستبداد. وعزى الدكتور عبدالفتاح جمال أسباب تأخر وتجاهل تأسيس مثل هذه المؤسسات الصوفية إلى الأزمة الفكرية التي يعيشها العرب منذ عقود، حيث كان الأولى بالمناهج التعليمية العربية والإسلامية إدراج مبادئ وأهداف وقيم وروح هذا الفكر الصوفي الجميل لا سيما في مناهج التعليم الأساسي, وذلك لصلة هذا الفكر بتوحيد الخالق وحب رسولنا الكريم «صلى الله عليه وسلم».