في منتصف 2005، كان مشروع تحلية المياه بتعز، على رأس الأولويات بالنسبة للحكومة وفقاً لتصريحات رسمية، كما كان مدخلاً خلال السنوات اللاحقة في الكثير من اللقاءات مع الوفود التابعة لبلدان أوروبية وآسيوية، تعزز بتأكيدات رسمية حول اتفاقات مع جهات مانحة لبدء التنفيذ، على أساس أنه ضمن البرامج المرحلية للدعم لكن السؤال اليوم، هل بدأ العمل فعلاً على واقع التأسيس، أم هو مشروع في الخيال الرسمي. في السياق العام يتضح أن المشروع صورة خادعة يكبر وسط الضخ الإعلامي، لكنه يتلاشى كنوع من (السراب) خارج حيز التنفيذ، مع اختفاء رأس المال ووضع المشروع قيد انتظار المنحة، على أن مشروع التحلية والخط الناقل يرتبط بمنحة سعودية كأصل من الأصول، وقد تعرقلت ولعل تأكيد وكيل محافظة تعز للشؤون الفنية عبد القادر حاتم ل (الجمهورية) أن الدراسة الفنية جاهزة كأهم منجز على مستوى التنفيذ، وتنتظر منحة من الأمير سلطان تقدر ب 220 مليون دولار، هو دليل على أن المشروع غير موجود، كما يؤكد الوكيل عبد القادر أن المحافظ اعتماداً على المنحة السعودية، توصل سابقاً إلى اتفاق مبدئي على التمويل.. ولتبرير عدم بدء خطوة نحو التنفيذ، تعلل بضغوط الواقع منذ سبتمبر المنصرم، فوجود المشروع إذاً يعتمد على منحة لم تصل بعد، وهذا ما أكده المدير العام لمؤسسة المياه بتعز محمد أحمد إبراهيم ل (الجمهورية) موضحاً انجاز الدراسة الفنية عبر مجموعة هائل، وحجز أراضي المشروع.. مبيناً أن تحلية المياه هي الحل الآمن والمستديم، ومشيراً إلى أن الحصاد المائي هو في أجندة المؤسسة، وتنفيذه سيكلف 15 مليون دولار. وصورة وضع المؤسسة، كما يقدمها المدير العام تتلخص في أن لديها 50 ألف مشترك وبنسبة تغطية لا تتجاوز 70 من احتياج السكان، في حين تستوعب 800 موظف، وتصل نفقاتها التشغيلية شهرياً إلى (90) مليوناً فإن إيراداتها لا تتجاوز 70 مليوناً. أما بخصوص معاناة السكان في مناطق مثل وادي القاضي والروضة من تأخر وصول المياه لفترة تصل شهرين، كما أكد مواطنون، فيأتي تعليق محمد إبراهيم أن المؤسسة بصدد تحسين دورة التوزيع، وحفر آبار جديدة مرجعاً الأسباب إلى انسدادات في الشبكة وانقطاع التيار الكهربائي. وتعز التي تقع تحت خط الفقر المائي، وتحظى بأقل حصة للفرد من المياه تقدر ب (7 لترات) يومياً، فإن النمو السكاني يتزايد ما ينعكس سلباً على الأمن الغذائي والصحة العامة، وهذا يتطلب وفقاً لخبراء ضرورة إنشاء صندوق لدعم الأمن المائي وبناء خزانات على مجاري المياه، واستخدام طرق المعالجة والتحلية، ودعم البحث العلمي والتدريب والتعليم في مجال المياه، وذلك بالتركيز على المياه كقضية محلية بعيداً عن (ميراث المنح). وفي بيئة افتراضية لمشروع التحلية، أفصحت السلطة المحلية أنها تعكف على متابعة تأمين المنح الداعمة والبحث عن الشركاء الاستراتيجيين، يبقى الأمل في وصول الدعم لكي يتحول المشروع من سراب إلى واقع يروي عطش المدينة.