انقشعت سحابة الإخفاقات، وحقق منتخبنا الوطني لكرة القدم فوزه الرسمي الأول منذ سنتين لم يذق فيهما طعم الانتصار.. ويعود آخر فوز حققه المنتخب الوطني الأول في المباريات الرسمية إلى شهر يونيو 2012 وتحديداً على المنتخب البحريني في بطولة كأس العرب بهدفي أكرم الورافي ومحمد بارويس، في حين كان آخر انتصار في المباريات الودية أمام منتخب ماليزيا الأولمبي بهدف دون رد نهاية أغسطس 2014.. مساء الخميس كانت الجماهير اليمنية على موعد مع الفرح الذي انتظرته طويلاً بعدما نجح رفاق القائد علاء الصاصي في خطف فوز مستحق على منتخب باكستان بثلاثة أهداف مقابل هدف واحد في اللقاء الذي جمعهما على استاد نادي العربي في قطر ضمن ذهاب الملحق الآسيوي المؤهل لدور المجموعات برسم التأهل إلى كأس العالم 2018 ونهائيات آسيا 2019.. ولم ينتظر لاعبو منتخبنا، الذين فشلوا في إحراز أي هدف طوال المباريات الست الماضية، سوى دقيقة واحدة لخدش الشباك الباكستانية عن طريق عبدالواسع المطري الذي تابع برأسه كرة مرتدة من الحارس الذي تصدى لركلة جزاء مهدرة نفذها أحمد الحيفي إثر عرقلة المهاجم أيمن الهاجري داخل منطقة الجزاء بعد مرور 16 ثانية فقط على صافرة البداية. ورغم أن المدرب التشيكي “سكوب“ استطاع أن يجد حلاً لمشكلة العقم التهديفي في ظل عودة المهاجم المتألق أيمن الهاجري المحترف في صفوف النجمة البحريني إلا أن الأداء في المجمل العام لم يكن مقنعاً، خاصة في الشوط الأول وتحديداً بعد تسجيل الهدف الأول الذي توقع كثيرون بأن يكون دافعاً للاعبين في التقدم لمضاعفة الغلة، قبل أن يستفيق لاعبو باكستان من صدمة الهدف المبكر، لكن لاعبو منتخبنا خالفوا التوقعات فتراجعوا للخلف بصورة غير مبررة تاركين المساحة أمام تلاميذ المدرب البحريني محمد الشملان لإعادة ترتيب صفوفهم واكتساب بعض الثقة مما جعلهم يتجرأون على الاندفاع أكثر باتجاه مرمى الحارس محمد ابراهيم عياش وتهديده ببعض المحاولات التي افتقدت لخبرة الإنهاء السليم. ويبدو أن أسلوب التأمين الدفاعي وإغلاق المنطقة الخلفية مع الاعتماد على المرتدات السريعة، الذي اعتمده “سكوب” مع منتخبات قوية كما حدث في بطولة خليجي 22، كان بحاجة للتغيير قليلاً لاسيما في مثل هذه المباراة التي واجه فيها منتخباً قليل الخبرة ولا يتمتع لاعبوه بمهارات لاعبينا. منتخبنا كان بحاجة ماسة للفوز بأكبر قدر ممكن من الأهداف لكي يخوض لقاء الإياب في مدينة لاهور الباكستانية يوم الثلاثاء القادم بعيداً عن الضغط النفسي والعصبي، وذلك من خلال تكثيف الهجمات ومواصلة الضغط على مرمى المنافس، لكن وخلافاً لذلك تراجع لاعبونا بشكل غريب كما كانوا يفعلون في المباريات الثلاث التي خاضوها في خليجي الرياض، تاركين المجال أمام لاعبي باكستان للتقدم أكثر والجرأة على مهاجمة مرمى محمد عياش. ربما لم يستوعب اللاعبون الفرق بين اللعب أمام منافس يفوقك قوة وإمكانيات، وبين خصم تتفوق عليه في جوانب كثيرة.. لكن الأكيد أن المدرب ميروسلاف سكوب لم يعطِ أهمية كبيرة لذلك وفضّل اللعب بنفس الأسلوب والطريقة التي انتهجها منذ توليه مهمة تدريب المنتخب الوطني، بدليل أنه انتهج نفس خطة اللعب معتمداً على مهاجم واحد فقط هو أيمن الهاجري ومن خلفه عبدالواسع المطري ووحيد الخياط وياسر الجبر في وسط الملعب، ومن ورائهم لاعبا ارتكاز هما فؤاد العميسي وأحمد الحيفي وخط دفاع رباعي مكون من قلبي الدفاع معتز قائد ومدير عبدربه وعلى الأطراف عبدالمعين الجرشي ومحمد بقشان ( 4 2 3 1) وهي ذات الخطة التي اعتمدها في خليجي 22 دون استيعاب الفرق بين اللعب أمام منتخب قوي أو ضعيف!! وبالعودة لمجريات اللقاء الذي شهد غياب قلب المدافع محمد فؤاد والجناح الطائر وليد الحبيشي، وعودة الهاجري كلاعب أساسي استطاع أن يزعج الدفاع الباكستاني بتحركاته رغم افتقاده الإسناد المطلوب من لاعبي الوسط وخاصة بعد التراجع الواضح عقب تسجيل الهدف الأول. ولعل أبرز ما عاب الأداء اليمني في هذا الشوط هو الرتابة النسبية في تنظيم الهجمات وكثرة التمريرات المقطوعة نتيجة انجرار لاعبينا لنفس أسلوب الباكستانيين دون الحرص على التبادل القصير والأرضي للكرة لينتهي الشوط الأول بالهدف الوحيد في الدقيقة الأولى. وتحسن الأداء نسبياً في الشوط الثاني بعد أن استمع اللاعبون لتعليمات مدربهم في استراحة ما بين الشوطين وهو ما أثمر عن هدف ثانٍ حمل توقيع المقاتل محمد بقشان الذي استفاد من كرة ركنية في الدقيقة 57 ارتقى لها عالياً فوق الجميع وسددها برأسه قوية لم يستطع الحارس سوى متابعتها بنظراته وهي تعانق شباكه. وبعد الهدف زجّ المدرب بالمايسترو علاء الصاصي د58 بديلاً لفؤاد العميسي، ليسهم هذا التغيير في ضبط إيقاع خط المنتصف وإيجاد مساندة واضحة لخط المقدمة.. واستطاع الصاصي في أول لمسة له بعد نزوله أن يصوب تسديدة قوية ومباغتة لكن الحارس نجح هذه المرة في التصدي لها ببراعة وإبطال مفعولها. وعند الدقيقة 63 انطلق عبدالواسع المطري بمجهود فردي رائع من الجهة اليسرى متخطياً أكثر من لاعب قبل أن يحول الكرة باتجاه زميله أيمن الهاجري الذي وضعها في الشباك كهدف ثالث لكن الحكم ألغى هذا الهدف في قرار غريب باعتبار أن الإعادة التلفزيونية أظهرت عدم وجود أي تسلل أو خطأ.. ليرد الباكستانيون بهجمة مرتدة وسريعة تحصلوا منها على ضربة جزاء نتيجة تدخل خاطئ من المدافع مدير عبدربه الذي حصل على بطاقة صفراء وخرج مصاباً بعد هذا التدخل في الدقيقة 64 ترجمها بنجاح مهاجم باكستان حسن بشير في أقصى الزاوية اليمنى للحارس محمد عياش معلناً تقليص الفارق، لكن القائد علاء الصاصي لم يترك للاعبي باكستان وجهازهم الفني فرصة الاحتفال بهذا الهدف طويلاً حينما تمكن من إعادة الفارق إلى ما كان عليه بعدها بخمس دقائق فقط من كرة ثابتة على مشارف خط ال18 نفذها الصاصي بطريقة الكبار من فوق حائط الصد على يسار الحارس معلناً عن الهدف الثالث لمنتخبنا. وبحث منتخبنا عن توسيع الفارق بهدف رابع لكن ذلك لم يحصل بعدما نجح لاعبو باكستان في تأمين منطقتهم الدفاعية والاعتماد على المرتدات السريعة التي كادت تكلف منتخبنا هدفاً ثانياً في الوقت بدل الضائع لولا رعونة المهاجم الباكستاني الذي فضّل التسديد عالياً لتنتهي المباراة بنتيجة 3 1 في انتظار لقاء العودة الذي سيجمع المنتخبين في مدينة لاهور الباكستانية الثلاثاء القادم لتحديد هوية المتأهل إلى دور المجموعات، ويمتلك منتخبنا ثلاث فرص للتأهل إما الفوز أو التعادل أو الخسارة بفارق أقل من هدفين.