لم يكد يمر وقت قصير على انتهاء أزمة تشكيل الحكومة اللبنانية الجديدة بعد مخاض عسير استمر أسابيع عديدة، حتى تم الإعلان في باريس عن لقاء مرتقب هو الأول من نوعه سيجمع بين الرئيس اللبناني ميشال سليمان مع الرئيس السوري بشار الأسد السبت 12-7- 2008، وذلك وفقا لما أعلن مصدر فرنسي في قصر الأليزيه. وقال ذلك المصدر "إنها لحظة سياسية مهمة ان نرى على الطاولة نفسها امام وسائل اعلام العالم اجمع رئيس الجمهورية العربية السورية ورئيس لبنان والى جانبهما رئيس الجمهورية الفرنسية وأمير قطر". وعشية القمة التي ستطلق الاتحاد من اجل المتوسط في باريس, من المتوقع ان يلتقي ساركوزي بعد ظهر السبت الرئيس اللبناني ثم نظيره السوري، وعند عصر السبت يعقد الرؤساء الثلاثة مع أمير قطر "اجتماع عمل" لمدة عشرين دقيقة يصدر في ختامه بيان صحافي مشترك. وفي مقابلة اجرتها معه مجلة "الاكسبرس" الفرنسية ونشر على موقعها على الانترنت الثلاثاء, قال سليمان انه "مستعد للعمل" على تطبيع العلاقات بين بيروت ودمشق واقامة علاقات دبلوماسية بين البلدين. انتهاء أزمة تشكيل الحكومة وقبل سفر الرئيس اللبناني إلى باريس، تم اليوم الجمعة الإعلان عن تشكيل الحكومة اللبنانية الجديدة برئاسة فؤاد السنيورة لتكون أول حكومة في عهد ميشال سليمان، وجاء ظهور هذه الحكومة بعد مفاوضات شاقة استغرقت 48 يوما مضى الجزء الاكبر منها لحسم حصة المعارضة فيما برزت مؤخرا خلافات داخل الموالاة تم حسمها في ايام قليلة، وتألفت الحكومة من ثلاثين عضوا توزعوا مناصفة بين المسلمين والمسيحيين وهي في غالبيتها اكسترا برلمانية اذ تضم بين صفوفها ثمانية نواب فقط. وتضم الحكومة الجديدة عشرة اعضاء من الحكومة السابقة (كانت كذلك برئاسة السنيورة) اضافة الى ست شخصيات سبق لها ان شغلت مناصب وزارية و14 شخصية تدخل للمرة الاولى مجلس الوزراء، وتتضمن الحكومة 22 حقيبة وثمانية وزراء دولة من دون حقائب. وضمت الحكومة 16 وزيرا للموالاة و11 للمعارضة وثلاثة لرئيس الجمهورية يعتبرون محايدين هم زياد بارود لوزارة الداخلية والياس المر الذي استمر بشغل وزارة الدفاع اضافة الى وزير دولة هو يوسف تقلا، وجاءت هذه النسب وفق اتفاق الدوحة الذي ابرم في 21مايو/ ايار وادى الى حل ازمة بين الطرفين استمرت اكثر من عام ونصف عام. وحصلت المعارضة على 9حقائب نال 4 منها تكتل زعيم التيار الوطني الحر ميشال عون اضافة الى منصب نائب رئيس الوزراء, فيما تمثل حزب الله بوزير واحد من اعضائه واعطى مقعدين لحلفائه علي قانصو عن الحزب السوري القومي الاجتماعي وطلال ارسلان الزعيم الدرزي. ونالت الموالاة 11 حقيبة توزعت بشكل ارضى الفريق المسيحي في قوى 14مارس/آذار اذا تمثلت القوات اللبنانية والكتائب بثلاث حقائب ابرزها العدل وقرنة شهوان (مستقلون) بوزارة دولة. اما بالنسبة للسنة فقد دخلت للمرة الاولى النائبة بهية الحريري شقيقة رئيس الوزراء الذي اغتيل رفيق الحريري الى الحكومة وتسلم محمد شطح مستشار السنيورة وزارة المالية، وفيما يتعلق بالشيعة يوجد وزير واحد مقرب من الاكثرية هو ابراهيم شمس الدين نجل الرئيس السابق للمجلس الاسلامي الشيعي الاعلي محمد مهدي شمس الدين. السنيورة: الخلافات لن تمحى بين ليلة وضحاها واثر الاعلان عن التشكيلة وجه السنيورة كلمة الى اللبنانيين شدد فيها على ضرورة العمل "كفريق واحد" رغم ان الخلافات "لن تمحى بين ليلة وضحاها". وقال "علينا ادارة هذه الازمات محترمين الدستور والعيش المشترك". وقال "نأمل ورغم كل ما مر بنا من مصاعب وتحديات ان نضع ذلك خلفنا لننطلق كفريق عمل واحد. هذا ما يطلبه اللبنانيون". واضاف "اذا اعطينا الاولوية لخلافاتنا فلن نصل الى حل. المهم ان ننظر الى الامام لتامين مصلحة اللبنانيين". وشدد السنيورة على اهمية "الحوار داخل مجلس الوزراء بسبب وجود وجهات نظر مختلفة" وقال "الحوار داخل الحكومة افضل من اعتماد لغة الشارع واللجوء مجددا اليه"،ووصف الحكومة بانها "حكومة كل لبنان" وحدد لها مهمتان اساسيتان. الاولى "اعادة الثقة بالنظام السياسي والمؤسسات الديموقراطية وبالصيغة الوطنية التي تؤكد على العيش المشترك واعادة الثقة بين اللبنانيين والعدالة وحب الآخر" والمهمة الثانية "اجراء الانتخابات النيابية المقبلة (2009) بشفافية بشكل يؤمن العدالة والتمثيل الصحيح, كما على الحكومة ادارة العملية الانتخابية وتأمين التنافس السلمي". وردا على سؤال عن موافقته في اللحظات الاخيرة على توزير علي قانصو رغم رفضه القاطع اولا قال السنيورة "بين اختيار مصلحتي الشخصية ومصلحة لبنان واللبنانيين اخترت الثانية". يذكر بان سعد الحريري زعيم تيار المستقبل الموالي اعلن قبيل صعود السنيورة الى بعبدا انه تمنى عليه الموافقة على توزير علي قانصو مدرجا طلبه في اطار "التضحيات" التي قدمها تيار المستقبل وقوى اخرى من فريق 14 اذار/مارس "لان مصلحة العهد وانطلاقته في هذه المرحلة الدقيقة تتطلب ذلك". وفيما يتعلق بالعلاقة مع سوريا, سلطة الوصاية السابقة على لبنان قبل اغتيال رفيق الحريري وتدهور العلاقات معها بشكل كبير بعد اغتياله, اكد السنيورة انه "مؤمن بالعلاقة الثابتة والاكيدة بين لبنانوسوريا, ولكن علاقات ندية وعلاقات احترام متبادلة بين دولتين مستقلتين, أي لا دولة كبيرة وأخرى ما زالت قاصرا". ومن المقرر ان تعقد الحكومة اول جلسة لها الاربعاء المقبل بعد عودة رئيس الجمهورية من باريس التي يتوجه اليها السبت للمشاركة في قمة الاتحاد من اجل المتوسط. وكان سليمان قد انتخب بموجب اتفاق الدوحة كرئيس توافقي في 25 مايو. وفي 28 مايو كلف سليمان السنيورة تشكيل الحكومة اثر استشارات نيابية ملزمة سماه خلالها 68 نائبا هم نواب الاكثرية وامتنع عن تسميته او سمى غيره 59 نائبا يشكلون المعارضة.