لا يشكك أحد في أن الفن كان ومازال المعبر الأقوى عما يدور داخل أي مجتمع من إيجابيات وسلبيات، فالفنان ينتقل بالجماهير من مجتمعهم الكبير إلى شاشتهم الصغيرة، وبعد قيام ثورة يناير 2011 لم يستطع الفنان المصري أن يظل داخل الشاشة بل خرج ليعبر عن رأيه في الواقع الكبير سواء كان معارضاً أم مؤيداً. فرأينا بعضهم بميدان التحرير مثل: خالد يوسف، عمرو واكد، أحمد حلمي وزوجته منى زكي، ورأينا آخرين بميدان مصطفى محمود مثل: عمرو مصطفى وطلعت زكريا، أما القليل منهم فرغب في التمثيل الرسمي بدءً من مؤسسة الرئاسة وحتى مجلسي الشعب والشورى مثل: تيسير فهمي وهند عاكف و، والفنان محمد صبحي الذي اعتذر مؤخراً عن عضوية مجلس الشورى لأسبابه الخاصة. ولكن المشاركة السياسية الرسمية للفنانين لم تكن أبداً محدثة، فنجوم زمان خير دليل على أن الفن وهب نفسه للدفاع عن قضايا المجتمع سواء داخل الشاشة أو داخل القبة، ونذكر منهم:- 1) محمود المليجي: كانت تلك هي الأولى من نوعها لاختيار فنانين لعضوية أحد مجلسي البرلمان، بعدما اقتصر على محترفي السياسة وأصحاب الأموال، لذلك يعد المليجي رائد فناني مجلس الشورى، بعد أن تم اختياره في عهد الرئيس الراحل أنور السادات، ووقت إعلان هذا النبأ كان مسافراً لتصوير مسلسل جديد بإحدى البلاد العربية، وبهذا بدأ المليجي مشوار استكمله آخرون بعد وفاته وحتى وقتنا هذا. 2) محمد عبدالوهاب: في عهد الرئيس المخلوع مبارك وبعد وفاة المليجي، اختير موسيقار الأجيال محمد عبدالوهاب كعضو بمجلس الشورى، ومن أول يوم وهو دائم الحضور ولم يمنعه عن ذلك سوى مرض أيامه الأخيرة، ومن المعروف أنها لم تكن خطوته الأولى نحو السياسة; إذ ربطته صداقات قوية مع مصطفى النحاس ومكرم عبيد وأحمد ماهر، وكان دوماً يؤمن بأن «الفنان إذا لم يكن فناناً فمن الممكن أن يكون سياسياً». 3) أمينة رزق: كان الأمر شاقاً عليها فاختيارها لتحل محل موسيقار الأجيال بعد وفاته سبّب لها الكثير من القلق، وحاولت قدر طاقتها أن تقوم بدورها على أكمل وجه; إذ كانت «خام» على حد وصفها، واهتمت طوال عضويتها بالتشريعات الخاصة بالضريبة الموحدة وتجارة المخدرات والعقوبات التي توقع على المدمنين وكذلك قضايا المرأة والأحوال الشخصية والفنية، وبذلك تحولت الخام إلى «زعيمة المعارضة»; قدمت استجواباً لوزير الثقافة وقتها فاروق حسني عن حالة المسرح المصري الذي أصبح لا يُصدر الفن الراقي للخارج بل يصدر الفنون الشعبية وكأن بلدنا بلد «رقص»، على حد قولها. 4) مديحة يسري: وبعد سبع سنوات من عضوية أمينة رزق جاءت عضوة جمعية فناني وإعلاميي الجيزة الفنانة مديحة يسري، التي طالما حلمت بهذا الدور واعتبرته أكبر جائزة بحياتها، لذلك شاركت في أكثر من لجنة داخل المجلس، مثل لجنتي الآثار والإعلام وقامت خلال ذلك بزيارة معابد الأقصر وفحص المراكب السياحية وقصور الثقافة وغيرها، كما كانت الوحيدة التي دائماً ما تبدأ الحديث عن السينما فاقترحت إنشاء قسم لفنون السينما داخل مكتبة الإسكندرية وقسم آخر للقصائد والأغاني، وإنشاء بنك يدعم السينما المصرية وتكاليفها الباهظة. 5) فايدة كامل: زوجة وزير الداخلية الأسبق النبوي إسماعيل وهي فنانة حاصلة على دبلوم المعهد الموسيقي واشتهرت بالأغاني الوطنية وأهمهم أوبريت «الوطن الأكبر» مع عبدالحليم حافظ وشادية وصباح وغيرهم، ثم أصبحت نائبة بمجلس الشعب المصري في عهد الرئيس الراحل أنور السادات لعدة دورات متتالية بعد أن توقفت عن الغناء، كما ترأست لجنة الثقافة والإعلام والسياحة بالمجلس،وفي إحدى دورات المجلس بأواخر السبعينات كانت أزمة اتفاقية «كامب ديفيد» قد تفجرت على آخرها، فقامت فايدة مع 329 نائب بترديد نشيد «بلادي ..بلادي» تأييداً للقرار أمام 15 عضو قاموا بترديد «والله زمان يا سلاحي» وتم حل المجلس بعدها.
